عرض مشاركة واحدة
قديم 01-30-2013, 11:32 AM   #40
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


*3*28 نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةبَاب صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنْ الْإِيمَانِ
الحديث‏:‏
-38- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -‏:‏ ‏"‏ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ‏.‏‏"‏
الشرح‏:‏
تقدمت الإشارة إلى أن الكلام على قيام رمضان، وباب صيام رمضان يأتي في كتاب الصيام‏.‏
*3*29 نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الدِّينُ يُسْرٌ
وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -‏:‏ ‏"‏ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ‏.‏‏"‏
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب الدين يسر‏)‏ ، أي‏:‏ دين الإسلام ذو يسر، أو سمى الدين يسرا، مبالغة بالنسبة إلى الأديان قبله، لأن الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم‏.‏
ومن أوضح الأمثلة له‏:‏ أن توبتهم كانت بقتل أنفسهم، وتوبة هذه الأمة بالإقلاع والعزم والندم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أحب الدين‏)‏ أي‏:‏ خصال الدين، لأن خصال الدين كلها محبوبة، لكن ما كان منها سمحا - أي سهلا - فهو أحب إلى الله‏.‏ ‏(‏1/94‏)‏
ويدل عليه ما أخرجه أحمد بسند صحيح من حديث أعرابي لم يسمه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول‏:‏ ‏"‏ خير دينكم أيسره‏"‏‏.‏
أو الدين جنس، أي‏:‏ أحب الأديان إلى الله الحنيفية‏.‏
والمراد بالأديان الشرائع الماضية قبل أن تبدل وتنسخ‏.‏
والحنيفية ملة إبراهيم، والحنيف في اللغة‏:‏ من كان على ملة إبراهيم، وسمى إبراهيم حنيفا لميله عن الباطل إلى الحق لأن أصل الحنف الميل‏.‏
والسمحة‏:‏ السهلة، أي‏:‏ أنها مبنية على السهولة، لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم‏)‏ وهذا الحديث المعلق لم يسنده المؤلف في هذا الكتاب، لأنه ليس على شرطه‏.‏
نعم وصله في كتاب الأدب المفرد، وكذا وصله أحمد بن حنبل وغيره من طريق محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس وإسناده حسن‏.‏
استعمله المؤلف في الترجمة لكونه متقاصرا عن شرطه، وقواه بما دل على معناه لتناسب السهولة واليسر‏.‏
الحديث‏:‏
-39- حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغِفَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ‏.‏‏"‏
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد السلام بن مطهر‏)‏ أي‏:‏ ابن حسام البصري، وكنيته أبو ظفر بالمعجمة والفاء المفتوحتين‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عمر بن علي‏)‏ هو المقدمي بضم الميم وفتح القاف والدال المشددة، وهو بصري ثقة، لكنه مدلس شديد التدليس، وصفه بذلك ابن سعد وغيره‏.‏
وهذا الحديث من إفراد البخاري عن مسلم، وصححه - وإن كان من رواية مدلس بالعنعنة - لتصريحه فيه بالسماع من طريق أخرى، فقد رواه ابن حبان في صحيحه من طريق أحمد بن المقدام أحد شيوخ البخاري عن عمر بن علي المذكور قال‏:‏ ‏"‏ سمعت معن بن محمد ‏"‏ فذكره، وهو من إفراد معن بن محمد، وهو مدني ثقة قليل الحديث، لكن تابعه على شقه الثاني ابن أبي ذئب عن سعيد أخرجه المصنف في كتاب الرقاق بمعناه ولفظه‏:‏ ‏"‏ سددوا وقربوا ‏"‏ وزاد في آخره‏:‏ ‏"‏ والقصد القصد تبلغوا ‏"‏ ولم يذكر شقه الأول، وقد أشرنا إلى بعض شواهده، ومنها حديث عروة الفقيمي بضم الفاء وفتح القاف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال‏:‏ ‏"‏ إن دين الله يسر‏"‏، ومنها حديث بريدة قال‏:‏ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -‏:‏
