القبول يا رب - شباب الطريقة الختمية بدائرة ود ابراهيم بأم بدة
مجموعة مدائح ختمية.. شباب الطريقة الختمية بمسجد السيد علي الميرغني ببحري
|
مكتبة الميرغني الإليكترونية خاصة بجميع مؤلفات السادة المراغنة |
إهداءات ^^^ ترحيب ^^^ تهاني ^^^ تعازي ^^^ تعليقات ^^^ إعلانات | |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
02-09-2010, 07:56 PM | #1 |
مُشرف المكتبة الصوتية
|
النفحات المكية واللمحات الحقية .
النفحات المكية واللمحات الحقية في شرح أساس الطريقة الختمية وبه الإعانة بدءا وختما وصلى الله على سيدنا محمد ذاتاً ووصفاً واسما لك الحمد يا مفيض الفيضان على عبادك الطالبين لكمال الإيقان ولك الشكر يا ممدا في الأوراد بالواردات ، لمن تعرض بحضوره لها ولكمال الهبات . والصلاة والسلام على من بشر القائمين فيها بأعلى الدرجات ونيل ذلك في الحياة وبعد الممات. وبعد يقول أبو عبد الله وجعفر، محمد عثمان المكي الختم الميرغني كان له البر، قد كان في الغابر طلب مني بعض الإخوان الأصاغر والأكابر وضع عجالة على أساسنا المعلوم فأجبتهم ونظرت الإذن المحتوم حتى كان يوم الجمعة يوم ثلاثة وعشرون من رجب الذي فيه الأنوار تنصب كنت في قراءة المولد فحضر صاحبه r ومعه جمع من أهل منصبه فبشرني أن عشرة من الذرية يكونون ورثة الكبار من الذروة النبوية، منهم الثمانية الظاهرون له في السماوات في المعراج ، ونوح المرقى لكل في علو الأدراج ، وألف من الصحب يكونون في الجوار في أعلى الجنان مع الأنبياء جواره ، وذلك أكبر امتنان وأشار بأمور، وكان هذا العام رجبنا معمورا ، ووقع في الجمعة التي قبلها من المدد مع حضور البرنامج للكمالات ما أسكر أهل الكون من السلك والمناهج وفي العام الذي قبلة كانت منة عظيمة علينا أدامها الله مع الشيخ ، أن ابني عبد الله المحجوب وجعفرا الصادق صليا بنا التراويح في رمضان بالختمة ، وكان عمر المحجوب إذ ذاك اثنتي عشر سنة وجعفر الصادق إحدى عشرة سنة جعلهما قرة عين لنا وأبقاهما وهدهما طريقه الخاص وهدى بهما ،وهما رأس البشارة السابقة ، كتب الله لنا ولهما ولجميع المحبين والمسلمين حسن السابقة واللاحقة . ولما وقع الإذن أخذت في رسم هذه الرسالة مسميا لها : النفحات المكية واللمحات الحقيقية في شرح أساس الطريقة الختمية نفع الله به وبأصله وجعلنا من أهل وصله . اعلموا معاشر الإخوان السالكين سبيل الرحمن أنه لما هبت نفحات العناية ، لهذا العبد كثير الجناية ، من الصغر قبل البلوغ والتكليف ، علق الله الهمة بطريق أهل الولاية والتصريف ، وذلك مع تحصيل بعض علوم الرسوم، حتى لا يكون في الفؤاد حسرة على ما هو لأهله مقسوم ، فكان أول دال لي على هذه الطريقة الشريف {الشيخ أحمد بناه المكي} رحمة اللطيف ، وكان مستورا فأخذت عنه الطريقة النقشبندية ، وظهرت لي بعض أسرارها العلية ، فحصلت لي رؤية النبي r في بعض عشرة ليالي مناما ، ثم اجتمعت بالعارف بالله العابد سيدي {الشيخ سعيد العامودي} العاكف على الصلاة على النبي المختار لاسيما {بدلائل الخيرات} وكان يقرؤها كل يوم مرارا ، وكانت عليه الأنوار تلوح ، والأسرار منه تفوح ، فأخت عنه الطريقة النقشبندية أيضا واستكملت على يده أنوار وظائفها البهية ، وتنورت بصيرتي ، وكانت تعتريني بعض الأحوال ، غير أنها ليست بذات اتصال ، ورأيت مرة وأنا أراقب كأنه خرج مني نور ملأ الأفق فذكرت ذلك له فقال لي : إن شاء الله مددك يعم ويرقى ، وكثر اجتماعي بالمصطفى r في أكثر الأوقات ، وذلك مناما ليلا ونهارا مع مبشرات ، ثم أخذت عنه الطريقة {الشاذلية} {والقادرية} {والدلائل} {والدور الأعلى} لابن عربي ذي المعارف العلية وحزب الشاذلي الكبير {حزب البر} وغير ذلك مما به البر ، ثم إني رأيت ليلة كأني خارج من بيت لنا كان لنا بباب إبراهيم وكأني طالب الكعبة المعظمة ورأيت النبي r رجعا منها مقبلا لباب إبراهيم ذي الأسرار المفخمة فتلقيته في نصف الممشى المذكور وفي صبح تلك الليلة واجهت في نصف الممشى المذكور رجلا على الصورة التي رأيت فيها المصطفى فقلت : إن ذلك الرجل من أهل الإصطفا فسلمت عليه وتعرفت به فإذا هو من خاصة أولياء ربه وعرف أمري فطلبت منه أورادا وأذكارا فأذن لي في طريقته فهي {النقشبندية} ذات الأسرار ، فصرت اجتمع به في بعض الأوقات ويحصل لي منه إمدادات ، فجئت إليه ليلة فوجدته جالسا أمام مقام الحنفي عند اسطوانة من الأسطوانات الصغار وباح بسر خفي ، فتناول دورقا فيه ماء زمزم فشرب منه وناولنيه فارتويت منه فرأيت في ذلك الحين الأرض وما فيها ، وكشف لي عن الناس وبعض الموتى وما تحتويها ، وامتد معي ذلك الكشف إلى صلاة الصبح وعدت إلى الحجاب فأخبرته به وبالفتح ، ثم صرت أتردد عليه في تلك الأيام فقال لي : إن تتميم أمرك على يد السيد {أحمد ابن إدريس} الإمام ، وكان ذلك ابتداء اجتماعي في تلك الأيام بأستاذنا ذي التقديس مولانا العارف بالله السيد أحمد ابن إدريس وصار على يده ما فتح الله به كما سيأتي عن قريب إن شاء الله تعالى الملك المجيب ثم توجه إلى الهند بعد ذلك هذا السيد المذكور ، اسمه {أحمد بن عبد الكريم} الأزبكي عليه لواء الولاية منشور ، ثم رجع بعض مضي بعض سنين إلى مكة المشرفة ، في العام الذي فتح الله علي فيه بالأسرار والمعرفة ، فكنت إذ ذاك معتكفا في البيت لا أخرج إلا للجمع فيسأل عني فيخبر بأحوالي والسطعة ، فأتى إلي فرأى حالي وما لدي ، ففرح به وما فتح الله علي به وكان هو ممن انتهى في ترقيه إلى كشف السماء الثانية ، فأخبرته بأحواله فوافق وهو عين أحواله العالية ،واجتمعت بالعارف بالله الولي العالم العامل مفتي زبيد الأهدلي سيدي ومولاي السيد {عبد الرحمن بن سليمان} وأخذت منه بعض الأوراد بفضل المنان ، وقال لي أنت وقفت على الطريقة الميرغنية طريقة جدك السيد عبد الله البهية ، وهي جلا البصيرة بكثرة رؤية سيد الوجود ، وحالك كالسراج الخالص لا يحتاج إلى وقود ، ودلني على مرشدي سيدي السيد {أحمد بن إدريس} وقال لي : إنه يحصل لك منه مدد نفيس وكان هذا السيد يعتني بي ويحبني كثيرا ويقول لوالدي ما معناه : أنه يجئ منه