09-08-2012, 06:23 PM
|
#1
|
|
السودان على خط المواجهة مع إسرائيل.. «3-3»التحذير المبكر ... إذا ضاع السودان ضاع العر
محمد سعيد محمد الحسن
السودان على خط المواجهة مع إسرائيل.. «3-»التحذير المبكر ... إذا ضاع السودان ضاع العرب
السودان أصبح ابتداء من مطلع يناير 2012م دولة مواجهة مع إسرائيل بعد زيارة رئيس دولة الجنوب الفريق سلفا كير لتل أبيب حيث عبر لقيادات الدولة العبرية عن فائق الامتنان والعرفان للدعم والمساعدات التي حققت أحلام الحركة الشعبية التي قادت الحرب في الجنوب إلى قيام الدولة الجديدة حيث أصبحت في الواقع قاعدة جوية وعسكرية واستخباراتية لإسرائيل ومشاريعها التوسعية ليس من النيل إلى الفرات، فقد أقامت إسرائيل مراصد متقدمة على الحدود بين الجنوب والشمال، وأطلقت طائرة بدون طيار لتجوب الفضاء آناء الليل و أطراف النهار لالتقاط الصور ولجمع المعلومات عن كل ما يجري في الأرض وليس هنالك غير تفسير واحد وهو ما نصت عليه الإستراتيجية الأمنية التي اعتبرت أن أي استقرار أو تقدم أو تطور في السودان يشكل تهديداً مباشراً للأمن الاستراتيجي الإسرائيلي، وبالتالي فإن إسرائيل منذ استقلال السودان 1956م ثم بعد اتفاقية مياه النيل مع مصر 1958م ثم زيارة الرئيس جمال عبد الناصر 1959م ثم بعد قمة الملوك والرؤساء العرب في أغسطس 1967م في الخرطوم وإصدار القرارات القوية النافذة برفض العدوان الإسرائيلي على الدول العربية مصر وسوريا والأردن وفلسطين وإعلان اللاءات الثلاث لا اعتراف و لا تفاوض ولا تعاون مع إسرائيل وتوفير الدعم المالي العربي لمصر وللأردن للصمود والتصدي للعدوان الإسرائيلي وهو ما تحقق في حرب أكتوبر 1973م ونسف أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يهزم.. وأكد وزير الأمن الإسرائيلي في الإستراتيجية الأمنية أن تل أبيب نفذت منذ تلك الفترة المبكرة مخططها في زعزعة الاستقرار في السودان بدءا بالحرب في الجنوب ثم في دارفور وتحريك الاضطرابات وإشعالها في جبال النوبة والنيل الأزرق وأبيي، إن صناعة الأزمات وتفاقمها ودفعها في كافة الاتجاهات يضعف السودان ويقسمه إلى دويلات وهو الهدف المطلوب الذي يؤمن السلامة لإسرائيل لتكون الدولة الأقوى والمستقرة في المنطقة كلها، هذه الحقائق والخطط وبوجه خاص إستراتيجية الأمن الإسرائيلي« يفترض أنها أمام صناع القرار والخبراء والعسكريين والمفكرين والسياسيين في العالم العربي وبالتالي يفترض أيضاً أن تكون هنالك إرادة ورؤية وموقف عربي موحد تجاه هذه التطورات الخطيرة، والتي تهدد أمن وسلام واستقرار العرب جميعهم، ولا بد أن نأخذ بالتحذير المبكر الذي أطلقه الأستاذ أحمد بهاء الدين، وان نتذكر علاقته الاستثنائية بالسودان فهو من القلائل الذين عرفوا السودان وتاريخه وخصاله وأرثه وشعبه وظل متابعاً لكل حدث وتطور وتحول وانقلاب وثورة في ساحته واتخذ رؤيته ومواقفه الإيجابية إلى جانبه وبموضوعية وعقلانية بحتة وبفكر متقد وناضج وظل دائماً على قناعة بوعي السودانيين المتقدم في المنطقة، ولعلنا نذكر مقالاته السياسية القوية ضد النظام المايوي في سنواته الأخيرة بوجه خاص واعتبر وجوده واستمراره لا يطابق المنطق ولا ينسجم مع مزاج و وعي السودانيين وحسهم الوطني والسياسي وكانت مقالاته آنذاك تتداول كمنشورات لان المجلات والصحف التي كانت تنشر له إما تصادر أو تمنع من الدخول وعندما أزاحت الانتفاضة الشعبية في ابريل 1985م النظام المايوي وبصورتها المتحضرة والمتقدمة وبترتيب وإعداد للميثاق الوطني وللفترة الانتقالية وللانتخابات العامة اعتبرها تأكيداً جديداً على عبقريتهم ورفضهم القاطع للعنف والشطط وللتجاوز والتسلط في الحكم والسلطة، واشهد له انه بسبب احترامه وانحيازه للسودانيين فإنه عندما جاء للخرطوم مطلع السبعينيات اكتفى بإرسال برقية لي لترتيب إقامته بالفندق الكبير ونفذت رغبته وعرفت الحكومة من خلال وزير الإعلام والثقافة السيد عمر حاج موسى بوصوله للخرطوم وكان بهاء الدين آنذاك رئيساً لمجلس إدارة دار الهلال ورئيس تحرير مجلة »المصور«، فاتصل بي الوزير ليستوثق من وصوله أولاً وعندما تأكد طلب مني إبلاغ الأستاذ بهاء الدين بأنه في ضيافة الحكومة بالفندق الكبير طوال إقامته ووضع سيارة مع مرافق أثناء وجوده في الخرطوم، وعندما أخطرته فاجأني بقوله: »ولكني لم احضر إلى هنا بدعوة، لقد جئت من تلقاء نفسي للتعرف على الخرطوم وأهلها والتقي بمن أشاء وأتحدث لمن أشاء، كما أنني لا احتاج لسيارة فأنت كصديق بجانبي ومعي أرجوك انقل إليه شكري وان من عاداتي الشخصية والمهنية دفع قيمة الإقامة فور وصولي للفندق، وأبلغت الوزير، فطلب مني مرة أخرى أن أنقل إليه أنه سيقيم على شرفه حفل استقبال في بيت الضيافة بمناسبة زيارته للسودان وفوجئت أيضاً باعتذاره وانه يفضل من يريد ويرغب في زيارته أن يأتيه بمنزلي بالمقرن وقد كان، و كان معه آنذاك في الحوارات الأساتذة جمال محمد أحمد وموسى المبارك وأحمد عبد الحليم وفتح الرحمن البشير والوزير عمر حاج موسى والفاتح التيجاني وكان يستمع إليهم باهتمام، وعندما يأتي دوره للحديث يقول »انه لا يفهم كيف يأتي نظام جديد ويبدأ عمله السياسي بتكرار أخطاء مصر أي إنشاء الاتحاد الاشتراكي السوداني وان الرئيس جمال عبد الناصر نفسه اعترف بفشل التنظيم فكيف يتكرر الخطأ وبشكل أفدح، ثم إن السودانيين كما عرفهم يمارسون الحديث والحريات على طريقتهم أي في التعددية والديمقراطية.. ثم طلب وزير الإعلام السيد عمر الحاج موسى إبلاغه بترتيب لقاء مع رئيس مجلس قيادة مايو اللواء جعفر محمد نميري وعندما نقلت إليه، أصيب بقلق بالغ وقال: »أنت تعرف عدم ميلي أو رغبتي للقاء أي حاكم أو إجراء حوار معه، وقلت له للتخفيف سأكون معك واعد الأسئلة وأسجله، فرد بهدوئه الشديد بكلمة واحدة »المبدأ« وأضاف: حتى لا أعرضك لإحراج وحتى أتفادى الموعد واللقاء، أرجوك اتصل بأية شركة طيران متجهة للقاهرة، وبعد زمن وجيز رتبت الأمر وودعته في المطار وغادر الخرطوم، وأبلغت الوزير عمر الحاج موسى أن القاهرة استدعت الأستاذ بهاء الدين لأمر عاجل وقد غادر مباشرة .. إلى هذا المدى كان الأستاذ بهاء الدين حساساً في التعامل مع الانقلابات العسكرية، وعندما وقع انقلاب 30 يونيو 1989م كنا معا في لندن، وسألني إن كنت اعرف رئيس الانقلاب العميد عمر البشير، وقلت لا اعرفه شخصياً ولكني أعرف أنه ينتمي إلى مدينتي شندي، وكتب الأستاذ بهاء الدين في اليوم التالي للانقلاب أول يوليو 1989م في جريدة »الشرق الأوسط« وفي الصفحة الأولى »إن انقلاب 30 يونيو 1989م وقع في ظروف غير عادية وبالغة التعقيد، والسودان يقف على حافة هاوية سحيقة طالما حذرنا منها ونبهنا إليها وطالبنا بإرادة سودانية موحدة ولو حول الأساسيات قبل أن يستطيع مواجهة قضايا الجنوب والشمال والشرق والغرب.. الخ) . وتساءل آنذاك الأستاذ بهاء الدين : »هل نقترح جهداً عربياً مشتركاً منذ الآن لإنقاذ السودان قبل أن نفعل ذلك بعد خمسة عشر عاماً، كما حدث للبنان، إن ما يهدد السودان ليس أقل مما رأينا في لبنان.. وعندما تواترت التقارير آنذاك أيضاً باشتداد الحرب في الجنوب وتعدد الأجندة الخارجية بوجه خاص إسرائيل وراء حرب الجنوب والتي تستهدف في الأصل السودان كله، كتب آخر مقالاته قبل دخوله في غيبوبة وانتقاله إلى رحاب ربه، منبهاً ومحذرا العرب بشدة إلى ضرورة الالتفات للسودان وإلى الوقوف بجانبه على كافة المستويات وفي كافة المجالات لتحقيق السلام والاستقرار والحفاظ على وحدته مع إطلاق تحذيره الأخير »إذا ضاع السودان ضاع العرب« فهل ينتبه العرب؟ أين العالم العربي عام 2012م، والسودان وقد أصبح في خط المواجهة مع إسرائيل بعد أن أصبح الجنوب هو عمقها الأمني الاستراتيجي وقواعدها وأقمارها ، وخبراؤها على الحدود السودانية الجنوبية ؟.
|
|
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل
دخولك قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا |
|