قَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ خُوطِبَ بِالْقُنُوتِ مُطْلَقًا , ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ : قِيَامٌ فِي الصَّلَاةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْقُنُوتَ : قِيَامٌ لِمَعْنَى طَاعَةِ اللَّهِ ( عَزَّ وَجَلَّ ) وَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ مَوْضِعُ كَفٍّ عَنْ قِرَاءَةٍ وَإِذَا كَانَ هَكَذَا , أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ قِيَامًا فِي صَلَاةٍ لِدُعَاءٍ , لَا قِرَاءَةٍ فَهَذَا أَظْهَرُ مَعَانِيه وَعَلَيْهِ دَلَالَةُ السُّنَّةِ , وَهُوَ أَوْلَى الْمَعْنَى أَنْ يُقَالَ بِهِ , عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رحمه الله ) : وَقَدْ يَحْتَمِلُ الْقُنُوتُ : الْقِيَامَ كُلَّهُ فِي الصَّلَاةِ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : قِيلَ أَيُّ الصَّلَاةِ ؟ قَالَ : طُولُ الْقُنُوتِ . وَقَالَ طَاوُوسٌ الْقُنُوتُ , طَاعَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . وَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رحمه الله ) : وَمَا وَصَفْتُ مِنْ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ . أَوْلَى الْمَعَانِي بِهِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . قَالَ : فَلَمَّا كَانَ الْقُنُوتُ بَعْضَ الْقِيَامِ , دُونَ بَعْضٍ لَمْ يَجُزْ ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) أَنْ يَكُونَ إلَّا مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ مِنْ الْقُنُوتِ لِلدُّعَاءِ دُونَ الْقِرَاءَةِ . قَالَ : وَاحْتَمَلَ قَوْلُ اللَّهِ ( عَزَّ وَجَلَّ ) : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } قَانِتِينَ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا , وَفِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ . فَلَمَّا { قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ , ثُمَّ تَرَكَ الْقُنُوتَ فِي بَعْضِهَا وَحُفِظَ عَنْهُ الْقُنُوتُ فِي الصُّبْحِ بِخَاصَّةٍ } : دَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ اللَّهُ أَرَادَ بِالْقُنُوتِ : الْقُنُوتَ فِي الصَّلَاةِ , فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ خَاصًّا , وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ فِي الصَّلَوَاتِ , فِي النَّازِلَةِ , وَاحْتَمَلَ طُولُ الْقُنُوتِ : طُولَ الْقِيَامِ , وَاحْتَمَلَ الْقُنُوتُ : طَاعَةَ اللَّهِ , وَاحْتَمَلَ السُّكَاتَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَا أُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْقُنُوتِ فِي الصُّبْحِ , قَالَ : لِأَنَّهُ إنْ كَانَ اخْتِيَارًا مِنْ اللَّهِ وَمِنْ رَسُولِهِ ( صلى الله عليه وسلم ) : لَمْ أُرَخِّصْ فِي تَرْكِ الِاخْتِيَارِ وَإِنْ كَانَ فَرْضًا : كَانَ مِمَّا لَا يَتَبَيَّنُ تَرْكُهُ وَلَوْ تَرَكَهُ تَارِكٌ : كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ ; كَمَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهِ : لَوْ تَرَكَ الْجُلُوسَ فِي شَيْءٍ . قَالَ الشَّيْخُ فِي قَوْلِهِ : احْتَمَلَ السُّكَاتَ أَرَادَ : السُّكُوتَ عَنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ : أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاةِ , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ : فَنُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ وَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ . وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ أَنَّهُ قَالَ : صَلَّى بِنَا ابْنُ عَبَّاسٍ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْبَصْرَةِ , فَقَنَتَ , رَفَعَ يَدَيْهِ : حَتَّى لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَيْنَ يَدَيْهِ لَرَأَى بَيَاضَ إبْطَيْهِ , فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ , فَقَالَ : هَذِهِ الصَّلَاةُ : الَّتِي ذَكَرهَا اللَّهُ ( عَزَّ وَجَلَّ ) فِي كِتَابِهِ : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذَبَارِيُّ , أَنَّ إسْمَاعِيلَ الصَّفَّارَ نا الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ السَّمْحِ , ثَنَا سَهْلُ بْنُ تَمَّامٍ , أَبُو الْأَشْهَبِ , وَمُسْلِمُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ , فَذَكَرَهُ وَقَالَ : قَبْلَ الرُّكُوعِ
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو , أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ , قَالَ :
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } . فَقِيلَ ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) : قَانِتِينَ مُطِيعِينَ , وَأُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِالصَّلَاةِ قَائِمًا وَإِنَّمَا خُوطِبَ بِالْفَرَائِضِ مَنْ أَطَاقَهَا , فَإِذَا لَمْ يُطِقْ الْقِيَامَ : صَلَّى قَاعِدًا .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } قِيلَ : صَلِّ فِي ثِيَابٍ طَاهِرَةٍ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ . وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ ; لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أَمَرَ أَنْ يُغْسَلَ دَمُ الْحَيْضِ مِنْ الثَّوْبِ يَعْنِي : الصَّلَاةَ . قَالَ الشَّيْخُ : وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي عُمَرَ صَاحِبِ ثَعْلَبٍ , قَالَ : قَالَ ثَعْلَبٌ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَثِيَابَك فَطَهِّرْ ) : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : الثِّيَابُ هَا هُنَا : السَّاتِرُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : الثِّيَابُ هَا هُنَا : الْقَلْبُ .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَشْرَانَ عَنْ أَبِي عُمَرَ , فَذَكَرَهُ .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى , ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ , أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ , قَالَ :
قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رحمه الله ) : بَدَأَ اللَّهُ ( جَلَّ ثَنَاؤُهُ ) خَلْقَ آدَمَ ( عليه السلام ) مِنْ مَاءٍ وَطِينٍ وَجَعَلَهُمَا مَعًا طَهَارَةً وَبَدَأَ خَلْقَ وَلَدِهِ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ . فَكَانَ فِي ابْتِدَاءِ خَلْقِ آدَمَ مِنْ الطَّاهِرَيْنِ : اللَّذَيْنِ هُمَا الطَّهَارَةُ دَلَالَةٌ لِابْتِدَاءِ خَلْقِ غَيْرِهِ أَنَّهُ مِنْ مَاءٍ طَاهِرٍ لَا نَجَسٌ .
وَقَالَ فِي ( الْإِمْلَاءِ ) بِهَذَا الْإِسْنَادِ : الْمَنِيُّ لَيْسَ بِنَجَسٍ لِأَنَّ اللَّهَ ( جَلَّ ثَنَاؤُهُ ) أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَبْتَدِئَ خَلْقَ مَنْ كَرَّمَهُمْ وَجَعَلَ مِنْهُمْ : النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءَ وَالصَّالِحِينَ وَأَهْلَ جَنَّتِهِ . مِنْ نَجَسٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ : { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ } وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ } { أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ } . وَلَوْ لَمْ [ يَكُنْ ] فِي هَذَا خَبَرٌ عَنْ النَّبِيِّ ( صلى الله عليه وسلم ) : لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْعُقُولُ تَعْلَمُ : أَنَّ اللَّهَ لَا يَبْتَدِئُ خَلْقَ مَنْ كَرَّمَهُ وَأَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ مِنْ نَجَسٍ . [ فَكَيْفَ ] مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْخَبَرِ عَنْ النَّبِيِّ ( صلى الله عليه وسلم ) : أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ : قَدْ أَصَابَهُ الْمَنِيُّ , فَلَا يَغْسِلُهُ إنَّمَا يَمْسَحُ رَطْبًا , أَوْ يَحُتُّ يَابِسًا عَلَى مَعْنَى التَّنْظِيفِ . مَعَ أَنَّ هَذَا : قَوْلُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ , وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهِمْ رضي الله عنهم .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ نَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ , قَالَ :
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا . }
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ { وَلَا جُنُبًا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ } : لَا تَقْرَبُوا مَوْضِعَ الصَّلَاةِ . قَالَ : وَمَا أَشْبَهَ مَا قَالَ بِمَا قَالَ ; لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ عُبُورُ سَبِيلٍ , إنَّمَا عُبُورُ السَّبِيلِ فِي مَوْضِعِهَا وَهُوَ : الْمَسْجِدُ . فَلَا بَأْسَ أَنْ يَمُرَّ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ مَارًّا وَلَا يُقِيمُ فِيهِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلَا جُنُبًا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ } .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا بَأْسَ أَنْ يَبِيتَ الْمُشْرِكُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ , فَإِنَّ اللَّهَ ( عَزَّ وَجَلَّ ) يَقُولُ : { إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا } فَلَا يَنْبَغِي لِمُشْرِكٍ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بِحَالٍ .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ [ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ] , أَنَا الرَّبِيعُ , قَالَ :
قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رحمه الله ) : ذَكَرَ اللَّهُ ( تَعَالَى ) الْأَذَانَ بِالصَّلَاةِ , فَقَالَ : { وَإِذَا نَادَيْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا }
وَقَالَ تَعَالَى : { إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ } , فَأَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) : إتْيَانَ الْجُمُعَةِ وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) : الْأَذَانَ لِلصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ . فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَوْجَبَ إتْيَانَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ كَمَا أَمَرَنَا بِإِتْيَانِ الْجُمُعَةِ وَتَرْكِ الْبَيْعِ . وَاحْتَمَلَ : أَنْ يَكُونَ أَذِنَ بِهَا : لِتُصَلَّى لِوَقْتِهَا وَقَدْ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مُسَافِرًا وَمُقِيمًا , خَائِفًا وَغَيْرَ خَائِفٍ . وَقَالَ ( جَلَّ ثَنَاؤُهُ ) لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم : { وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ } الْآيَةُ , وَاَلَّتِي بَعْدَهَا . وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مَنْ جَاءَ الصَّلَاةَ أَنْ يَأْتِيَهَا وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ , وَرَخَّصَ فِي تَرْكِ إتْيَانِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ , فِي الْعُذْرِ بِمَا سَأَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ فَأَشْبَهَ مَا وَصَفْتُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ . أَنْ لَا يَحِلَّ تَرْكُ أَنْ تُصَلَّى كُلُّ مَكْتُوبَةٍ فِي جَمَاعَةٍ ; حَتَّى لَا تَخْلُوَ جَمَاعَةٌ مُقِيمُونَ وَلَا مُسَافِرُونَ مِنْ أَنْ تُصَلَّى فِيهِمْ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ , قَالَ :
قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رحمه الله ) : ذَكَرَ اللَّهُ ( تَعَالَى ) الِاسْتِئْذَانَ فَقَالَ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ : { وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } , وَقَالَ : { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } فَلَمْ يَذْكُرْ الرُّشْدَ : الَّذِي يَسْتَوْجِبُونَ بِهِ أَنْ نَدْفَعَ إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ النِّكَاحِ . قَالَ : وَفَرَضَ اللَّهُ الْجِهَادَ , { , فَأَبَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ عَلَى مَنْ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِأَنْ أَجَازَ ابْنُ عُمَرَ عَامَ الْخَنْدَقِ : ابْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَرَدَّهُ عَامَ أُحُدٍ : ابْنَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً . } قَالَ : فَإِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ الْحُلُمَ , وَالْجَارِيَةُ الْمَحِيضَ : غَيْرَ مَغْلُوبِينَ عَلَى عُقُولِهِمَا : وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالْفَرَائِضُ كُلُّهَا : وَإِنْ كَانَا ابْنَيْ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأُمِرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالصَّلَاةِ : إذَا عَقَلَهَا وَإِذَا لَمْ يَفْعَلَا لَمْ يَكُونَا كَمَنْ تَرَكَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَأُدِّبَا عَلَى تَرْكِهَا أَدَبًا خَفِيفًا . قَالَ : وَمَنْ غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ بِعَارِضٍ أَوْ مَرَضٍ أَيِّ مَرَضٍ كَانَ : ارْتَفَعَ عَنْهُ الْفَرْضُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ } وَقَوْلِهِ : { إنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبَابِ } وَإِنْ كَانَ مَعْقُولًا : أَنْ لَا يُخَاطَبَ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ إلَّا مَنْ عَقَلَهُمَا .