09-08-2012, 06:30 PM
|
#1
|
|
القذافي وراء حرب الجنوب وانفصاله وإلحاق الضرر بالسودان .. خطف حسين الهندي في لندن لإف
القذافي وراء حرب الجنوب وانفصاله وإلحاق الضرر بالسودان .. خطف حسين الهندي في لندن لإفشال المصالحة الوطنية الشاملة
محمد سعيد محمد الحسن
يصعب القول إن هنالك بلداً عانى من عدائيات العقيد معمر القذافي ملك ملوك إفريقيا وعميد الرؤساء والملوك العرب والحكيم «كما كان يحب ان يلقبوه» مثلما عانى منه السودان طوال سنوات قبضته الحديدية على السلطة في ليبيا، وقد امتدت لاثنين وأربعين عاماً، وتمعن في طول الفترة وثقلها، فحرب الجنوب المدمرة والفادحة كان وراءها العقيد معمر القذافي شخصياً، وقد اعترف في مطلع العام 1989م للسيد محمد عثمان الميرغني وبحضور شخصيات اتحادية انه من قدم المال والسلاح للعقيد جون قرنق قائد الحركة الشعبية، لدعمه وتأمين استمرارية الحرب في مواجهة القوات المسلحة السودانية، وكان القذافي يعرف جيداً أن القوات المسلحة السودانية ذات كفاءة وخبرات عسكرية عالية، شهدت بها قيادة التحالف الغربي في الحرب العالمية الثانية، وحققت انتصارات على القوات النازية والفاشستية »ألمانيا وإيطاليا« في إثيوبيا والصومال وليبيا، وأنها ?اي القوات السودانية حاربت الى جانب الجيش المصري في العام 1956م «حرب السويس» ودعمته ضد العدوان الإسرائيلي العام 1967م، وأنها حافظت وصانت الدم العربي وأوقفت القتال والاشتباكات بين الفصائل الفلسطينية والمليشيات اللبنانية، وأنها أمنت وحافظت على الحدود بين الكويت والعراق، وحفظت الأمن في الكونغو والصومال، ولذلك عمد القذافي الى استنزاف السودان وإضعافه وبوجه خاص القوات المسلحة السودانية بجعلها في حالة حرب داخل حدودها لخدمة مطامعه التوسعية اللاحقة تجاه السودان، وظل يدعم كل تحرك أو مغامرة او اضطراب أو تخريب في السودان للحيلولة دون استقراره وتقدمه وتطوره على أي مستوى، وكان يبدي دهشته وحيرته البالغة من وعي السودانيين وقدرتهم على الصمود والثبات في مواجهة الصعوبات والتعقيدات، وقد ظل دائماً طرفاً فيها بوكلائه وأجندته، وحسبما نقلت مصادر قريبة منه إبان ظهور نتائج استفتاء جنوب السودان وانفصال الجنوب وقيام دولته، كان أكثر ما يكون اغتباطا وارتياحا بحسبان ما قدمه من معدات عسكرية وأموال للحركة الشعبية بقيادة جون قرنق لإضرام الحرب في الجنوب، وضد القوات المسلحة, ولذلك فإن نتائج هذه الحرب المدمرة في العام 1983م دفعت في نهاية المطاف إلى فصل الجنوب عن السودان، وكان يقدم على مغامرات استفزازيةعدوانية منها أنه أرسل طائرة عسكرية قذفت بقنابلها إذاعة أم درمان والمنازل المجاورة لها، كان ذلك عملاً استفزازياً أخرقاً، ولكن السودانيين التزموا الهدوء والتعقل.
ولقد سمعت من المقدم أبوبكر يونس المقرب منه ووزير دفاعه الذي لقي مصرعه في منطقة سرت» أنهم كانوا يدعمون ويساعدون أي حركات أو مجموعات تلجأ إليهم بالمال والسلاح من أي اتجاه بقضية أو بدون قضية، قالها باستخفاف، وكدلالة على الأموال والإمكانيات الطائلة لدى ليبيا التي يهدرها القذافي ضد السودان وفي كل العالم من أوروبا الى آسيا الى الولايات المتحدة الى إفريقيا، ولعلنا نذكر المليارات الهائلة التي دفعها كتعويضات لضحايا لوكربي وغيرهم بالولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا، وكان أكثر ما يثيره ويقلقه التوافق والتصالح وتماسك الجبهة الداخلية للسودانيين، وقصة ليبيا مع القذافي تستحق أن تروى فقد انخرط الشريف حسين الهندي القيادي الاتحادي المعارض ووزير المالية والاقتصاد الأسبق, (وكان يعرف جيداً ذكاءه وقدراته السياسية وعلاقاته العربية الواسعة)، في مفاوضات مع السيدين عزالدين السيد وأبو القاسم هاشم مجلس الشعب ممثلي الحكومة العام «1978م» بعد القبول بمبدأ المصالحة الوطنية السودانية ووقع اتفاقية المصالحة الوطنية في السفارة السودانية في لندن باسم المعارضة الاتحادية ووقع عن الحكومة السيدان عزالدين السيد وأبو القاسم هاشم وأكد الهندي للإذاعة السودانية عودته للوطن, وإكراماً لمكانة الهندي ووزنه فإن ممثلي الحكومة قررا استصحابه في الطائرة المقلة له من لندن للخرطوم، وتمت الترتيبات كاملة وحدد موعد الحجز وقيام الطائرة ونقلت الحقائب الى المطار وفجأة اختفى الهندي من الفندق ولم يصل الطائرة التي قامت بدونه في موعدها للخرطوم. وقالت مصادر قريبة إن مخابرات القذافي اختطفت الهندي قبل فترة وجيزة من الفندق، وقبل مغادرته للمطار لمنعه من السفر والعودة للخرطوم، بعد أن رفض الهندي الاستجابة للقذافي بعدم التوقيع على اتفاقية المصالحة الوطنية العام 1978م، وعدم العودة للسودان، هذه الواقعة وحدها حرمت السودان من بدء مرحلة جديدة تستند الى انفراج وحراك سياسي ايجابي كان سيقوده الهندي بذكائه وقدراته وشعبيته المؤثرة، ويمكن ذكر قائمة من المواقف التي اتخذها القذافي تجاه السودان وألحقت الضرر البالغ به، العقيد معمر القذافي قاوم ثورة الشعب الليبي المتطلع من فبراير 2011 الى أكتوبر 2011م، وأعلن الحرب ضد الشعب الليبي الذي ثابر على النضال لحقوقه المشروعة وانتقل من مواكب سلمية الى قتال عنيف وشرس ضد مرتزقة وفصائل القذافي وكان الحصاد فادحاً أكثر من «50» ألف شهيد ومعاق ومصاب ومفقود ولكن في نهاية الأمر انتصرت إرادة الشعب الليبي بخلع نظام القذافي الذي استمر «42» عاماً وخرج القذافي من قبو ليلقى حتفه بأيدي الثوار، هذا الشعب الشجاع جدير بدولة القانون والعدالة والمساواة والحقوق الإنسانية والديمقراطية وتعويض حصيلة «42» سنة من الحكم المستبد الظالم والفشل الذريع، وجدير بالتعامل الحصيف النافذ الذي يبدأ بوحدته الوطنية من الفصائل كافة وجميع المواطنين دون استثناء والتعاون المطلق في السيطرة على أنواع الانفلات الأمني كافة، لأن الاستقرار يشكل المدخل الاستراتيجي لتحقيق البرنامج الوطني لتحقيق تطلعات الشعب الليبي، ولا يحتاج المرء لمزيد لأن المجلس الانتقالي الليبي أثبت كفاءة واقتداراً في التعامل الداخلي والخارجي، وبالنسبة للعلاقات السودانية الليبية، علاقات الأخوة والجوار والتاريخ نريدها أن تبدأ من حيث انقض عليها العقيد القذافي في سبتمبر 1969م، أي علاقات أخوة خالصة في التواصل والمودة والمصالح بين الشعبين وبين الخرطوم وطرابلس، لقد كان الملك السنوسي وولي عهده آنذاك أشد ما يكونوا تعاوناً مع السودان والى حد أن السودان كان ينوب عنهما وبطلب منهما في اتخاذ ما هو صالح للشعبين وللبلاد العربية الشقيقة, والسودان وحده وباسم المملكة الليبية آنذاك أعلن دعم ليبيا الصمود العربي في وجه العدوان الإسرائيلي بدفع «35» مليون جنيه كل ثلاثة أشهر.
طويت صفحة القذافي بمآسيها ومؤامراتها، وحروبها وظلمها الفادح وفتح أفقا واسعاً لمرحلة مزدهرة ومتقدمة للشعب الليبي، ولعلاقات ثنائية قوية ونافذة في المستويات والمجالات كافة.
|
|
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل
دخولك قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا |
|