|  11-19-2012, 02:53 AM | #1 | 
	|  | 
				 -حب النبي في قلب كل مسلم.- 
  
 
 
 
 ثمار  المحبة يكفينا فيها ثمرتان : أن هذه المحبة  في الدنيا عون على الطاعة ،  والإكثار من العبادة ، وخفة ذلك على النفس  وإقبال الروح على مزيدٍ من  الطاعات . وأما في الآخرة فحسب المحبة أن تكون  نجاته من النار ، ولحوقاً  برسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال : ( المرء  مع من أحب ...) ، وفي  الدنيا كذلك إعانة على هذه الطاعات ؛ لأنه كما قال  النبي عليه الصلاة والسلام في شأن محبة   الله وم...وافقة رسوله في الحديث القدسي : ( كنت يده التي يبطش بها ،  ورجله  التي يمشي عليها ... ) إلى آخر ما هو معلوم . وقفة أخيرة أيها  الاخوة  الأحبة : محبة النبي صلى الله عليه وسلم بين الغلو والجفاء هذه  المحبة التي  قلناها ما بال بعضنا يفسدها بغلوٍ يخرج عن حد الاعتدال ، أو  جفاءٍ يبتعد  فيه المسلم عن حق رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعظيم  محبته عليه الصلاة  والسلام ؟ الأمر في هذا يطول كثيراً ، والخلاف والخروج  عن مقتضى سنته ،  ومقتضى محبته في هذا الباب كثير ، وخير الأمور أوسطها ..  الغلو خرج به قوم  إلى صورٍ كثيرة لا تخفى عليكم من حيث الواقع ، ولكني  أذكرها من حيث المنهج  والمبدأ . من يجعل المدح مدخلاً لذكر ما هو خاص  مستحق لله عز وجل لا يجوز  أن يشاركه فيه غيره ، ولا أن يوصف به غيره ، ولو  كان هذا هو رسول الله صلى  الله عليه وسلم ، فلا يُدعى رسول الله عليه  الصلاة والسلام ما هو من حق  الله ، وخصائص الله سبحانه وتعالى ، وهذا  يأباه النبي صلى الله عليه وسلم !  وقد علّمه للناس في وقته وفي زمانه ،  كما قال : ( لا تقل : ما شاء الله  وشئت ، ولكن قل : ما شاء الله ثم شئت )  بعضهم يقولون لك هذه الألفاظ تعبير  عن المشاعر ، ولا نقصد بها عين الألفاظ  ! نقول : سبحان الله ! هل أنتم أعلم  أو أحكم من رسول الله عليه الصلاة  والسلام ؟ لِمَ ترك التنبيه على الألفاظ  إذا كانت ليست مؤثرة ، وليست بذات  تأثيرٍ في النفس ، وتأثير في الفكر  والعقل !! وكان الصحابة يحبون النبي  صلى الله عليه وسلم ويثنون عليه ، وهو  يقول عن نفسه : ( أنا سيد ولد آدم  ولا فخر ) ، ولكنه يقول : ( لا تطروني  كما أطرت النصارى المسيح بن مريم )  كيف أطروه ؟ قالوا : هو الله ! خرجوا به  عن حد بشريته ، وخرجوا به عن حد  نبوته ، وعن حد تعظيمه الذي يناسب مقامه  ومكانه ، فهذا غلو ليس مطلوباً  بحال . وضرب آخر من الغلو وهو : الإتيان  بالمخالفات - عملية وفعلية - لسنة  وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعاء  للمحبة ، أو في أوقات وأفعال  وأحوالٍ تُدعى فيه محبة رسول الله صلى الله  عليه وسلم ، فالاجتماع لمحبته  مع وجود الاختلاط ، أو وجود ما هو مذموم من  الغناء والخروج عن حد الاعتدال  أو ما هو مذموم من ادعاء أمورٍ الغيبية من  حلول روحه ، أو من تجسد روحه ،  أو من رؤيته ، ونحو ذلك .. وهذه الأمور التي  لا تثبت ، بل يثبت في عموم  الأدلة وبعض الأحوال في خصوصها من يناقضها  ويعارضها ، حتى هذا الادعاء ليس  له دليل ، وليس له حجة . ثم أمر ثالث أيضاً  في هذا الغلو وهو : الإدعاء  والاختراع لأمورٍ وأقوال وأحوال لم تثبت عن  رسول الله صلى الله عليه وسلم .  النبي عليه الصلاة والسلام علمنا الصلاة  عليه ، ووردت لنا في أحاديثه صيغ  كثيرةٍ من الصلوات ، وهناك صيغ فيها إطلاق  للصلاة عليه والسلام مثل : "  الصلاة عليه عدد قطر الأمطار " ومثلها لا بأس  ، ولكن أن نخصص صلوات معينة ،  لا بد أن تحفظ ، وأن تذكر بعددٍ من المرات ،  من أين لنا هذا ؟ ومن أين  لنا أن نوجب على الناس ، أو أن نسنّ لهم ، أو أن  نشرّع لهم ما لم يشرعه  رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكلامه أوثق وأقوى ،  وهو الذي أوتي جوامع  الكلم عليه الصلاة والسلام . ونجد كذلك هناك ادعاءات  كثيرة فيما يتعلق  بالأقوال والأحاديث ، بعضها ضعيف ، وبعضها موضوع ، وبعضها  لا يثبت ، ومع  ذلك كل هذا يقال وينسب لرسول صلى الله عليه وسلم بادعاء  الرغبة في المحبة !  أو التحليل ، وهذا كله خارج حد الاعتدال . ويمكن أن  نقول هناك تنبيهان  أساسيان في هذا : أولهما : أنه يجب على المسلم المعظم  المحب لرسول الله  صلى الله عليه وسلم أن يفرق بين ما هو حق لله عز وجل لا  يجوز أن يوصف ،  ولا أن ينسب لأحدٍ إلا لله عز وجل ، وبين ما هو حق لرسوله  صلى الله عليه  وسلم وتعظيم له ، فالالتجاء وطلب كشف الضراء وغير ذلك أثبته  النبي صلى  الله عليه وسلم لله عز وجل ، وبين في نصوص القرآن أصل ما يدل على  ذلك .  والأمر الثاني : التفريق بين صور التعظيم المشروع - أو الداخل في  دائرة  المشروع – وبين ما هو معلوم وظاهر أنه يخالف هدي وسنه رسول الله صلى  الله  عليه وسلم . وأما الجفاء فكذلك إن كنا ننكر الغلو ونحذر منه فكذلك  الجفاء  كثيراً أو بعضاً من الناس في قلبه شيء من الجفاء ، ولا يذكر النبي  صلى  الله عليه وسلم كثيراً ، ولا يصلي على رسول الله على الصلاة والسلام  إذا  ذكر ، وإذا ذكر مرة صلى ، فإذا تكرر ذكره ثانيةً أو ثالثةً لم يصلي !  كأن  الصلاة تشق عليه أو تثقل على لسانه ! هذه مسائل خطيرة ، وهذه الصور من   الجفاء - حتى بترك زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، أو ترك السلام   على رسول الله عليه الصلاة والسلام - وبترك التعلق بسنته ونحو ذلك كثيرٌ من   الصور يمكن أن نذكر بعضاً منها صور جفاء منها : البعد عن السنة باطناً   وظاهراً ، ترك سنن النبي عليه الصلاة والسلام ضربٌ من الجفاء ، ومجانبة   لمحبته عليه الصلاة والسلام . ولذلك - أيها الاخوة الأحبة - ليست المحبة   الادعاء ؛ فكثير من أحوالنا ظاهراً وباطناً فيها مخالفة للرسول ، فكيف لا   نشعر أن هذا نقص ؟ إن في هذا نقص لمحبتنا رسول الله عليه الصلاة والسلام .   أيضاً الموقف من السنة والأحاديث الثابتة ، كردّ الأحاديث الصحيحة ضرب  كبير  من الجفاء ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( ألا يوشك  رجلٌ  شبعان متكئٌ على أريكته يقول : الحلال ما أحله الله ، والحرام ما  حرمه الله  - أي ليس هناك مكان أو اعتبار لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم -  ألا إنما  أحلّ رسول الله كما أحل الله ، وإنما حرّم رسول الله كما حرم  الله ) . ثم  كذلك نرى الآن كثير من الناس يتحدثون بموجب مقتضيات عقولهم ،  يقول لك : نعم  هذا حديث ! لكن هذا لا يعقل ، وهذا لا يصلح في هذا الزمان !  هذا كله ضربٌ  من المخاطر العظيمة في شأن المحبة ، بل في شأن الإيمان  بنبوة الرسول صلى  الله عليه وسلم . العدول عن سيرته .. عدم الهيبة  والتعظيم والإجلال عند  ذكره أو ذكر حديثه .. وهذا باب طويل كما قلت  سيأتينا ذكر له إن شاء الله  تعالى . ولذلك نزل قول الله عز وجل : { يا  أيها الذين آمنوا لا ترفعوا  أصواتكم فوق صوت النبي } . وعرف الصحابة ذلك ،  فكان موقف ثابت بن قيس أن  اعتزل مجلس النبي عليه الصلاة والسلام ؛ لأنه  جهوري الصوت . و موقف عمر بن  الخطاب حينما رأى رجلين جلسا إلى مجلس النبي  صلى الله عليه وسلم بجوار قبره  ، ورفعا أصواتهما : " لولا أنكما من غير  أهل المدينة لأوجعتكما ضرباً " ،  ثم قال : اخفضا صوتكما ؛ فإن حرمته حياً  كحرمته ميتاً عليه الصلاة والسلام .  من هذا الجفاء كذلك : هجر السنن  المكانية بأن نهجر زيارة مسجده ، وزيارة  مسجد قباء ، والأماكن الذي كان  يتنقل فيها الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لعل  قدماً توافق قدماً ، أو جبهةً  توافق جبهة ، وتستشعر وأنت في الروضة ، وأنت  في مسجد النبي صلى الله عليه  وسلم ، وأنت في أحد كل سيرة النبي صلى الله  عليه وسلم ، تحيي في قلبك هذه  المعاني . فما بال كثيرٍ منا - والأمر متيسر -  ربما تمر لا أقول عام بل  أعوام كثيرة ، بل وجدت أمراً لا يتصور ! وجدت  شباباً في الجامعات لم  يذهبوا إلى المدينة مطلقاً - وهم من أهل هذه البلاد -  بل يرو مسجده ، ولم  يزوروا قبره ،ولم يصلوا في روضته ، ولم يشهدوا قباء ،  ولم يرو أُحداً !!  كيف يكون هذا ؟ والناس يضربون - لا نقول أكباد الإبل -  وإنما يطيرون  بالطائرات مسافات واسعة لحج بيت الله الحرام ، وزيارة مسجد  الرسول عليه  الصلاة والسلام ، والسلام عليه بقبره عليه الصلاة والسلام .  مسائل مهمة  كذلك لا ينبغي أن يكون عندنا هذا الجفاء ، وبعض الناس عنده نقطة  مهمة جداً  ، وهي الحساسية المفرطة من ذكر أمر النبي عليه الصلاة والسلام  والصلاة  عليه ، وذكر مآثره ، وذكر ما ثبت في تعظيمه . يقول لنا : لا نريد  هذه  المبالغة حتى نسد باب الذرائع ! أخي ليس ذلك كذلك ! تعظيم النبي عليه   الصلاة والسلام واجب ، ومحبته واجبة ، وما دام ذلك قد ثبت في الأحاديث وفي   سنه النبي صلى الله عليه وسلم ، في معجزاته تفجر الماء من بين يديه ،   وانشقاق القمر ، وفي خصائصه وشمائله لكثيرة المأثورة المذكورة المنشورة   التي امتلأت بها صحاح كتب السنة . لماذا لا نعظم الرسول صلى الله عليه وسلم   ؟ لماذا لا نثير هذه السيرة والمواقف ؛ لتكون المحبة أعظم في القلوب ؟  ليس  هناك من حرج ولكن حساسية ، وإن كان هناك من يغلو أو يجنح فلا يدفعنا  ذلك  إلى أن نسد أو نوقف هذه ، أو نمنع هذه الأحاديث والأحوال بحجة سد باب   الذريعة . كلا ! فما ثبت لا بد أن يقال وأن يعاد وأن يعلم ويشهر ، وأن  يذكر  ؛ حتى يكون مقام النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته على الوجه الذي  أراده  الله عز وجل لنا ، وأراده لنا رسوله صلى الله عليه وسلم . من أعظم  الهجر  والجفاء لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم : الابتداع كل مبتدعٍ يتلبس  بدعةً  يخالف فيها سنة النبي صلى الله عليه وسلم فهو ضرب من الجفاء ، كأن  الرسول  صلى الله عليه وسلم يقول له أفعل كذا ، وهو يفعل غيره ونقيضه !  وهذا أمرٌ  عظيمٌ جداً . من أهم الأمور في الجفاء : ترك الصلاة عليه صلى  الله عليه  وسلم وكذلك : عدم معرفة قدر الصحابة وذمهم كيف تدعي حبّ الرسول  صلى الله  عليه وسلم ثم تذمّ أصحابه الذين كانوا عن يمينه وعن يساره ،  الذين فدوه  بأرواحهم ، وجعلوا صدورهم دروعاً تتلقى السهام ؛ ليجودوا عن  رسول الله عليه  الصلاة والسلام ؟ كيف يمكن لأحدٍ أن يدعي المحبة وهو يذمّ  أو يتهم أو يشنع  على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ؟  كل هذا ضرب من  الهجران والجفاء المبغوض المذموم ، الذي هو من أشد وأفظع  ما يرتكبه مسلم في  بعده عن دين الله عز وجل ، وعن مقتضى هدي رسول الله صلى  الله عليه وسلم .  من الجفاء : عدم العناية بالسيرة النبوية وعدم معرفة  الخصائص والخصال أحبتي  الكرام : خصال النبي صلى الله عليه وسلم وخصائصه  عظيمة جداً ، أكثرها لا  يعرفها الناس ، ولا يقرؤونه ، ولا يعرفون أحاديثه  الثابتة ، حتى الأمور  المادية كالمعجزات المادية ، من المهم أن نذكرها كان  النبي صلى الله عليه  وسلم يسمع تسبيح الحصى ، وقال - كما في صحيح مسلم - :  ( إني لأعرف حجراً  كان يسلّم عليّ بمكة ) ، هذا قبل بعثته قد ثبتت به  الأحاديث ، وهناك فصل  كامل في محبة الجمادات لرسول الله صلى الله عليه  وسلم ، وكما قال العلماء  هي محبة حقيقية لا نعرف كنهها .. ( أُحُد جبل  يحبنا ونحبه ) والجذع كما  قلنا في ذلك سابقاً . فينبغي لنا أن ننتبه لهذا  وأن نكون في هذا الميدان  الوسط ، ميدان بعد عن الغلو وخروجٍ عن حد  الاعتدال وبعد كذلك عن الجفاء ،  والقيام بما ينبغي لرسول الله عليه الصلاة  والسلام من محبةٍ وإجلال . أسأل  الله سبحانه وتعالى أن يعظم محبة رسوله  في قلوبنا ، وأن يجعل محبة رسول  الله صلى الله عليه وسلم أعظم عندنا من  محبة أنفسنا وأهلنا وآبائنا  وأمهاتنا وأزواجنا وبناتنا ، وأن يجعل محبة  رسول الله صلى الله عليه وسلم  طمأنينة قلوبنا ، وانشراح صدورنا ، وأن يجعل  محبته عوناً لنا على طاعة الله  عز وجل ، وحسن الصلة به ، إنه سبحانه وتعالى ولي ذلك والقادر عليه.
 
 | 
	|   |   |