خير كثير وجمع بيني وبين أستاذي المذكور وصحبته وفتح الله لي على يده ، عمر الله ضريحه بالنور ، وسيأتي ذلك مبسوطا إن شاء الله تعالى عند ذكر اسمه في السند ومن الله أطلب لي ولجميع أحبابي وأولادي كمال المدد فأقول : أعلم أن طريقتنا هذه مجتمعة من خمس أحرف رمزها {نقش جم} تنقش في الفؤاد التصوف جم، فالنون {نقشبندية}، والقاف {قادرية} والشين {شاذلية} ، والجيم {جنيدية} والميم {ميرغنية} ، وهي محتويه على أسرار هذه الخمسة طرق وبعض أورادها لكن الأكثر هو من {النقشبندية} وإمدادها ، ولهذا اعتمدنا في إجازاتنا على ذكر أسانيدها ، ومع ذلك فلنا في جميع ترتتيبنا إذن من الحضرتين وتلقي من الوجهتين ، ومن أكابر أهل كل طريق أخذناها باطنا وظاهرا أمره ، واستمددنا من أقطابها سره وجهره ، وجعلنا المجموع مسماة ب الطريقة الختمية لأن مشربها من أساسنا الخاص ذي الأسرار المحمدية. وها نحن نذكر سند السادة (النقشبندية) لأن أساسنا أكثره على مناويلها البهية ، لأن نصف أذكارها بالقلب والنصف باللسان ، وكان الأمر في بعض الأحيان على هذا البيان ، كما سيأتي في ترجمة سيدي بهاء الدين النقشبندي ، ثم بعده صار السلوك على الأذكار القلبية ، فنحن أحببنا إحياء النهجين من جمع بركات الطريقتين السنتين اللتين هما (القادرية) و(الشاذلية) فإن أذكارهما باللسان ، والعمل في كل ذلك على حضور الجنان ، فأقول: أولا أخذنا الطريقة (النقشبندية) عن سيدي (أحمد بن محمد بناه) الصائغ وكان مستور الحال من أهل مكة وكانت بصيرته مجلية ، وله رؤى نبوية وأسرار علية. ثم أخذنا عن العارف بالله سيدي (الشيخ سعيد العمودي المكي) ساكن أبي قبيس ، ولهم به زاوية باسم جدهم لها على التقوى تأسيس ، وكنت أتردد إلي كل يوم صباحا ومساء لحضور المراقبة عنده وحصل لي بذلك ارتقاء ،وكان t يصوم الدهر كصيام سيدنا داود وربما والى الصوم كريم الفروع والجدود ،وكل من الشيخ (أحمد بناه والشيخ سعيد) المذكور ، أخذت الطريقة (النقشبندية) عن الشيخ العارف بالله من هو في السر مغمور ولي الله سيدي (الشيخ عبد القادر الهندي) وكان له في الولاية قدم به إلى الله إلى الله يهدي ، وذكر لي (الشيخ أحمد بناه) أن هذا الولي كان إذا خلت يده من الدنيا يأتي إليه ويأمره بقطعة رصاص فيجعلها في بوطة ويحمي عليها فيها وكان الشيخ (أحمد) صائغ ، قال: فيخرج (الشيخ عبد القادر) من رأسه قرطاسا فيه شيء أبيض فيضعه على ذلك الرصاص بعد ذوبانه فيصبه فيخرج سبيكة من ذهب فيتصرف بها وكان يفعل ذلك مرارا . وأخذنا الطريقة (النقشبندية) أيضا عن شيخنا العارف بالله سيدي (أحمد بن إدريس) وهو ولد بالمغرب في أواخر القرن الثاني عشر بقرية يقال لها (القارة) من أعمال فاس وهو شريف إدريسي أخذ العلم ببلدة فاس وكان له مهارة في علوم الظاهر أخذها عن جملة علماء منهم سيدي العارف بالله تعالى (سيدي محمد المجيدري) أخذ عنه الطريقة (الشاذلية) و(الحزب السيفي) ، وأخذ (المجيدري) عن قطب الجان سيدي (محمد الغفوي) وهو عن سيدنا (علي بن أبي طالب) كرم الله وجه ، وأخذ الحقير الحزب المكور عن سيدي أحمد وعن الغفوي وعن سيدنا علي ، وأخذت عن السيد أحمد أيضا الطريقة (الشاذلية) وأخذ الطريقة (الشاذلية) سيدي (أحمد) عن شيخ إرشاده وتربيته سيدي (عبد الوهاب التازي) وكان هو غوث وقته ، صحبه سيدي (أحمد) أربع سنوات ففتح الله عليه وألحقه بمن عنده وكان فتح سيدي (السيد أحمد) عام ولادتي ، بل يوم فتحه يوم ولادتي وما توفيه سيدي (عبد الوهاب التازي) إلا وقد صار سيدي أحمد من أهل الأحوال العظيمة لأنه ذكر لي أنه شاهد النبي r يقظة يوم وفات سيدي (عبد الوهاب) ، ثم قال لي : نظرت إلى أكبر من كان من الأولياء في المغرب فكان سيدي (أبو القاسم الوزير) وكان من الأفراد وكان يقول: أنا لا أحس بحركة الكون من عرشه إلى فرشه إلا كحركة البعوضة ، وذلك لغيبته في الله وكان صحبة (سيدي أحمد) له أربع سنوات ، قال: كنت أتردد عليه كل يوم صباحا ومساء في المدة المذكورة ، أجلس عند باب داره فإن خرج إلينا يخبرنا بما لاح في ضميرنا أو دخل إنسان إليه فيخبره بما لاح في ضميره وسره ونحن في مكاننا ، أو خرج أحد من عنده فرآنا فعاد يخبره فيخرج إلينا ويتكلم معنا في بعض أسرار القوم ومقاما تهم ، وإن لم يخرج إلينا عدنا إلي مكاننا ويقول: المعاملة مع الله تعالى ، فأنظر إلى حسن هذه الآداب حال القوم مع مشايخهم ، قال (سيدي أحمد) : وكان في يوم من أيام اجتماعي بالشيخ المذكور أن قال لي يا أحمد كان لي صاحب من الأبدال من السودان فجاءني ليلة بالخطوة فقال : أخرج معي خارج البلد فخرجت معه فقال لي : أجلس هنا وذهب وغاب عني إلى آخر الليل وقال لي : يا فلان إنه سيظهر هنا قريبا رجل اسمه أحمد بن إدريس طالب علم ، وأنا ألقي إليك علوما فأخبره بها إذا جاءك ، قال (سيدي أحمد) : لما أخبرني قلت له هل تأذن لي أن أخبركم بذلك قبل أن تكلمني ؟ قال : أذنت لك ، قال (سيدي أحمد) فقلت له كذا وكذا إلى آخر تلك الأسرار فقال لي : هي ما تركت منها شيء ثم توجه (سيدي أحمد) إلى الحجاز وجاور بمكة مدة سنوات من عام إحدى عشر إلى عام ثمانية وعشرين من القرن الثاني عشر وفي هذه المدة صحبته وفتح الله علي ، ثم توجه إلى الصعيد من إقليم مصر ، وأقام بها نحو ست سنوات أو سبعا بقرية يقال لها (الزينية) ثم عاد إلى مكة وأقام بها إلى عام ثلاث وأربعين ثم توجه إلى اليمن وأقام بها عشر سنوات ، وتوفي بقرية يقال لها (صبية) عام ثلاث وخمسين ليلة السبت الثاني والعشرون من شهر رجب ، وتولى الغوثية وفي رأسها مات ، وكان أوحد وقته علما وحالا ولم أرى في وقتي مثله مع أني رأيت جملة أغواث أقطاب ، منهم سيدي (عبد الله القندقلي) ،وسيدي (أحمد أبو الربيع) ، وسيدي (محمد جامع) وآخر (وسيدي عبد الله) المتولي الآن ، فما رأيت في هؤلاء مثله أحد في المعرفة ولا في سعة الحال وصون الوقت وعلو الهمة ، ولا في غيرهم من كبار الأفراد الذين رأيتهم ولقد رأيتهم في أواخر مدة إقامته بمكة يوما جالسا بجانب باب الباسطية من المسجد الحرام ، ونظرت في عظم حاله والأنوار التي كانت عليه فكنت أرى أنه يخرج من لحيته الكريمة نور لو سرى نور شعرة منها في الدنيا لصار أهلها من الأولياء ، غير أن في آخر المدة كثر عليه اجتماع السفهاء من لا خلاق لهم فمنعهم مدده ، وخرج إليه جماعة من السودان وادعوا أنهم من أتباعه ونسبوا أنفسهم إليه ،ومنهم من كان من أصحابنا فسلبوا وصاروا خالين من أحوال طريق أهل الله ويتظاهرون للناس بأنهم من أتباعه وهو في الحقيقة برئ منهم ، ثم اجتمعوا على بعض من قد اجتمع بالأستاذ وحصل مدد ضعيف فخالطوه وخلطوا وخربطوا ، والرجل المذكور له معرفة بعلم الأسماء والاستخدامات الروحانية والجان وهذا أظنه جل رأس ماله وجل ما وجد من (سيدي أحمد) بعض أسرار هذه الأسماء فصارت همتهم كلها في ذلك ويتلمسون بالطريقة ولم يشموا رائحتها الحقيقية ، حفظني الله وأولادي وإخواني وأحبابي ومحبي من ذلك بجاه مصطفاه ، وثبتنا على الطريق المستقيم حتى نلقاه ، ثم المنة لله ورسوله أن جل وراثة الأستاذ سيدي (السيد أحمد بن إدريس) عندي وكنت أفهم منه ذلك لأنه كان يقول: أيام فتحي أيام ولادتك ، وأول ما فتح الله علي رأيتك وقيل لي: إن هذا خليفتك ووارثك ونحو ذلك فالحمد لله وأرجوا أن الله يعطي بعض ذريته بعض الأحوال على يدنا ، وهذا بحسب ما كنت أفهمه منه ، وأخذ هو الطريقة (النقشبندية) عن شيخ إرشاده المذكور وله بعض أذكار أخذها شيخه عن سيدي الغوث (سيدي عبد العزيز الدباغ) وهو أخذ سلوكه عن (الخضر عليه السلام) وسند الطريقة النقشبندية الذي عن سيدي عبد الوهاب التازي غير سنده عن الدباغ . وأخذت بعض هذه الطرق عن سيدي وشيخي العالم العامل العارف عمي وصنو أبي (السيد محمد يس) وهو أخذ عن والده الجد (السيد عبد الله الميرغني المحجوب) وكان هذا الرجل صاحب قدم في الولاية إلا إنه كان مختفي ، قال: فقدت مقلمة لي كانت في جيبي وكنت بالمدينة ، وصار لي أمر مزعج ألجأني للرجوع لمكة ، فوقفت تجاه المواجهة وأنا متحير في الأمر ، وهو أن أمانات كانت في بيتي لبعض الأهل والأحباب ، وبلغني أن من تركته في بيتي جاء إلى المدينة وترك المحل بلا أقفال ولا أبواب محكمة وحين وقوفي في المواجهة وجدت السكين التي تركتها في جيبي فقلت: إن ذلك تطمين من النبي r وعلى نحو ذلك وبعض كرامات . وأخذت الصلاة المشيشية ونحوها عن سيدي الوالد الولي (السيد محمد أبو بكر) وكان من الأولياء المستورين فذكر لي صادق أفندي بأسيوط وكان من أهل مكة وكان له تلق من الوالد قال : كنا بجبل السكراي بالطائف فجاء أخوك (السيد عبد الله) فقال: جاء مفتي الظاهر ، ثم جئت أنت فقال: جاء مفتي الباطن ، وأخبرني بهذه الواقعة قبل أن يتولى أخي المذكور الإفتاء بسنوات ، ورأيت النبي r بعد وفاة والدي في ليالي انتقاله فقلت: يا رسول الله أين والدي فقال لي فقال : {في مقعد صدق عند مليك مقتدر} . ولما انتهى الكلام على ذكر بعض مشايخي الذين تلقيت منهم وانتفعت بهم في طريق أهل الله أردت الكلام على السند الذي أغلب إجازاتنا به وهو سند الطريقة (النقشبندية) . وها نحن نشرع في الكلام على الأساس الذي هو مبني طريقتنا قد تضمن كما قدمنا نهج الطريقة (النقشبندية) ، و(القادرية) و(الشاذلية) و(الجنيدية) و(الميرغنية) لأن فيه الاستغفار والكلمة والصلاة على النبي r وكل هذه الطرق مبناها وجل أوردها ذلك والطريقة (الميرغنية) مثلهم ولها طريق خاص وهو جلاء البصيرة بكثرة رؤية المصطفى r ، وكل الطرق لابد لها من ذلك لكن يتفاوت الحال في ذلك . شرح الأساس بدأ الأساس بالبسملة إقتدا بقول سيد أولي الألباب : (بسم الله الرحمن الرحيم مفتاح كل كتاب) (الحمد لله والشكر لله) أللإيقان بجلال الله (حمدا وشكرا من الله) بمنه سبحانه وتعالى (وإلى الله) صادرا من حضرته لأنه هو اللائق بعظمته وفي الحديث: (لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) (كما يليق بعظمة ذات الله) وهو المناسب لكبرياء الإله ، (في كل لمحة) تلمحها العيون (ونفس) يتنفسه المتنفسون (عدد ما وسعه علم الله) وهذه الأعداد لا يحصيها كاتب ، (اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد صلاة أنال ببركتها حسن الختام) أي الذي هو أقصى المرام (صلاة بعدد تجليات الله لسيد الأنام) أي بعدد تجلي الحق للحضرة الأحمدية وذلك لا يتناهى وحق رب البرية (وعلى آله وصحبه) الذين هم هداتنا ومصابيح الظلام . (السلام) ثم يقول الذاكر: (اللهم إني أقدم إليك بين يدي كل (نفس)هو الصاعد من كل متنفس (ولمحة) يلمحها (ولحظة) يلحظها (وطرفة يطرف بها) جميع عوالمك (أهل السموات وأهل الأرض وكل شيء هو في علمك) يا محيطا بكل شيء (كائن) يبرز (أو قد كان) برز (أقدم إليك بين يدي ذلك كله) يا من وسع علمه كل شيء ، ] اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حفظُهُمَا وَهُوَ لْعَلِيُّ الْعَظِيمُ. [ ورد في الحديث عن موسى عليه السلام عن جبريل : (إن ربك يقول لك: من قال في دبر كل صلاة مكتوبة مرة واحدة : اللهم إني أقدم إليك إلى آخر آية الكرسي ، فإن الليل والنهار أربعة وعشرون ساعة ليس منها ساعة وإلا يصعد إلي منه فيها سبعون ألف ألف حسنة حتى ينفخ فيها إسرافيل في الصور وتشتغل الملائكة بكتب ثوبها وقال r : (إن أعظم آية في القرآن آية الكرسي من قرأها يبعث الله له ملك يكتب له من حسناته ويمحو من سيئاته إلى الغد من تلك الساعة) ، وورد مرفوعا : (إنها ما قرأت في دار إلا هجرتها الشياطين ثلاثين يوما ولا يدخلها ساحر ولا ساحره) ، وإلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في فضائلها . ثم يقرأ الذاكر آخر سورة البقرة ] لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (*) آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (*) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَي الَّذِينَ منْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَ أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَي الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ[ وفي الخبر مرفوعا : ( إنها نزلت من كنز تحت العرش ، وإن من قرأها في كل ليلة تكفيه) ، ثم يقرأ الذاكر ].شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (*) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ[ ، ثم يقرأ الذاكر ] قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (*) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ[ ثم يقرأ الذاكر (الإخلاص ثلاثا والمعوذتين مرة مرة ، والفاتحة مرة ، ذكر الجد في (جواذب القلوب) عن سيدي عبد الوهاب الشعراني عن الخضر عليه السلام قال (سألت أربع وعشرون ألف نبي عن استعمال شيء يأمن به العبد من سلب الإيمان ، فلم يجيبني أحد منهم حتى اجتمعت بمحمد r فسألته عن ذلك ؟ فقال : حتى أسأل رب العزة فقال : من واظب على قراءة آية الكرسي وآمن الرسول إلى آخر السورة ،وشهد الله إلى قوله : الإسلام ، وقل الله مالك الملك إلى قوله: بغير حساب وسورة الإخلاص والمعوذتين والفاتحة عقب كل صلاة أمن من سلب الإيمان) أقول : ولذلك جعلت هذه الأشياء العظيمة في الأساس لعظمة فائدتها بل هي بغية كل أحد وأعظم رأس مال كل ولي مؤمن ، ثم يقول الذاكر { استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه (ثلاثا)} وفي الحديث : {أن من قال ذلك ثلاث مرات غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر } وينوي في الأولى ما وقع منه في حين الأساس من التقصير والنقص وبالثانية ما خطر له من الخواطر الكونية ، وبالثالثة ما جرى على فكره من طلب ما سوى الله . ثم يقول الذاكر: (لا إله إلا الله محمد رسول الله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله ) فضل الكلمة لا يحصى ، وأسرارها لا تستقصى وبها الدخول في الإسلام والترقي لأعلى درجات الإيمان والإحسان ، قال الله تعالى : {فأعلم أنه لا إله إلا الله} وقال النبي r ( أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله ) إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة والواردة في فضلها ، ومن أراد ذلك فعليه ب (شرحنا الكبير على راتبنا) فقد بسطنا الكلام عليها هنالك وكل الطرق هي عمدة أذكارها ومنبع أسرارها ، والكلمتان هاتان عن سيدي أحمد بن إدريس تلقيتهما في المعابدة وهو واقف وذكر لنا أنه تلقاها من الحضرة العلية . قال الجد في (الجواذب) : في الذكر بالكلمتين وإفراد الأولى ما محصله إن من العارفين من اختار الجمع بين الكلمتين ليبوسة وحرارة الأولى فتردها الثانية لبرودتها ورطوبتها وإن من لا يتأذى بحرارة لا إله إلا الله وكانت موافقة لطبعه فالأولى له الإفراد وهي متضمنة معنى الثانية (مائة مرة نصف بالقلب ونصف باللسان) ، فما كان بالقلب فهو من سلك الطريقة (النقشبندية) وما كان باللسان فهو منها ومن باقي الطرق الأخرى المذكورة. ثم يقول الذكر (الله الله مائة ، نصف بالقلب ونصف باللسان) أيضا ، والشأن فيهما كل ما تقدم، وهذا الاسم هو سر الذات وسلطان الأسماء ، وأكمل الذكر به ، وأعظم الأمور بمدده وأسماء الحق كلها يتخلق بها إلا هذا الاسم فلا يتخلق به ، لان مضمونه الإلوهية ، وكان سيدي القطب الغوث أبو العباس المرسي t يحث أصحابه على كثرة الذكر به ويقول هذا الاسم سلطان الأسماء ، وله بساط وثمره ، فبساطه العلم وثمرته النور ، وإذا حصل النور حصل الكشف والعيان . ثم يقول الذاكر (هو هو مائة مرة نصف بالقلب ونصف باللسان) والشأن في التقسيم كما مره يا فهيم ، والذكر بالهوية له فيوضات بهية . قال سيدي عبد الله الميرغني في (الجواذب) : منهم ، أي من أهل الله من اختار الذكر بلفظ هو فإنه وإن كان موضوعا عند أهل الظاهر للإشارة ولا يتم إلا بمميز فهو عند أهل الباطن إخبار عن نهاية التحقيق وموضوع للدلالة على الحقيقة فيكتفون به عن كل بيان يتلوه لاستهلاكهم في حقائق القرب واستيلاء ذكر الحق على أسرارهم فما سواه لا شيء حتى تقع الإشارة إليه . ثم يقول الذاكر (حي قيوم مائة مرة نصف بالقلب ونصف باللسان) وقد مر البيان وهذا الذكر له في تنوير القلب وتصفيته وفتحه إلى مشاهدة الملكوت ،والإطلاع على الجبروت ، والفناء في اللاهوت شأن عظيم وقد قال كثير من أهل الله فيه : إنه هو الاسم الأعظم أخرج السيوطي في الجامع الصغير عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله r قال: (اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم } {الله لا إله إلا هو الحي القيوم } وفيه عن أبي أمامة مرفوعا : اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في ثلاث سور من القرآن العظيم : في البقرة لأنه هو (الحي القيوم) ، وورد أنه : ( اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت الحنان المنان بديع السموات والأرض ذو الجلال والإكرام يا حي يا قيوم) ، والحاصل أن اسم الله الأعظم سبعة هو عشر حرفا ، ولا يقدر على الذكر به بالحال إلا الكمل ، ولا يعرف حقيقته إلا من تكمل ، وبعض من حروفه في بعض تركيب أسماء لها بعض الشأن . مما قاله بعض العارفين في الذكر: أعلم أن (لا إله إلا الله ) قوت القلوب ، و(الله الله) قوت الأرواح (وهو هو) قوت السر .وأعلم أن هذه الثلاثة : أعني القلب والروح والسر ليست من عالم الخلق بل هي من عالم الأمر وهو المراد من قول القطب العيدروس قدس الله سره ونفعنا به : ثلاثة أحرف بين أهل العلم سارت ، قلوب الكل فيها قد تاهت ونارت . واختلف في محل هذه الثلاثة ، فأما القلب فلا خلاف في أنه يتعلق بالجنب الأيسر ، وأما الروح فهو يتعلق بالجنب الأيمن وقال : إن السر في الجنب الأيسر فوق القلب وقيل أن نور القلب أصفر ، ونور الروح أحمر ، ونور السر أبيض . وفي كلام بعضهم : إن القلب تحت الثدي الأيسر بأصبعين ، والروح تحت الثدي الأيمن بحذاء القلب والسر فوق الثدي الأيمن مائلا إلى وسط الصدر. وفي كلام البعض إن الروح تحت الثدي الأيمن والقلب تحت الثدي الأيسر ، والسر تحت أضلاع الصدر في الوسط . قلت: والذي تقتضيه العبارة أن بعضها في البعض والسر في الروح والروح في القلب، ذلك ثلاث دوائر: الدائرة الأولى في القلب والدائرة الثانية التي هي وسط هذه الدوائر هي الروح، والدائرة الثالثة التي وسط هذه الدوائر هي السر. ولما كانت طريقة الإرادة لي هي (الختمية) جنحت إلى ذاك كما أشرت إليه . إذا علمت ذلك : فأعلم أن مكاشفات القلوب لذلك بذكر (لا إله إلا الله) ، ومكاشفات الأرواح بذكر (الله الله) ،ومكاشفات الأسرار بذكر (هو هو) وقوت القلوب ذكر (لا إله إلا الله) ، وقوت الأرواح ذكر (الله الله) ،وقوت الأسرار ذكر (هوهو)، ف (لا إله إلا الله) مغناطيس القلوب و(الله الله) مغناطيس الأرواح (وهو هو) مغناطيس الأسرار ، فالقلب والروح والسر بمنزلة درة في صدفة في حقه فألحقه بمنزلة القلب ، والصدفة بمنزلة الروح ، والدرة بمنزلة السر وإن شئت قلت بمنزلة طائر في قفص في بيت فالبيت بمنزلة القلب والقفص بمنزلة الروح والطائر بمنزلة السر ، فهما لم تصل إلى البيت لا تصل إلى القفص ومهما لم تصل إلى القفص لا تصل إلى الطائر وكذلك مهما لم تصل إلى القلب لم تصل إلى الروح ومهما لم تصل إلى الروح لم تصل إلى السر ، فإذا وصلت إلى البيت فقد وصلت إلى عالم القلوب الذي هو عالم الملكوت المقابل لعالم الملك الذي هو عالم الشهادة ، أعني عالم الدنيا وإذا وصلت إلى القفص فقد وصلت إلى عالم الأرواح الذي هو عالم الجبروت وإذا وصلت إلى الطائر فقد وصلت إلى الحضرة اللاهوت ، وهو عالم الأسرار وأعلم أنك متى فنيت عن عالم الشهادة هذا ، وهو عالم الملك الذي قدمناه وغبت عنه بدخول في عالم الملكوت يصير عالم الشهادة غائبا عنك ،وعالم الغيوب الذي هو عالم الملكوت شهادة لك ، أي تكون معاينا له تراه بعين بصيرتك ، فعالم الملك ما يرى بعين البصر وعالم الملكوت ما يرى بعين البصيرة ، وهذا عندهم هو الفناء الأول ، ولا يزال في سيره حتى يقطع هذا العالم لأنه كما أن الوقوف مع عالم الملك حجاب ، غير أن الأول حجاب ظلماني ، والثاني حجاب نوراني ، وأكثر ما يحتاج السالك إلى المشايخ في قطع هذا الحجاب ، فإنه بعض ظهوره ربما ظن السالك أنه وصل إلى المقصود فينحجب به وينقطع به ، فإذا جاوز عالم الملكوت وهو عالم القلوب ، دخل في عالم الجبروت الذي هو عالم الأرواح وهذا العالم غيبي بالنسبة إلى عالم الملكوت ، فيصير عالم الملكوت له غيبا وعالم الجبروت له شهادة فهذا مبدأ الفناء الثاني ، ولا يزال مستمرا على سلوكه ملازما على إقباله حتى يدخل حضرة اللاهوت وهو عالم الأسرار ، وهذا هو كمال الفناء الثاني ، ويسمى فناء الفناء ، فيفنى عن الخلق ويفنى عن فنائه، وهذا هو فناء منتهى سير السالكين ، وهو الفناء المحض ومن هنا يرجع إلى عالم البقاء ، المعبر عنه أيضا بالفرق الثاني ، وبالصحو بعد المحو ، ويعبر عنه أيضا بانصداع الجمع وبالفرق بعد الجمع بظهور الكثرة في الوحدة واعتبارها فيها ، ويعبر عنها بمحو المحو وفناء الفناء الذي هو عين البقاء وجمع الجمع ، وشهود الوحدة في الكثرة والكثرة في الوحدة فيحصل له شهود التفرقة في عين الجمع حيث لا يكون أحدهما حجابا عن الآخر ، فصاحب هذا المقام لا يحجبه الحق عن الخلق ولا الخلق عن الحق ، بل يشهد الحق في الخلق والخلق في الحق فيعطي كل ذي حق حقه وأما من شهد الظاهر فقط فإنه فني به عن المظهر فلم يشهده وهذا هو صاحب الجمع والاستهلاك والاضمحلال في الذات البحت ، وهو صاحب السير الأول من الخلق إلى الحق ، وهذه المنزلة هي المعبر عنها بالولاية ، وكذلك من يشهد المظهر فقط فإنه يفنى عنه الظاهر فلم يشهده وهو صاحب الذوق الأول ، وأما من يشهد جميعا فهو الذي لم يحجبه حق عن خلق ولا خلق عن حق وهو الراجع من الحق إلى الخلق مع شهود الحق وهذه المنزلة المعبر عنها بالفتوة ، وفناء الفناء ، والبقاء والتكميل في الورى ، وصاحب هذا المقام هو الذي له من كل المقامات واردات ، وفي كل الحضرات له مشاهدات ، ومن كل الأسماء عليه تجليات ، فتارة يتكلم بلسان الحقيقة مع استهلاك الصرف ، وتارة بلسان الصحو الثاني فرقا أو مع شيء من السكر ، وهو الذي يصلح للإرشاد ، لا أن هذا المقام هو مقام إرشاد المريدين وتربية السالكين ، فهذا المقام في الولاية بمنزلة الرسالة في حق المرسلين من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، لأنه مقام دعاء الخلق إلى الله بالله ، وهو المشار إليه مع مقام الولاية بقوله عليه الصلاة والسلام : (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل ) و(العلماء ورثة الأنبياء) والحديث الأول وإن وقع فيه كلام من علماء الظاهر فقد تداولته في كتبهم وعلى ألسنتهم علماء الباطن ولنا أسوة بهم ولعله صح عندهم عن طريق الكشف ، كحديث (كنت كنزا مخفيا) فقد صححه كشف الشيخ الأكبر قدس الله سره في كتابه (الفتوحات المكية) . ثم يقول الذاكر (اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه بقدر عظمة ذاتك يا أحد) ولا يعلم أحد مقدار ذلك إلا الله المالك (ثلاثة عشر مرة) وهذا العدد له مدد يمد التالي إلى مراقي درج القطبية والغوثية ، كما يعلم من أطلع على درجة الولاية البهية ، ثم يقول الذاكر (اللهم بألف الابتداء) (اللهم) أي يا الله أتوسل إليك وأسألك (بألف الابتداء) إشارة للحضرة العلية التي ظهرت عنها العوالم الخلقية ، وفي الحديث (إن الله قبض قبضة من نوره فقال لها كوني محمدا فكانت) ، وعن الحضرة المحمدية كل مكنون بدأ (وياء الانتهاء) لأن العود إليه كما يعلمه أولو النهى ، قال سيدي العارف بالله الفرد المغربي الشيخ محي الدين بن العربي : أنظر إلى العرش إلى مائه وأعجب له من مركب سائر يسبح في بحر بلا ساحل وموجه أحوال عشاقه فلو تراه بالورى سائرا ويرجع العود إلى بدئه يكور الليل على صبحه فأنظر إلى الحكمة سيارة ومن أتى يرقب في شأنه حتى ترى في نفسه فلكه سفينة تجري iiبأسمائه قد أودع الحق بأحشائه في حندث الليل وظلمائه وريحه أنفاس أبنائه من ألف الخط إلى يائه ولا نهاية لإبدائه وصبحه يفنى بإمسائه في وسط الفلك وأرجائه يقعد في الدنيا بسيسانه وصنعه الله في iiإنشائه (وبالصفات العلى) أي بصفات الجليل المولى وكمالاته لا تتناهى ، وصفاته للكمالات منتهاها (وبالذات يا أعلى) أي ذات العلي الأعلى وكنه الذي هو بغية كل حر ومولى ، ولا يصل إليه أحد ولا يحيط به مجلى (صل على سلطان المملكة) المتصرف فيها وهي بيده ممسكة ، (وإمام الحضرة المقدسة) التي فيها الأنوار والأسرار المحمدية مؤسسة ، وهو إمام هذه الحضرة وكل الحضرات ، وزمام جميع الدواوين الإلهيات والمنصات وهي حظيرة في باطن العرش وفيها سجاجيد من أنوار الفرش على ألوان شتى من أخضر وأحمر وأبيض وأصفر جالس عليها الرسل والأنبياء وكبار الأولياء والعارفين والأتقياء وفيها مواضيع خالية لمن برز ومن لم يبرز من الأجلاء ، وجمع من الملائكة الأجلاء وبصدرها الرسول r جالس بأعلى ذورها مع تعدد مظاهره وبجانبه اليمين الخليل وموسى الكليم وعيسى ويليهم السادات أهل التكريم وبجانبه الآخر آدم ونوح وشعيب ويليهم بعض أكابر الرسل ليس في ذلك ريب ،غير أن الأنبياء ليسو كلهم متتابعين بل في وسط الجمع متفرقين ، وموضع يرى فيه برنامج الكمالات وبجانبه الصديق والفاروق وعثمان ذو الخيرات وعلي ، ويليهم كبار الصحب والأولياء ، وبالجانب الآخر الزهراء والحسنان وبعض من له منزلة فخرى ويليهم بعض أهل البيت وكبار المقربين كما يعلم ذلك من له ذوق الواصلين . وإذا حصل اصطفاء لبعض الأكابر وأراد الحق إظهاره في الدواوين : أي دواوين الكون العلوية والسفلية وضع له كرسيا في وسط هذه الحضرة المقدسة وجعل بجانبه منبرا وعليه بهجة بهية ، وجلس على المنبر المصطفى ، وقعد على الكرسي ذلك الولي الذي حصل له هذا الاصطفاء ونادى جبريل : إن الله أحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل العوالم العلوية ويوضع له القبول في الأرض ويكون محبوبا عندهم إلا ابن آدم فيتخالف أمرهم فيه وينتفع به من فتح الله قلبه وكان نبيها ، قال سيدي العارف بالله ابن العربي رضي الله عنه وببركته عظيم مشربي : مررت أنا وبعض الأبدال بجبل قاف ورأينا الحية المحيطة به فقال لي البدل سلم عليها فسلمت عليها فرددت علي السلام وقالت : كيف حال أبي مدين عندكم ؟ فقلت لها : هل تعرفين أبا مدين ؟ قالت:إن الله منذ اتخذه وليا لم يبقى شيء في الكون إلا عرفه إلى آخر الحكاية. وفي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن أبي هريرة t أن رسول الله r قال : (إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل قال إني أحب عبدي فلانا فأحبه ، فيجيبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول : إن الله أحب فلانا فأحبوه ، فيجيبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض) وفي البعض ذكر نحوه قال الجد الميرغني كان لي وله الغنى حم بالحمى القدسي وأخرج عن الأكوان وأجلس على الكرسي حتى عن النفس يشير إلى هذا المشهد . بهذا الكلام المنشد . وفي الحديث عن علي كرم الله وجهه أن رسول الله r قال : (إن الله تبارك وتعالى جعل حول العرش موضعا يسمى حظيرة القدس وهو من النور فيه من الملائكة ما لا يحصي عددهم إلا الله تعالى ، يعبدون الله تعالى عبادة لا يفترون عنها ساعة واحدة ، فإذا كان ليالي رمضان استأذنوا ربهم عز وجل أن ينزلوا إلى الأرض ويصلون مع بني آدم فكل من مسهم أو مسوه سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا) وهذه الحضرة هي أجمع حضرات الحق كما أن حضرة البساط الأحمدي هي أجمع الحضرات النبوية ويعلم ذلك من تحقق (المفيض على الملأ الأعلى) من الملائكة الكروبيين المعروفين عندنا بالمهيمين ، وهم ملائكة خلقوا من نور الجمال وغيبوا فيه على التوالي فلا يفيقون في الدارين والأفراد على قدمهم في الشهود بلا مين ، وكذا هو عليه السلام المفيض على ملائكة التصريف ، ولا ملك في العوالم إلا وله نصير، (من وراء حجبك الجلاء) أي مددهم وما بهم يترقون ، والحجب بحسب حال المخلوقين ، (من قامت به عوالم الجبروت) فجميع أحوالها وأطوارها به لها الثبوت ، (وظهرت عنه عوالم الملك والملكوت) والملكوت هو : عالم السموات ، والملك هو : عالم الأرض ، والجبروت : عالم العرش . واعلم أن كل العوالم عنه r ظهرت ومنه برزت، ومن نوره خلقت. أخرج الشيخ الأكبر ابن العربي أفاض الله علينا من نوره الأفخر في كتابه المسمى (بلغة الخواص إلى معدن الإخلاص) عن جابر رضي الله عنه قال : (سألت رسول الله r عن أول شيء خلقه الله تعالى ؟ فقال :هو نور نبيك يا جابر خلقه الله ثم خلق فيه كل خير ، وخلق بعده كل شيء وحين خلقه أقام قدامه في مقام القرب اثني عشرة ألف سنة ثم جعله أربعة أقسام : فخلق العرش من قسم والكرسي من قسم ، وحملة العرش وخزنة الكرسي من قسم وأقام القسم الرابع في مقام الحب اثني عشر ألف سنة ، ثم جعل أربعة أقسام فخلق القلم من قسم ، واللوح من قسم والجنة من قسم ، وأقام القسم الرابع في مقام الخوف اثني عشرة إلف سنة ثم جعله أربعة أجزاء : فخلق الملائكة من جزء ، والشمس من جزء ، والقمر والكواكب من جزء وأقام الجزء الرابع في مقام الرجاء اثني عشر ألف سنة ، ثم جعله أربعة أجزاء فخلق العقل من جزء ، والعلم الحكمة من جزء ، والعصمة والتوفيق من جزء وأقام الجزء الرابع في مقام الحياء اثني عشر ألف سنة ، ثم نظر الله عز وجل إليه فترشح النور عرقا فقطر منه مائة ألف وأربعة وعشرون ألف قطرة من النور ، فخلق الله من كل قطرة روح نبي أو روح رسول ، ثم تنفست أروح الأنبياء فخلق الله تعالى من أنفاسهم الأولياء والشهداء والسعداء والمطيعين إلى يوم القيامة . فالعرش والكرسي من نوري ، والكروبيين من نوري ، والروحانيون والملائكة من نوري ، والجنة وما فيها من النعيم من نوري ، وملائكة السموات السبع من نوري ، والشمس والقمر والكواكب من نوري ، والعقل والتوفيق من نوري ، وأروح الرسل والأنبياء من نوري ، والشهداء والسعداء والصالحون من نتاج نوري ثم خلق الله اثني عشر ألف حجاب فأقام الله نوري ، وهو الجزء الرابع في كل حجاب ألف سنة وهي مقامات العبودية والسكينة والصبر والصدق واليقين ، فقمس الله ذلك النور في كل حجاب ألف سنة فلما أخرج الله النور من الحجب ركبه الله في الأرض ، فكان يضيء منه مابين المشرق والمغرب كالسراج في الليل المظلم ، ثم خلق الله آدم من الأرض فركب فيه النور في جبينه ، ثم انتقل منه إلى شيث وكان ينتقل من طاهر إلى طيب ومن طيب إلى طاهر إلى أن أوصله الله إلى صلب عبد الله بن عبد المطلب ومنه