عرض مشاركة واحدة
قديم 12-10-2012, 04:23 PM   #14
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


قوله‏:‏ ‏(‏وسار هرقل إلى حمص‏)‏ لأنها كانت دار ملكه كما قدمناه، وكانت في زمانهم أعظم من دمشق‏.‏
وكان فتحها على يد أبي عبيدة بن الجراح سنة ست عشرة بعد هذه القصة بعشر سنين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأنه نبي‏)‏ يدل على أن هرقل وصاحبه أقرا بنبوة نبينا -صلى الله عليه وسلم-، لكن هرقل كما ذكرنا لم يستمر على ذلك بخلاف صاحبه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأذن‏)‏ هي‏:‏ بالقصر من الإذن‏.‏
وفي رواية المستملي وغيره بالمد ومعناه أعلم‏.‏
و ‏"‏ الدسكرة ‏"‏ بسكون السين المهملة‏:‏ القصر الذي حوله بيوت، وكأنه دخل القصر ثم أغلقه وفتح أبواب البيوت التي حوله وأذن للروم في دخولها ثم أغلقها ثم اطلع عليهم فخاطبهم، وإنما فعل ذلك خشية أن يثبوا به كما وثبوا بضغاطر‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏والرشد‏)‏ فتحتين ‏(‏وأن يثبت ملككم‏)‏ لأنهم إن تمادوا على الكفر كان سببا لذهاب ملكهم، كما عرف هو ذلك من الأخبار السابقة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فتبايعوا‏)‏ بمثناة ثم موحدة، وللكشميهني بمثناتين وموحدة، وللأصيلي ‏"‏ فنبايع ‏"‏ بنون وموحدة ‏(‏لهذا النبي‏)‏ كذا لأبي ذر وللباقين بحذف اللام‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فحاصوا‏)‏ بمهملتين أي‏:‏ نفروا، وشبههم بالوحوش لأن نفرتها أشد من نفرة البهائم الإنسية، وشبههم بالحمر دون غيرها من الوحوش لمناسبة الجهل وعدم الفطنة بل هم أضل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وأيس‏)‏ في رواية الكشميهني والأصيلي ‏"‏ ويئس ‏"‏ بيائين تحتانيتين وهما بمعنى قنط والأول مقلوب من الثاني‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏من الإيمان‏)‏ أي من إيمانهم لما أظهروه، ومن إيمانه لأنه شح بملكه كما قدمنا، وكان يحب أن يطيعوه فيستمر ملكه ويسلم ويسلموا بإسلامهم، فما أيس من الإيمان إلا بالشرط الذي أراده، وإلا فقد كان قادرا على أن يفر عنهم ويترك ملكه رغبة فيما عند الله والله الموفق‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏آنفا‏)‏ أي‏:‏ قريبا، وهو منصوب على الحال‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فقد رأيت‏)‏ زاد في التفسير‏:‏ فقد رأيت منكم الذي أحببت‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فكان ذلك آخر شأن هرقل‏)‏ أي‏:‏ فيما يتعلق بهذه القصة المتعلقة بدعائه إلى الإيمان خاصة لأنه انقضى أمره حينئذ ومات، أو أنه أطلق الآخرية بالنسبة إلى ما في علمه، وهذا أوجه، لأن هرقل وقعت له قصص أخرى بعد ذلك، منها ما أشرنا إليه من تجهيزه الجيوش إلى مؤتة ومن تجهيزه الجيوش أيضا إلى تبوك، ومكاتبة النبي -صلى الله عليه وسلم -له ثانيا، وإرساله إلى النبي -صلى الله عليه وسلم -بذهب فقسمه بين أصحابه كما في رواية ابن حبان التي أشرنا إليها قبل وأبي عبيد، وفي المسند من طريق سعيد بن أبي راشد التنوخي رسول هرقل قال‏:‏ قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم -تبوك فبعث دحية إلى هرقل، فلما جاءه الكتاب دعا قسيسي الروم وبطارقتها، فذكر الحديث، قال فتحيروا حتى إن بعضهم خرج من برنسه، فقال‏:‏ اسكتوا، فإنما أردت أن أعلم تمسككم بدينكم‏.‏
وروى ابن إسحاق عن خالد بن بشار عن رجل من قدماء الشام‏:‏ أن هرقل لما أراد الخروج من الشام إلى القسطنطينية عرض على الروم أمورا‏:‏ ‏(‏1/44‏)‏
إما الإسلام وإما الجزية، وإما أن يصالح النبي -صلى الله عليه وسلم -ويبقى لهم ما دون الدرب، فأبوا، وأنه انطلق حتى إذا أشرف على الدرب استقبل أرض الشام ثم قال‏:‏ السلام عليك أرض سورية - يعني الشام - تسليم المودع، ثم ركض حتى دخل القسطنطينية‏.‏
واختلف الإخباريون هل هو الذي حاربه المسلمون في زمن أبي بكر وعمر أو ابنه‏؟‏ والأظهر أنه هو‏.‏
والله أعلم‏.‏
‏(‏تنبيه‏)‏ لما كان أمر هرقل في الإيمان عند كثير من الناس مستبهما، لأنه يحتمل أن يكون عدم تصريحه بالإيمان للخوف على نفسه من القتل، ويحتمل أن يكون استمر على الشك حتى مات كافرا‏.‏
وقال الراوي في آخر القصة‏:‏ فكان ذلك آخر شأن هرقل، ختم به البخاري هذا الباب الذي استفتحه بحديث الأعمال بالنيات، كأنه قال إن صدقت نيته انتفع بها في الجملة، وإلا فقد خاب وخسر‏.‏
فظهرت مناسبة إيراد قصة ابن الناطور في بدء الوحي لمناسبتها حديث الأعمال المصدر الباب به‏.‏
ويؤخذ للمصنف من آخر لفظ في القصة براعة الاختتام، وهو واضح مما قررناه‏.‏
فإن قيل‏:‏ ما مناسبة حديث أبي سفيان في قصة هرقل ببدء الوحي‏؟‏ فالجواب أنها تضمنت كيفية حال الناس مع النبي -صلى الله عليه وسلم -في ذلك الابتداء، ولأن الآية المكتوبة إلى هرقل للدعاء إلى الإسلام ملتئمة مع الآية التي في الترجمة وهي قوله تعالى‏:‏ ‏(‏إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح‏)‏ الآية‏.‏
وقال تعالى‏:‏ ‏(‏شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا‏)‏ الآية، فبان أنه أوحى إليهم كلهم أن أقيموا الدين، وهو معنى قوله تعالى‏:‏ ‏(‏سواء بيننا وبينكم‏)‏ الآية‏.‏
‏(‏تكميل‏)‏ ذكر السهيلي أنه بلغه أن هرقل وضع الكتاب في قصبة من ذهب تعظيما له، وأنهم لم يزالوا يتوارثونه حتى كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة، ثم كان عند سبطه، فحدثني بعض أصحابنا أن عبد الملك بن سعد أحد قواد المسلمين اجتمع بذلك الملك فأخرج له الكتاب، فلما رآه استعبر وسأل أن يمكنه من تقبيله، فامتنع‏.‏
قلت‏:‏ وأنبأني غير واحد عن القاضي نور الدين بن الصائغ الدمشقي قال‏:‏ حدثني سيف الدين فليح المنصوري قال‏:‏ أرسلني الملك المنصور قلاوون إلى ملك الغرب بهدية، فأرسلني ملك الغرب إلى ملك الفرنج في شفاعة فقبلها، وعرض علي الإقامة عنده فامتنعت، فقال لي‏:‏ لأتحفنك بتحفة سنية، فأخرج لي صندوقا مصفحا بذهب، فأخرج منه مقلمة ذهب، فأخرج منها كتابا قد زالت أكثر حروفه وقد التصقت عليه خرقة حرير فقال‏:‏ هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر، ما زلنا نتوارثه إلى الآن، وأوصانا آباؤنا أنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا، فنحن نحفظه غاية الحفظ ونعظمه ونكتمه عن النصارى ليدوم الملك فينا‏.‏
انتهى‏.‏
