|
Re: قرأت لك
(53) " مقابلة مع الدكتور / مراد هوفمان " " السفير والمفكر الألمانى المسلم " " مع جريدة الخليج 14/5/1999 " يقول الدكتور :
" يجب ألاّ ينخدع العالم الاسلامى ببعض مواقف الغرب , وأن يكون واقعيا فى التعامل مع الآخرين , فالغرب لا يخشى أى عقيدة , كما يخشى الاسلام , لا بد أن نعرف أن الخوف من الاسلام شعور متأصل فى الثقافة الغربية , يرجع ذلك الى التأريخ المظلم للعلاقة بين المسيحيين والمسلمين , ومحاولات كثير من كتاب ومثقفى الغرب احياء روح العصبية فى المسيحيين ضد المسلمين من جديد , وخاصة بعد انهيار العدوء التقليدى له والذى جند كل وسائله وثرواته خلال قرن لمواجهته واضعافه : ( الاتحاد السوفيتى ) .
ورغم أن كثيرا من كتاب الغرب , ومثقفيه الموضوعيين , يدركون تماما أن الاسلام دين محبة , وسلام , الاّ أن هذا المفهوم الموضوعى للاسلام لا يحقق مصالح الغرب العليا , فتوجه الجميع من ساسة , وخبراء اقتصاد , ومثقفين الى اعلان الحرب على الاسلام , كل بطريقته , وبأدواته , ..... فالغرب ليس مهتم أو مخلص لدينه , انما يبحث عن مصالحه الاقتصادية , والسياسية , ولو على حساب قيمه ومبادئه الدينية .
تحذير من الصهيونية : يقول الدكتور :
" لكى يمكن للمسلمين تصحيح الصورة المشوة العالقة بأذهان الغربيين عن الاسلام , لا بدّ أن ندرك أن هذه المفاهيم الخاطئة , والعالقة بأذهانهم , ترجع الى ثقافة مستقرة فى العقول , تنمى روح العداء , والمواجهة للاسلام , فهم يعتقدون أن الاسلام , قتال , وعدوان , ويرجعون انتشاره الهائل فى العالم الى اعتماد : " السلاح والارهاب " وسيلة أساسية لدعوته , ....... نعم هناك الكثير من كتاب الغرب , من بينهم أسماء كبيرة , لا معة , تؤكد خطأ التعامل مع الاسلام بهذا المفهوم التقليدى المتوارث دون دراسة لحقايق التأريخ الاّ أن : " الدعاية الصهيونية " والتى تعمل دائما على التشكيك فى أى محاولة لتصحيح هذا المفهوم لتنتهى بنا الى مزيد من الفشل , وخاصة فى ظل سيطرتها العالمية , الكاملة على وسائل الاعلام , ومصادر الثقافة الغربية , ( فليس من السهل فى ظل هذا الوضع أن تقنع الغرب المسيحى بأن الاسلام انتشر لأنه حرر الشعوب التى كابدت الحكم القيصرى , والبابوى , والكسروى , وان كثيرا من المسحيين هجروا الكنائس أفواجا ودخلوا فى الاسلام . ) ....... وتابع قائلا :
" لذا يجب على المسلمين أن يبحثوا عن مداخل أخرى للعقلية الأوروبية الحديثة , التى تجهل كثيرا من حقايق التأريخ , ولا تؤمن بالمسلمات , وتحتاج الى من يقنعها أولا بمصداقية الدين البديل , وتميزه عن غيره من العقائد , والأديان , لا بالكلام , ولا بالشعارات , ولا بالدعايات المذهبية, والسياسية , ولكن من خلال : " منظومة القيم الأخلاقية , والنظم الحياتية , والتعامل مع الانسان كانسان , كما كان عليه الاسلام الحقيقى "..... أى ترجمة الاسلام الى قيم وسلوكيات , وبهذا فقط يمكن توصيله للآخرين .
· فى رده عن التقارير الواردة عن تعاظم روح العداء للأقليات الاسلامية بالغرب : يقول :
" روح المواجهة والعداء ضد الاسلام , والوجود الاسلامى فى الغرب , تتنامى والشواهد عليه كثيرة , سواء فى المستوى الرسمى , أو الشعبى :
· الغرب الذى يتحدث عن حقوق الاسلام , يغمض عينيه عندما يتعلق الأمر بالمسلمين .
· هذه فلسفة متوارثة , وكما هو معلوم فان تأريخ أوروبا ملىء بالاضطهاد والعنصرية , والتطهير العرقى والدينى للأقليات العرقية والدينية , هناك شعور متنامى بالخوف من زيادة عدد المسلمين فى بلادهم بما يمكن أن يجعلهم أغلبية مسيطرة , يصحبه تسلسل عناصر الى مواقع اتخاذ القرار وهى مناصب سيادية , كل مع مصاحبة الترويج الشديد , والحملة الاعلامية , والثقافية , ان مثل هذه السيطرة تعنى انطلاقا من اعتقادهم الخاطىء : " اللجوء الى العنف, والى التغيير واستلام السلطة بالقوة , وما يتبع ذلك من ازلالهم , وسومهم سوء العذاب , وكيف لا يحدث ذلك , وهم يرونه مشاهد أمام أعينهم , ويستندون عليه بما هو حادث من تنامى تيار : " التطرف الدينى " وعلو صوت العنف , وسفك الدماء الريئة فى بعض البلدان الاسلامية مع التركيز الشديد والتأكيد على انتساب ذلك وسحبه على الاسلام .
· أخطاء فادحة ترتكبها المراكز الاسلامية بأوروبا : يقول الدكتور :
" فى بلد أوروبى واحد هالنى أن أجد عدد المراكز الاسلامية : (2578) مركزا وجمعية اسلامية , وعند تقييمها نجد :
· كثيرا منها لا يقوم بنشاط اسلامى ودعوى , أو علمى أو فكرى ملحوظ .
· بعض هذه الجمعيات توظف لبث روح الفرقة والانقسام بين المسلمين , مستفيدة من تنوع الثقافات والمذاهب , والفرق الضالة بين هذه الجاليات .
· وجود هيئات ومؤسسات اسلامية متنازعة , متناحرة , وتعكس صورة سيئة عن عن الاسلام والمسلمين .
· فى ظل هذا التنازع والخلاف , فهى بعيدة كل البعد عن تقديم الصورة المثالية للاسلام , وانشطتها بعيدة عن العقلية الأوروبية المتطلعة للمعرفة عن الاسلام .
· أخطاء الدعاة : يقول الدكتور :
· عدم اعداد هولاء الدعاة اعدادا صحيحا , وعدم معرفتهم ووقوفهم على تأريح هذه المجتمعات الأوروبية , وما بها من صراعات فكرية , وتيارات معادية للاسلام , الى جانب ضعف اعدادهم لغويا , أدى الى سلبيات خطيرة , أتاحت لأعدائه والمتربصين به , أن يتخذوا منها قرينة لتثبيت بعض المفاهيم الخاطئة , والتى ظلوا يروجونها ضد الاسلام , مثال ذلك :
· التعالى باسم الاسلام على الأديان الأخرى دون ايراد المعنى الحقيقى , وذلك بالتركيز على ظواهر بعض النصوص دون غيرها , مثل قوله تعالى : (( ومن يرد غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين . )) أو قوله تعالى : (( ان الدين عند الله الاسلام . )) مثل هذه النصوص التى ترد فى مثل هذه المواقف بلا وعى , تعطى فرصة للمتربصين , يبرهنون بها على ادعائهم , أن الاسلام دين يدعو الى التعصب , ولا يعرف التسامح , وهو لا يقبل أى دين آخر بجواره .
· التركيز على مساوىء وسلبيات الحضارة الغربية فيما يوحى , أو يمكن للمدعين أن الاسلام جاء لمواجهة هذه الحضارة التى جعلتهم يتفوقون علي المسلمين وغيرهم علميا وحضاريا , بمعنى أن الاسلام يمثل ثورة ضد تقدمهم , وانجازاتهم الحضارية , مما يؤدى الى تعاظم الرأى العام ضد الاسلام .
· والخطأ الأخير , وليس آخرا , عدم الاعداد العلمى السليم , والوقوف على تأريخ هذه المجتمعات وما بها من صراعات فكرية , وتيارات معادية للاسلام , ..... هذا الى ضعف اعدادهم لغويا , فنادرا ما تجد داعيا ملما بلغة البلد الذى يعمل به الماما كاملا , ولذلك تجد معظمهم عاجزين عن الحوار , الى جانب ضعفهم الواضح ثقافيا وعدم قدرتهم على التعائش مع هذه المجتمعات .
· الأقليات المسيحية فى بلاد الاسلام : يقول الدكتور :
· فى الواقع لا وجه للمقارنة بين الأقليات هنا وهناك , فالأقليات المسيحية هنا تأخذ حقوقها كاملة , رأيت ذلك فى مصر والمغرب والجزائر وتونس وتركيا وغيرها من البلدان الاسلامية , بينما الأقليات المسلمة هناك تواجه الوانا متعددة من الاضطهاد فى مختلف البلدان الأوروبية والأمريكية , حتى فى البلدان الأمريكية ذات الأقلية المسيحية , والدلائل على ذلك كثيرة , ويكفى ما يجرى ويحدث فى كوسوفو , والشىء الملاحظ انه بالرغم من ردح العداء والكراهية التى بدأت تتحرك , والمتمثل فى الاضطهاد , والواقع المتردى الذى تعيشه الآن هذه الأقليات والاهدار الكامل لحقوقها , وبالرغم من ذلك لا نجد من يناصرها من البلدان الاسلامية , بينما نجد أن الأقليات المسيحية فى بلاد الاسلام تجد من يناصرها حتى ولو كانت ظالمة , وهذه المفارقة الكبيرة الخاصة بتمتع الاقليات المسيحية فى بلاد الاسلام بحقوقها كاملة الأمر الذى أكده الغربيون فى العديد من كتاباتهم , هذه تعتبر شهادة تقدير للاسلام باعتباره الدين الوحيد الذى حافظ على الأقليات فى بلاده واعطى الجميع الحريه الدينيه وقدم وثيقه رائده تنظم حياة المجتمع المتعدد الجنسيات والاديات ..... ومما يدعو للتأمل والتدبر هو ان هذه التعدديه الدينيه المتسامحه لم تأتى نتيجة لتطور الممارسه الدمقراطيه كما حدث فى الغرب ولم يكن الدافع اليها الخوف من هيمنة الغرب وصواريخه وطائراته التى يؤدب بها من يشاء بل ان الباعث اليها أيات القرآن الكريم التى جاءت كثيره وبديعه تؤكد تسامح الاسلام والمسلمين , واعتبار التعدديه الدينيه داخل المجتمع الواحد ليس امرا مضادا بل هو آية من آيات الله وهى فى صالح الوجود الانسانى كله .
· ...........ونواصل حوار د. هوفمان :
|