عرض مشاركة واحدة
قديم 12-20-2012, 02:37 PM   #32
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: احكام القران للامام الشافعى رضى الله عنه


أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ نا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ ‏,‏ قَالَ ‏:‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ‏:‏ ‏{‏ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ‏}‏ ‏;‏ فَلَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ فِي أَنْ تُؤْخَذَ الْجِزْيَةُ مِمَّنْ أَمَرَ بِأَخْذِهَا مِنْهُ حَتَّى يُعْطِيَهَا عَنْ يَدٍ صَاغِرًا ‏.‏ قَالَ ‏:‏ وَسَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ ‏:‏ الصَّغَارُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ الْإِسْلَامِ ‏.‏ وَمَا أَشْبَهَ ‏,‏ مَا قَالُوا ‏,‏ بِمَا قَالُوا ‏:‏ لِامْتِنَاعِهِمْ مِنْ الْإِسْلَامِ ‏;‏ فَإِذَا جَرَى عَلَيْهِمْ حُكْمُهُ فَقَدْ أُصْغِرُوا بِمَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ مِنْهُ ‏.‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ وَكَانَ بَيِّنًا فِي الْآيَةِ ‏(‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ‏)‏ أَنَّ الَّذِينَ فُرِضَ قِتَالُهُمْ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ ‏:‏ الَّذِينَ قَامَتْ عَلَيْهِمْ الْحُجَّةُ بِالْبُلُوغِ ‏:‏ فَتَرَكُوا دِينَ اللَّهِ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ ‏,‏ وَأَقَامُوا عَلَى مَا وَجَدُوا عَلَيْهِ آبَاءَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَكَانَ بَيِّنًا أَنَّ اللَّهَ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ أَمَرَ بِقِتَالِهِمْ عَلَيْهَا ‏:‏ الَّذِينَ فِيهِمْ الْقِتَالُ ‏,‏ وَهُمْ ‏:‏ الرِّجَالُ الْبَالِغُونَ ‏.‏ ثُمَّ أَبَانَ رَسُولُ اللَّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ مِثْلَ مَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ ‏:‏ فَأَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ الْمُحْتَلِمِينَ ‏,‏ دُونَ مَنْ دُونَهُمْ وَدُونَ النِّسَاءِ ‏.‏ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ ‏.‏
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ‏:‏ ‏{‏ إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ‏}‏ الْآيَةَ فَسَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ ‏,‏ يَقُولُ ‏:‏ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ ‏:‏ الْحَرَمُ وَسَمِعْتُ عَدَدًا مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي يَرْوُونَ أَنَّهُ كَانَ فِي رِسَالَةِ النَّبِيِّ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ ‏:‏ ‏{‏ لَا يَجْتَمِعُ مُسْلِمٌ وَمُشْرِكٌ فِي الْحَرَمِ ‏,‏ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ‏.‏ ‏}‏
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ فَرَضَ اللَّهُ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ ‏:‏ قِتَالَ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُسْلِمُوا ‏,‏ وَأَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ وَقَالَ ‏:‏ ‏{‏ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا ‏}‏ ‏.‏ فَبِذَا فُرِضَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا أَطَاقُوهُ ‏;‏ فَإِذَا عَجَزُوا عَنْهُ فَإِنَّمَا كُلِّفُوا مِنْهُ مَا أَطَاقُوهُ ‏;‏ فَلَا بَأْسَ ‏:‏ أَنْ يَكُفُّوا عَنْ قِتَالِ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ‏,‏ وَأَنْ يُهَادِنُوهُمْ ‏.‏ ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إلَى أَنْ قَالَ ‏:‏ فَهَادَنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ ‏(‏ يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ بِالْحُدَيْبِيَةِ ‏)‏ فَكَانَتْ الْهُدْنَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَشْرَ سِنِينَ ‏,‏ وَنَزَلَ عَلَيْهِ فِي سَفَرِهِ فِي أَمْرِهِمْ ‏:‏ ‏{‏ إنَّا فَتَحْنَا لَك فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ‏}‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَمَا كَانَ فِي الْإِسْلَامِ فَتْحٌ أَعْظَمَ مِنْهُ وَذَكَرَ ‏:‏ دُخُولَ النَّاسِ فِي الْإِسْلَامِ ‏:‏ حِينَ أَمِنُوا ‏.‏ وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي مُهَادَنَةِ مَنْ يَقْوَى عَلَى قِتَالِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُهَادَنَتُهُمْ عَلَى النَّظَرِ ‏:‏ عَلَى غَيْرِ جِزْيَةٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ‏.