ويؤيد هذا ما وقع في حديث سعيد بن أبي راشد الذي أشرت إليه آنفا أن النبي -صلى الله عليه وسلم -عرض على التنوخي رسول هرقل الإسلام فامتنع، فقال له‏:‏ يا أخا تنوخ إني كتبت إلى ملككم بصحيفة فأمسكها، فلن يزال الناس يجدون منه بأسا ما دام في العيش خير‏.‏
وكذلك أخرج أبو عبيد في كتاب الأموال من مرسل عمير بن إسحاق قال‏:‏ كتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم -إلى كسرى وقيصر، فأما كسرى فلما قرأ الكتاب مزقه، وأما قيصر فلما قرأ الكتاب طواه ثم رفعه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ أما هؤلاء فيمزقون، وأما هؤلاء فستكون لهم بقية، ويؤيده ما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم -لما جاءه جواب كسرى قال‏:‏ مزق الله ملكه‏.‏
ولما جاءه جواب هرقل قال‏:‏ ثبت الله ملكه‏.‏
والله أعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏رواه صالح بن كيسان ويونس ومعمر عن الزهري‏)‏ قال الكرماني يحتمل ذلك وجهين‏:‏ أن يروي البخاري عن الثلاثة بالإسناد المذكور كأنه قال‏:‏ أخبرنا أبو اليمان أخبرنا هؤلاء الثلاثة عن الزهري، وأن يروي عنهم بطريق آخر‏.‏
كما أن الزهري يحتمل أيضا في رواية الثلاثة أن يروى لهم عن عبيد الله عن ابن عباس، وأن يروى لهم عن غيره‏.‏
هذا ما يحتمل اللفظ، وإن كان الظاهر الاتحاد‏.‏ ‏(‏1/45‏)‏
قلت‏:‏ هذا الظاهر كاف لمن شم أدنى رائحة من علم الإسناد‏.‏
والاحتمالات العقلية المجردة لا مدخل لها في هذا الفن، وأما الاحتمال الأول فأشد بعدا لأن أبا اليمان لم يلحق صالح بن كيسان ولا سمع من يونس، وهذا أمر يتعلق بالنقل المحض فلا يلتفت إلى ما عداه، ولو كان من أهل النقل لاطلع على كيفية رواية الثلاثة لهذا الحديث بخصوصه فاستراح من هذا التردد، وقد أوضحت ذلك في كتابي تعليق التعليق وأشير هنا إليه إشارة مفهمة‏:‏ فرواية صالح وهو ابن كيسان أخرجها المؤلف في كتاب الجهاد بتمامها، من طريق إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس، وفيها من الفوائد الزوائد ما أشرت إليه في أثناء الكلام على هذا الحديث من قبل، ولكنه انتهى حديثه عند قول أبي سفيان‏:‏ ‏"‏ حتى أدخل الله على الإسلام ‏"‏ زاد هنا‏:‏ ‏"‏ وأنا كاره ‏"‏ ولم يذكر قصة ابن الناطور‏.‏
وكذا أخرجه مسلم بدونها من حديث إبراهيم المذكور، ورواية يونس أيضا عن الزهري بهذا الإسناد أخرجها المؤلف في الجهاد مختصرة من طريق الليث، وفي الاستئذان مختصرة أيضا من طريق ابن المبارك كلاهما عن يونس عن الزهري بسنده بعينه، ولم يسقه بتمامه، وقد ساقه بتمامه الطبراني من طريق عبد الله بن صالح عن الليث، وذكر فيه قصة ابن الناطور، ورواية معمر عن الزهري كذلك ساقها المؤلف بتمامها في التفسير، وقد أشرنا إلى بعض فوائد زائدة فيما مضى أيضا، وذكر فيه من قصة ابن الناطور قطعة مختصرة عن الزهري مرسلة‏.‏
فقد ظهر لك أن أبا اليمان ما روى هذا الحديث عن واحد من الثلاثة، وأن الزهري إنما رواه لأصحابه بسند واحد عن شيخ واحد وهو عبيد الله بن عبد الله، وأن أحاديث الثلاثة عند المصنف عن غير أبي اليمان، ولو احتمل أن يرويه لهم أو لبعضهم عن شيخ آخر لكان ذلك اختلافا قد يفضي إلى الاضطراب الموجب للضعف، فلاح فساد ذلك الاحتمال، والله سبحانه وتعالى الموفق والهادي إلى الصواب لا إله إلا هو‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس