كيف يمكن الحفاظ على النشء في ظل انتشار مختلف المغريات الجذابة من حوله ، و التي تقتحم عليه وجوده فتدفعه لتقليد سلوكيات غربية و تبني الكثير من أفكارها؟ وما هي التدابير الوقائية اللازمة للحفاظ عليه؟
إن التربية النفسية الدينية الواعية للنشء هي السبيل لإنقاذه من مهاوي الاضطرابات، والمغريات ، والشهوات التي أحبطت عزائمه ، فحولته إلى مستهلك غير مبدع، مبهور بكل غربي ، مستقبل جيد ، عاجز عن إرسال شيء لديه يفخر به، لجهل الكثير منهم عن دينه، وتاريخه ، وتراث أجداده، وموروثاته الثقافية ، التي أقام عليها هؤلاء الغربيين حضاراتهم المستحدثة.
لذا فمن أول تلك التدابير الوقائية هي بناء أسرة صالحة على أساس ديني سليم ، و التي تبدأ بصلاح الأبوين ، اللذان ارتبطا على أساس ديني واضح ، متبعين سنة المصطفي – صلى الله عليه و سلم – عندما أشار لذلك قائلاً ( إذا آتاكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه ) ، و قال عند اختيار الزوجة ( تنكح المرأة لأربع : لمالها ، و نسبها ، و جمالها ، و دينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك ) مؤكداً على صاحبة الدين ، رغم الثلاث نعم التي تسبقها ، و ذلك للفوز بالذرية الصالحة ، و التي يجب تهيئة الوسط السوي لها في إطار تربوي سليم ، فتضفي الأخلاق الفاضلة على تصرفات أفرادها و تعاملاتهم ، مما يساعد على تطويع التكامل بين جميع الأطراف المعنية ، و القائمة على هذا النشء ، من آباء ، و معلمين ، و غيرهم من متخصصي هذا المجال الرفيع ، و الدور الخطير الذي تقوم به وسائل الإعلام المختلفة ، مع خطورة وجود كل هؤلاء في إطار الدائرة الخطيرة للعولمة و تبيعاتها من سماوات مفتوحة، وإنترنت، مما يزيد من صعوبة المهمة التي يقوم بها جميع هؤلاء الأطراف ، فتزداد العقبات أمامهم يوماً بعد يوم ، فهذا الجيل على درجة عالية من التفتح و الوعي الذي لم يوجه للصالح إلى الآن ، لذا علينا التعامل معه بمبدأ الحيطة و الحذر ، فنسارع باحتضانهم و تحصينهم بالدين ، فهو الدرع الواقي لإنقاذهم ، و محاولة اتمام ذلك بالحسنى ، و الوعي التربوي التقويمي المدروس ، و المقبول لديهم ، فيتعلمون الحلال و الحرام ، و إقناعهم بالسبب الذي من أجله يحل المولى عز و جل بعض الأشياء و التصرفات ، و يحرم أخرى ، و عواقب الإتيان بالحرام في الدنيا قبل الآخرة ، حتى لا يدفعهم حب الإستطلاع و التجربة إلى الخوض في المحرم ، و من ثم يبدأ الإنحراف ، و الإنذلاق في المهالك ، لذا علينا التركيز على وجود قدوة حسنة يحتذى بها ، و لن نجد أفضل من سيرة المصطفى – صلى الله عليه و سلم – و أصحابه و تابعيه لتكون المرجع و المثل الأعلى لهذا النشء في مختلف تعاملاته ، و الحرص على اتمام ذلك بالحسنى و الدراسة المنهجية الواعية من غير تعنيف و لا شدة في التكليف ، و صلى الله و سلم على سيدنا محمد الذي علمنا ذلك من أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان قائلاً ( علموا و لا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف ) .