مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِي الْحُدُودِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ , قَالَ : قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا } . قَالَ : فَكَانَ هَذَا أَوَّلَ عُقُوبَةِ الزَّانِيَيْنِ فِي الدُّنْيَا ; ثُمَّ نُسِخَ هَذَا عَنْ الزُّنَاةِ كُلِّهِمْ : الْحُرِّ وَالْعَبْدِ , وَالْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ . فَحَدَّ اللَّهُ الْبِكْرَيْنِ : الْحُرَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ ; فَقَالَ : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ } . وَاحْتَجَّ : { بِحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : { حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا } . قَالَ : كَانُوا يُمْسِكُوهُنَّ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْحُدُودِ , فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا : الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ : جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ , وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ : جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ . } وَاحْتَجَّ فِي إثْبَاتِ الرَّجْمِ عَلَى الثَّيِّبِ , وَنَسْخِ الْجَلْدِ عَنْهُ . بِحَدِيثِ عُمَرَ ( رضي الله عنه ) فِي الرَّجْمِ , وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ , وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ : { أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ أَنَّ ابْنَهُ زَنَى بِامْرَأَةِ رَجُلٍ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ . فَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا , وَأَمَرَ أُنَيْسًا أَنْ يَغْدُوَ عَلَى امْرَأَةِ الْآخَرِ فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا . فَاعْتَرَفَتْ : فَرَجَمَهَا . }
قَالَ الشَّافِعِيُّ : كَانَ ابْنُهُ بِكْرًا , وَامْرَأَةُ الْآخَرِ : ثَيِّبًا . فَذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : حَدَّ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ فِي الزِّنَا ; فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مِثْلِ مَا قَالَ [ عُمَرُ ] مِنْ حَدِّ الثَّيِّبِ فِي الزِّنَا . وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ( بِهَذَا الْإِسْنَادِ ) : فَثَبَتَ جَلْدُ مِائَةٍ وَالنَّفْيُ عَلَى الْبِكْرَيْنِ الزَّانِيَيْنِ , وَالرَّجْمُ عَلَى الثَّيِّبَيْنِ الزَّانِيَيْنِ . فَإِنْ كَانَا مِمَّنْ أُرِيدَا بِالْجَلَدِ فَقَدْ نُسِخَ عَنْهُمَا الْجَلَدُ مَعَ الرَّجْمِ . وَإِنْ لَمْ يَكُونَا أُرِيدَا بِالْجَلَدِ , وَأُرِيدَ بِهِ الْبِكْرَانِ فَهُمَا مُخَالِفَانِ لِلثَّيِّبَيْنِ , وَرَجْمُ الثَّيِّبَيْنِ بَعْدَ آيَةِ الْجَلْدِ : [ بِمَا ] رَوَى النَّبِيُّ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ اللَّهِ ( عَزَّ وَجَلَّ ) . وَهَذَا أَشْبَهُ مَعَانِيهِ , وَأَوْلَاهَا بِهِ عِنْدَنَا , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ ( رحمه الله ) , قَالَ : قَالَ اللَّهُ ( تَبَارَكَ وَتَعَالَى ) فِي الْمَمْلُوكَاتِ : { فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ } . قَالَ : وَالنِّصْفُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْجَلْدِ الَّذِي يَتَبَعَّضُ فَأَمَّا الرَّجْمُ : الَّذِي هُوَ : قَتْلٌ فَلَا نِصْفَ لَهُ . ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إلَى أَنْ قَالَ : وَإِحْصَانُ الْأَمَةِ إسْلَامُهَا . وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا , اسْتِدْلَالًا بِالسُّنَّةِ , وَإِجْمَاعِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ . وَلِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) : { إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ , فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا : فَلِيَجْلِدْهَا . } وَلَمْ يَقُلْ مُحْصَنَةً كَانَتْ , أَوْ غَيْرُ مُحْصَنَةٍ . اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ ( عَزَّ وَجَلَّ ) فِي الْإِمَاءِ : ( فَإِذَا أُحْصِنَّ ) إذَا أَسْلَمْنَ لَا إذَا نُكِحْنَ فَأُصِبْنَ بِالنِّكَاحِ , وَلَا إذَا أُعْتِقْنَ وَ [ إنْ ] لَمْ يُصَبْنَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَجِمَاعُ الْإِحْصَانِ أَنْ يَكُونَ دُونَ الْمُحْصَنِ مَانِعٌ مِنْ تَنَاوُلِ الْمُحَرَّمِ . وَالْإِسْلَامُ مَانِعٌ , وَكَذَلِكَ : الْحُرِّيَّةُ مَانِعَةٌ , وَكَذَلِكَ : الزَّوْجِيَّةُ , وَالْإِصَابَةُ مَانِعٌ , وَكَذَلِكَ : الْحَبْسُ فِي الْبُيُوتِ مَانِعٌ , وَكُلُّ مَا مَنَعَ أَحْصَنَ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ } ; وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ } ; أَيْ مَمْنُوعَةٍ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَآخِرُ الْكَلَامِ وَأَوَّلُهُ , يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْإِحْصَانِ الْمَذْكُورِ عَامٌّ فِي مَوْضِعٍ دُونَ غَيْرِهِ ; إذْ الْإِحْصَانُ هَهُنَا : الْإِسْلَامُ ; دُونَ : النِّكَاحِ , وَالْحُرِّيَّةِ , وَالتَّحَصُّنِ بِالْحَبْسِ وَالْعَفَافِ . وَهَذِهِ الْأَسْمَاءُ : الَّتِي يَجْمَعُهَا اسْمُ الْإِحْصَانِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } الْآيَةُ ( 24 4 ) الْمُحْصَنَاتُ هَهُنَا : الْبَوَالِغُ الْحَرَائِرُ الْمُسْلِمَاتُ .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , قَالَ : وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِيمَا أَخْبَرْتُ عَنْهُ , وَقَرَأْتُهُ فِي كِتَابِهِ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ أَبُو بَكْرٍ , بِمِصْرَ نا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى , قَالَ :
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ مِنْ النِّسَاءِ ; { أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ } , { مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ } عَفَائِفَ غَيْرَ خَبَائِثَ ; ( فَإِذَا أُحْصِنَّ ) قَالَ : فَإِذَا نُكِحْنَ ; { فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ } غَيْرِ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ نا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ ( رحمه الله ) , قَالَ : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا } . وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ مَنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ , وَبَلَغَتْ سَرِقَتُهُ رُبْعَ دِينَارٍ . دُونَ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَزِمَهُ اسْمُ سَرِقَةٍ .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ , قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنْ الْأَرْضِ } .
قَالَ الشَّافِعِيُّ أَنَا إبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةَ , عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ : إذَا قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ : قُتِّلُوا وَصُلِّبُوا , وَإِذَا قَتَلُوا وَلَمْ يَأْخُذُوا الْمَالَ : قُتِّلُوا وَلَمْ يُصَلَّبُوا , وَإِذَا أَخَذُوا الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلُوا : قُطِّعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ , وَإِذَا هَرَبُوا : طُلِبُوا حَتَّى يُوجَدُوا ; فَتُقَامُ عَلَيْهِمْ الْحُدُودُ , وَإِذَا أَخَافُوا السَّبِيلَ , وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا : نُفُوا مِنْ الْأَرْضِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَبِهَذَا نَقُولُ , وَهُوَ مُوَافِقٌ مَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ ( عَزَّ وَجَلَّ ) . وَذَلِكَ : أَنَّ الْحُدُودَ إنَّمَا نَزَلَتْ فِيمَنْ أَسْلَمَ ; فَأَمَّا أَهْلُ الشِّرْكِ فَلَا حُدُودَ لَهُمْ , إلَّا : الْقَتْلُ , وَالسَّبْيُ , وَالْجِزْيَةُ . وَاخْتِلَافُ حُدُودِهِمْ بِاخْتِلَافِ أَفْعَالِهِمْ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رحمه الله ) : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { إلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ } ; فَمَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ : سَقَطَ حَدُّ اللَّهِ [ عَنْهُ ] , وَأُخِذَ بِحُقُوقِ بَنِي آدَمَ . وَلَا يُقْطَعُ مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ , إلَّا : مَنْ أَخَذَ قِيمَةِ رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا . قِيَاسًا عَلَى السُّنَّةِ فِي السَّارِقِ .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو نا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ , قَالَ :
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَنَفْيُهُمْ أَنْ يُطْلَبُوا , فَيُنْفَوْا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ . فَإِذَا ظُفِرَ بِهِمْ أُقِيمَ عَلَيْهِمْ أَيُّ هَذِهِ الْحُدُودِ كَانَ حَدَّهُمْ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَيْسَ لِأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ , عَفْوٌ : لِأَنَّ اللَّهَ حَدَّهُمْ : بِالْقَتْلِ , أَوْ بِالْقَتْلِ وَالصَّلْبِ , أَوْ الْقَطْعِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَوْلِيَاءَ , كَمَا ذَكَرَهُمْ فِي الْقِصَاصِ فِي الْآيَتَيْنِ فَقَالَ : { وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا } , وَقَالَ فِي الْخَطَإِ : { وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ إلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا } . وَذَكَرَ الْقِصَاصَ فِي الْقَتْلَى , ثُمَّ قَالَ : { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ } فَذَكَرَ فِي الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ أَهْلَ الدَّمِ , وَلَمْ يَذْكُرْهُمْ فِي الْمُحَارِبَةِ . فَدَلَّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ قَتْلِ الْمُحَارِبَةِ , مُخَالِفٌ لِحُكْمِ قَتْلِ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ : أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَوْسٍ ; قَالَ : كَانَ الرَّجُلُ يُؤْخَذُ بِذَنْبِ غَيْرِهِ حَتَّى جَاءَ إبْرَاهِيمُ ( صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ ) فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }
قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رحمه الله ) : وَاَلَّذِي سَمِعْتُ ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } أَنْ لَا يُؤْخَذُ أَحَدٌ بِذَنْبِ غَيْرِهِ , وَذَلِكَ فِي بَدَنِهِ , دُونَ مَالِهِ . فَإِنْ قَتَلَ , أَوْ كَانَ حَدًّا : لَمْ يُقْتَلْ بِهِ غَيْرُهُ , وَلَمْ يُحَدَّ بِذَنْبِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ( عَزَّ وَجَلَّ ) . [ لِأَنَّ اللَّهَ ] جَزَى الْعِبَادَ عَلَى أَعْمَالِ أَنْفُسِهِمْ , وَعَاقَبَهُمْ عَلَيْهَا . وَكَذَلِكَ أَمْوَالُهُمْ : لَا يَجْنِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ , فِي مَالٍ , إلَّا : حَيْثُ خَصَّ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِأَنَّ جِنَايَةَ الْخَطَإِ مِنْ الْحُرِّ عَلَى الْآدَمِيِّينَ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَأَمَّا [ مَا ] سِوَاهَا فَأَمْوَالُهُمْ مَمْنُوعَةٌ مِنْ أَنْ تُؤْخَذَ بِجِنَايَةِ غَيْرِهِمْ وَعَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ حُقُوقٌ سِوَى هَذَا مِنْ ضِيَافَةٍ , وَزَكَاةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ . وَلَيْسَ مِنْ وَجْهِ الْجِنَايَةِ .