‏ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏ بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ‏}‏ الْآيَةَ وَمَا بَعْدَهَا ‏.‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ لَمَّا قَوِيَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ أَنْزَلَ اللَّهُ ‏(‏ تَعَالَى ‏)‏ عَلَى النَّبِيِّ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ مَرْجِعَهُ مِنْ تَبُوكَ ‏:‏ ‏{‏ بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ‏}‏ ‏.‏ ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إلَى أَنْ قَالَ ‏:‏ فَقِيلَ ‏:‏ كَانَ الَّذِينَ عَاهَدُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ ‏:‏ قَوْمًا مُوَادِعِينَ إلَى غَيْرِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَجَعَلَهَا اللَّهُ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ‏;‏ ثُمَّ جَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ كَذَلِكَ ‏.‏ وَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ فِي قَوْمٍ عَاهَدَهُمْ إلَى مُدَّةٍ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ أَنْ يُتِمَّ إلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إلَى مُدَّتِهِمْ مَا اسْتَقَامُوا لَهُ ‏,‏ وَمَنْ خَافَ مِنْهُ خِيَانَةً مِنْهُمْ نَبَذَ إلَيْهِ ‏.‏ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُسْتَأْنَفَ مُدَّةٌ ‏,‏ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ ‏:‏ وَبِالْمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ ‏.‏ إلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ‏.‏
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ مَنْ جَاءَ ‏:‏ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ ‏;‏ فَحَقٌّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُؤَمِّنَهُ ‏:‏ حَتَّى يَتْلُوَ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ ‏,‏ وَيَدْعُوهُ إلَى الْإِسْلَامِ بِالْمَعْنَى الَّذِي يَرْجُو أَنْ يُدْخِلَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ ‏.‏ لِقَوْلِ اللَّهِ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏{‏ وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ‏}‏ وَإِبْلَاغُهُ مَأْمَنَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُعَاهَدِينَ مَا كَانَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ ‏,‏ أَوْ حَيْثُ مَا يَتَّصِلُ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ ‏.‏ قَالَ ‏:‏ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ‏}‏ ‏;‏ ‏[‏ يَعْنِي ‏]‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْكَ أَوْ مِمَّنْ يَقْتُلُهُ عَلَى دِينِكَ ‏;‏ ‏[‏ أَوْ ‏]‏ مِمَّنْ يُطِيعُكَ لَا أَمَانَهُ ‏[‏ مِنْ ‏]‏ غَيْرِكَ مِنْ عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِ ‏:‏ الَّذِي لَا يَأْمَنُهُ ‏,‏ وَلَا يُطِيعُكَ ‏.‏
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ نا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ جِمَاعُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ ‏,‏ وَالْعَهْدِ ‏:‏ كَانَ بِيَمِينٍ ‏,‏ أَوْ غَيْرِهَا ‏.‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ‏:‏ ‏{‏ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ‏}‏ ‏,‏ وَفِي وقوله تعالى ‏:‏ ‏{‏ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ‏}‏ ‏.‏ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ الْوَفَاءَ بِالْعُقُودِ ‏:‏ بِالْأَيْمَانِ ‏;‏ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ ‏;‏ ‏[‏ مِنْهَا ‏]‏ ‏:‏ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إذَا عَاهَدْتُمْ ‏}‏ ‏;‏ ثُمَّ ‏:‏ ‏{‏ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا ‏}‏ إلَى قَوْلِهِ ‏:‏ ‏{‏ تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ ‏}‏ الْآيَةَ ‏,‏ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ‏}‏ ‏;‏ مَعَ مَا ذَكَرَ بِهِ الْوَفَاءَ بِالْعَهْدِ ‏.‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ هَذَا مِنْ سَعَةِ لِسَانِ الْعَرَبِ الَّذِي خُوطِبَتْ بِهِ ‏,‏ فَظَاهِرُهُ عَامٌّ عَلَى كُلِّ عَقْدٍ ‏.‏ وَيُشْبِهُ ‏(‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ‏)‏ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ ‏(‏ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ‏)‏ أَرَادَ ‏:‏ ‏[‏ أَنْ ‏]‏ يُوفُوا بِكُلِّ عَقْدٍ ‏:‏ كَانَ بِيَمِينٍ ‏,‏ أَوْ غَيْرِ يَمِينٍ ‏.‏ وَكُلِّ عَقْدِ نَذْرٍ إذَا كَانَ فِي الْعَقْدَيْنِ لِلَّهِ طَاعَةٌ ‏,‏ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيمَا أَمَرَ بِالْوَفَاءِ مِنْهَا مَعْصِيَةٌ ‏.‏ وَاحْتَجَّ ‏:‏ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ صَالَحَ قُرَيْشًا بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ ‏;‏ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ‏(‏ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ‏)‏ فِي امْرَأَةٍ جَاءَتْهُ مِنْهُمْ مُسْلِمَةً ‏;‏ ‏(‏ سَمَّاهَا فِي مَوْضُوعٍ آخَرَ ‏:‏ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ ‏)‏ ‏.‏ ‏:‏ ‏{‏ إذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ ‏}‏ إلَى ‏:‏ ‏{‏ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الْكُفَّارِ ‏}‏ الْآيَةَ إلَى قَوْلِهِ ‏:‏ ‏{‏ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا ‏}‏ فَفَرَضَ اللَّهُ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَرُدُّوا النِّسَاءَ ‏,‏ وَقَدْ أَعْطَوْهُمْ ‏:‏ رَدَّ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ ‏,‏ وَهُنَّ مِنْهُمْ فَحَبَسَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏.‏ قَالَ ‏:‏ عَاهَدَ رَسُولُ اللَّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ قَوْمًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ ‏;‏ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ عَلَيْهِ ‏:‏ ‏{‏ بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ‏}‏ ‏.‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي صُلْحِ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ ‏,‏ وَمَنْ صَالَحَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ كَانَ صُلْحُهُ لَهُمْ طَاعَةً لِلَّهِ ‏;‏ إمَّا عَنْ أَمْرِ اللَّهِ بِمَا صَنَعَ ‏;‏ نَصًّا ‏,‏ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ جَعَلَ ‏[‏ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ لِمَنْ رَأَى بِمَا رَأَى ‏;‏ ثُمَّ أَنْزَلَ قَضَاءَهُ عَلَيْهِ فَصَارُوا إلَى قَضَاءِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ‏]‏ ‏,‏ وَنَسَخَ ‏[‏ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏]‏ فِعْلَهُ ‏,‏ بِفِعْلِهِ بِأَمْرِ اللَّهِ ‏.‏ وَكُلٌّ كَانَ ‏:‏ طَاعَةً لِلَّهِ فِي وَقْتِهِ ‏,‏ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ ‏.‏ وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏(‏ رحمه الله ‏)‏ ‏:‏ وَكَانَ بَيِّنًا فِي الْآيَةِ ‏:‏ مَنْعُ الْمُؤْمِنَاتِ الْمُهَاجِرَاتِ ‏,‏ مِنْ أَنْ يَرْدُدْنِ إلَى دَارِ الْكُفْرِ ‏,‏ وَقَطْعُ الْعِصْمَةِ بِالْإِسْلَامِ ‏.‏ بَيْنَهُنَّ ‏,‏ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِنَّ ‏.‏ وَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ قَطْعَ الْعِصْمَةِ ‏:‏ إذَا انْقَضَتْ عِدَدُهُنَّ وَلَمْ يُسْلِمْ أَزْوَاجُهُنَّ ‏:‏ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ‏.‏ وَكَانَ بَيِّنًا فِي الْآيَةِ أَنْ يُرَدَّ عَلَى الْأَزْوَاجِ نَفَقَاتُهُمْ ‏,‏ وَمَعْقُولٌ فِيهَا أَنَّ نَفَقَاتِهِمْ الَّتِي تُرَدُّ ‏:‏ نَفَقَاتُ اللَّاتِي مَلَكُوا عَقْدَهُنَّ ‏,‏ وَهِيَ ‏:‏ الْمُهُورُ ‏;‏ إذَا كَانُوا قَدْ أَعْطَوْهُنَّ إيَّاهَا ‏.‏ وَبَيِّنٌ أَنَّ الْأَزْوَاجَ ‏:‏ الَّذِينَ يُعْطَوْنَ النَّفَقَاتِ ‏:‏ لِأَنَّهُمْ الْمَمْنُوعُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ‏.‏ وَأَنَّ نِسَاءَهُمْ ‏:‏ الْمَأْذُونُ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إذَا آتَوْهُنَّ أُجُورَهُنَّ ‏.‏ لِأَنَّهُ لَا إشْكَالَ عَلَيْهِمْ فِي أَنْ يَنْكِحُوا غَيْرَ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ ‏;‏ إنَّمَا كَانَ الْإِشْكَالُ فِي نِكَاحِ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ ‏;‏ حَتَّى قَطَعَ اللَّهُ عِصْمَةَ الْأَزْوَاجِ بِإِسْلَامِ النِّسَاءِ ‏,‏ وَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ أَنَّ ذَلِكَ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ قَبْلَ إسْلَامِ الْأَزْوَاجِ فَلَا يُؤَدِّي أَحَدٌ نَفَقَةً فِي امْرَأَةٍ فَاتَتْ ‏,‏ إلَّا ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ ‏.‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ قَالَ اللَّهُ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ لِلْمُسْلِمِينَ ‏:‏ ‏{‏ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ‏}‏ فَأَبَانَهُنَّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ‏,‏ وَأَبَانَ رَسُولُ اللَّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ أَنَّ ذَلِكَ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ ‏.‏ وَكَانَ الْحُكْمُ فِي إسْلَامِ الزَّوْجِ ‏,‏ الْحُكْمَ فِي إسْلَامِ الْمَرْأَةِ ‏:‏ لَا يَخْتَلِفَانِ ‏.‏ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏;‏ ‏{‏ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ‏}‏ ‏.‏ يَعْنِي ‏(‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ‏)‏ أَنَّ أَزْوَاجَ الْمُشْرِكَاتِ ‏:‏ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ‏;‏ إذَا مَنَعَهُنَّ الْمُشْرِكُونَ إتْيَانَ أَزْوَاجِهِنَّ ‏:‏ بِالْإِسْلَامِ أَدَّوْا مَا دَفَعَ إلَيْهِنَّ الْأَزْوَاجُ مِنْ الْمُهُورِ ‏;‏ كَمَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُونَ مَا دَفَعَ أَزْوَاجُ الْمُسْلِمَاتِ مِنْ الْمُهُورِ ‏.‏ وَجَعَلَهُ اللَّهُ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ حُكْمًا بَيْنَهُمْ ‏.‏ ثُمَّ حَكَمَ ‏[‏ لَهُمْ ‏]‏ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَعْنَى حُكْمًا ثَانِيًا ‏;‏ فَقَالَ ‏:‏ ‏{‏ وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ ‏}‏ كَأَنَّهُ ‏(‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ‏)‏ يُرِيدُ فَلَمْ تَعْفُوا عَنْهُمْ إذَا لَمْ يَعْفُوا عَنْكُمْ مُهُورَ نِسَائِكُمْ ‏;‏ ‏{‏ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا ‏}‏ ‏.‏ كَأَنَّهُ يَعْنِي مِنْ مُهُورِهِمْ ‏;‏ إذَا فَاتَتْ امْرَأَةُ مُشْرِكٍ ‏:‏ أَتَتْنَا مُسْلِمَةً ‏;‏ قَدْ أَعْطَاهَا مِائَةً فِي مَهْرِهَا ‏;‏ وَفَاتَتْ امْرَأَةٌ مُشْرِكَةٌ إلَى الْكُفَّارِ ‏,‏ قَدْ أَعْطَاهَا مِائَةً حُسِبَتْ مِائَةُ الْمُسْلِمِ ‏,‏ بِمِائَةِ الْمُشْرِكِ ‏.‏ فَقِيلَ ‏:‏ تِلْكَ الْعُقُوبَةُ ‏.‏ قَالَ ‏:‏ وَيُكْتَبُ بِذَلِكَ إلَى أَصْحَابِ عُهُودِ الْمُشْرِكِينَ ‏:‏ ‏[‏ حَتَّى ‏]‏ يُعْطَى الْمُشْرِكُ مَا قَصَصْنَاهُ مِنْ مَهْرِ امْرَأَتِهِ لِلْمُسْلِمِ الَّذِي فَاتَتْ امْرَأَتُهُ إلَيْهِمْ ‏:‏ لَيْسَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ ‏.‏ ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي التَّفْرِيعِ عَلَى ‏[‏ هَذَا ‏]‏ الْقَوْلِ فِي مَوْضُوعِ دُخُولِ النِّسَاءِ فِي صُلْحِ النَّبِيِّ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ بِالْحُدَيْبِيَةِ ‏.‏ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ‏:‏ وَإِنَّمَا ذَهَبْتُ إلَى أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ ‏;‏ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ رَدُّهُنَّ فِي الصُّلْحِ لَمْ يُعْطَ أَزْوَاجُهُنَّ فِيهِنَّ عِوَضًا ‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ‏.‏
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ نا أَبُو الْعَبَّاسِ ‏,‏ أَنَا الرَّبِيعُ ‏,‏ قَالَ ‏:‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ‏}‏ ‏.‏ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ هُدْنَةٍ بَلَغَ النَّبِيَّ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ عَنْهُمْ ‏,‏ شَيْءٌ ‏:‏ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى خِيَانَتِهِمْ فَإِذَا جَاءَتْ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوفِ أَهْلُ الْهُدْنَةِ ‏,‏ بِجَمِيعِ مَا عَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَنْبِذَ إلَيْهِمْ ‏.‏ وَمَنْ قُلْتَ ‏:‏ لَهُ أَنْ يَنْبِذَ إلَيْهِ ‏;‏ فَعَلَيْهِ أَنْ يُلْحِقَهُ بِمَأْمَنِهِ ‏;‏ ثُمَّ لَهُ أَنْ يُحَارِبَهُ ‏;‏ كَمَا يُحَارِبُ مَنْ لَا هُدْنَةَ لَهُ ‏.‏
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ نَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ قَالَ اللَّهُ ‏(‏ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ‏)‏ لِنَبِيِّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ ‏:‏ ‏{‏ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ‏}‏ ‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس