القبول يا رب - شباب الطريقة الختمية بدائرة ود ابراهيم بأم بدة
مجموعة مدائح ختمية.. شباب الطريقة الختمية بمسجد السيد علي الميرغني ببحري
|
السادة المراغنة وخُلفاء الطريقة الختمية مساحة توثيقية للسادة المراغنة وخلفاء الطريقة الختمية |
إهداءات ^^^ ترحيب ^^^ تهاني ^^^ تعازي ^^^ تعليقات ^^^ إعلانات | |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
05-25-2010, 06:16 PM | #1 |
|
الليلة الاخيرة فى وداع الخليفة أحمد البشير مدنى
كلُّ شئٍ كان يبدو طبيعياً عصر ذلك اليوم فى دار الخليفة أحمد البشير مدنى بحى الشهداء بامدرمان ..... والدارُ التى تَعُجُّ بالحركة كانت تستعد لاستقبال ضيوف الافطار السنوى الذى اعتاد الخليفة تنظيمه فى مثل هذا الوقت من كل عام .... اليوم السادس والعشرين من رمضان وتعوّد ان يدعو فيه مجموعة من المقرّبين اليه , أهل الأُخُوَّة والمسامرة فى الله , بعضهم من الأهل والقرابة وبعضهم من أهل الحى وبعضهم من الختمية بالاضافة الى امام مسجد الحى وأعضاء حلقة المولد فيه , ولابد ان يزدان المجلس فوق ذلك بعالمٍ وحافظٍ ومنشد ٍ . وها هو الخليفة أحمد يقطع الطريق ما بين الحوش الخارجى والداخلى لمنزله جيئة وذهاباً , بقوامه الفارِع ومشيته الهادئة المطمئنة , يشرف على عملية الاستعداد من فرش وتجهيز للمكان بالخارج , واعداد اللازم من الاكرام بالداخل لِمَقْدَمِ هذا النفر الكريم . ويأتى الضيوف قُبَيل المغرب , فيفطرون على التمر المنقوع فى الماء ثم من بعد صلاة المغرب يتحلقون حول ما قُدِّم لهم من اكرام , ثم هم قد جلسوا بعد ذلك يتسامرون ...... فى ماذا يا ترى ؟ لم يكن الا شُئون المسجد أو شئون الحى أو أنشطة الطريقة الختمية أو الهَمُّ العام , والوقت ينقضى فى كلام لا يخرج عن ذكر الله تعالى ومديح ودعاء وذكريات الصالحين ....ولا شئ سوى ذلك ....... هكذا كانوا .... ويدخل الخليفة أحمد الى غرفته ثم يعود حاملاً كتاباً فى يده : مُنجية العَبيد فى علمِ التّوحيد ثم يجلس عند رأس الشيخ عوض الجيد , ذلك العالِم الختمى الذى كان حينها مستلقياً على السرير. أيجلس الخليفة أحمد , وهو فى الخامسة والسبعين , و هو صاحب الدار , والرجل المعروف من أعيان أُمدرمان هكذا ؟ جلسة طالب العلم أمام الأُستاذ ؟ عجباً ! أهو التواضع يا ترى ؟ أم هو سُلطانُ العِلْم ؟ أم هى رِسالةٌ أراد أن يُرسِلُها لآخرين ؟ أم أراد ان يواصل طلب العلم من المهد الى اللَّحد ؟ يجلسُ فيقرأ علي الشيخ : يقول طالب الرضى من الغنى ........... محمدٌ عثمانُ مكّى الميرغنى باسم الاله أبتدئ عقيدة............ تُنجِ لكلِّ سائلٍ مفيدة سمَّيتُهَا مُنجِيَة العبيدِ .......... من هول يوم الوعد والوعيدِويطلب منه ان يشرح الابيات , فينطلق الشيخ عوض الجيد شارحا عقيدة التوحيد . وتمضى الجلسة الى ما شاء الله لها .....درسٌ فانشادٌ فسمرٌ عفيف, وينفضّ السامر ... ويذهب الكلّ الى حال سبيله .... لكنهم لم يدروا انهم جميعا على موعد فى نفس المكان عند الصبح ....... أليس الصُّبح بقريب ! * * * * في منتصف الليل .... وفى سرعة شديدة .... يُقبَض الخليفة ويَضِيقُ نَفَسُه ... ويسعى الأهل للاسعاف فيأتون بالطبيب ولكن ... كان الأمر أعجل من ذلك ! وهاهو الخليفة أحمد يُمَدَّدُ فى نفس المكان الذى أمضى فيه ليلته مع ضيوفه , واذا به الآن مُسَجَّى وحوله الناس يبكون ! نعم مات الخليفة أحمد .. فى منتصف الليل .... من ليلةِ القَدْر ! مضى ذلك الليل كئيبا حزينا , والناس حوله ما بين باكٍ ومتصبرٍ ألجمته المفاجأة ... ومع امتداد خيوط الفجر الأولى بدأ توافد الناس يزداد شيئا فشيئا ..... وارتفعت الأكفُّ بالفاتحة هنا وهناك .... جاء أهل الحى .. كيف لا ؟ وهو صاحب العلاقات الطيبة الممتدة مع كل سكانه وهو الذى يكون دائما فى المقدمة فى الأفراح والأتراح وحلُّ المعضلات ؟ جاء أهل المسجد .. وأهل حَلَقَةِ المَوْلِد .. كيف لا ؟ وهو حمامة المسجد وخليفة "الحضرة" والعقل المدبر لكل نشاطات المسجد , نعم فهو الذى يشرف على حَفل المولد والهجرة والمعراج وعلى دَرْس الرجال ودَرْس النساء وخلوة الاطفال ! جاء الأهل من أُمدرمان وكل أجزاء العاصمة .. كيف لا ؟ وهو كبيرُ الأسرة وَعَمِيُدَها وَدَلِيلها وعُمْدَتَهَا ؟ جاء الخَتميّة من كل أحياء أمدرمان وخارجها ... كيف لا ؟ وهو نائب رئيس رابطة الختمية بامدرمان ... المُنَظِّم والمُشارِك فى كل الاحتفالات والانشطة الدينية وصاحب العلاقات الممتدة معهم جميعا ؟ جاء الاتحاديّون ... وكيف لا ؟ وهو الرقم المعروف للحزب فى أمدرمان .. ومن ينسى وقفته مع الشيخ حسن أبو سبيب فى الدائرة ٤٦ فى انتخابات ١٩٨٦ ؟ جاءوا جميعا .. لم يكن ليغيب منهم أحد عن هذا اليوم الحزين , يوم أن ودّعوا ذلك الرمز الأمدرمانى والختمى الأصيل ! * * * * وجاءت قِمريةٌ ......... حَطَّت على سطح المنزل بُرهة , وأخذت تنظر الى الذين احتشدوا تحتها فى ساحة المنزل ولكنها لم تغرّد بنغمتها المعروفة .....وقد كانت تأتى صباح كل يوم فتأخذ مكانها لتؤدِّى تغريدها المعهود , فيقوم الخليفة بالترجمة عنها لأحفاده الصغار : عارفِينّها بتقول شنو ؟ ثم يجيب ... بتقول : يا عباد أعبدوا ربّكم .... يا عباد أعبدوا ربّكم بل كانت احدى رُوَّاد قَصْعَتِهِ التى حفر لها ووضعها تحت شجرة الليمون فصار يَغْمِسُ في مائها فتات الخبز المتبقى كلما فرغ الناس من الطعام فتجدها هى وأخواتها وليمة دسمة ! أتراها سكتت حَزَنا ؟ أتراها علمت بفقد من يترجم لها بعد اليوم ؟ أم تراها خافت على قصعتها أن تنضب ؟ * * * * جاءوا جميعا .. وهاهو الجُثمان المسجّى بالغطاء الاخضر المزيّن برسم الكعبة المشرفة وكلمة التهليل , وهاهى بوارق الختمية حوله مرفوعة , وها هُم رفقاء الدرب والأخوّة الصادقة من خلفاء الختمية وهم يصدحون بالدُّعاء والناس حولهم كأشدّ ما يكون الخشوع .... شرعتُ ببسم الله نَظم ذخيرتى ................. بحجرة طه قد بدأت وسيلتى وثنّيت بالحمد الجميل لخالقى................. واتبعه خير الصلاة بهمتى على أحمد المحمود والصحب مع آل..................... ويقرنها تسليم ربى تحيتى ويخرج الموكب متَّجِها نحو مقابر الجَمْرِيّة سيراً على الاقدام , والكلُّ فى حزن عميق وسكون لمَ تقطعه نغمات المُوباَيْلات ! وعند المقبرة لا تسمع الا أصوات المنشدين فى تلك النغمة الحزينة : عليك اعتمادى دائماً كل لحظة ........................ بدنياى فى الرُّخيا وفى كل شِدَّة والكل يتجاوب معهم : اللهم صل وسلم على حبيب الله وتمضى أيام المأتم حزينة ثقيلة , لا يخفّف من كَرْبِها الا مواساة الأهل والاحباب والجيران , وأصوات الذاكرين الذين لم تتوقف وُفودهم ... فهذه حلقة قد خُتِمَ فيها القرءان الكريم على روح الفقيد , وتلك أخرى قد تحلّق أَهْلُهَا ليقرأوا " وِِردُ العِتْقِ " سبعون ألفاً من التهليل . وهذا وفدٌ ختمىٌ لم يحضر التّشييع فجاء ليُعزِّى بالفاتحة ثم البرّاق ثم قصيدة " يا ذا الجلال " ثم ما تيسّر من القرءان والدّعاء على روح الفقيد . وجاء السّمانيّة , وكانت له معهم صلات قديمة , جاؤا وقد شَدّوا الأحْزِمَة واصطفّوا صفوفا : أهلا وسهلا باللقاء...................... والاجتماع بذى البقاء يومٌ أموت به سعيد........................... والله ذاك اليومُ عِيد * * * * ويمضى شهرٌ وشهرٌ وشهرٌ ... وترجع الحياة الى طبيعتها فى دار الخليفة , ويحاول ابنه البشير ان يَسُدّ مكان أبيه ... وهل يستطيع ؟ يحضُر اجتماع لجنة المسجد للترتيب لاحتفال الهجرة المشرّفة .... ويتم تحديد التاريخ , وفى طريق عودته يلتقى احدى نساء الحى.... محاسن .... وقد كانت عادة الخليفة أحمد رحمه الله ان يطوف على سكان الحى فى هكذا مناسبات , فيدعوهم جميعا ويحثهم , فلا تسأل عن الحضور والمشاركة . والبشيرُ يخبر محاسنا بموعد الاحتفال القادم ... فيتجدّد الحزن لديها وتتذكر الفقيد ....... وهل لهذه الاحتفالات طَعْمٌ بعد رحيل الخليفة أحمد ؟ هكذا تقول فى نَفْسِهَا ...... ثم تذهب الى منزلها وقد نوت أن لا تشارك ولا تحضر ..... ثم تنام . وترى فى منامها الخليفة أحمد .... بكامل هيئته ...يقول لها : محاسن ..... من كان يعبدُ محمداً فان محمداً قد مات ... ومن كان يعبدُ الله فان الله حىٌ لا يموت ! وتمرُّ سنواتٌ وسنواتٌ .... ويأتى أحدُهُم ... ممن كان له مع الفقيد مسامرات ومحبة خالصة , قال عندى اليوم بُشارة ... " رأيت فيما يرى النائم أنى أمشى فى الطرقات على قدمى باحثا عن مسجد أصلى فيه الجمعة , فأَجِدُ مسجداً فيه الخطبة قد بدأت ... فأجلس فى الخارج مستمعاً ...... ولكنّنى ... أعرف هذا الصوت ..نعم ..... قد سمعته من قبل مرارا ... انه صَوْتُ الخليفة أحمد البشير ! يخطب خطبة الجمعة ؟؟؟ لكنه لم يكن فى الدنيا خطيباً ! ماذا يقول ؟ يتكلم عن الصّلاة على النّبى صلّى الله عليهِ وَسَلَّم , ويُرَغِّب فيها وفى فَضْلِهَا ويعظِّمُ أمرها وَيَحُثُّ الناس عليها ..... وعند انتهاء الخطبة واستواء الناس للصّلاة .. وجدتُ فُرجةً فى داخل المسجد فدخلت ... وأرى الخليفة نازلاً من أعلى المنبر...واذا به يُصَوِّبُ نظره الىّ وبلهجة آمرة ينتهرنى : " محجوب .... أَطْلَعْ بَرَّة .... دى صلاة ناس آخرة .... ما صلاة ناس دُنيا ! " وتُعْرَض الرؤيا على عارِفٍ بالتعبير فيقول : هذا رجلٌ أكثر ما نَفَعَهُ فى الآخرة صلاته التى كان يُصَلِّيهَا فى الدنيا على النّبِى صَلى الله عَليه وَسَلّم ! ! * * * * كانت وفاة الخليفة أحمد البشير مدنى ليلة الاثنين السابع والعشرين من رمضان ۱٤١٢ﻫ ( ٣٠مارس ١٩٩٢) اللهم صل على سيدنا محمد فى الأولين وصلى على سيدنا محمد فى الآخرين وصل على سيدنا محمد وآله فى الملأ الأعلى الى يوم الدين ..... اللهم اغفر له وارحمه واملأ قبره بالسعة والسرور والضياء والنور الى يوم النشور وارحمنا جميعا برحمتك يا أرحم الراحمين آمين . |
التعديل الأخير تم بواسطة وليد قاسم ; 05-25-2010 الساعة 06:20 PM. |
05-25-2010, 06:37 PM | #2 | |
المُشرف العام
|
رد: الليلة الاخيرة فى وداع الخليفة أحمد البشير مدنى
رحم الله الخليفه احمد البشير بقدر ما قدم وبجاه مشايخنا الكرام ((ساداتنا المرغنه )) |
|
التعديل الأخير تم بواسطة علي الشريف احمد ; 05-25-2010 الساعة 06:54 PM.
|
05-25-2010, 07:41 PM | #3 |
|
رد: الليلة الاخيرة فى وداع الخليفة أحمد البشير مدنى
رحم الله الخليفة أحمد البشير وأسكنه فسيح جناته وشكرا ليك الخليفة وليد قاسم على طريقة السرد المنظم الجميل بجمال روحك خفِف على اشقائك اسلوبك فى السرد الذى يقطع الأكباد والله انا اقرأ فى المحتوى كأنى واقف فى المشهد منذ الإعداد للافطار حتى وفاة الخليفة وهذا ما حرك كوامن الحزن تشكر الخليفة وليد |
05-26-2010, 08:24 AM | #4 |
|
رد: الليلة الاخيرة فى وداع الخليفة أحمد البشير مدنى
اخوتى على الشريف وتاج السر اشكركم على المرور بارك الله فيكم |
05-26-2010, 10:42 AM | #5 | |
شباب الختمية بالجامعات
|
رد: الليلة الاخيرة فى وداع الخليفة أحمد البشير مدنى
رحم الله الخليفة أحمد البشير وأسكنه فسيح جناته وشكرا ليك الخليفة وليد قاسم على طريقة السرد المنظم الجميل بجمال روحك خفِف على اشقائك اسلوبك فى السرد الذى يقطع الأكباد والله انا اقرأ فى المحتوى كأنى واقف فى المشهد منذ الإعداد للافطار حتى وفاة الخليفة وهذا ما حرك كوامن الحزن تشكر الخليفة وليد فعلا والله كلامك صحيح |
|
|
06-04-2010, 04:21 PM | #6 | |
|
رد: الليلة الاخيرة فى وداع الخليفة أحمد البشير مدنى
رحم الله الخليفة احمد البشير مدني واسكنه فسيح جناته والشكر لك اخي وليد قاسم علي الاسلوب الجميل الراقي |
|
|
06-13-2010, 05:29 PM | #7 | |
شباب الختمية بالجامعات
|
رد: الليلة الاخيرة فى وداع الخليفة أحمد البشير مدنى
|
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
كاتب الموضوع | وليد قاسم | مشاركات | 6 | المشاهدات | 6635 | | | | انشر الموضوع |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|