عرض مشاركة واحدة
قديم 12-20-2012, 02:36 PM   #31
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: احكام القران للامام الشافعى رضى الله عنه


قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمْ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ ‏}‏ ‏.‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏(‏ رحمه الله ‏)‏ ‏:‏ فَإِذَا فَرَّ الْوَاحِدُ مِنْ اثْنَيْنِ فَأَقَلَّ ‏:‏ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ يَمِينًا ‏,‏ وَشِمَالًا ‏,‏ وَمُدْبِرًا وَنِيَّتُهُ الْعَوْدَةُ لِلْقِتَالِ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ ‏:‏ ‏[‏ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ‏]‏ ‏:‏ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ ‏,‏ كَانَتْ بِحَضْرَتِهِ أَوْ مَبِينَةً عَنْهُ ‏:‏ فَسَوَاءٌ ‏;‏ إنَّمَا يَصِيرُ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ إلَى نِيَّةِ الْمُتَحَرِّفِ ‏,‏ أَوْ الْمُتَحَيِّزِ فَإِنْ ‏[‏ كَانَ ‏]‏ اللَّهُ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا تَحَرَّفَ ‏:‏ لِيَعُودَ لِلْقِتَالِ ‏,‏ أَوْ تَحَيَّزَ لِذَلِكَ فَهُوَ الَّذِي اسْتَثْنَى اللَّهُ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ ‏:‏ فَأَخْرَجَهُ مِنْ سَخَطِهِ فِي التَّحَرُّفِ وَالتَّحَيُّزِ ‏.‏ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى فَقَدْ خِفْتُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ قَدْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنْ اللَّهِ إلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ ‏[‏ عَنْهُ ‏]‏ ‏.‏ قَالَ ‏:‏ وَإِنْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ أَكْثَرَ مِنْ ضِعْفِهِمْ لَمْ أُحِبَّ لَهُمْ أَنْ يُوَلُّوا عَنْهُمْ ‏,‏ وَلَا يَسْتَوْجِبُونَ السَّخَطَ عِنْدِي مِنْ اللَّهِ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ ‏:‏ لَوْ وَلَّوْا عَنْهُمْ عَلَى غَيْرِ التَّحَرُّفِ لِلْقِتَالِ ‏,‏ أَوْ التَّحَيُّزِ إلَى فِئَةٍ ‏.‏ لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ اللَّهَ ‏(‏ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ‏)‏ إنَّمَا يُوجِبُ سَخَطَهُ عَلَى مَنْ تَرَكَ فَرْضَهُ ‏,‏ وَأَنَّ فَرْضَ اللَّهِ فِي الْجِهَادِ ‏,‏ إنَّمَا هُوَ عَلَى أَنْ يُجَاهِدَ الْمُسْلِمُونَ ضِعْفَهُمْ مِنْ الْعَدُوِّ ‏.‏
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ قَالَ اللَّهُ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ فِي بَنِي النَّضِيرِ حِينَ حَارَبَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏{‏ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ‏}‏ إلَى ‏:‏ ‏{‏ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ ‏}‏ فَوَصَفَ إخْرَابَهُمْ مَنَازِلَهُمْ بِأَيْدِهِمْ ‏,‏ وَإِخْرَابَ الْمُؤْمِنِينَ بُيُوتَهُمْ وَوَصْفُهُ إيَّاهُ ‏[‏ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ‏]‏ ‏:‏ كَالرِّضَا بِهِ ‏.‏ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ بِقَطْعِ نَخْلٍ مِنْ أَلْوَانِ نَخْلِهِمْ ‏;‏ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ‏(‏ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ‏)‏ ‏:‏ رِضًا بِمَا صَنَعُوا ‏.‏ ‏{‏ مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ ‏}‏ فَرَضِيَ الْقَطْعَ ‏,‏ وَأَبَاحَ التَّرْكَ ‏.‏ وَالْقَطْعُ وَالتَّرْكُ مَوْجُودَانِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ‏,‏ وَذَلِكَ ‏:‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَتَرَكَ ‏,‏ وَقَطَعَ نَخْلَ غَيْرِهِمْ وَتَرَكَ ‏,‏ وَمِمَّنْ غَزَا ‏:‏ مَنْ لَمْ يَقْطَعْ نَخْلَهُ ‏.‏
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ ‏,‏ قَالَ ‏:‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْحَرْبِيِّ ‏:‏ إذَا أَسْلَمَ وَكَانَ قَدْ نَالَ مُسْلِمًا ‏,‏ أَوْ مُعَاهَدًا ‏,‏ ‏[‏ أَوْ مُسْتَأْمَنًا ‏]‏ ‏:‏ بِقَتْلٍ ‏,‏ أَوْ جَرْحٍ ‏,‏ أَوْ مَالٍ ‏.‏ لَمْ يَضْمَنْ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يُوجَدَ عِنْدَهُ مَالُ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ‏}‏ ‏;‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ وَمَا سَلَفَ مَا تَقَضَّى وَذَهَبَ ‏.‏ وَقَالَ ‏:‏ ‏{‏ اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا ‏}‏ ‏,‏ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِرَدِّ مَا مَضَى ‏:‏ ‏[‏ مِنْهُ ‏]‏ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ ‏.‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضُوعٍ آخَرَ ‏(‏ بِهَذَا الْإِسْنَادِ ‏)‏ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ‏:‏ وَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ بِحُكْمِ اللَّهِ كُلَّ رِبًا ‏:‏ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ ‏,‏ وَلَمْ يُقْبَضْ وَلَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا قَبَضَ رِبًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَرُدَّهُ ‏.‏
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ‏(‏ فِي آخَرِينَ ‏)‏ ‏;‏ قَالُوا ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَنَا الشَّافِعِيُّ ‏:‏ أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ سَمِعْتُ عَلِيًّا ‏(‏ رضي الله عنه ‏)‏ ‏,‏ يَقُولُ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ ‏.‏ فَقَالَ ‏:‏ انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ ‏;‏ فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ فَخَرَجْنَا تَهَادَى بِنَا خَيْلُنَا فَإِذَا نَحْنُ بِظَعِينَةٍ فَقُلْنَا أَخْرِجِي الْكِتَابَ ‏.‏ فَقَالَتْ مَا مَعِي كِتَابٌ فَقُلْنَا لَهَا ‏:‏ لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ ‏,‏ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ ‏.‏ فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا ‏;‏ فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إلَى أُنَاسٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ يُخْبِرُ ‏:‏ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ فَقَالَ مَا هَذَا يَا حَاطِبُ ‏؟‏ فَقَالَ ‏:‏ لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ إنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ ‏,‏ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا ‏,‏ وَكَانَ ‏[‏ مَنْ ‏]‏ مَعَكَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا قِرْبَاتِهِمْ ‏,‏ وَلَمْ يَكُنْ لِي بِمَكَّةَ قَرَابَةٌ فَأَحْبَبْتُ إذْ فَاتَنِي ذَلِكَ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا ‏,‏ وَاَللَّهِ مَا فَعَلْتُهُ شَكًّا فِي دِينِي وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ ‏.‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ إنَّهُ قَدْ صَدَقَ ‏.‏ فَقَالَ عُمَرُ ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ ‏.‏ فَقَالَ النَّبِيُّ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ إنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ‏,‏ وَمَا يُدْرِيكَ ‏:‏ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ ‏,‏ فَقَالَ ‏:‏ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ‏;‏ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ ‏.‏ وَنَزَلَتْ ‏:‏ ‏{‏ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ‏}‏
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ نا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ ‏,‏ قَالَ ‏:‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ‏:‏ طَرْحُ الْحُكْمِ بِاسْتِعْمَالِ الظُّنُونِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْكِتَابُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَ حَاطِبٌ ‏,‏ كَمَا قَالَ ‏:‏ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ شَكًّا فِي الْإِسْلَامِ ‏,‏ وَأَنَّهُ فَعَلَهُ ‏:‏ لِيَمْنَعَ أَهْلَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ زَلَّةً لَا ‏:‏ رَغْبَةً عَنْ الْإِسْلَامِ وَاحْتَمَلَ الْمَعْنَى الْأَقْبَحَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِيمَا احْتَمَلَ فِعْلُهُ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ ‏.‏
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى نا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ أَنَا الرَّبِيعُ ‏,‏ قَالَ ‏:‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏(‏ رحمه الله ‏)‏ ‏:‏ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ‏:‏ ‏{‏ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ‏}‏ ‏.‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ ‏(‏ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ‏)‏ دِينَهُ ‏:‏ الَّذِي بَعَثَ بِهِ ‏]‏ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْأَدْيَانِ بِأَنْ أَبَانَ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَهُ أَنَّهُ الْحَقُّ ‏,‏ وَمَا خَالَفَهُ مِنْ الْأَدْيَانِ بَاطِلٌ وَأَظْهَرَهُ بِأَنَّ جِمَاعَ الشِّرْكِ دِينَانِ ‏:‏ دِينُ أَهْلِ الْكِتَابِ ‏,‏ وَدِينُ الْأُمِّيِّينَ ‏.‏ فَقَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ الْأُمِّيِّينَ ‏:‏ حَتَّى دَانُوا بِالْإِسْلَامِ طَوْعًا وَكَرْهًا ‏,‏ وَقَتَلَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ‏,‏ وَسَبَى ‏:‏ حَتَّى دَانَ بَعْضُهُمْ بِالْإِسْلَامِ ‏,‏ وَأَعْطَى بَعْضٌ الْجِزْيَةَ ‏:‏ صَاغِرِينَ ‏,‏ وَجَرَى عَلَيْهِمْ حُكْمُهُ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ وَهَذَا ‏:‏ ظُهُورُ الدِّينِ كُلِّهِ ‏.‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ وَقَدْ يُقَالُ ‏:‏ لَيُظْهِرَنَّ اللَّهُ دِينَهُ عَلَى الْأَدْيَانِ حَتَّى لَا يُدَانَ اللَّهُ إلَّا بِهِ وَذَلِكَ مَتَى شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏.‏
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ‏}‏ وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ‏:‏ ‏{‏ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ‏}‏ ‏.‏ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ‏:‏ فَقِيلَ ‏[‏ فِيهِ ‏]‏ ‏:‏ ‏(‏ فِتْنَةٌ ‏)‏ ‏:‏ شِرْكٌ ‏,‏ ‏(‏ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ ‏)‏ ‏:‏ وَاحِدًا ‏(‏ لِلَّهِ ‏)‏ ‏.‏ وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ ‏:‏ ‏{‏ لَا أَزَالُ أُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا ‏:‏ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ‏}‏ ‏.‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ‏}‏ ‏.‏ وَذَكَرَ حَدِيثَ بُرَيْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ فِي الدُّعَاءِ إلَى الْإِسْلَامِ ‏,‏ وَقَوْلَهُ ‏:‏ ‏{‏ فَإِنْ لَمْ يُجِيبُوا إلَى الْإِسْلَامِ فَادْعُهُمْ إلَى أَنْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ ‏;‏ فَإِنْ فَعَلُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَدَعْهُمْ ‏,‏ وَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ ‏}‏ ‏.‏ ثُمَّ قَالَ ‏:‏ وَلَيْسَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْآيَتَيْنِ نَاسِخَةً لِلْأُخْرَى ‏,‏ وَلَا وَاحِدٌ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ نَاسِخًا لِلْآخَرِ ‏,‏ وَلَا مُخَالِفًا لَهُ ‏.‏ وَلَكِنَّ إحْدَى الْآيَتَيْنِ وَالْحَدِيثَيْنِ مِنْ الْكَلَامِ الَّذِي مَخْرَجُهُ عَامٌّ يُرَادُ بِهِ الْخَاصُّ ‏,‏ وَمِنْ الْجُمَلِ الَّتِي يَدُلُّ عَلَيْهَا الْمُفَسِّرُ ‏.‏ فَأَمْرُ اللَّهِ ‏(‏ تَعَالَى ‏)‏ ‏:‏ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا ‏;‏ ‏(‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ‏)‏ أَمْرُهُ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ ‏.‏ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ‏:‏ فِي الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ ‏]‏ ‏;‏ دُونَ أَهْلِ الْكِتَابِ ‏.‏ وَفَرْضُ اللَّهِ ‏:‏ قِتَالَ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ إنْ لَمْ يُؤْمِنُوا ‏.‏ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ بُرَيْدَةَ ‏:‏ ‏[‏ فِي أَهْلِ الْأَوْثَانِ خَاصَّةً ‏]‏ فَالْفَرْضُ فِيمَنْ دَانَ وَآبَاؤُهُ دِينَ أَهْلِ الْأَوْثَانِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ‏.‏ أَنْ يُقَاتَلُوا إذْ قُدِرَ عَلَيْهِمْ ‏;‏ حَتَّى يُسْلِمُوا وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُمْ جِزْيَةٌ ‏;‏ ‏[‏ بِكِتَابِ اللَّهِ ‏,‏ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ ‏]‏ ‏.‏ وَالْفَرْضُ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَنْ دَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ ‏[‏ كُلِّهِ ‏]‏ دِينَهُمْ أَنْ يُقَاتَلُوا حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ ‏,‏ أَوْ يُسْلِمُوا وَسَوَاءٌ كَانُوا عَرَبًا ‏,‏ أَوْ عَجَمًا ‏.‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ وَلِلَّهِ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ كُتُبٌ ‏:‏ نَزَلَتْ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ ‏;‏ ‏[‏ الْمَعْرُوفُ ‏]‏ مِنْهَا عِنْدَ الْعَامَّةِ ‏:‏ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ ‏.‏ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ أَنَّهُ أَنْزَلَ غَيْرَهُمَا ‏;‏ فَقَالَ ‏:‏ ‏{‏ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ‏}‏ ‏.‏ وَلَيْسَ يُعْرَفُ تِلَاوَةُ كِتَابِ إبْرَاهِيمَ وَذِكْرُ زَبُورَ دَاوُد ‏;‏ فَقَالَ ‏:‏ ‏{‏ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ‏}‏ ‏.‏ قَالَ ‏:‏ وَالْمَجُوسُ ‏:‏ أَهْلُ كِتَابٍ ‏:‏ غَيْرِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ‏;‏ وَقَدْ نَسُوا كِتَابَهُمْ وَبَدَّلُوهُ وَأَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ ‏:‏ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ ‏.‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ وَدَانَ قَوْمٌ مِنْ الْعَرَبِ ‏.‏ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ مِنْ بَعْضِهِمْ ‏,‏ الْجِزْيَةَ وَسَمَّى مِنْهُمْ ‏[‏ فِي مَوْضِعٍ ‏]‏ آخَرَ ‏:‏ أُكَيْدِرَ دُومَةَ ‏,‏ وَهُوَ رَجُلٌ يُقَالُ مِنْ غَسَّانَ أَوْ كِنْدَةَ ‏.‏
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ حَكَمَ اللَّهُ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ فِي الْمُشْرِكِينَ ‏,‏ حُكْمَيْنِ ‏.‏ فَحَكَمَ أَنْ يُقَاتَلَ أَهْلُ الْأَوْثَانِ ‏:‏ حَتَّى يُسْلِمُوا ‏;‏ وَأَهْلُ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ ‏:‏ إنْ لَمْ يُسْلِمُوا وَأَحَلَّ اللَّهُ نِسَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ ‏,‏ وَطَعَامَهُمْ فَقِيلَ ‏:‏ طَعَامُهُمْ ‏:‏ ذَبَائِحُهُمْ فَاحْتَمَلَ ‏:‏ كُلَّ أَهْلِ الْكِتَابِ ‏,‏ وَكُلَّ مَنْ دَانَ دِينَهُمْ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ ‏.‏ وَكَانَتْ دَلَالَةُ مَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ ‏(‏ صلى الله عليه وسلم ‏)‏ ‏,‏ ثُمَّ ‏[‏ مَا ‏]‏ لَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا أَنَّهُ أَرَادَ أَهْلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ دُونَ الْمَجُوسِ ‏.‏ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ ‏,‏ وَفَرَّقَ بَيْنَ بَنِي إسْرَائِيلَ ‏,‏ وَمَنْ دَانَ دِينَهُمْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ بَنِي إسْرَائِيلَ ‏.‏ بِمَا ذَكَرَ اللَّهُ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ مِنْ نِعْمَتِهِ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ ‏.‏ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ ‏;‏ وَمَا آتَاهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ دَهْرِهِمْ ‏.‏ فَمَنْ دَانَ دِينَهُمْ مِنْ غَيْرِهِمْ ‏.‏ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ كِتَابٍ إلَّا ‏:‏ لِمَعْنًى ‏;‏ لَا أَهْلَ كِتَابٍ مُطْلَقٍ فَتُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ ‏,‏ وَلَا تُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ ‏,‏ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ ‏:‏ كَالْمَجُوسِ لِأَنَّ اللَّهَ ‏(‏ عَزَّ وَجَلَّ ‏)‏ إنَّمَا أَحَلَّ لَنَا ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ نَزَلَ وَذَكَرَ الرِّوَايَةَ فِيهِ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما ‏.‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ وَاَلَّذِي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي إحْلَالِ ذَبَائِحِهِمْ ‏;‏ وَأَنَّهُ تَلَا ‏:‏ ‏{‏ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ‏}‏ فَهُوَ لَوْ ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏:‏ كَانَ الْمَذْهَبُ إلَى قَوْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ ‏(‏ رضي الله عنهما ‏)‏ أَوْلَى ‏,‏ وَمَعَهُ الْمَعْقُولُ ‏.‏ فَأَمَّا ‏:‏ ‏{‏ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ‏}‏ ‏;‏ فَمَعْنَاهَا عَلَى غَيْرِ حُكْمِهِمْ ‏.‏
قَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ وَإِنْ كَانَ الصَّابِئُونَ وَالسَّامِرَةُ ‏:‏ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ ‏,‏ وَدَانُوا دِينَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ‏:‏ نُكِحَتْ نِسَاؤُهُمْ ‏,‏ وَأُكِلَتْ ذَبَائِحُهُمْ ‏:‏ وَإِنْ خَالَفُوهُمْ فِي فَرْعٍ مِنْ دِينِهِمْ ‏.‏ لِأَنَّهُمْ ‏[‏ فُرُوعٌ ‏]‏ قَدْ يَخْتَلِفُونَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ خَالَفُوهُمْ فِي أَصْلِ الدَّيْنُونَةِ لَمْ تُؤْكَلْ ذَبَائِحُهُمْ ‏,‏ وَلَمْ تُنْكَحْ نِسَاؤُهُمْ ‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس