القبول يا رب - شباب الطريقة الختمية بدائرة ود ابراهيم بأم بدة
مجموعة مدائح ختمية.. شباب الطريقة الختمية بمسجد السيد علي الميرغني ببحري
|
منتديات الفقه والعبادات يهتم بفقه العبادات من إصول الكتب الموثوقة... |
إهداءات ^^^ ترحيب ^^^ تهاني ^^^ تعازي ^^^ تعليقات ^^^ إعلانات | |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
10-21-2012, 11:50 AM | #1 | |
|
مراتب العبادة عند الصوفية
بسم الله الرحمن الرحيم مراتب العبادة عند الصوفية الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله اجمعين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين يرادبالعبادة هي أن يشهد الإنسان أنه لا اله إلا الله وأن سيدنا محمد صلى الله تعالىعليه وسلم رسول الله ويقتدي بسيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم قولاً وعملاًلتنفيذ أوامر الله سبحانه والانتهاء بنواهيه ويتطهر بدناً وعقلاً وقلباً وروحاً منالسيئات والفواحش والمنكر ظاهراً وباطناً ويؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسلهوالقيامة والقدر في جميع أعماله العبادية سواء كانت مناسكية أو تعاملية وان يقربالعبودية لله سبحانه لذلك نرى الصوفية قد قسموا العبادة إلى ثلاث مراتب : 1 – الخوف والرجاء وهو الخوف من الله سبحانه وليس الخوف من الأشياء ( الخلق ) أو عليها : وَلِمَنْ خَافَمَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ( الرحمن : 46 ) . أما الرجاء فهو التوكل على الله ضمن إطار الصبر والرضا قالالإمام الصادق عليه السلام : ( الخوف رقيب القلب والرجاء شفيع النفس ومن كان باللهعارفاً كان إلى الله راغباً ) ، ان الخوف والرجاء هو مقام التقوى : وَمَن يَتَّقِ اللَّهَيَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ( الطلاق : 2 – 3 ) . وقد وصفالغوث الأعظم الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره التقوى : ( هو أن لا يجدك الله حيثنهاك ولا يفتقدك حيث أمرك ) ، وأن تقتدي بحضرة سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلمقولاً وعملاً وعلامة ذلك حسن التوكل في ما لم تنل وحسن الرضا فيما نلت وحسن الصبرعلى ما فات (1) ومن لم يعبد الله على الخوف والرجاء فقد أطاع نفسه الأمارة بالسوءواتبع هواه وطبعه واستحوذ عليه الشيطان وأغوته الدنيا بزينتها وقد حذرنا الله من حبالأشياء : وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَعِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ( الأنفال : 28 ) . 2 – الهيبة والحياء وهؤلاء غلبت عليهم هيبة الله فاستحوا منهفكانوا مع الله في جلواتهم وخلواتهم لأنهم آمنوا : يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِيالصُّدُورُ( غافر : 19 ) ،وعلامة الهيبة هي وجل قلوبهم: . . . إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُوَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ . . . ( الأنفال : 2 ) ، ويقصد بالوجل عند الصوفية هو الحال أو الوارد الذي يرد على قلوبهممن الحق ? قال الشيخ الحسن الهجوري : ( الهيبة هي تجلي الله سبحانه بالجلال على قلبالعابد المؤمن فلا يأنس بالأشياء وتتعبه ) (2). ووصف الإمام موسى الكاظم عليهالسلام حاله وأصحابه مع الله في المنع والعطاء : ( إذا منعنا شكرنا وإذا أعطيناآثرنا ) (3) . أما الحياء فقد وصفه حضرة سيدنا محمد المصطفى صلى الله تعالىعليه وسلم : هو أنتحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى وتكثر من ذكر الموت والبلى(4) ، ولا يصل العابد إلى هذاالمقام إلا بالصبر على ما يحب وعلى ما يكره وأن يكون راضياً مسرور القلب في مرالقضاء وأعلاه أن لا يختار قبله القضاء لأن الإنسان لا بد أن يؤمن بأن الموت ملاقيهحتماً ولكنه مؤجل وقد ورد في حديث المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم : ما أنا في هذه الدنياإلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها(5) ، أما البلاء فهو قدر الله سبحانه وقد وصفه المصطفىصلى الله تعالى عليه وسلم : ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وماله وولده حتى يلقىالله وما عليه خطيئة(6) . 3 – الحب والفناء : وهؤلاء هم المحسنون : إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَالْمُحْسِنِينَ( الأعراف : 56 ) ، لأن عبادتهم أشار إليها الحديث النبوي الشريف : أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فهويراك(7) ، لأن الحب هوالانقياد إلى الله عقلاً وقلباً وروحاً ( وأشعار السادة الصوفية كثيرة في هذا الباب ) ؟ . : يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ( المائدة : 54 ) ، وقد ورد في الحديث القدسي : ما زال عبدي يتقرب إليبالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التييبطش بها ورجله التي يمشي بها(8) ، أي يكون العابد بالله ومع الله من خلال النور الذي يهبه الله له كما أشارتالآية الكريمة : وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ( النور : 40 ) ، وأشار حضرةالمصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى هذا النور : ( اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظربنور الله ) (9) ، وقد نصت الآية الكريمة : إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْوَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ( النحل : 128 ) ، وإن أعلى مرتبة في الحب الإلهي هيالفناء والذي يراد به فناء الصفات المذمومة وظهور الصفات المحمودة بسبب إشراقاتالنور عليها وهنالك يتبدل إدراك الإنسان وطبعه ويبتعد عنه إغواء الشيطان وإغواءالدنيا لأنه يكون في حفظ الله وكما قيل : ( ما كان لله دام واتصل وما كان لغير اللهانقطع وانفصل ) ، وبلا حلول أو اتحاد لان الله سبحانه وتعالى هو خالق الأشياء وهوأكبر من أن يوصف بذلك لأن الحلول والاتحاد يقع بين الأشياء بعضها مع البعض الآخروقد أطلق الحق صفة الولاية والاستقامة على المحسنين : أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌعَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ( يونس : 62 ) ،إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَاتَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ . . نَحْنُأَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَاتَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ( فصلت : 30 – 31 ) ، من خلال ما ذكرناه يتبين أن السادةالصوفية هم المحسنون وهم الذين وهبهم الله سبحانه التمكين لإصلاح الناس بعد أنمَنَّ عليهم بفضله فأحسنوا العبادة ، لذلك واجبهم تخليص الإنسان الذي يريد وجه اللهمن رعونات نفسه وطبعه وهواه وشيطانه فيفوز بالسعادة الأبدية دنيا وآخرة بعد أن يتبعالوارث المحمدي الحي الذي هو حي من حي إلى الحي الذي لا يموت وما أحوج الإنسانيةإلى المنهج الصوفي حتى تتخلص ممّا هي فيه من مأساة لا ينكرها أي إنسان عاقل وآخردعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصل اللهم على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالةوالحكمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما . |
|
|
05-08-2013, 11:00 AM | #2 |
|
رد: مراتب العبادة عند الصوفية
فصل ورحى العبودية تدور على خمس عشرة قاعدة ، من كملها كمل مراتب العبودية . وبيانها أن العبودية منقسمة على القلب ، واللسان ، والجوارح ، وعلى كل منها عبودية تخصه . والأحكام التي للعبودية خمسة : واجب ، ومستحب ، وحرام ، ومكروه ، ومباح ، وهي لكل واحد من القلب ، واللسان ، والجوارح . فواجب القلب منه متفق على وجوبه ، ومختلف فيه . فالمتفق على وجوبه كالإخلاص ، والتوكل ، والمحبة ، والبر ، والإنابة ، والخوف ، والرجاء ، والتصديق الجازم ، والنية في العبادة ، وهذه قدر زائد على الإخلاص ، فإن الإخلاص هو إفراد المعبود عن غيره . [ ص: 130 ] ونية العبادة لها مرتبتان : إحداهما : تمييز العبادة عن العادة . والثانية : تمييز مراتب العبادات بعضها عن بعض . والأقسام الثلاثة واجبة . وكذلك الصدق ، والفرق بينه وبين الإخلاص أن للعبد مطلوبا وطلبا ، فالإخلاص توحيد مطلوبه ، والصدق توحيد طلبه . فالإخلاص : أن لا يكون المطلوب منقسما ، والصدق : أن لا يكون الطلب منقسما ، فالصدق بذل الجهد ، والإخلاص إفراد المطلوب . واتفقت الأمة على وجوب هذه الأعمال على القلب من حيث الجملة . وكذلك النصح في العبودية ، ومدار الدين عليه ، وهو بذل الجهد في إيقاع العبودية على الوجه المحبوب للرب المرضي له ، وأصل هذا واجب ، وكماله مرتبة المقربين . وكذلك كل واحد من هذه الواجبات القلبية له طرفان ، واجب مستحق ، وهو مرتبة أصحاب اليمين ، وكمال مستحب ، وهو مرتبة المقربين . وكذلك الصبر واجب باتفاق الأمة ، قال الإمام أحمد : ذكر الله الصبر في تسعين موضعا من القرآن ، أو بضعا وتسعين ، وله طرفان أيضا : واجب مستحق ، وكمال مستحب . وأما المختلف فيه فكالرضا ، فإن في وجوبه قولين للفقهاء والصوفية ، والقولان لأصحاب أحمد ، فمن أوجبه قال : السخط حرام ، ولا خلاص عنه إلا بالرضا ، وما لا خلاص عن الحرام إلا به فهو واجب . واحتجوا بأثر " من لم يصبر على بلائي ، ولم يرض بقضائي ، فليتخذ ربا سواي " . [ ص: 131 ] ومن قال : هو مستحب ، قال : لم يجئ الأمر به في القرآن ولا في السنة ، بخلاف الصبر ، فإن الله أمر به في مواضع كثيرة من كتابه ، وكذلك التوكل ، قال إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين وأمر بالإنابة ، فقال وأنيبوا إلى ربكم وأمر بالإخلاص كقوله وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين وكذلك الخوف كقوله فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين وقوله فلا تخشوهم واخشوني وقوله وإياي فارهبون وكذلك الصدق ، قال تعالى ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين وكذلك المحبة ، وهي أفرض الواجبات ، إذ هي قلب العبادة المأمور بها ، ومخها وروحها . وأما الرضا فإنما جاء في القرآن مدح أهله ، والثناء عليهم ، لا الأمر به . قالوا : وأما الأثر المذكور فإسرائيلي ، لا يحتج به . قالوا : وفي الحديث المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم إن استطعت أن تعمل الرضا مع اليقين فافعل ، فإن لم تستطع فإن في الصبر على ما تكره النفس خيرا كثيرا وهو في بعض السنن . قالوا : وأما قولكم " لا خلاص عن السخط إلا به " فليس بلازم ، فإن مراتب الناس في المقدور ثلاثة : الرضا ، وهو أعلاها ، والسخط ، وهو أسفلها ، والصبر عليه بدون الرضا به ، وهو أوسطها ، فالأولى للمقربين السابقين ، والثالثة للمقتصدين ، والثانية [ ص: 132 ] للظالمين ، وكثير من الناس يصبر على المقدور فلا يسخط ، وهو غير راض به ، فالرضا أمر آخر . وقد أشكل على بعض الناس اجتماع الرضا مع التألم ، وظن أنهما متباينان ، وليس كما ظنه ، فالمريض الشارب للدواء الكريه متألم به راض به ، والصائم في شهر رمضان في شدة الحر متألم بصومه راض به ، والبخيل متألم بإخراج زكاة ماله راض بها ، فالتألم كما لا ينافي الصبر لا ينافي الرضا به . وهذا الخلاف بينهم إنما هو في الرضا بقضائه الكوني ، وأما الرضا به ربا وإلها ، والرضا بأمره الديني فمتفق على فرضيته ، بل لا يصير العبد مسلما إلا بهذا الرضا أن يرضى بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا . ومن هذا أيضا اختلافهم في الخشوع في الصلاة ، وفيه قولان للفقهاء ، وهما في مذهب أحمد وغيره . وعلى القولين اختلافهم في وجوب الإعادة على من غلب عليه الوسواس في صلاته ، فأوجبها ابن حامد من أصحاب أحمد ، وأبو حامد الغزالي في إحيائه ، ولم يوجبها أكثر الفقهاء . واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من سها في صلاته بسجدتي السهو ولم يأمره بالإعادة مع قوله إن الشيطان يأتي أحدكم في صلاته ، فيقول : اذكر كذا ، اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى ولكن لا نزاع أن هذه الصلاة لا يثاب على شيء منها إلا بقدر حضور قلبه وخضوعه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم إن العبد لينصرف من الصلاة ولم يكتب له إلا نصفها ، ثلثها ، ربعها حتى بلغ عشرها وقال ابن عباس رضي الله عنهما : ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها ، فليست صحيحة باعتبار ترتب كمال مقصودها عليها ، وإن سميت صحيحة باعتبار أنا لا نأمره بالإعادة ولا ينبغي أن [ ص: 133 ] يعلق لفظ الصحة عليها ، فيقال صلاة صحيحة مع أنه لا يثاب عليها فاعلها . والقصد أن هذه الأعمال واجبها ومستحبها هي عبودية القلب ، فمن عطلها فقد عطل عبودية الملك ، وإن قام بعبودية رعيته من الجوارح . والمقصود أن يكون ملك الأعضاء وهو القلب قائما بعبوديته لله سبحانه ، هو ورعيته . وأما المحرمات التي عليه : فالكبر ، والرياء ، والعجب ، والحسد ، والغفلة ، والنفاق ، وهي نوعان : كفر ، ومعصية : فالكفر : كالشك ، والنفاق ، والشرك ، وتوابعها . والمعصية نوعان : كبائر ، وصغائر . فالكبائر : كالرياء ، والعجب ، والكبر ، والفخر ، والخيلاء ، والقنوط من رحمة الله ، واليأس من روح الله ، والأمن من مكر الله ، والفرح والسرور بأذى المسلمين ، والشماتة بمصيبتهم ، ومحبة أن تشيع الفاحشة فيهم ، وحسدهم على ما آتاهم الله من فضله ، وتمني زوال ذلك عنهم ، وتوابع هذه الأمور التي هي أشد تحريما من الزنا ، وشرب الخمر وغيرهما من الكبائر الظاهرة ، ولا صلاح للقلب ولا للجسد إلا باجتنابها ، والتوبة منها ، وإلا فهو قلب فاسد ، وإذا فسد القلب فسد البدن . وهذه الآفات إنما تنشأ من الجهل بعبودية القلب ، وترك القيام بها . فوظيفة " إياك نعبد " على القلب قبل الجوارح ، فإذا جهلها وترك القيام بها امتلأ بأضدادها ولا بد ، وبحسب قيامه بها يتخلص من أضدادها . وهذه الأمور ونحوها قد تكون صغائر في حقه ، وقد تكون كبائر ، بحسب قوتها وغلظها ، وخفتها ودقتها . ومن الصغائر أيضا : شهوة المحرمات وتمنيها ، وتفاوت درجات الشهوة في الكبر والصغر بحسب تفاوت درجات المشتهى ، فشهوة الكفر والشرك كفر ، وشهوة البدعة فسق ، وشهوة الكبائر معصية ، فإن تركها لله مع قدرته عليها أثيب ، وإن تركها عجزا بعد بذله مقدوره في تحصيلها استحق عقوبة الفاعل ، لتنزيله منزلته في أحكام الثواب [ ص: 134 ] والعقاب ، وإن لم ينزل منزلته في أحكام الشرع ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم " إذا تواجه المسلمان بسيفيهما ، فالقاتل والمقتول في النار ، قالوا : هذا القاتل يا رسول الله ، فما بال المقتول ؟ قال : إنه كان حريصا على قتل صاحبه " فنزله منزلة القاتل ، لحرصه على قتل صاحبه ، في الإثم دون الحكم ، وله نظائر كثيرة في الثواب والعقاب . وقد علم بهذا مستحب القلب ومباحه . |
06-04-2013, 11:55 AM | #3 |
|
رد: مراتب العبادة عند الصوفية
أن الأمثلة التى سنذكرها فيما يلى، مستقاةٌ من قواعد الإسلام الخمس (الشرعية) ولكنها تقبل الانطباق والتعميم على أى عبادةٍ كانت.. ومن ذلك، أن الصوفى مهما بلغ مقامه وعمقت فلسفته، يظل حريصاً على إقامة جدار الشريعة وفروضها، فلا يقول بسقوط الأحكام والتكاليف الشرعية وإلا أسقطه قوله من إطار التصوف. ولذلك يقول الصوفية: لا حقيقة بلا شريعة. ومن الإشارات التمهيدية، المهمة، أن الرؤية الصوفية لحقيقة العبادات لم تظهر فجأة عند صوفى بعينه، وإنما تطوَّرت هذه الرؤية، حتى بلغت صورتها الأخيرة عند الشيخ الأكبر محيى الدين بن عربى (المتوفى ٦٣٨ هجرية) ومعاصره الشاعر الصوفى الشهير عمر بن الفارض (المتوفى٦٣٢ هجرية) والمتصوف العارم، عبد الكريم الجيلى (المتوفى ٩٢٨ هجرية). ولذلك، تُروى أقوال وحكايات عن الصوفية المبكرين، تدل على إدراكهم لحقيقةٍ دقيقةٍ مفادها أن العبادة لا تتوقف على ظاهر الأداء، وإنما على عمق الأثر الذى تحدثه هذه الفريضة الدينية أو تلك. ومن هنا، يحكى أن شيخاً صوفياً اقتضى علاجه من عطبٍ بساقه (غرغرينا) أن تقطع هذه الساق المعطوبة، وكانوا يخشون عليه من صدمة الألم، فطلب من معالجيه قَطْع ساقه أثناء صلاته، لأنه يكون آنذاك فى استغراقٍ كاملٍ، وغيبةٍ تامة عن الحسِّ.. فنجح الأمر. والإشارة الأخيرة هنا، هى أن حقيقة (باطن) العبادة أو الفريضة، لا يمكن أن تنوب عن ظاهرها، بمعنى أن حقائق العبادات التى سنعرض لها فيما يلى، فى واقع كلام رجال التصوف، هى قيمةٌ مضافة للأصل، بحيث لا يمكن القول بأن المعنى الصوفى لهذه الشعيرة الشرعية أو تلك، بديلٌ عن المفهوم الفقهى لها، فالباطن (التصوف) والظاهر (الفقه) يتكاملان، ولا يمكن الاستغناء بأحدهما عن الآخر.. فتدبَّر! وكما هو معروف، فإن الصلاة فى الإسلام هى الركن الأول من أركان العبادة، وهى الفرض الذى إن أقامه العبد فقد أقام الدين. ويعرف العامة والخاصة أن الصلاة لابد أن يتقدمها تطهر بالوضوء، ثم تكون بعده الصلوات الخمس بنوافلها المستفادة من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام. وللصوفية – خاصةً ابن عربى والجيلى- رؤية خاصة للصلاة، عمادها الذوق وقوامها التحقيق. فالصوفى عندهما إن نوى أداء فرض الصلاة، فالنية هى الإقرار بوحدانية الواحد عزَّ وجلَّ. وإقامة الصلاة، إشارة ذوقية إلى «إقامة ناموس الواحدية» وإلى خضوع المخلوق لعزة الخالق.. يقول الجيلى، شعراً: أصَلِىِّ إذَا صَلَّى الأنَامُ وإنَّما / صَلاَتى بَأنِّى لاِعتِزازِك خَاضِعُ. فإذا شرع الصوفى فى التطهر بالوضوء، انتبه إلى أن الوضوء هو تطهير للقلب من النقائص الكونية والآفات الدنيوية. وكون التطهر بالماء، هو إشارةٌ إلى أن هذه النقائص لا تزول إلا بأن يحيا الإنسان حياة جديدة.. والماء هو (سر الحياة) الذى خلق الله منه كُلَّ شىءٍ حىٍّ! واستقبالُ القبلة، حين يصلِّى الصوفى، هو إشارة إلى توجيه همته إلى الحق تعالى، ونيَّة الصلاة، تشير إلى انعقاد قلب المصلِّى على هذه المهمة وهذا التوجُّه. ثم يقول المصلِّى (الله أكبر) فتكون تكبيرة الإحرام هذه، إشارة إلى أن الجناب الإلهى أكبر من كل ما سواه، بل هو لا يُقرن بغيره. ويكون هذا إيذاناً بموت الشرك الذى يخيل فيه للإنسان، أن خيره وشره فى قدرة أحد المخلوقات، فالصوفى المتذوق يدرك عند تكبيرة الإحرام أن الله واسع محيط، وأنه تعالى أكبر من كل خلقه.. وفى هذا قمة الاستغراق فى عظمة الخالق. ثم تأتى قراءة الفاتحة لتشير إلى الإنسان بأنه (فاتحة) الوجود كله، ومظهر لبداية تجلِّى العلم الإلهى، الذى علَّمه الله لآدم عليه السلام، ورفع به قَدْره فوق قَدْر الملائكة، ولهذا أمر الله تعالى ملائكته بالسجود لآدم، فسجدوا، لأنه كان فاتحة الأسرار الربانية المودعة فى النشأة الإنسانية. ثم يكون ركوع المصلِّى، إشارة إلى انقطاع نظره عن كل الموجودات الكونية، التى تكون آنذاك قد انعدمت تحت سلطان التجلِّى الإلهى فى الكون.. فالإنسان إذا ما انشغل بالله، واستغرق فى تأمل مظاهر جماله وجلاله وكماله، لا يقدر آنذاك على الالتفات لشىء من هذه الموجودات الكونية، إذ يكون انشغاله بربِّه قد ملك عليه قلبه، بحيث لا يُبقى مكاناً للأغيار. والقيام إشارة إلى وصول العبد إلى مقام (البقاء) وهو مقام صوفى رفيع، يبقى فيه العبد مع الله بكل شعوره ويرتفع عن المحسوسات بكل مشاعره، فيكون فى هذا الوقت بالله ولله ومع الله، ولهذا يقول فى قيامه «سمع الله لمن حمده» وكأنه يخبر عن حال الله بنفسه كما لو كان خليفته فى الأرض.. وبعدها يسجد العبد لخالقه، وما سجوده إلا إقراره بالفناء عن الدنيا، استعداداً للبقاء مع الله. ويختتم المصلِّى صلاته بالتحيّات، وهى عند المتذوق إشارة إلى الكمال الإلهى الذى أودعه الله فى نبيه عليه الصلاة والسلام، فهى ثناءٌ على النبى وثناءٌ على عباد الله الصالحين الذين لا تكتب لهم (الولاية) إلا باتباع النبى والتأدب بأدبه.. وهذا المعنى الذوقى للصلاة مضافٌ إلى شكلها الظاهر. فالأمر هنا أمر شعور وتذوق، وليس أمر تعديل وتشريع.. فمن أقام الصلاة على معناها الظاهر فهو مسلم، ومن أقامها بشكلها الظاهر متذوقاً لمعناها العميق، فهذا هو الصوفى المسلم. ثم يكشف التصوف عن حقائق (الزكاة) ولطائفها الروحية.. وفى ذلك، يُحكى فى كتب الصوفية أن رجلاً كان ينهى عن مجالسة الصوفى المسلم أبى بكر الشِّبلى (صديق الحلاج، المتوفى ٣٣٤ هجرية) أو الاستماع إلى كلامه. فقد كان هذا الرجل يظن فى «الشِّبلى» الجهل وقلة التبصر، رغم مقامه بين الصوفية.. جاء الرجل يوماً، وسأل الشبلى بقصد إحراجه قائلاً: كم يجب فى زكاة خمسٍ من الإبل؟ فقال الشبلى من فوره: شاة فى واجب الأمر، ويلزمنا نحن، كلها !. ويبدو أن هذا الرد الذوقى الذى قاله الشبلى، لم يعجب السائل، فاستنكر عليه قائلاً: ألك إمام أخذت منه هذا؟ قال الشبلى: نعم، أبو بكر الصديق رضى الله عنه، حيث خرج عن ماله كله، فقال له النبى: ما خلفت لعيالك؟ فقال: الله ورسوله. فإذا عرَّجنا نحو أذواق ابن عربى وعبد الكريم الجيلى فى الزكاة، وجدنا الجيلى يبدأ بيان الأمر بقوله إن الزكاة «هى التزكى بإيثار الحق على الخلق» فالجيلى يشعر أن القيام بفرض الزكاة، هو فى حقيقته (تزكى) يؤثر فيه الإنسان أمر الحق تعالى، على حُبِّ المال وغيره من الموجودات.. وهذا يوضح المعنى الذى طالما أشار إليه الصوفية، وهو حرص المتصوف على لفظ الدنيا من قلبه، حتى وإن كان بيده منها بعض حطامها فهو يخرجها من قلبه، ليحلَّ مكانها حُبٌ صادقٌ لله عزَّ وجلَّ، وفوق هذا المقام مقامٌ أعلى، تكون فيه الزكاة إشارة إلى التزكى بشهود الحق تعالى على الخلق، بمعنى أن يؤثر العبد شهود ربه على شهود سواه. وكون الزكاة واحداً فى كل أربعين مما يملكه الإنسان، فذلك حسبما يقول الجيلى، لأن الوجود له أربعون مرتبة؛ وهى المراتب التى ذكرها الجيلى فى كتابه (الكهف والرقيم) وفى كتابه (مراتب الوجود). والصوم فى الإسلام هو الامتناع عن الطعام والشراب والنكاح طيلة النهار فى شهر رمضان. وذلك ما يفعله المسلم عموماً، لكن المسلم الصوفى يتذوق معنى الصوم، فيرى فيه امتناعاً عن استعمال المقتضيات البشرية، للاتصاف بصفات الربوبية. فالحديث النبوى الذى يعتمد عليه الصوفية يقول: «إن لله مائة خُلُقٍ وسبعة عشر خُلقاً، من أتاه بخلق منها دخل الجنة».. والتخلُّق بأخلاق الله تعالى هو الاتصاف بذلك، بحيث يكفُّ العبد عن استعمال المقتضيات البشرية، فتظهر حين ذاك الصفات الإلهية، فيتبدل البخل الذى هو صفة بشرية، إلى الكرم الذى هو صفة إلهية. ويصير الطيش حلماً، والقسوة رحمةً، والأنانية عطاءً. وعلى هذا النحو، تذهب الأخلاق السيئة، وتأتى الأخلاق الكريمة. حسبما رُوى عن الصوفى المسلم، أبى القاسم الجُنيد (شيخ الطائفة) عندما سُئل عن المعرفة والعارف، قال: لون الماء، لون إنائه. ويقول عبد الكريم الجيلى إن الحكمة فى أن الصوم هو شهر واحد فى السنة، أن الإنسان مقدر عليه أن يعود لمقتضيات البشرية ما دام هو فى الحياة الدنيا، فهو لا يتخلص من هذه المقتضيات إلا بالموت؛ ولذلك فقد جعل الحق تعالى مدة الصوم شهراً حتى يكون ذلك إشارة إلى رجوع الإنسان إلى طبيعته البشرية التى هى مجال الجهاد.. جهاد النفس.. وهو الجهادُ الأجهدُ، الأكثرُ مشقة، الأطولُ مدة. بل هو ممتد بامتداد حياة الإنسان وللصوفية نظرة ذوقية عميقة لمناسك (الحج) الذى افترضه الله على من استطاع إليه سبيلا. وفى الحج يبدأ المسلم بالإحرام، فيرى الصوفى المسلم فيه إحراماً عن شهود المخلوقات، لتعلق قلبه بالخالق. ثم (ترك المخيط) إشارة إلى تجرده عن صفاته المذمومة بالصفات المحمودة، وذلك يعرف عند الصوفية «بالتخلية والتحلية» وهو تخلِّى النفس عن الصفات الرديئة حتى تكون فى حال الصفاء، فتقبل النفسُ آنذاك الصفات المحمودة وتتحلَّى بها. وفى رحلة الحج الذوقية يكون (ترك حَلْق الرأس) هو ترك التعلق بالرياسة الدنيوية وسُلطة المتسلِّط، ويكون (ترك تقليم الأظافر) هو الخضوع إلى الأصل، و(ترك النكاح) هو التعفف عن شهوات البدن، والتخفف من التصرف فى أمور الدنيا. فإذا طاف الحجيج بالبيت الحرام، فإن طوافهم يكون سبع مرات، وذلك عند الصوفى هو إشارة إلى الصفات السبع الإلهية (الحياة، العلم، القدرة، الإرادة، السمع، البصر، الكلام) ولما كانت هذه الصفات سبعاً، كان الطواف بالكعبة سبع مرات. والصلاة بعد الطواف إشارة إلى ظهور (أحدية) الخالق، وقيام ناموسها فى الوجود. وماءُ زمزم يشير إلى علوم الحقائق، التى تتجلَّى على قلب المؤمن الصادق فى مقام الولاية الروحية، فيصير قلبه شبيهاً بمرآة تنطبع على صفحاتها المعارف الإلهية، فى شكل إلهامات وفيوضات نورانية.. و«الصفا» إشارة إلى تصفية النفس فى صفاتها الخلقية التى تصل إلى الصفاء، و«المروة» إشارة إلى الارتواء من شراب معارف الأسماء والصفات الإلهية. |
مواقع النشر (المفضلة) |
كاتب الموضوع | حسن الخليفه احمد | مشاركات | 2 | المشاهدات | 13455 | | | | انشر الموضوع |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|