فِيمَا يُؤْثَرُ عَنْهُ في الزَّكاةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ , قَالَ :
قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رحمه الله ) فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ }
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هِيَ : الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ , قَالَ :
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } , فَأَبَانَ أَنَّ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ زَكَاةً . وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ } ; [ يَعْنِي ] وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فِي سَبِيلِهِ الَّتِي , فَرَضَ مِنْ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا . فَأَمَّا دَفْنُ الْمَالِ : فَضَرْبٌ [ مِنْ ] إحْرَازِهِ , وَإِذَا حَلَّ إحْرَازُهُ بِشَيْءٍ : حَلَّ بِالدَّفْنِ وَغَيْرِهِ . وَاحْتَجَّ فِيهِ : بِابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ , نا أَبُو الْعَبَّاسِ نا الرَّبِيعُ , قَالَ :
قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رحمه الله ) : النَّاسُ عَبِيدُ اللَّهِ ( جَلَّ ثَنَاؤُهُ ) , فَمَلَّكَهُمْ مَا شَاءَ أَنْ يُمَلِّكَهُمْ وَفَرَضَ عَلَيْهِمْ فِيمَا مَلَّكَهُمْ مَا شَاءَ : { لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ . } فَكَانَ فِيمَا آتَاهُمْ , أَكْثَرَ مِمَّا جَعَلَ عَلَيْهِمْ فِيهِ وَكُلٌّ أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ , ( جَلَّ ثَنَاؤُهُ ) . وَكَانَ فِيمَا , فَرَضَ عَلَيْهِمْ , فِيمَا مَلَّكَهُمْ : زَكَاةٌ ; أَبَانَ : [ أَنَّ ] فِي أَمْوَالِهِمْ حَقًّا لِغَيْرِهِمْ فِي وَقْتٍ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ ( صلى الله عليه وسلم ) . , فَكَانَ حَلَالًا لَهُمْ مِلْكُ الْأَمْوَالِ , وَحَرَامًا عَلَيْهِمْ حَبْسُ الزَّكَاةِ ; لِأَنَّهُ مَلَّكَهَا غَيْرَهُمْ فِي وَقْتٍ , كَمَا مَلَّكَهُمْ أَمْوَالَهُمْ , دُونَ غَيْرِهِمْ فَكَانَ بَيِّنًا فِيمَا وَصَفْتُ وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ } أَنَّ كُلَّ مَالِكٍ تَامِّ الْمِلْكِ مِنْ حُرٍّ لَهُ مَالٌ فِيهِ زَكَاةٌ . وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ ,
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ فِي بَابِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ , فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } وَهَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ الزَّكَاةَ عَلَى الزَّرْعِ . وَإِنَّمَا قَصَدَ : إسْقَاطَ الزَّكَاةِ عَنْ حِنْطَةٍ حَصَلَتْ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ زِرَاعَةٍ .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ :
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ اللَّهُ ( عَزَّ وَجَلَّ ) لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ } .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ : الدُّعَاءُ لَهُمْ عَنْ أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْهُمْ فَحُقَّ عَلَى الْوَالِي إذَا أَخَذَ صَدَقَةَ امْرِئٍ أَنْ يَدْعُو لَهُ وَأُحِبُّ أَنْ يَقُولَ : آجَرَكَ اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْتَ وَجَعَلَهَا لَكَ طَهُورًا وَبَارَكَ لَكَ فِيمَا أَبْقَيْتَ .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو ; قَالَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ :
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ } يَعْنِي ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) : لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ لِأَنْفُسِكُمْ مِمَّنْ لَكُمْ عَلَيْهِ حَقٌّ , فَلَا تُنْفِقُوا مِمَّا لَمْ تَأْخُذُوا لِأَنْفُسِكُمْ يَعْنِي [ لَا ] تُعْطُوا مَا خَبُثَ عَلَيْكُمْ ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) : وَعِنْدَكُمْ الطَّيِّبُ .
مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ في الصِّيَامِِ
قَرَأْتُ فِي رِوَايَةِ الْمُزَنِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ : قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ } , ثُمَّ أَبَانَ أَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ : شَهْرُ رَمَضَانَ ; بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } ; إلَى قوله تعالى : { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } . وَكَانَ بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : [ أَنَّهُ ] لَا يَجِبُ صَوْمٌ إلَّا صَوْمَ رَمَضَانَ وَكَانَ عِلْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ عِنْدَ مَنْ خُوطِبَ بِاللِّسَانِ أَنَّهُ الَّذِي بَيْنَ شَعْبَانَ وَشَوَّالٍ وَذَكَرَهُ فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنْهُ بِمَعْنَاهُ وَزَادَ ; قَالَ : فَلَمَّا أَعْلَمَ اللَّهُ النَّاسَ أَنَّ , فَرْضَ الصَّوْمِ عَلَيْهِمْ : شَهْرُ رَمَضَانَ وَكَانَتْ الْأَعَاجِمُ : تَعُدُّ الشُّهُورَ بِالْأَيَّامِ , لَا بِالْأَهِلَّةِ وَتَذْهَبُ إلَى أَنَّ الْحِسَابَ إذَا عُدَّتْ الشُّهُورُ بِالْأَهِلَّةِ يَخْتَلِفُ . فَأَبَانَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْأَهِلَّةَ هِيَ : الْمَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ , وَذَكَرَ الشُّهُورَ , فَقَالَ : { إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ } فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الشُّهُورَ لِلْأَهِلَّةِ إذْ جَعَلَهَا الْمَوَاقِيتَ لَا مَا ذَهَبَتْ إلَيْهِ الْأَعَاجِمُ مِنْ الْعَدَدِ بِغَيْرِ الْأَهِلَّةِ ثُمَّ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ذَلِكَ , عَلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ( عَزَّ وَجَلَّ ) وَبَيَّنَ أَنَّ الشَّهْرَ : تِسْعٌ وَعِشْرُونَ يَعْنِي أَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ . وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَدْ يَكُونُونَ يَعْلَمُونَ أَنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ ثَلَاثِينَ , فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ لِلْأَهِلَّةِ .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنَا الْعَبَّاس أَنَا الرَّبِيعُ , قَالَ :
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ اللَّهُ ( تَعَالَى ) فِي فَرْضِ الصَّوْمِ : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } إلَى : { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } فَبَيَّنَ فِي الْآيَةِ أَنَّهُ , فَرَضَ الصِّيَامَ عَلَيْهِمْ عِدَّةً وَجَعَلَ لَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا فِيهَا مَرْضَى وَمُسَافِرِينَ , وَيُحْصُوا حَتَّى يُكْمِلُوا الْعِدَّةَ . وَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِمْ الْيُسْرَ . وَكَانَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ : ( أَحَدُهُمَا ) أَنْ لَا يَجْعَلَ عَلَيْهِمْ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ مَرْضَى وَلَا مُسَافِرِينَ , وَيَجْعَلَ عَلَيْهِمْ عَدَدًا إذَا مَضَى السَّفَرُ وَالْمَرَضُ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ . ( وَيَحْتَمِلُ ) أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالْفِطْرِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ عَلَى الرُّخْصَةِ إنْ شَاءُوا ; لِئَلَّا يُحْرَجُوا إنْ فَعَلُوا وَكَانَ فَرْضُ الصَّوْمِ , وَالْأَمْرُ بِالْفِطْرِ فِي الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا أَنَّ كُلَّ آيَةٍ إنَّمَا أُنْزِلَتْ مُتَتَابِعَةً , لَا مُفَرَّقَةً . وَقَدْ تَنْزِلُ الْآيَتَانِ فِي السُّورَةِ مُفَرَّقَتَيْنِ , فَأَمَّا آيَةٌ فَلَا ; لِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ : أَنَّهَا كَلَامٌ وَاحِدٌ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ , [ يَسْتَأْنِفُ بَعْدَهُ غَيْرُهُ ] . وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ : لِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ مَعْنَى قَطْعِ الْكَلَامِ فَإِذَا صَامَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِي شَهْرِ رَمَضَانَ : وَفَرْضُ شَهْرِ رَمَضَانَ إنَّمَا أُنْزِلَ فِي الْآيَةِ عِلْمنَا أَنَّ الْآيَةَ بِفِطْرِ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ رُخْصَةٌ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رحمه الله ) : فَمَنْ أَفْطَرَ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ عُذْرٍ : قَضَاهُنَّ مُتَفَرِّقَاتٍ , أَوْ مُجْتَمَعَاتٍ . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : { فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } وَلَمْ يَذْكُرْهُنَّ مُتَتَابِعَاتٍ . وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ , قَالَ :
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ } , فَقِيلَ : { يُطِيقُونَهُ } كَانُوا يُطِيقُونَهُ , ثُمَّ عَجَزُوا , فَعَلَيْهِمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ : طَعَامُ مِسْكِينٍ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ ( وَذَلِكَ بِالْإِجَازَةِ . ) قَالَ : ( وَالْحَالُ الَّتِي يَتْرُكُ بِهَا الْكَبِيرُ الصَّوْمَ ) : أَنْ يُجْهِدَهُ الْجَهْدَ غَيْرَ الْمُحْتَمَلِ . وَكَذَلِكَ : الْمَرِيضُ وَالْحَامِلُ : [ إنْ زَادَ مَرَضُ الْمَرِيضِ زِيَادَةً بَيِّنَةً : أَفْطَرَ , وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةً مُحْتَمَلَةً لَمْ يُفْطِرْ . وَالْحَامِلُ ] إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا : [ أَفْطَرَتْ ] وَكَذَلِكَ الْمُرْضِعُ : إذَا أَضَرَّ بِلَبَنِهَا الْإِضْرَارَ الْبَيِّنَ , وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ . وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ ( [ رِوَايَةُ ] الزَّعْفَرَانِيِّ عَنْهُ ) : سَمِعْتُ مِنْ أَصْحَابِنَا , مَنْ نَقَلُوا إذَا سُئِلَ [ عَنْ تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ] : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } فَكَأَنَّهُ يَتَأَوَّلُ إذَا لَمْ يُطِقْ الصَّوْمَ الْفِدْيَةُ .
وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ فِيمَا رُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ قَالَ : جِمَاعُ الْعُكُوفِ مَا لَزِمَهُ الْمَرْءُ , فَحَبَسَ عَلَيْهِ نَفْسَهُ مِنْ شَيْءٍ , بِرًّا كَانَ أَوْ مَأْثَمًا , فَهُوَ عَاكِفٌ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ } , وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى [ حِكَايَةً ] عَمَّنْ رَضِيَ قَوْلَهُ : { مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ } قِيلَ : فَهَلْ لِلِاعْتِكَافِ الْمُتَبَرَّرِ أَصْلٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ; قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } , وَالْعُكُوفُ فِي الْمَسَاجِدِ : [ صَبْرُ الْأَنْفُسِ فِيهَا وَحَبْسُهَا عَلَى عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَطَاعَتِهِ ] .