|
|
|
|
تجلي الذات للذات المكبر** على ذات الكبير الله أكبر
بشير الهاتف الناموس أخبر** بان القلب بعد الكسر يجبر
ليعقوب الأسى أهدى قميصا ** فلما مسه في الحال أبصر
وموسى آنس النار التي في جناب القدس تخفى ثم تظهر
فلما جاءها نودي كفاحا لكشف الساق عن أستار مضمر
وعيسى حان أن يأتي مبينا لمن في الصف عن مجلاه بشر
خليل الله ناجى طير قدس أتى سعيا فأحيى من تقبر
ختام المرسلين أفاد روحي بأسرار خفاها ثم عبر
وبليا شيخ أستاذي هدى لي عنايات يعيها من تدبر
دعتني ورادات الغيب أوضح لما أجملت بالمعنى المفسر
فقلت الأمر مفهوم فمن لي بتصديق إذا صرحت مصدر
فقالت قل لترقى فوق سطح وإن كانت أمور الغيب تستر
بنفسي يا وجودي في شهودي متى يا بحر غيب تلقى جوهر
متى تحيي ذوات غبت عنها متى تأتي كما الذهب المجمر
متى يهنا الشراب لقاصديه برؤية ذلك الوجه المخدر
بأي الحجب شمسك قد توارت فصفو العيش بعدك قد تكدر
وجسمي نار هجر قد شوته وعيني دمعها منها تحدر
وكبدي فتتها حال بعد وما قد لذ من حلو تمرر
فما اشهى حديثك يا حبيبي أحلاه من اللبن المسكر
حبيب القلب واشوقي لرؤيا محياك الذي عنا تستر
حبيبي إن قلب قد تلظى وفي وسط الحشا النيران تسعر
لقد أوعدتني يا سعد فتحا قريبا ثم غيب إلى ما أذكر
حبيبي أين أنت اليوم باق فما نفسي تحدثني بمحضر
تبشرني وتخفى عن عيوني أصدق أم أكذب أم أحير
أأقنع أم أرجي وصل ليلى فقلبي يا حبيبي ما تغير
تغيبني وتفعل مثل هذا أما والله إذ ما جئت تنشر
فلو كشف الغطا ما ازددت فيكم يقينا أنت يا ذاتي مخير
كمثلك ليس شيء فانكشف لي لتكوي كل قلب فيك أنكر
وكل مسور إن مات يحيى بأرض غير ما فيها تغبر
فإن نلت المزية فاتضح لي بألسن جبهة الملك المظفر
يمين المصطفى مدت جهارا للثم من رفاعي مطهر
وأنت يمينه الأعلى المرجى لكشف الحجب طرا أنت أفخر
فقم حيا وأرفل في برود طليق الوجه بالتاج المجوهر
وبعثر ذات نفسك ثم بعثر ولباً فالذي ترضى يبعثر
إذا لم تحي ذاتك كيف تحيي ذوات الرجس عنا كيف تظهر
فهذا الكون أجمعه يرجي حجاب الظلم والظلمات تنحر
فمن عثمان أنت نظمت عقدا إلى الجد الحسين مجوهر قر
أجلاء البرية في ارتقاء بطونات بك البسطام أخبر
مقاليد الامور إليك ردت لتفعل ما تشاء فأنت حزمر
فغن شئت الحياة حييت جهرا وإن شئت الخفا فالامر مضمر
وإن قد مت أو قد عشت ألقى إليك الأمر فاختر أين تظهر
فإن شئت المدينة عند طه أو البيت الحرام أو المطهر
او الجبل الذي فيه رؤوس إلى الوزراء تشير لمن تبصر
وجسمك قد تنفس روح قدس ونور الذات من مدد تفجر
فيا من عن مقامات تعالى فحاشا إن فضلك ليس يحصر
كمالات الولاية في احتجاب حظيت بها وقدرك كان أفخر
سرير الملك كنت جلست دهرا عليه اليوم أنت بعرش أبهر
قناديل لعرش الله ضاءت وسلطان بدا في الغيب أنور
من الأستاذ عندي أنت أعلى من ابن ادريس أحمد أنت أكبر
وأهل السطح والباب المعلى هم الخدام طرا أنت حزمر
وإن جلسوا بفرش أو كراسي فأنت على سريرهم المخضر
من البحر المحيط يداك اسخى ومن مزن مدا الأيام أمطر |
|
|
|
|
تجلي الذات للذات المكبر على ذات الكبير الله أكبر
( تجلي الذات ) تجلي معناها ظهور. المولى عز وجل تجلي للجبل فجعله دكا وخر موسى صعقا. وظهور الحق للأشياء كالجبل والإنسان والجمادات بمقدار الشيء وليس بمقدار الحق عز وجل, فتجلي الذات للذات يكون ظهور الحق لنفسه وهو أعلى أنواع الظهور وهذا ولله المثل الأعلى يكون كمعرفة الإنسان بنفسه, بعكس معرفة الغير فهي بمقدار هذا الغير, ولكن فربما يكون هناك من الخفايا والمعارف والأسرار ما لا يعرفه الإنسان عن نفسه أما ظهور الحق لنفسه بمعنى تجليه لنفسه فهذا أعلى أنواع الظهور لانتفاء الخفايا.
( للذات المكبر ) هي ذات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذا يعنى تجلي الله لذات رسول الله, وهذا التجلي يكون بمقدار النبي لأن الحق جل شأنه لا يحاط به, فما تقبله الذات المحمدية من أنواع التجليات هو المظهر الثاني من بعد تجلي الحق لنفسه, لأن ذاته عليه الصلاة والسلام أعلى الذوات وتتقبل أكبر أنواع التجليات التي يمكن أن يتقبلها المخلوق, فلله تجليات مخصوصة بذاته العلية وهذه لا يتحملها الخلق, لأنه سبحانه وتعالى لو كشف سبحات وجهه لأحرق ما انتهى إليه بصره, لكن لابد من المظهر الذي يتجلى فيه بمقداره وهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
( على ذات الكبير الله أكبر )
بشير الهاتف الناموس أخبر
بان القلب بعد الكسر يجبر
( بشير الهاتف الناموس أخبر ) هذه بشارة للناظم والناموس هو الوحي وليس المراد منه جبريل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام, لأن الإلهام نوع من أنواع الوحي . فليس معنا أن جبريل جاءها وأخبرها بأن تلقيه في اليم. وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (الآية)
(بان القلب بعد الكسر يجبر ) لأنه بعد وفاة شيخه ........
ليعقوب الأسى أهدى قميصا
فلما مسه في الحال أبصر
(ليعقوب الأسى أهدى قميصا ) سيدنا يعقوب هو النبي وأساه هو حزنه على فقد ولده يوسف ( وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ )
والقميص هو قميص سيدنا يوسف الذي وردت قصته في القرآن الكريم: (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94)
فالوالد أبيضت عيناه لكثرة بكائه عند فقد ولده والعمى ليس من الأمراض المنفرة فهو يجوز في حق الأنبياء كالأمراض التي لا تخل بمقام الرسالة, وما يروى عن سيدنا أيوب فقد قال فيه سيدي عبد العزيز الدباغ أنه ما أصيب إلا بالحمى ووجع الرأس. فلما أرسل سيدنا يوسف قميصه, فما أن فصلت العير حتى قال سيدنا يعقوب إني لأجد ريح يوسف, فالحكمة في أن ولده بذاته كان قريبا منه عندما ألقوه في غيابت الجب ومع ذلك ما اهتدى لشيء, ولما حصل الإذن بالمعرفة اهتدى لرائحة القميص بالرغم من بعد المسافة, فهذا قميص يوسف وليست ذاته ومع ذلك فقد شم رائحته من على البعد وعندما ألقي عليه القميص ارتد بصيرا.
وموسى آنس النار التي في
جناب القدس تخفى ثم تظهر
فلما جاءها نودي كفاحا
لكشف الساق عن أستار مضمر
سيدنا موسى لما أراد الله أن يمن عليه بكلامه جعل حاجته في النار بسبب البرد فلما رأى النار في الوادي المقدس تلوح أتاها ليحمل منها جذوة ليتدفأ بها وأهله, فناده الحق تعالى وكلمه تكليما.
وعيسى حان أن يأتي مبينا
لمن في الصف عن مجلاه بشر
المقصود بشارة النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوشِكُ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا يَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ.
( مبينا لمن في الصف عن مجلاه بشر) مظهرا لشرع من بشر به في سورة الصف كما في الآية:
( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ.
خليل الله ناجى طير قدس
أتى سعيا فأحيى من تقبر
( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260 البقرة)
ختام المرسلين أفاد روحي
بأسرار خفاها ثم عبر
يعني أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد خصاه بأسرار خفاها عن غيره وأظهرها له, كما في حديث سيدنا أبي هريرة في صحيح البخاري قَالَ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ.
وخفى الذي بالكتم أومر
وبليا شيخ أستاذي هدى لي
عنايات يعيها من تدبر
بليا هو سيدنا الخضر عليه السلام وهو شيخ أستاذه السيد الحسن فهو يخبر أنه أهداه عنايات يفهمها من تدبر, وهو يعني قصه سيدنا الخضر مع سيدنا موسى حين طلب منه أن يصحبه ليعلمه فأنكر عليه بعض المسائل لأن الظاهر شيء والباطن شيء.
قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا
دعتني ورادات الغيب أوضح
لما أجملت بالمعنى المفسر
دعتني الالهامات الغيبية إلى ان أفصل ما أجملت في بداية قولي.
فقلت الأمر مفهوم فمن لي
بتصديق إذا صرفت مصدر
فقلت لها أن الأمر عندي مفهوم ولكن هل أجد مصدقا إذا فصلت ما أجملت.
( صرفت مصدر) المصدر هو الأصل والتصريف هو الفرع في مقام الشرح ومثال ذلك المصدر أكل والتصريف منه أكل, يأكل, كل, مأكول فتبين ما كان مخفي من العلل في الكلام.
فقالت قل لترقى فوق سطح
وإن كانت أمور الغيب تستر
فقالت لك الأذن في الحديث عما في ضميرك حتى تترقى إلى مقام السطح الذي بشرك به أستاذك, والسطح هو مقام من مراتب الولاية لم يذكره إلا الإمام الختم الذي مدحه الخليفة قائلا:
ومن قبله ما فاه بالسطح عارف ولا بالبساط الأحمدي والنوادر
بنفسي يا وجودي في شهودي
متى يا بحر غيب تلقى جوهر
بنفسي أجود في سبيل مشاهدتك, فالجواهر كامنة في البحار لا يخرجها إلا من يغوص فيها مخاطرا بنفسه, فمتى تخرج لي جواهرك وأنت بحر ممتلئ بالجواهر.
متى تحيي ذوات غبت عنها
متى تأتي كما الذهب المجمر
غيابك عن ذواتنا موت لها فمتى تظهر لتحيى بك.
(الذهب المجمر ) هو الذهب المصفى بالنار فالموت عندك في مقام التجمير للذهب.
متى يهنا الشراب لقاصديه
برؤية ذلك الوجه المخدر
بأي الحجب شمسك قد توارت
فصفو العيش بعدك قد تكدر
بأي حجاب غبت؟ فالحجب إما تجليات جمالية وهي التي تظهر البسط - على صاحبها من العباد - أو جلالية قهرية وهي التي تظهر القبض, فهي حق المولى جل وعلا مطلقة وفي حق العباد مقيدة بقوانين وبحسب الاستطاعة يكون قبول التجلي, فتجلي الحق - ولله المثل الأعلى - مثل الشمس من طلوعها إلى وسط النهار وإلى غيابها يختلف ظهورها للرائي فهذه مراتب لها وهي واحدة.
وليست ثمة مفاضلة بين التجلي الجمالي والجلالي, فأكمل العارفين تحتوي قلوبهم على الجلال والجمال, فالنبي صلى الله عليه وسلم كما وصفه أصحابه من رآه بديهة هابه ومن خالطه أحبه, ولما أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَكَلَّمَهُ فَجَعَلَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ فَقَالَ لَهُ هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ.
فالخليفة يسأل في أي من هذه التجليات غبت عني فصفو عيشي قد تكدر بعدك.
وجسمي نار هجر قد شوته
وعيني دمعها منها تحدر
وكبدي فتتها حال بعد
وما قد لذ من حلو تمرر
فما اشهى حديثك يا حبيبي
وأحلاه من اللبن المسكر
حبيب القلب واشوقي لرؤيا
محياك الذي عنا تستر
حبيبي إن قلب قد تلظى
وفي وسط الحشا النيران تسعر
وهنا يصف الخليفة ما به ويشكو حاله بعد فراق شيخه.
لقد أوعدتني يا سعد فتحا
قريبا ثم غبت إلى ما أذكر
يقول مخاطبا السيد الحسن لقد أوعدتني يا سعد فتحا قريبا في مقام السطح الذي قدمنا تعريفه وأن أنال مقام عال, ثم حصلت وفاتك فهل ستنجز ما وعدتني؟ فهو سأل ليطمئن قلبه كما في حق سيدنا إبراهيم لما قال له المولى أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي.
حبيبي أين أنت اليوم باق
فما نفسي تحدثني بمحضر
في أي مقام حللت بعد انتقالك عنا وأسأل عن المقام لأن الموت في حق كمل العارفين لا يمنع من الترقي, كما قال سيدي جعفر الميرغني:
ما زلت ترقى إلى أوج العلا أبدا وخصك الله في الدارين بالمنن
فالدارين هما الدنيا والآخرة, فهذا مما يدل على أن الترقي لا ينقطع بالموت في حق أهله.
(فما نفسي تحدثني بمحضر)
تبشرني وتخفى عن عيوني
أصدق أم أكذب أم أحير
لقد بشرتني بالترقي إلى مرتبة من المراتب ولم يحصل هذا بعد وقد انتقلت عنا, فهل أصدق بحصول البشارة أم أكذب أم أظل متحيرا بينهما.
(هل يريد تعجيل البشارة أم أنه كان يظن حصول البشارة قبل موت السيد وأنها لا تحصل بعده؟)
أأقنع أم أرجي وصل ليلى
فقلبي يا حبيبي ما تغير
فهل انتفت البشارة أم انتظر تحقيقها؟ وما قلت هذا لتغير في اعتقادي.
تغيبني وتفعل مثل هذا
أما والله إذ ما جئت تنشر
لما حانت وفاة السيد الحسن أرسل الخليفة إلى ديار الشايقة وذلك لأنه كان قد أخبره أن كل ولي كامل سيعود للحياة إذا لم يعلم به أحد لثلاثة أيام, فكان حريصا أن لا يبعد عن السيد حتى إذا ألم بالسيد أي مرض أدخله خلوة وعزل عنه الناس, فالمرض بريد الموت. فلما بعد الخليفة قال السيد لتلاميذه إن هناك بلاء سينزل, فأيهما خير أن يعم الناس جميعا أو يفديهم شخص واحد؟؟ فأفادوه بأن فداء الواحد خير, ووجود الخليفة المبعد كان سيغير هذه الإجابة لذلك قال له أتغيبني وتنتقل؟؟ ومثل هذا عندما نزلت الآية (اليوم أكملت دينكم ... ) فرح المسلمون وبكى سيدنا أبو بكر ولما سئل قال: إما هو أجل رسول الله فما بعد التمام إلا النقصان.
( أما والله إذ ما جئت تنشر)
فلو كشف الغطا ما ازددت فيكم
يقينا أنت يا ذاتي مخير
انكشاف الغطا هو الظهور, فلو ظهرت لي في أعلى المقامات ما زاد يقيني فيكم, فأنت في مقام تختار فيه الظهور من عدمه.
كمثلك ليس شيء فانكشف لي
لتكوي كل قلب فيك أنكر
وأطلب يا سيدي ظهورك لتظهر للجميع حتى تكوي قلب من أنكر في إمكان ذلك منك.
وكل مسور إن مات يحيى
بأرض غير ما فيها تغبر
فإن نلت المزية فاتضح لي
لألثم جبهة الملك المظفر
فإن نلت الولاية الكاملة فاظهر لي حتى أقبل جبهتك.
يمين المصطفى مدت جهارا
للثم من رفاعي مطهر
وما طلبت ليس بمستغرب, كيف لا وقد وقع لسيدي أحمد الرفاعي لما وقف تجاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال:
في حالة البعد روحي كنت أورسلها تقبل الارض عني وهي نائبتي
وهاهي دولة الأشباح قد حضرت فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي
فمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يده الشريفة فقبلها عيانا, وقد ذكر هذه الكرامة الشيخ جلال الدين السيوطي في الحاوي للفتاوي.
وأنت يمينه الأعلى المرجى
لكشف الحجب طرا أنت أفخر
فإذا أظهرت هذه الكرامة المذكورة منزلة السيد الرفاعي بين الأولياء, فأنت يا سيدي الحسن بمنزلة اليمنى التي امتدت ليقبلها الرفاعي لذلك فكل حجاب أنت جدير بكشفه.
فقم حيا وأرفل في برود
طليق الوجه بالتاج المجوهر
فقم يا سيدي حياً - كما وعدتني بحياة الولي - وتبختر متعززا بالله لا متكبراً بَطِراً في برودٍ, وهي أكسيةٌ واحدتها بُرْدةٌ, وهي كساء له أهداب يُلْتَحَف به, باش الوجه متوجاً بتاج جوهر الكرامة.
وبعثر ذات نفسك ثم بعثر
ولباً فالذي ترضى يبعثر
إذا لم تحي ذاتك كيف تحيي
ذوات الرجس عنا كيف تظهر
فإذا لم تستطع أن تُحيي نفسك وتظهرها فكيف تُحيي غيرك؟؟
فهذا الكون أجمعه يرجي
حجاب الظلم والظلمات تنحر
فهذا الكون وأعني ساكنيه أجمعهم في حوجة إلى الولي الذي يكشف عنه هذه الظلمات.
فمن عُثمانَ أنت نُظِمْتَ عِقْداً
إلى الجدِّ الحُسين مُجوهراً قر
فمن السيِّد مُحمَّد عثمان الميرغني الختم والدك نظمت في عقد النسب الشريف إلى الإمام الحُسين.
أجِلَّاءُ البريَّةِ في ارتقاءٍ
بُطُوناتٍ بك البسطامي أخبر
هذه إشارة إلى أبي يزيد البسطامي الذي تكلم في كتابه المسمى بالجفر عن الأولياء الذين يأتون من بعده وكان من ضمنهم الأستاذ السيد الحسن الميرغني.
مقاليد الأمور إليك رُدَّتْ
لتفعل ما تشاءُ فأنت حَزْمَرْ
فأنت قد خُيِّرت بين الظهور والبطون أي الموت والحياة
تاج العروس - (ج 1 / ص 2686)
حَزْمَرَ العِدْلَ وحَزْفَرَه إِذا مَلأَهُ وكذلك العيْبَةَ والقِرْبَةَ إِذا مَلأَهما
تاج العروس - (ج 1 / ص 2686)
حزمر
الحَزْمَرُ كجعْفَرٍ أهْمَلَه الجَوْهريّ وفي التَّكْمِلَة هو المَلِكُ في بعض اللُّغَات.
فإن شئت الحياة حييت جهرا
وإن شئت الخفا فالأمر مضمر
فإن شئت الحياة حييتَ وإن شئت الممات مِتَّ.
وإن قد مِتَّ أو قد عشتَ أُلقى
إليك الأمرَ فاخْتَر أينَ تظهَرْ
فإن حييت أو مت فقد أُلقِي أمرك إليك فاختر مكان ظهورك.
فإن شئت المدينة عند طه
أو البيت الحرام أو المطهر
فإن شئت فاظهر بالمدينة أو بالبيت الحرام بمكة المشرفة أو ببيت المقدس.
أو الجبل الذي فيه رؤوس
إلى الوزراء تشير لمن تبصر
أو إن شئت فاظهر عند جبل التاكا ذي الرؤوس السبعة التي تشير لذي البصيرة بأنها كوزراء المهدي, وقد تكلم عنهم سيدي ابن عربي في كتابه عنقاء مغرب, فهم سبعة ورؤوس الجبل سبعة, والسبعة مفهوم فوقنا سبع وتحتنا سبع والأيام سبعة.
وجسمك قد تنفس روح قدس
ونور الذات من مدد تفجر
فيا من عن مقامات تعالى
فحاشا إن فضلك ليس يحصر
كمالات الولاية في احتجاب
حظيت بها وقدرك كان أفخر
سرير المُلكِ كنتَ جلست دهراً
عليه اليوم أنتَ بعرشٍ أبهر
كنت في الدنيا كالملك في تنفيذ الأوامر الإلهية في الرعية, أما المقام الذي حللت في الآن فهو أعلى من سابقه.
قناديلٌ لعرشِ الله ضاءت
وسلطان بدا في الغيب أنور
شهداء المعترك أَرْوَاحَهُمْ فِي طَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ, وشهداء الولاية مقامهم أكبر.
من الأستاذ عندي أنت أعلى
من ابن إدريس أحمد أنت أكبر
مقامك عندي يا سيدي أعلى من مقام الأستاذ السيد محمّد عثمان الختم ولدك وأعلى من مقام شيخه سيدي أحمد بن إدريس. وكذا ينبغي أن يكون اعتقاد المريد في شيخه, حتى ولو كان مقامه في الحقيقة أدنى حتى يحصل النفع, والخليفة هنا قال عندي فالناس لهم أن يروا غير الذي رأيت.
قيل إن السيد الحسن كان مؤهلاً لإقامة طريقة مستقلة ولكنه لم يفعل حتى لا تكون ثمّة منافسة لأبيه, والإمام الختم يعلم أهليته لذلك ترك أمر تنظيم أوراد طريقته الختمية وترتيبها بدءاً من الأساس بصوره المختلفة إلى الراتب والتوسلات, بل أضاف إليها دعوات وصلوات على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم, لكن الناظر إليها لا يكاد يجد فيها اختلافاً.
حذف الخلاف بينه والشيخ إسماعيل الولي.
وأهل السطح والباب المعلى
هم الخدام طرا أنت حزمر
أهل أعلى مقامات الولاية أنت سيدهم وهم لك الخدام.
وإن جلسوا بفرش أو كراسي
فأنت على سريرهم المخضّر
وإن أجلسهم مولاهم بفرش أو كراسي فأن قد أجلسك على سرير لعلو مقامك عليهم.
من البحرِ المُحيطِ يَداكَ أسْخَى
ومن مُزنٍ مدى الأيَّامِ أمطر
هذا وصف لجود السيد الحسن.
من البرق المرفرف أنت أضوى
ومن شمس الظهيرة أنت أظهر
من
فعندك كل مرتبة تلاشت
وكل مقام عزٍ صار أصغر
علوتَ عن المكان وعن زمانٍ
وجاوزت البطون وكل مظهر
وكل حظيرة وهبت علاها
إليك وأجلستك بكل منبر
وكل حقيقةٍ خلعت ضياها
عليك ممّلكاً في الكون أقدر
على الفلك الكبير رقيت حتى
عن الأوصاف جزت إلى المكبر
من الآزال والآباد أيضاً
خرجت إلى الهوية يا معمَّر
بل الذات العلية في علاها
قد اختارك إنساناً لمظهر
وثوباً للحقيقة بل وقلباً
وكلّاً فالإحاطة منك تنشر