إلى رحم آمنة بنت وهب ثم أخرجني إلى الدنيا فجعلني سيد المرسلين ، وخاتم النبيين ، ورحمة للعالمين ، وقائد الغر المحجلين ، هكذا كان خلق نبيك يا جابر) ، فمن هذا علمت أن جميع المخلوقات ظهرت من نوره وغمرها بفيضه وسره (المطمطم) أي الملآن (بالأنوار العلية) من الحضرة الوهبية ، (والكنز الذي لا يعرفه على الحقيقة إلا مالك البرية) الكنز في الأصل هو : المجموع من المتاع النفيس من الجواهر ونحوها والغالب أن يدفن ولا يعرفه أحد إلا مدخره ودافنه ، وهو r كنز علوم الحق وأسراره ودقائقه الحقية وكبير أنواره الظاهرة الجلية ،ولا يعلم حقيقة جماله إلا مولاه ،ولا يحيط بما حواه من الغرائب إلا من أولاه وفي الحديث : (والله لا يعرفني حقيقة غير ربي) فأنظر إلى حقيقة المجتبى (ترجمان الرحمن) أي المترجم لهم عن كل شريعة وحقيقة وعرفان ولذا قال : (لعباده بالإحسان) الذي هو بشارة لأهل العرفان (في حضرة الامتنان) أي ومن حضرة المنة واسم الله المنان الصادرة منه كل نعمة (بلسان اللطف والحنان) والرأفة مع إيضاح البيان (بقوله: لو لم تذنبوا وتستغفروا لأتى الله بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم أو كما قال ) في الحديث احترازا من تغيير بعض لفظ الحديث ، وعن السيوطي في الجامع الصغير أنه r قال : (لو أنكم لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون ليغفر لهم) وغير ذلك من البشائر والأشائر ما يعم الأكابر والأصاغر (المكمل لعباد الله) الطالبين لحضرة الإله (بالنفحات القدسية) المتلقي لها من الحضرة الإلهية المفيضة لأهل المشاهد الجلية وفي الحديث عنه r أنه قال : (تعرضوا لنفحات ربكم فإن لربكم في دهركم نفحات) قال الجد الميرغني في آخر حكمه في مناجاته : {أسأل الله نفحة ولو لمحة تقلب ناسوتيتي ملكوتية وملكوتيتي جبروتية وجبروتيتي لاهوتيتة ولاهوتيتي إلهية ، حتى أتحقق بمقام السمع والبصر والبطش بك يا الله } (والمؤيد لهم بالظهورات الأنسية) في ترقيهم إلى الدواوين الإلهية ذلك وأن العارفين والسالكين أهل التمكين إذا ضعفت قواهم عن حمل ما يرد عليهم من التجليات والأحوال والكماليات يمدهم بالقوة سيد السادات لكن العارفون يظهر لهم المدد الرباني فيتقوون برؤيته ، (والعرش كما يليق بهما) إذ هو مظهر تجليات الحق وأنواره العلية كما يفهم ذلك أهل الفتق والرتق ، قال شيخنا ذو التقديس سيدي أحمد بن إدريس في صلواته : {عرش رحمانية الذات} (من ظهر الرب من أجله من العماء) فلولاه ما خلقت الأكوان ، ولا ظهر الحق ولا أبدع الكيان . وفي الحديث القدسي: (لولاك ما خلقت عرشا ولا كرسيا ولا جنة ولا نار)، وفي الحديث حيث قيل له r: (أين كان ربنا قبل أن يخلق الخلق ؟ قال : في عماء) ، (ذروة الدواوين الإلهية) أي رسمها وأصلها عليه مبنى أهلها ورأسها ، (ترجمان الحضرات الصمدانية) والمعبر لهم عن الحضائر الحقية والحضرات الصمدانية ، وهو قول سيدنا العارف مصطفى البكري في منفرجته : بعماء كنت به أزلا بمحمد من جاء بالبلج وقد تكلمنا عليها في شرح راتبنا ومن أراد الوقوف على الحقيقة فعليه به (رواح المعارف) أي سر زبدتها ومنه صدرت (العلمية) المفاضة من حضرة اسم الله الرحمن الوهاب والعليم الفتاح (ومادة الحقائق النورانية) منه مددها وهوأصلها وفروعها فإنها لا تبرز إلا منه ولا يمد بها أهلها إلا عنه (المتجلي في سماء الربوبية) فلا يظهر الحق إلا به ولا شهد المقربون إلا مجلاه وسره. قال العارف سيدي البكري في بعض صلواته : {من لا تجلي أشعة الله لقلب إلا من مرآة سره هو و النور المطلق} ، وهو المتخلق بأخلاق الحق كما وصفه في قوله الصدق وهو: {بالمؤمنين رءوف رحيم} وأمر بالتخلق بأخلاق مولاه فقال : (تخلقوا بأخلاق الله) لتنالوا حال الفناء في الحضرة العلية التي هي أصل الغني ، وكان r يقول مفهما الناس حال كمال فنائه في الحق وشأن الوصول : (لي وقت لا يسعني فيه غير ربي) فلذا كان يضيق عن حال كمال فنائه كل الكون ولا يسعه إلا نور الإله ، قال بعض العارفين : الذي ظهر لموسى قدر أنملة الخنصر من النور المحمدي المستغرق في حضرة البر (ولم يفهم ذلك سوى أهل المتكآت البسطية) على الأرائك النورانية في الواوين الكمالية ، والمناظر الفردانية ، فإنهم إذا تمكنوا في الشهود في حضرة المعبود علموا أن ما شهدوه من وراء حضرة المصطفى ، لا يخرق الحجاب وهذا هو عين الشقاء , أما من كان في أوائل الشهود فيظن أنه شهد بذلك النور المحمدي وهو خاطئ ليس في ذلك على الحقيقة مهدي ، قال الغوث سيدي عبد السلام بن مشيش رضي عنه العلام : {وحجابك الأعظم القائم لك بين يديك} قال الجد الميرغني أفاض علينا من فيضه الغني في بعض صلواته : {الظاهر بك في كل المظاهر} . وقال أيضا صلاة أخرى : (مجلى الذات والصفات ، ومجمع الأسماء والمسميات) ، (قلب القلوب الواسعة للبر) وهي قلوب الكمل من الأولياء أهل الفخر . وورد في بعض الأحاديث القدسية : (ما وسعني سمائي ولا أرضي وإنما وسعني قلب عبدي المؤمن) فهذه القلوب روحها وسرها الذي وسعت به التجلي هو نور من الحضرة المحمدية في ذلك الفؤاد متدلي . قال العارف البكري : القلب بيت iiالتجلي إن لم تكن تدري فدري قال قطب أهل السطح أبو يزيد كبير أهل الشطح : {لو اجتمع العالم بما فيه ألف ألف الف مرة ومثله معه ما ملأ زوايا من زوايا قلب العارف} . ويظهر لبعض الكمل في ترقيهم أحوال يشهدون فيه العالم من فرشه إلى عرشه في قلبه ، ويشهدون جميع الكون فيه وأهل مشاهدته الكاملة ، ويرى من علوه بارزا إليه التجلي ، وهذا حال لا يفهمه إلا من ذاق هذا الكمال المجلي ، (والقرآن الذي حوى سر المقدم والمؤخر) القرآن معناه : الجامع ، هو r السيد الساطع جميع العلوم والكمالات والأسرار والتجليات . قال شيخنا ذو التقديس سيدنا السيد أحمد بن إدريس أمدنا الله بمدده النفيس في بعض صلواته {قرآن حقائق الذات وفرقان تجليات الصفات} ، (فما في الإمكان) لا مطلقا بل (بحسب ما قضاه الديان) وألزم نفسه ذلك وهو القادر المالك ولكن أوجب على نفسه وحتم أن لا يبرز مثله وبذلك رسم أن لا يرى (أبدع منه عند مولاه) وهذا هو الذي ارتضاه (ولا من تجلى عليه الله) فإن الكامل في المشاهدة لا يرى مثله أحد جمع المحامد ، (فهو الباطن الذي يرى منه الله) وهو المتجلي الذي يشاهد فيه الإله فلا يرى الحق إلا به ولا يبرز إلا بسببه . قال شيخنا العارف بالله سيدي أحمد بن إدريس {كيف لا يا رسول الله ، ومن لوح كنهك قرأ المقربون كلهم حقيقة التجليات} (وهو الظاهر الذي تجلى به الله) فيشهده العارفون في كل المجالي وعرفوه في كل مظهر جمالي وجلالي . قال بعض الكمل في بعض صلواته {أظهرته بصورتك ، واخترته مستوى لتجليك} وقال سيدي العارف العاكف مولانا القطب سيدي السقاف في صلواته ضمن النبي r لمن قرأها الجنة –{اللهم صل على سيدنا محمد صاحب الصورة القدسية المنزلة من سماء قدس غيب الهوية} ، (اللهم بالساجد عند العرش) أي الذي يسجد يوم الشفاعة الكبرى في الدار الآخرة ويمنح المحامد التي هي محتوية على الثاء الجميل للملك الجليل ، كما في حديث : (فأخر ساجدا فأحمده بمحامد يعلمنيها) أي في ذلك الوقت بحسب تجليه والأمور الموجبة لأحوال ذلك اليوم وما فيه (ومن هو سر العرش) الذي من نوره خلق ومن فيضه فتق كما مر لنا في حديث جابر وهو أمر مشهور لذي المخابر (أدخلنا فوق الفرش) المتقدم ذكره في باطن العرش ،وفي حضرة القدس ،ومحل البسط والأنس ، (واحملنا) حملا مصحوب بالعناية محفوظا بالرعاية ليكون ترقينا بك لا بأنفسنا وأعمالنا بل بمنك (إلى الديوان الأعلى) والمشهد المشهد الكبير الأجلى ، وهو حضرة ديوان الكبرياء الأقدس ومجلى الإله الأنفس ، مظهر مخاطبات الأسماء بعضها بعضا ، في إبراز المكونات طولا وعرضا ، فيقول الاسم مثلا الحي القيوم أقم ، ويقول مثلا القيوم للحي : أمد بالحياة وتمم وهكذا بحسب مظهر كل رسم يناجيه أخوه ويبرز ذلك الاسم ما أبرزه لمتجليه وقد ذكر هذا الديوان سيدي وأستاذي القطب النفيس مولاي الشريف أحمد بن إدريس في بعض أحزابه نفعنا الله بسره الأنيس فقال في آخر ذكر ذلك التجلي {ترجمان حضرة ديوان الكبرياء الأقدس} يعني به سيدنا محمد صاحب الكمال الأنفس ويكون يا مولانا هذا الترقي إلى هذا الديوان المنقي (مع الديوان الأجلى) الجامع لأسرار المولى سيدنا محمد واسطة الخواص ، الموصل لهم إلى مناهل الإختصاص (على باطن منبع سر) مشرب الفيوضات سر كمال القائل في التعبير عن مشهد له : {إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقني} قال بعض أهل الأحوال : هو أمر حسي ، وقال بعض العارفين هو مدد قدسي والكل صحيح لمن له تنقيح {فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء) ومالك أمره {إليه ترجعون} فإن النهاية إلى حضرته ، والغاية هي شهود نضرته ثم يقول الذاكر (الفاتحة لروح النبي r ) وله مدد عظيم وشأن فخيم ، يشاهده ذلك من له نظر مستقيم وقلب سليم ، ثم يقرأ الذاكر (الفاتحة للختم السيد محمد عثمان وأصوله وفروعه ومشايخه أجمعين) ويجد لها من الكل مدد جليلا وفيضا جميلا إن كان من أهل البصائر الخارقة والقلوب الجامعة الفارقة ، ثم يقرأ الذاكر (الفاتحة لسائر أولياء الله أجمعين) ولابد أن تهب له نفحات من هؤلاء السادات . أعلم أيدك الله بروح منه ولا أخلاك وقتا عنه : أن هذا الذكر هو الأساس الصغير وهو لكل سالك فخيم من العام والخاص , وأما منة طلب مقام الخواص وتوجه اللإقتناص ونيل ما في القفاص لابد من له أسعدك الله من الأساس الكبير ذي الفيض الغزير وله ثلاثة أوجه : صغرى ، ووسطى كبرى . (فالصغرى) : يأتي بالحمد والصلاة المتقدمة في أول الأساس هذا ثلاثا ثلاثا ، ثم الاستغفار المتقدم بصيغته سبعين مرة ، ثم التهليل خمسمائة مرة نصف بالقلب ونصف باللسان ، ثم الله الله خمسمائة مرة نصف بالقلب ونصف باللسان ، ثم هو هو خمسمائة مرة نصف بالقلب ونصف باللسان ، ثم حي قيوم خمسمائة مرة نصف بالقلب ونصف باللسان ثم يقرأ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه بقدر عظمة ذاتك يا أحد ثلاثة عشر أو خمسة وعشرين مرة ثم اللهم بألف الابتداء ثلاث مرات ثم الفواتح الثلاثة المتقدمة ، (وأما الوسطى) فيأتي أولا بالحمدلة والصلاة المتقدمة في أول الأساس سبعة سبعة ، ثم الاستغفار المذكور سبعين مرة ، ثم التهليل والاسم المفرد والهوية والحي القيوم كل واحد على حدته ألفا ، نصف بالقلب ونصف باللسان ، ثم الصلاة الذاتية المتقدمة . (وأما الكبرى) فيذكر الحمدلة والصلاة المذكورتين في أول الأساس سبعة سبعة ، ثم الاستغفار مائة ، ثم الكلمة والاسم المفرد والهوية والحي القيوم وكل واحد ثلاثة آلاف كل عدد منهم نصف بالقلب ونصف باللسان ثم الصلاة الذاتية ثلاثمائة وثلاثة عشر، ثم اللهم بألف الابتداء ثلاثا وستين ، ثم الفواتح الثلاثة المتقدمة ، ولنا أذكار في الليل والنهار ورواتب وتوسلات جمعنا الكل في رسالة شرحناها . وها هنا قد انتهى الكلام على آخر الأساس . (سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب إلا أنت) .(ثلاثا) . |
02-15-2010, 01:57 PM | #2 |
شباب الختمية بالجامعات
|
رد: النفحات المكية واللمحات الحقية .
|
07-25-2010, 12:32 PM | #3 | |
مُشرف المنتدى العام
|
رد: النفحات المكية واللمحات الحقية .
|
|
|
07-25-2010, 02:16 PM | #4 |
مُشرف الختمية أُون لاين
|
رد: النفحات المكية واللمحات الحقية .
|
02-07-2014, 04:48 PM | #5 | |
المُراقب العام
|
رد: النفحات المكية واللمحات الحقية .
بعض أسرار هذه الأسماء فصارت همتهم كلها في ذلك ويتلمسون بالطريقة ولم يشموا رائحتها الحقيقية ، حفظني الله وأولادي وإخواني وأحبابي ومحبي من ذلك بجاه مصطفاه ، وثبتنا على الطريق المستقيم حتى نلقاه آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآمين |
|
|
02-13-2014, 01:03 PM | #6 | |
|
رد: النفحات المكية واللمحات الحقية .
[size="6"][/sizeبارك الله فيك أخينا مصطفى على هذا النقل الطيب ونشر الفائدة علينا تسلم كتييييير |
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
كاتب الموضوع | مصطفى علي | مشاركات | 5 | المشاهدات | 28424 | | | | انشر الموضوع |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|