‏"‏ عليكم هديا قاصدا، فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه ‏"‏ رواهما أحمد وإسناد كل منهما حسن‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ولن يشاد الدين إلا غلبه‏)‏ هكذا في روايتنا بإضمار الفاعل، وثبت في رواية ابن السكن وفي بعض الروايات عن الأصيلي بلفظ‏:‏ ‏"‏ ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه‏"‏، وكذا هو في طرق هذا الحديث عند الإسماعيلي وأبي نعيم وابن حبان وغيرهم‏.‏
والدين منصوب على المفعولية وكذا في روايتنا أيضا، وأضمر الفاعل للعلم به، وحكى صاحب المطالع‏:‏ أن أكثر الروايات برفع الدين على أن يشاد مبني لما لم يسم فاعله، وعارضه النووي بأن أكثر الروايات بالنصب، ويجمع بين كلاميهما بأنه بالنسبة إلى روايات المغاربة والمشارقة، ويؤيد النصب لفظ حديث بريدة عند أحمد‏:‏ ‏"‏ إنه من شاد هذا الدين يغلبه ‏"‏ ذكره في حديث آخر يصلح أن يكون هو سبب حديث الباب‏.‏
والمشادة بالتشديد‏:‏ المغالبة، يقال‏:‏ شاده يشاده مشادة، إذا قاواه، والمعنى لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيغلب‏.‏
قال ابن المنير‏:‏ في هذا الحديث علم من أعلام النبوة، فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع، وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة فإنه من الأمور المحمودة، بل منع الإفراط المؤدى إلى الملال، أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل، أو إخراج الفرض عن وقته كمن بات يصلي الليل كله ويغالب النوم إلى أن غلبته عيناه في آخر الليل فنام عن صلاة الصبح في الجماعة، أو إلى أن خرج الوقت المختار، أو إلى أن طلعت الشمس فخرج وقت الفريضة، وفي حديث محجن بن الأدرع عند أحمد‏:‏
‏"‏ إنكم لن تنالوا هذا الأمر بالمغالبة، وخير دينكم اليسرة ‏"‏ وقد يستفاد من هذا الإشارة إلى الأخذ بالرخصة الشرعية، فإن الأخذ بالعزيمة في موضع الرخصة تنطع، كمن يترك التيمم عند العجز عن استعمال الماء، فيفضي به استعماله إلى حصول الضرر‏.‏ ‏(‏1/95‏)‏
قوله‏:‏ ‏(‏فسددوا‏)‏ أي‏:‏ الزموا السداد وهو الصواب من غير إفراط ولا تفريط، قال أهل اللغة‏:‏ السداد التوسط في العمل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وقاربوا‏)‏ أي إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل فاعملوا بما يقرب منه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأبشروا‏)‏ أي بالثواب على العمل الدائم وإن قل، والمراد تبشير من عجز عن العمل بالأكمل بأن العجز إذا لم يكن من صنيعه لا يستلزم نقص أجره، وأبهم المبشر به تعظيما له وتفخيما‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏واستعينوا بالغدوة‏)‏ أي استعينوا على مداومة العبادة بإيقاعها في الأوقات المنشطة‏.‏
والغدوة بالفتح سير أول النهار‏.‏
وقال الجوهري‏:‏ ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس‏.‏
والروحة بالفتح السير بعد الزوال‏.‏
والدلجة بضم أوله وفتحه وإسكان اللام سير آخر الليل، وقيل سير الليل كله، ولهذا عبر فيه بالتبعيض، ولأن عمل الليل أشق من عمل النهار‏.‏
وهذه الأوقات أطيب أوقات المسافر، وكأنه صلى الله عليه وسلم خاطب مسافرا إلى مقصد فنبهه على أوقات نشاطه، لأن المسافر إذا سافر الليل والنهار جميعا عجز وانقطع، وإذا تحرى السير في هذه الأوقات المنشطة أمكنته المداومة من غير مشقة‏.‏
وحسن هذه الاستعارة أن الدنيا في الحقيقة دار نقلة إلى الآخرة، وأن هذه الأوقات بخصوصها أروح ما يكون فيها البدن للعبادة‏.‏
وقوله في رواية ابن أبي ذئب ‏"‏ القصد القصد ‏"‏ بالنصب فيهما على الإغراء، والقصد الأخذ بالأمر الأوسط‏.‏
ومناسبة إيراد المصنف لهذا الحديث عقب الأحاديث التي قبله ظاهرة من حيث أنها تضمنت الترغيب في القيام والصيام والجهاد، فأراد أن يبين أن الأولى للعامل بذلك أن لا يجهد نفسه بحيث يعجز وينقطع، بل يعمل بتلطف وتدريج ليدوم عمله ولا ينقطع‏.‏
ثم عاد إلى سياق الأحاديث الدالة على أن الأعمال الصالحة معدودة من الإيمان فقال‏:‏ باب الصلاة من الإيمان‏.‏
*3*30 نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةباب الصَّلَاةُ مِنْ الْإِيمَانِ
وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏(‏وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ‏)‏
يَعْنِي‏:‏ صَلَاتَكُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ‏.‏
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏باب‏)‏ هو مرفوع بتنوين وبغير تنوين، والصلاة مرفوع على التنوين فقوله‏:‏ ‏"‏ وقول الله ‏"‏ مرفوع عطفا على الصلاة، وعلى عدمه مجرور مضاف‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏يعني صلاتكم‏)‏ وقع التنصيص على هذا التفسير من الوجه الذي أخرج منه المصنف حديث الباب، ‏(‏1/96‏)‏
فروى الطيالسي والنسائي من طريق شريك وغيره عن أبي إسحاق عن البراء في الحديث المذكور ‏"‏ فأنزل الله ‏(‏وما كان الله ليضيع إيمانكم‏)‏ صلاتكم إلى بيت المقدس ‏"‏ وعلى هذا فقول المصنف‏:‏ ‏"‏ عند البيت ‏"‏ مشكل، مع أنه ثابت عنه في جميع الروايات، ولا اختصاص لذلك بكونه عند البيت‏.‏
وقد قيل‏:‏ إن فيه تصحيفا والصواب‏:‏ يعني صلاتكم لغير البيت‏.‏
وعندي أنه لا تصحيف فيه بل هو صواب، ومقاصد البخاري في هذه الأمور دقيقة، وبيان ذلك أن العلماء اختلفوا في الجهة التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يتوجه إليها للصلاة وهو بمكة، فقال ابن عباس وغيره‏:‏ كان يصلي إلى بيت المقدس، لكنه لا يستدبر الكعبة بل يجعلها بينه وبين بيت المقدس‏.‏
وأطلق آخرون أنه كان يصلي إلى بيت المقدس‏.‏
وقال آخرون‏:‏ كان يصلي إلى الكعبة، فلما تحول إلى المدينة استقبل بيت المقدس، وهذا ضعيف ويلزم منه دعوى النسخ مرتين، والأول أصح لأنه يجمع بين القولين، وقد صححه الحاكم وغيره من حديث ابن عباس، وكأن البخاري أراد الإشارة إلى الجزم بالأصح من أن الصلاة لما كانت عند البيت كانت إلى بيت المقدس، واقتصر على ذلك اكتفاء بالأولوية، لأن صلاتهم إلى غير جهة البيت وهم عند البيت إذا كانت لا تضيع فأحرى أن لا تضيع إذا بعدوا عنه، فتقدير الكلام‏:‏ يعني صلاتكم التي صليتموها عند البيت إلى بيت المقدس‏.‏
الحديث‏:‏
-40- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ - أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ - مِنْ الْأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا صَلَاةَ الْعَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ‏:‏ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا - كَمَا هُمْ - قِبَلَ الْبَيْتِ‏.‏
وَكَانَتْ الْيَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَهْلُ الْكِتَابِ فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ الْبَيْتِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ‏.‏ قَالَ زُهَيْرٌ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ فِي حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْقِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ رِجَالٌ وَقُتِلُوا، فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ ‏(‏وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ‏)‏
الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عمرو بن خالد‏)‏ هو بفتح العين وسكون الميم، وهو أبو الحسن الحراني نزيل مصر أحد الثقات الإثبات‏.‏
ووقع في رواية القابسي عن عبدوس كلاهما عن أبي زيد المروزي‏.‏
وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني ‏"‏ عمر بن خالد ‏"‏ بضم العين وفتح الميم، وهو تصحيف نبه عليه من القدماء أبو علي الغساني، وليس قي شيوخ البخاري من اسمه عمر بن خالد ولا في جميع رجاله بل ولا في أحد من رجال الكتب الستة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا زهير‏)‏ هو ابن معاوية أبو خيثمة الجعفي الكوفي نزيل الجزيرة وبها سمع منه عمرو بن خالد‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو إسحاق‏)‏ هو السبيعي وسماع زهير منه - فيما قال أحمد - بعد أن بدأ تغيره، لكن تابعه عليه عند المصنف إسرائيل ابن يونس حفيده وغيره‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن البراء‏)‏ هو ابن عازب الأنصاري، صحابي ابن صحابي‏.‏
وللمصنف في التفسير من طريق الثوري عن أبي إسحاق ‏"‏ سمعت البراء ‏"‏ فأمن ما يخشى من تدليس أبي إسحاق‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أول‏)‏ بالنصب أي‏:‏ في أول زمن قدومه، وما مصدرية‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أو قال أخواله‏)‏ الشك من أبي إسحاق، وفي إطلاق أجداده أو أخواله مجاز، لأن الأنصار أقاربه من جهة الأمومة، لأن أم جده عبد المطلب بن هاشم منهم، وهي سلمى بنت عمرو أحد بني عدي بن النجار‏.‏
وإنما نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة على إخوتهم بني مالك بن النجار، ففيه على هذا مجاز ثان‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قبل بيت المقدس‏)‏ بكسر القاف وفتح الموحدة، أي‏:‏ إلى جهة بيت المقدس‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ستة عشر شهرا أو سبعة عشر‏)‏ كذا وقع الشك في رواية زهير هذه هنا، وفي الصلاة أيضا عن أبي نعيم عنه، وكذا في رواية الثوري عنده‏.‏
وفي رواية إسرائيل عند المصنف وعند الترمذي أيضا‏.‏
ورواه أبو عوانة في صحيحه عن عمار بن رجاء وغيره عن أبي نعيم فقال‏:‏ ‏"‏ ستة عشر ‏"‏ من غير شك، وكذا لمسلم من رواية أبي الأحوص، وللنسائي من رواية زكريا بن أبي زائدة وشريك، ولأبي عوانة أيضا من رواية عمار بن رزيق - بتقديم الراء مصغرا - كلهم عن أبي إسحاق، وكذا لأحمد بسند صحيح عن ابن عباس‏.‏
وللبزار والطبراني من حديث عمرو بن عوف ‏"‏ سبعة عشر ‏"‏ وكذا للطبراني عن ابن عباس‏.‏
والجمع بين الروايتين سهل بأن يكون من جزم بستة عشر لفق من شهر القدوم وشهر التحويل شهرا وألغى الزائد، ومن جزم بسبعة عشر عدهما معا، ومن شك تردد في ذلك‏.‏
وذلك أن القدوم كان في شهر ربيع الأول بلا خلاف،
‏(‏1/ 97‏)‏
وكان التحويل في نصف شهر رجب من السنة الثانية على الصحيح، وبه جزم الجمهور، ورواه الحاكم بسند صحيح عن ابن عباس‏.‏
وقال ابن حبان‏:‏ ‏"‏ سبعة عشر شهرا وثلاثة أيام ‏"‏ وهو مبني على أن القدوم كان في ثاني عشر شهر ربيع الأول‏.‏
وشذت أقوال أخرى‏.‏
ففي ابن ماجة من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق في هذا الحديث ‏"‏ ثمانية عشر شهرا ‏"‏ وأبو بكر سيئ الحفظ وقد اضطرب فيه، فعند ابن جرير من طريقه في رواية سبعة عشر وفي رواية ستة عشر، وخرجه بعضهم على قول محمد بن حبيب أن التحويل كان في نصف شعبان، وهو الذي ذكره النووي في الروضة وأقره، مع كونه رجح في شرحه لمسلم رواية ستة عشر شهرا لكونها مجزوما بها عند مسلم، ولا يستقيم أن يكون ذلك في شعبان إلا إن ألغى شهري القدوم والتحويل، وقد جزم موسى بن عقبة بأن التحويل كان في جمادى الآخرة‏.‏
ومن الشذوذ أيضا رواية ثلاثة عشر شهرا ورواية تسعة أشهر أو عشرة أشهر ورواية شهرين ورواية سنتين، وهذه الأخيرة يمكن حملها على الصواب‏.‏
وأسانيد الجميع ضعيفة، والاعتماد على القول الأول، فجملة ما حكاه تسع روايات‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأنه صلى أول‏)‏ بالنصب لأنه مفعول صلى، والعصر كذلك على البدلية، وأعربه ابن مالك بالرفع، وفي الكلام مقدر لم يذكر لوضوحه، أي‏:‏ أول صلاة صلاها متوجها إلى الكعبة صلاة العصر‏.‏
وعند ابن سعد‏:‏ حولت القبلة في صلاة الظهر أو العصر - على التردد - وساق ذلك من حديث عمارة بن أوس قال‏:‏ صلينا إحدى صلاتي العشاءين‏.‏
والتحقيق أن أول صلاة صلاها في بني سلمة لما مات بشر بن البراء بن معرور الظهر، وأول صلاة صلاها بالمسجد النبوي العصر، وأما الصبح فهو من حديث ابن عمر بأهل قباء، وهل كان ذلك في جمادى الآخرة أو رجب أو شعبان‏؟‏ أقوال‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فخرج رجل‏)‏ هو عباد بن بشر بن قيظي كما رواه ابن منده من حديث طويلة بنت أسلم، وقيل هو عباد بن نهيك بفتح النون وكسر الهاء، وأهل المسجد الذين مر بهم قيل‏:‏ هم من بني سلمة، وقيل‏:‏ هو عباد بن بشر الذي أخبر أهل قباء في صلاة الصبح كما سيأتي بيان ذلك في حديث ابن عمر حيث ذكره المصنف في كتاب الصلاة، ونذكر هناك تقرير الجمع بين هذين الحديثين وغيرهما مع التنبيه على ما فيهما من الفوائد إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أشهد بالله‏)‏ أي‏:‏ أحلف، قال الجوهري‏:‏ يقال أشهد بكذا أي‏:‏ أحلف به‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قبل مكة‏)‏ أي‏:‏ قبل البيت الذي في مكة، ولهذا قال‏:‏ ‏"‏ فداروا كما هم قبل البيت‏"‏، و ‏"‏ ما ‏"‏ موصولة والكاف للمبادرة‏.‏
وقال الكرماني للمقارنة، وهم مبتدأ وخبره محذوف‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قد أعجبهم‏)‏ أي‏:‏ النبي - صلى الله عليه وسلم-‏.‏
‏(‏وأهل الكتاب‏)‏ هو بالرفع عطفا على اليهود، من عطف العام على الخاص‏.‏
وقيل‏:‏ المراد النصارى لأنهم من أهل الكتاب وفيه نظر لأن النصارى لا يصلون لبيت المقدس فكيف يعجبهم‏؟‏
وقال الكرماني‏:‏ كان إعجابهم بطريق التبعية لليهود‏.‏
قلت‏:‏ وفيه بعد لأنهم أشد الناس عداوة لليهود‏.‏
ويحتمل أن يكون بالنصب، والواو بمعنى مع أي‏:‏ يصلي مع أهل الكتاب إلى بيت المقدس، واختلف في صلاته إلى بيت المقدس وهو بمكة، فروى ابن ماجة من طريق أبي بكر بن عياش المذكورة ‏"‏ صلينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو بيت المقدس ثمانية عشر شهرا، وصرفت القبلة إلى الكعبة بعد دخول المدينة بشهرين ‏"‏ وظاهره أنه كان يصلي بمكة إلى بيت المقدس محضا، وحكى الزهري خلافا في أنه هل كان يجعل الكعبة خلف ظهره أو يجعلها بينه وبين بيت المقدس‏؟‏
قلت‏:‏ وعلى الأول فكان يجعل الميزاب خلفه، وعلى الثاني كان يصلي بين الركنين اليمانيين‏.‏
وزعم ناس أنه لم يزل يستقبل الكعبة بمكة، فلما قدم المدينة استقبل بيت المقدس ثم نسخ‏.‏
وحمل ابن عبد البر هذا على القول الثاني‏.‏
ويؤيد حمله على ظاهره إمامة جبريل، ففي بعض طرقه أن ذلك كان عند باب البيت‏.‏‏(‏1/ 98‏)‏
قوله‏:‏ ‏(‏أنكروا ذلك‏)‏ يعني‏:‏ اليهود، فنزلت ‏(‏سيقول السفهاء من الناس‏)‏ الآية‏.‏
وقد صرح المصنف بذلك في روايته من طريق إسرائيل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قال زهير‏)‏ يعني‏:‏ ابن معاوية بالإسناد المذكور بحذف أداة العطف كعادته، ووهم من قال إنه معلق، وقد ساقه المصنف في التفسير مع جملة الحديث عن أبي نعيم عن زهير سياقا واحدا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أنه مات على القبلة‏)‏ أي‏:‏ قبلة بيت المقدس قبل أن تحول ‏(‏رجال وقتلوا‏)‏ ذكر القتل لم أره إلا في رواية زهير، وباقي الروايات إنما فيها ذكر الموت فقط، وكذلك روى أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم صحيحا عن ابن عباس‏.‏
والذين ماتوا بعد فرض الصلاة وقبل تحويل القبلة من المسلمين عشرة أنفس، فبمكة من قريش‏:‏ عبد الله بن شهاب والمطلب بن أزهر الزهريان والسكران بن عمرو العامري‏.‏
وبأرض الحبشة منهم‏:‏ حطاب - بالمهملة - ابن الحارث الجمحي وعمرو بن أمية الأسدي وعبد الله بن الحارث السهمي وعروة بن عبد العزى وعدي بن نضلة العدويان‏.‏
ومن الأنصار بالمدينة‏:‏ البراء بن معرور - بمهملات - وأسعد بن زرارة‏.‏
فهؤلاء العشرة متفق عليهم‏.‏
ومات في المدة أيضا إياس بن معاذ الأشهلي، لكنه مختلف في إسلامه‏.‏
ولم أجد في شيء من الأخبار أن أحدا من المسلمين قتل قبل تحويل القبلة، لكن لا يلزم من عدم الذكر عدم الوقوع، فإن كانت هذه اللفظة محفوظة فتحمل على أن بعض المسلمين ممن لم يشتهر قتل في تلك المدة في غير الجهاد، ولم يضبط اسمه لقلة الاعتناء بالتاريخ إذ ذاك‏.‏
ثم وجدت في المغازي ذكر رجل اختلف في إسلامه وهو سويد بن الصامت، فقد ذكر ابن إسحاق أنه لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن تلقاه الأنصار في العقبة، فعرض عليه الإسلام فقال‏:‏ إن هذا القول حسن‏.‏
وانصرف إلى المدينة فقتل بها في وقعة بعاث - بضم الموحدة وإهمال العين وآخره مثلثة - وكانت قبل الهجرة، قال فكان قومه يقولون‏:‏ لقد قتل وهو مسلم، فيحتمل أن يكون هو المراد‏.‏
وذكر لي بعض الفضلاء أنه يحوز أن يراد من قتل بمكة من المستضعفين كأبوي عمار‏.‏
قلت‏:‏ يحتاج إلى ثبوت أن قتلهما بعد الإسراء‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ في هذا الحديث من الفوائد‏:‏ الرد على المرجئة في إنكارهم تسمية أعمال الدين إيمانا‏.‏
وفيه أن تمني تغيير بعض الأحكام جائز إذا ظهرت المصلحة في ذلك‏.‏
وفيه بيان شرف المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وكرامته على ربه لإعطائه له ما أحب من غير تصريح بالسؤال‏.‏
وفيه بيان ما كان في الصحابة من الحرص على دينهم والشفقة على إخوانهم، وقد وقع لهم نظير هذه المسألة لما نزل تحريم الخمر كما صح من حديث البراء أيضا فنزل ‏(‏ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا - إلى قوله - والله يحب المحسنين‏.‏ ‏(‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏(‏إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا‏)‏ ، ولملاحظة هذا المعنى عقب المصنف هذا الباب بقوله‏:‏ ‏"‏ باب حسن إسلام المرء ‏"‏ فذكر الدليل على أن المسلم إذا فعل الحسنة أثيب عليها‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس