القبول يا رب - شباب الطريقة الختمية بدائرة ود ابراهيم بأم بدة
مجموعة مدائح ختمية.. شباب الطريقة الختمية بمسجد السيد علي الميرغني ببحري
|
المنتدى العام لقاء الأحبة في الله لمناقشة جميع المواضيع |
إهداءات ^^^ ترحيب ^^^ تهاني ^^^ تعازي ^^^ تعليقات ^^^ إعلانات | |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
01-11-2015, 01:23 PM | #1 | |
|
(...رسائل دعوية...)
أخي الحبيب.. قال الله جل ذكره: ( وَقُرْآنَ الفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً ) [الإسراء: 78]. فقراءتك القرآن الكريم في فجر يومك، وجعله فاتحة نهارك، خير استفتاح، كيف لايكون كذلك وقد شهد لك بقراءة قرآنه خير شهود، وهم ملائكة الرحمن، وإن كان المقصود بالآية عند جمهور المفسرين : صلاة الفجر ؛ لأن القراءة فيها تكون طويلة. إلا أن المعنى أعم يشمل كل قراءة الفجر، لذا قال بعض العلماء: "وفي هذا فائدة عظيمة تدل على أن الصلاة لا تكون إلاَّ بِقِرَاءة ، حين سُمِّيَت الصلاة قرآناً". وكونها مشهودة ؛ لأن الملائكة تحضرها . كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتُوا فيكم فيسألهم - وهو أعلم بهم - : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون" . [رواه البخاري ومسلم]. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن أسيد بن حضير، بينما هو ليلة يقرأ في مربده إذ جالت فرسه فقرأ, ثم جالت أخرى, فقرأ, ثم جالت أيضًا, قال أسيد: فخشيت أن تطأ يحيى, فقمت إليها, فإذا مثل الظُّلة فوق رأسي. فيها أمثال السُّرج عرجت في الجوَّ حتى ما أراها. قال فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! بينما أنا البارحة من جوف الليل أقرأ في مربدي إذ جالت فرسي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرأ. ابن حضير!" قال: فقرأت, ثم جالت أيضًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ. ابن حضير!" قال: فقرأت, ثم جالت أيضًا, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرأ. ابن حضير !" قال فانصرفت, وكان يحيى قريبًا منها, خشيت أن تطأه, فرأيت مثل الظُّلة فيها أمثال السُّرج. عرجت في الجوَّ حتى ما أراها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ":تلك الملائكة كانت تستمع لك, ولو قرأت لأصبحت يراها الناس, ما تستتر منهم" [رواه مسلمٍ]. |
|
|
01-11-2015, 01:24 PM | #2 |
|
رد: (...رسائل دعوية...)
هل تريد أن تستغفر لك الحيتان في البحر؟.. لا أمزح .. فيمكن للحيتان في البحر أن تستغفر لك حال كنت ممن يُعلِّم الناس الخير، وفقاً لما جاء في الحديث الشريف. فإذا أردتَ أن يستغفر لك كل شىء علِّم الناس الخير، وإذا أردت أن تكون أفضل الناس فعليك بتعلم القرآن وتعليمه، يقول صلى الله عليه سلم: (خيركم من تعلَّم القرآن وعلمه).. فلنتقرَّب إلى الله - عز وجل- بالدعوة إلى كتابه، فندعو إلى القرآن، وندعو إلى أحكام القرآن، فقد قال رسول الله صلى لله عليه وسلم : من عَلَّم آية من كتاب الله عز وجل كان له ثوابها ما تُليَتْ. ومما ينبغي أن يُعتنى به في تعلُّم القرآن هو قراءته على الوجه الصحيح، وضبط القراءة بالأحكام، كما نقلت إلينا بالتواتر عن النبي صلى الله عليه و سلم، إذ الكثير منا يعتقد أنَّ ترتيل القرآن وتعلم أحكام التجويد هو من المستحبات فقط، لكن الحقيقة أنَّه فرض عين على كل مسلم. واعتبر الإمام ابن الجزري في باب معرفة التجويد أنَّ الأخذ بالتجويد حتم لازم ومن لم يجود القرآن آثم، و تعلم القرآن لا يعني حفظه فقط كما يفهم البعض، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم لا يتعجلون حفظ القرآن (وهو نافلة) دون تدبره (وهو فرض عين)؛ فيقول ابن مسعود: (إنَّا صَعُب علينا حفظ القرآن وسَهُل علينا العمل به، وإن من بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن، ويصعب عليهم العمل به). لذلك يقول ابن القيم رحمه الله في تفسير قول الله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} [البقرة: 78] إنَّ الله ذمَّ الأميين الذين لا يعلمون منه إلا مجرد التلاوة و الحفظ دون الفهم. |
01-11-2015, 01:25 PM | #3 |
|
رد: (...رسائل دعوية...)
هي الفاتحة.. عظيمةٌ هي!.. كيف لا.. وقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما أنزلت في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها. وإنها سبع من المثاني، والقرآن العظيم الذي أعطيته ) .. [ متفق عليه ] .. و( بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه فرفع رأسه فقال : هذا باب من السماء فتح اليوم ، لم يفتح قط إلا اليوم ، فنزل منه ملك فقال : هذا ملك نزل إلى الأرض ، لم ينزل قط إلا اليوم ، فسلم وقال : أبشر بنورين أوتيتهما ، لم يؤتهما نبي قبلك ؛ فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة {البقرة} ، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته ) .. [رواه مسلم] .. نعم.. صدق الحبيب.. لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته.. فقد ( قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد : {الحمد لله رب العالمين} ، قال الله : حمدني عبدي . فإذا قال : {الرحمن الرحيم} ، قال : اثنى علي عبدي . فإذا قال : {مالك يوم الدين} ، قال مجدني عبدي.وإذا قال:{إياك نعبد وإياك نستعين} ، قال : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل . فإذا قال : {اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} ، قال : هذا لعبدي . ولعبدي ما سأل ) .. [رواه مسلم] وهذا هو السر الذي عرفه الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه وكان جوابه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة التي يرويها بقوله: (كنا في مسير لنا فنزلنا فجاءت جارية فقالت إن سيد الحي سليم وإن نفرنا غيب فهل منكم راق فقام معها رجل ما كنا نأبنه برقية فرقاه فبرأ فأمر له بثلاثين شاة وسقانا لبنا فلما رجع قلنا له أكنت تحسن رقية أو كنت ترقي قال لا ما رقيت إلا بأم الكتاب قلنا لا تحدثوا شيئا حتى نأتي أو نسأل النبي صلى الله عليه وسلم فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال وما كان يدريه أنها رقية اقسموا واضربوا لي بسهم ) .. [ رواه البخاري ] .. أخي.. وحبيبي.. عرفت السر؟.. طيب!.. داوم على قراءتها.. |
01-11-2015, 01:26 PM | #4 |
|
رد: (...رسائل دعوية...)
انا مشغول" كلمة نسمعها كثيراً في واقعنا، وتتردد هذه الجملة لدى فئام من الناس ، وخاصة عند سماع التحفيز لعمل صالح ؛ مثال: قراءة القرآن الكريم. فلا تتعجب إذا سمعت بعض الناس عندما يقول: " أريد قراءة القرآن " ولكني مشغول " أريد صيام النوافل " و " قيام الليل " و " أداء العمرة " و " حضور مجالس الذكر " وغير ذلك من صالح الأعمال، ولكن صاحبنا لا يحفظ إلا " أنا مشغول " لكي يقنع نفسه بسبب تركه لهذا العمل الصالح. والسؤال هنا: هل هو مشغول فعلاً أم يا ترى أنه من المحرومين؟!. إن الحياة مليئة بالأعمال والهموم بلا ريب ، ولا يكاد الواحد منا ينتهي من عمل إلا ويجد عملاً آخر يناديه " هلم إلي " . ولكن ألا نجيد ترتيب حياتنا وضبط الأولويات في أعمالنا لكي نجمع بين العمل للدنيا وبين العمل للآخرة. إنه لا يصح أن نكدح لعمل الدنيا ونحتج بقوله تعالى: (( وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ))[القصص:77] وننسى أن نضع في جداولنا أعمالاً صالحة غير الفرائض لتكون زاداً لنا في قبورنا ويوم حشرنا ((وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ))[البقرة:197] . إنني أجزم أن المرء مهما كان مشغولاً فإنه يستطيع إدارة وقته وتعبئته بصالح الأعمال ، ولن يتحقق ذلك إلا إذا أيقنا بأن حاجتنا للعمل الصالح أعظم من العمل للدنيا؛ لأن: - العمل الصالح سبب للطمأنينة. - ورفعة في الدرجات. - وسبب للتوفيق الدائم ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ))[الطلاق:2] . - والعمل الصالح سبب لحسن الخاتمة. - وهو طريق إلى رضوان الله. - وموصل إلى الجنة (( وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ))[الزخرف:72] . وفوائد العمل الصالح كثيرة جداً، فكيف يليق بالمؤمن أن يكون العمل الصالح هو هدفه الأخير، ومبتغاه المتأخر؟!. وإن حديثنا عن العمل الصالح لا يعني أن نلغي مشاريعنا الدنيوية أو نفرط في عملنا الوظيفي. ولكن هي دعوة إلى إيجاد توازن بين العمل الدنيوي وبين العمل الشرعي، ولكي ننجو من " الحرمان " من الأجور بدعوى " أنا مشغول " . |
01-11-2015, 01:27 PM | #5 |
|
رد: (...رسائل دعوية...)
غاب القرآن عني.. أو غبت عنه، تاهت روح الانتظام على تلاوته مني.. أو تهت عنها، المهم أن مظاهر الفتور عن القرآن والنَّواتج السَّلبيَّة، وما ينتج عنه من اهتزاز في العلاقة بالله قد اعتلتني .. تحجر قلبي ، وأصبح وكأن هناك سياج مانع له من الخشوع لله تعالى، حابس لدمع العين من الخشية لله، حائل دون قشعريرة الجلد وليونته ذلاً لله تعالى، فلا يعرف القلب بعد هذا معروفًا، ولا ينكر منكرًا، فقد جفَّت يَنَابيع الحبِّ فيه، وأقفرت رياض الرحمة لديه، واصفرت خضرة المشاعر فيه، يقول الله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [سورة الزُّمَر- من الآية 22]. وصلت قسوة قلبي إلى درجة تتضاءل أمامها صلابة الأحجار والصُّخور.. ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [سورة البقرة- الآية 74] ، وترافق مع ذلك مشكلاتٌ أخرى من مَوت المشاعر الدِّينيَّة، وعدم الغضب من أجل الله تعالى؛ وعدم الشكر في السَّراء، وعدم الصَّبر في الضَّراء، ونقص في الإيمان، وفتنٍ كثيرةٍ، وامتحاناتٍ متتاليةٍ. أين أنا من قلب كان حياً نابضاً بالقرآن، مُتدفقا بحيوية الإيمان، مالئا جسدي بعبير الحياة التي تعرف الحق وتنكر الباطل، في انسجام واضح بين القلب وحركة الحياة، حتى صدق فيّ قوله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ [سورة الزُّمَر- الآية 23] ؟ |
01-11-2015, 01:28 PM | #6 |
|
رد: (...رسائل دعوية...)
لماذا هذا الحديث المتكرر في كثير من سور القرآن الكريم عن موسى -عليه السلام- وفرعون -لعنه الله-؟ إنها أكثر قصة معروضة في القرآن (بعد قصة بدء الخلق)، وفي كل سورة يعرض جانبا من جوانب هذه المواجهة بين موسى -عليه السلام- وفرعون، أليس هذا دليلاً على أن من الأهداف الرئيسة للقرآن الكريم محاربة الطغيان كظاهرة بشرية، وتوضيح نفسية وعقلية الطغاة، وكيف يتصرفون وكيف يفكرون؟! هذا الطغيان الذي يفسد المجتمعات والأفراد، بل يدمر نفسية الإنسان ويحطم شخصيته وكرامته. إن الإسلام -وهو خاتمة الرسالات إلى الأرض- جاء ليحرر الإنسان من الشرك، ومن اتخاذ الأرباب من دون الله، وقصة الأنبياء مع البشرية ما هي إلا لحل مشكلة الإنسان الذي يقع في المعضلات والنكد والخسران؛ حين لا يتوجه بالعبودية إلى خالقه، وحين يتكبر عن الخضوع لرسالة السماء، وإنها قصة الصوت الصارخ في وجه الظلم، وإنقاذ المجتمع مما يعاني من أزمات اجتماعية وسياسية. الإنسان مخلوق مكرم، ولكنه إذ لم يهتد بالوحي، وإذ يظن أنه استغنى؛ فإنه يطغى، والطغيان هو مجاوزة الحد, وعندما يظن هذا الإنسان -بسبب أهوائه ووسوسة الشيطان له- أنه يستطيع عمل كل شيء، وأنه مستغنٍ بذاته وبقوته وبذكائه وبزبانيته؛ فإنه يتجاوز حدوده، ويستعبد الناس ويقهرهم. ولذلك حارب الإسلام كل أنواع الطغيان: طغيان الفرد: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}[القصص:4]. وطغيان المال والميزان: {أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}[الرحمن:8-9]. واعتبرَ إفساد عقيدة الناس من الطغيان: {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ}[ق:27], {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ}[الطور:32]. ووصف العقائد الضالة والمذاهب المنحرفة بالطاغوت: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا}[البقرة:256]. فقمة الطغيان والمثل الأعلى له هو فرعون، والقرآن الكريم على طريقته في تناول بعض الأحداث والقصص لا يذكر الأسماء؛ لأن فرعون نموذج لكل متكبر عالٍ في الأرض من المسرفين، إنه يمثل الطغيان السياسي حين استكبر وظن أنه يملك مصر وأنهارها وسكانها: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ}[الزخرف:51], واستعبد وسخّر بني إسرائيل لأهوائه ومطامعه: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ}[الشعراء:22]. والطاغية يوهم الناس أنه من طينة غير طينتهم، وكأنّ فيه جزءًا من الإلهية ولذلك يجب أن يخضعوا له: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}[النازعات:24], ولا يخفى على فرعون أنه ليس الإله الذي يخلق ويرزق ويحي ويميت، ولكنه يرى نفسه أنه هو السيد الأعلى، الذي يجب أن يسخر له كل شيء، قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}[النمل:14]. إنه التكبر واستعباد الناس حين يظن الطاغية أنه هو الأقدر على فهم الأمور، وهو الأذكى وهو الأعلم: {قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى}[غافر:29], فليس للناس رأي ولا للمصلحين. وفرعون يتعجب من دعوة موسى له ومجابهته إياه: {قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ}[الشعراء:25]، أي: كيف يتجرأ موسى على مخاطبتي؟! وعقيدة قوم فرعون أنه ربهم ومعبودهم، ولا يستبعد هذا عن الشعب الذي يغلب عليه الإيمان بالأشياء المادية المحسوسة ولا يؤمن بالغيب، ولكنّ فرعون يعلم قدر نفسه، ولذلك يحرضهم على عدم الاستماع لموسى ويؤلبهم عليه، ويقول لهم: إن موسى وأخاه يريدان إفساد نظامكم ودولتكم، {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}[غافر:26]، وكأننا نرى هنا أن الطاغية مهزوم في داخله، ونفسه خواء وهو يعوض عن هذا النقص بقهر الناس، وتقريب زمرة صغيره؛ ليكونوا شركاء له في جرائمه، ويدربهم على القسوة البالغة نحو المجتمع، إنه يريد الاستقرار والاستمرار في الظلم، والحاشية تريد الاستفادة من تراكم الأموال، وفي العادة فإن الطاغية يُرضي هؤلاء بترك الحرية لهم في أكل أموال الناس. هل يكفي أن نأخذ العبرة، ونتحدث عن مساوئ الطغيان؟ وكيف أنقذ الله موسى -عليه السلام- وقومه من فرعون وعمله؟ أم إنه زيادة على ذلك، يريد الله -سبحانه وتعالى- منا أن ندرس هذه الظاهرة، وكيف نتجنبها، وكيف نقاومها؟ لأنها موجودة في كل زمان ومكان، فالطغيان أمر كريه، يفسد كل شيء وهو أمر لا ينبغي أن يكون ولا أن يبقى. القرآن الكريم أدان هذه الظاهرة، وهذا معناه إدانة أي حاكم يتصف بالصفات المذكورة عن فرعون أو ببعضها، وظاهرة الطغيان السياسي تتفاقم عندما تتنازل الشعوب عن حقها في العزة والكرامة، وهي تفعل هذا مخدوعة من جهة وخائفة من جهة أخرى، ولكن هذه الشعوب لا تعلم أن هذا الخوف هو وهم، فلا يمكن أن يطغى فرد في أمة كريمة. أراد الإسلام اقتلاع جذور الطغيان، ليس في نفس الحاكم وحسب، بل وفي نفس المحكوم -أيضا-، حين يرضى به، وحين يعتبره وكأنه شيء طبيعي ويجب الخضوع له. وحتى لا يمارس الفرد الطغيان -أيضا- في أسرته وعمله، أراد الإسلام اقتلاع الطغيان؛ لأن الطغاة يفقرون شعوبهم، ويشغلونهم برزقهم اليومي حتى لا يفكروا في التغيير، فالفقر يجلب معه رذائل شتى، من سقوط الهمم والجهل والمرض. والطاغية لا يقف عند حد، فإذا أنت أسلمتَ أمرك للطاغية لم يرض منك بالطاعة؛ بل يصر على أن تكون طاعة وإذلالاً، والطاغية يكره العظماء من القادة والساسة والعلماء والأدباء، وإذا قبلهم فإنه يريد أن يكونوا أذناباً له. والطاغية يخدع الناس بالوعود الكاذبة، ثم يبدأ بتكوين حرس خاص به، بحجة المحافظة على مطالب الشعب، ثم يبدأ بمحاكمة من يعارضه، ويخترع لهم تهمًا باطلة، ثم ينقلب حكمه في النهاية إلى كارثة. عاقب الله -سبحانه وتعالى- هؤلاء الطغاة الظالمين الذين لا يتحرك لهم ضمير ولا يتعظون بمصير من قَبْلهم، عاقبهم بصرفهم عن الهداية: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}[الأعراف:146]. ومن عقوبة الله للطغاة أنهم يعيشون في خوف دائم -وإن كان الظاهر غير ذلك- وذلك؛ لكثرة المؤامرات والدسائس وكثرة الوشاة، ولذلك فهم يرتابون في كل أحد. والخلاصة أن الطغيان ظاهرة مَرَضِية ركز عليها القرآن، وفصل فيها حتى يتجنبها المسلمون، ويقاومها أهل العلم والفضل. |
01-11-2015, 01:30 PM | #7 |
|
رد: (...رسائل دعوية...)
(رسالة إلى كل ظالمٍ ومظلومٍ، وإلى كل طاغيةٍ ومستضعفٍ.. كلكم فليتذكر) : قال الله تعالى: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[يوسف:21]. قالت الحكماء في هذه الآية: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}.. أراد إخوة يوسف قتلَه فغلبَ أمرُ الله حتى صار ملِكاً وسجدوا بين يديه. ثم أرادوا أن يخلو لهم وجهُ أبيهم فغلبَ أمرُ الله حتى ضاق عليهم قلبُ أبيهم، وافتكر يوسف بعد سبعين سنة أو ثمانين سنة، فقال: {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ}[يوسف:84]. ثم أرادوا أن يكونوا من بعده قوماً صالحين -أي تائبين- فغلب أمرُ الله حتى نسوا الذَنْب، وأصرّوا عليه حتى أقرّوا بين يدي يوسف في آخر الأمر بعد سبعين سنة، وقالوا لأبيهم: {إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ}[يوسف: 97]. ثم أرادوا أنْ يخدعوا أباهم بالبكاءِ والقميص فغلب أمر الله فلم ينخدع، وقال: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ}[يوسف:18]. ثم احتالوا في أن تزول محبتُه من قلْبِ أبيهم فغلبَ أمرُ الله فازدادت المحبةُ والشوقُ في قلبه. ثم دبّرت امرأةُ العزيز أنها إن ابتدرته بالكلام غلبتْه، فغلبَ أمرُ الله حتى قال العزيز: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ}[يوسف:29]. ثم دبّر يوسف أن يتخلّص من السجن بذِكْرِ الساقي فغلبَ أمرُ الله فنسي الساقي، ولبثَ يوسف في السجن بضع سنين. [المصدر: الجامع لأحكام القرآن 303/11] |
01-13-2015, 12:59 PM | #8 | |
المُشرف العام
|
رد: (...رسائل دعوية...)
العمل الصالح سبب للطمأنينة. - ورفعة في الدرجات. - وسبب للتوفيق الدائم ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ))[الطلاق:2] . - والعمل الصالح سبب لحسن الخاتمة. - وهو طريق إلى رضوان الله. - وموصل إلى الجنة (( وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ))[الزخرف:72] . وفوائد العمل الصالح كثيرة جداً، فكيف يليق بالمؤمن أن يكون العمل الصالح هو هدفه الأخير، ومبتغاه المتأخر؟!. لك الشكر الجزيل على هذه الرسائل القيمة وإن شاء الله فى ميزان حسناتك.. |
|
|
01-13-2015, 07:42 PM | #9 |
|
رد: (...رسائل دعوية...)
العمل الصالح سبب للطمأنينة. - ورفعة في الدرجات. - وسبب للتوفيق الدائم ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ))[الطلاق:2] . - والعمل الصالح سبب لحسن الخاتمة. - وهو طريق إلى رضوان الله. - وموصل إلى الجنة (( وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ))[الزخرف:72] . وفوائد العمل الصالح كثيرة جداً، فكيف يليق بالمؤمن أن يكون العمل الصالح هو هدفه الأخير، ومبتغاه المتأخر؟!. لك الشكر الجزيل على هذه الرسائل القيمة وإن شاء الله فى ميزان حسناتك.. اللهم أجعل خير عمري آخره وخير عملي خواتمه واجعل خير أيامي يوم لقائك |
مواقع النشر (المفضلة) |
كاتب الموضوع | هالة | مشاركات | 8 | المشاهدات | 31220 | | | | انشر الموضوع |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|