قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ } الْحَرَائِرُ : مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ; غَيْرُ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ . { مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ } : عَفَائِفَ غَيْرَ فَوَاسِقَ .
قَالَ : وَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رحمه الله ) فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا } الْآيَةَ قَالَ : إذَا اتَّقَوْا لَمْ يَقْرُبُوا مَا حَرُمَ عَلَيْهِمْ .
قَالَ : وَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رحمه الله ) فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ } قَالَ : هَذَا مِثْلُ قوله تعالى { لَيْسَ عَلَيْك هُدَاهُمْ } , وَمِثْلُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } . وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ عَلَى أَلْفَاظٍ .
قَالَ : وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ( رحمه الله ) فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ } قَالَ : هَذَا مِثْلُ قوله تعالى { لَيْسَ عَلَيْك هُدَاهُمْ } , وَمِثْلُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } . وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ عَلَى أَلْفَاظٍ .
قَالَ : وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ } ذَكَرُوا فِيهَا مَعْنَيَيْنِ : ( أَحَدُهُمَا ) أَنَّهُ مَنْ عَصَى فَقَدْ جَهِلَ مِنْ جَمِيعِ الْخَلْقِ . ( وَالْآخَرُ ) أَنَّهُ لَا يَتُوبُ أَبَدًا : حَتَّى يَعْلَمَهُ , وَحَتَّى يَعْمَلَهُ : وَهُوَ لَا يَرَى أَنَّهُ مُحَرَّمٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَاهُمَا .
قَالَ : وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ( رحمه الله ) , [ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ] : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إلَّا خَطَأً } . مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَقْتُلَ أَخَاهُ إلَّا خَطَأً .
قَالَ : وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ } الْآيَةَ قَوْلُ عَائِشَةَ ( رضي الله عنها ) , أَثْبَتُ شَيْءٍ فِيهِ . وَذَكَرَ لِي فِي قَوْلِهَا : حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ .
قَالَ : وَقَالَ [ الشَّافِعِيُّ ] فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { لَا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ } لَيْسَ فِيهِ إلَّا قَوْلُ عَائِشَةَ : حَلِفُ الرَّجُلِ عَلَى الشَّيْءِ : يَسْتَيْقِنُهُ , ثُمَّ يَجِدُهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ . قُلْت : وَهَذَا بِخِلَافِ رِوَايَةِ الرَّبِيعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ . وَرِوَايَةِ الرَّبِيعِ أَصَحُّ فَهَذَا الَّذِي رَوَاهُ يُونُسُ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ إنَّمَا رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ . وَعُمَرَ بْنِ قَيْسٍ ضَعِيفٌ . وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ : كَالْمُنْقَطِعِ . وَالصَّحِيحُ عَنْ عَطَاءٍ وَعُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَا رَوَاهُ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ ; وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَيْضًا مَا أَجَازَهُ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ .
( قَرَأْت ) فِي كِتَابِ : ( السُّنَنِ ) رِوَايَةَ حَرْمَلَةَ عَنْ الشَّافِعِيِّ رحمه الله : قَالَ : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا } ,
وَقَالَ تَعَالَى : { أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْك } وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا } وَقَالَ تَبَارَكَ اسْمُهُ : { فَلْيَنْظُرْ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ } فَقِيلَ يَخْرُجُ مِنْ صُلْبِ الرَّجُلِ وَتَرَائِبِ الْمَرْأَةِ . وَقَالَ : { مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ } ; فَقِيلَ ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) : نُطْفَةُ الرَّجُلِ مُخْتَلِطَةٌ بِنُطْفَةِ الْمَرْأَةِ . ( قَالَ الشَّافِعِيُّ ) : وَمَا اخْتَلَطَ سَمَّتْهُ الْعَرَبُ أَمْشَاجًا . وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ } ; الْآيَةَ فَأَخْبَرَ ( جَلَّ ثَنَاؤُهُ ) أَنَّ كُلَّ آدَمِيٍّ مَخْلُوقٌ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى , وَسَمَّى الذَّكَرَ أَبًا وَالْأُنْثَى أُمًّا . وَنَبَّهَ أَنَّ مَا نُسِبَ : مِنْ الْوَلَدِ . إلَى أَبِيهِ : نِعْمَةٌ مِنْ نِعَمِهِ ; فَقَالَ : { فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } , وَقَالَ : { يَا زَكَرِيَّا إنَّا نُبَشِّرُك بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى } .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : ثُمَّ كَانَ بَيِّنًا فِي أَحْكَامِهِ ( جَلَّ ثَنَاؤُهُ ) أَنَّ نِعْمَتَهُ لَا تَكُونُ مِنْ جِهَةِ مَعْصِيَتِهِ ; فَأَحَلَّ النِّكَاحَ , فَقَالَ : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ } , وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { : فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } . وَحَرَّمَ الزِّنَا , فَقَالَ : { وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا } ; مَعَ مَا ذَكَرَهُ : فِي كِتَابِهِ . فَكَانَ مَعْقُولًا فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنَّ وَلَدَ الزِّنَا لَا يَكُونُ مَنْسُوبًا إلَى أَبِيهِ : الزَّانِي بِأُمِّهِ لِمَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ نِعْمَتَهُ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ جِهَةِ طَاعَتِهِ لَا مِنْ جِهَةِ مَعْصِيَتِهِ . ثُمَّ أَبَانَ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِ ذَلِكَ .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ , قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ ( بِبَغْدَادَ ) : نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ الْعَبَّاسِ الشَّافِعِيُّ ; حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِيهِ : حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ ; قَالَ : سَمِعْت الشَّافِعِيَّ يَقُولُ : نَظَرْت بَيْنَ دَفَّتَيْ الْمُصْحَفِ : فَعَرَفْت مُرَادَ اللَّهِ ( عَزَّ وَجَلَّ ) فِي جَمِيعِ مَا فِيهِ , إلَّا حَرْفَيْنِ : ( ذَكَرَهُمَا , وَأُنْسِيت أَحَدَهُمَا ) ; وَالْآخَرُ : قوله تعالى { وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } , فَلَمْ أَجِدْهُ : فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ; فَقَرَأْت لِمُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ أَنَّهَا : لُغَةُ السُّودَانِ , وَأَنَّ ( دَسَّاهَا ) أَغْوَاهَا . قَوْلُهُ : فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ; أَرَادَ : لُغَتَهُ أَوْ أَرَادَ فِيمَا بَلَغَهُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ . وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ مُقَاتِلٌ : لُغَةَ السُّودَانِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ ; وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .