عرض مشاركة واحدة
قديم 12-10-2012, 04:13 PM   #6
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: فتح كتاب فتح البارى على شرح البخارى للاحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه


قوله‏:‏ ‏(‏فقالت خديجة‏:‏ كلا‏)‏ معناها‏:‏ النفي والإبعاد، ويحزنك‏:‏ بفتح أوله والحاء المهملة والزاي المضمومة والنون من الحزن‏.‏
ولغير أبي ذر بضم أوله والخاء المعجمة والزاي المكسورة ثم الياء الساكنة من الخزي‏.‏
ثم استدلت على ما أقسمت عليه من نفي ذلك أبدا بأمر استقرائي وصفته بأصول مكارم الأخلاق، لأن الإحسان إما إلى الأقارب أو إلى الأجانب، وإما بالبدن أو بالمال، وإما على من يستقل بأمره أو من لا يستقل، وذلك كله مجموع فيما وصفته به‏.‏
والكل بفتح الكاف‏:‏ هو من لا يستقل بأمره كما قال الله تعالى‏:‏ ‏(‏وهو كل على مولاه‏)‏ وقولها‏:‏ ‏"‏ وتكسب المعدوم ‏"‏ في رواية الكشميهني وتكسب بضم أوله، وعليها قال الخطابي‏:‏ الصواب المعدم بلا واو أي الفقير، لأن المعدوم لا يكسب‏.‏
قلت‏:‏ ولا يمتنع أن يطلق على المعدم المعدوم لكونه كالمعدوم الميت الذي لا تصرف له، والكسب هو الاستفادة‏.‏
فكأنها قالت‏:‏ إذا رغب غيرك أن يستفيد مالا موجودا رغبت أنت أن تستفيد رجلا عاجزا فتعاونه‏.‏
وقال قاسم بن ثابت في الدلائل‏:‏ قوله يكسب معناه‏:‏ ما يعدمه غيره ويعجز عته يصيبه هو ويكسبه‏.‏ ‏(‏1/25‏)‏
قال أعرابي يمدح إنسانا‏:‏ كان أكسبهم لمعدوم، وأعطاهم لمحروم وأنشد في وصف ذئب ‏"‏ كسوب كذا المعدوم من كسب واحد ‏"‏ أي‏:‏ مما يكسبه وحده‏.‏
انتهى‏.‏
ولغير الكشميهني ‏"‏ وتكسب ‏"‏ بفتح أوله، قال عياض‏:‏ وهذه الرواية أصح‏.‏
قلت‏:‏ قد وجهنا الأولى، وهذه الراجحة، ومعناها‏:‏ تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك، فحذف أحد المفعولين، ويقال‏:‏ كسبت الرجل مالا وأكسبته بمعنى‏.‏
وقيل‏:‏ معناه تكسب المال المعدوم وتصيب منه مالا يصيب غيرك‏.‏
وكانت العرب تتمادح بكسب المال، لا سيما قريش‏.‏
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم -قبل البعثة محظوظا في التجارة‏.‏
وإنما يصح هذا المعنى إذا ضم إليه ما يليق به، من أنه كان مع إفادته للمال يجود به في الوجوه التي ذكرت في المكرمات‏.‏
وقولها‏:‏ ‏"‏ وتعين على نوائب الحق ‏"‏ هي كلمة جامعة لأفراد ما تقدم ولما لم يتقدم‏.‏
وفي رواية المصنف في التفسير من طريق يونس عن الزهري من الزيادة ‏"‏ وتصدق الحديث ‏"‏ وهي من أشرف الخصال‏.‏
وفي رواية هشام بن عروة عن أبيه في هذه القصة ‏"‏ وتؤدى الأمانة‏"‏‏.‏
وفي هذه القصة من الفوائد استحباب تأنيس من نزل به أمر، بذكر تيسيره عليه وتهوينه لديه، وأن من نزلت به أمر استحب له أن يطلع عليه من يثق بنصيحته وصحة رأيه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فانطلقت به‏)‏ أي مضت معه، فالباء للمصاحبة‏.‏
وورقة بفتح الراء‏.‏
وقوله‏:‏ ‏"‏ ابن عم خديجة ‏"‏ هو بنصب ابن ويكتب بالألف، وهو بدل من ورقة أو صفة أو بيان، ولا يجوز جره فإنه يصير صفة لعبد العزى، وليس كذلك، ولا كتبه بغير ألف لأنه لم يقع بين علمين‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏تنصر‏)‏ أي‏:‏ صار نصرانيا، وكان قد خرج هو وزيد بن عمرو بن نفيل، لما كرها عبادة الأوثان إلى الشام وغيرها يسألون عن الدين، فأما ورقة فأعجبه دين النصرانية فتنصر، وكان لقي من بقي من الرهبان على دين عيسى ولم يبدل، ولهذا أخبر بشأن النبي -صلى الله عليه وسلم -والبشارة به، إلى غير ذلك مما أفسده أهل التبديل‏.‏
وأما زيد بن عمرو فسيأتي خبره في المناقب إن شاء الله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية‏)‏ ‏.‏
وفي رواية يونس ومعمر‏:‏ ويكتب من الإنجيل بالعربية‏.‏
ولمسلم‏:‏ فكان يكتب الكتاب العربي‏.‏
والجميع صحيح، لأن ورقة تعلم اللسان العبراني والكتابة العبرانية فكان يكتب الكتاب العبراني كما كان يكتب الكتاب العربي، لتمكنه من الكتابين واللسانين‏.‏
ووقع لبعض الشراح هذا خبط فلا يعرج عليه‏.‏
وإنما وصفته بكتابة الإنجيل دون حفظه لأن حفظ التوراة والإنجيل لم يكن متيسرا، كتيسر حفظ القرآن الذي خصت به هذه الأمة، فلهذا جاء في صفتها ‏"‏ أناجيلها صدورها‏"‏‏.‏
قولها‏:‏ ‏"‏ يا ابن عم ‏"‏ هذا النداء على حقيقته، ووقع في مسلم ‏"‏ يا عم ‏"‏ وهو وهم، لأنه وإن كان صحيحا لجواز إرادة التوقير لكن القصة لم تتعدد ومخرجها متحد، فلا يحمل على أنها قالت ذلك مرتين، فتعين الحمل على الحقيقة‏.‏
وإنما جوزنا ذلك فيما مضى في العبراني والعربي لأنه من كلام الراوي في وصف ورقة، واختلفت المخارج فأمكن التعداد، وهذا الحكم يطرد في جميع ما أشبهه‏.‏
وقالت في حق النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ اسمع من ابن أخيك‏.‏
لأن والده عبد الله بن عبد المطلب وورقة في عدد النسب إلى قصي بن كلاب الذي يجتمعان فيه سواء، فكان من هذه الحيثية في درجة إخوته‏.‏
أو قالته على سبيل التوقير لسنه‏.‏
وفيه إرشاد إلى أن صاحب الحاجة يقدم بين يديه من يعرف بقدره ممن يكون أقرب منه إلى المسؤول، وذلك مستفاد من قول خديجة لورقة‏:‏
‏"‏ اسمع من ابن أخيك ‏"‏ أرادت بذلك أن يتأهب لسماع كلام النبي -صلى الله عليه وسلم -وذلك أبلغ في التعليم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ماذا ترى‏؟‏‏)‏ فيه حذف يدل عليه سياق الكلام، وقد صرح به في دلائل النبوة لأبي نعيم بسند حسن إلى عبد الله بن شداد في هذه القصة قال‏:‏ فأتت به ورقة ابن عمها، فأخبرته بالذي رأى‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏هذا الناموس الذي نزل الله على موسى‏)‏ ‏.‏
وللكشميهني ‏"‏ أنزل الله‏"‏، وفي التفسير ‏"‏ أنزل ‏"‏ على البناء للمفعول وأشار بقوله‏:‏ ‏"‏ هذا ‏"‏ إلى الملك الذي ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم -في خبره، ونزله منزلة القريب لقرب ذكره‏.‏ ‏(‏1/26‏)‏
والناموس‏:‏ صاحب السر، كما جزم به المؤلف في أحاديث الأنبياء‏.‏
وزعم ابن ظفر أن الناموس صاحب سر الخير، والجاسوس صاحب سر الشر‏.‏
والأول‏:‏ الصحيح الذي عليه الجمهور‏.‏
وقد سوى بينهما رؤبة بن العجاج أحد فصحاء العرب‏.‏
والمراد بالناموس هنا‏:‏ جبريل -عليه السلام-‏.‏
وقوله‏:‏ ‏"‏ على موسى ‏"‏ ولم يقل‏:‏ على عيسى مع كونه نصرانيا، لأن كتاب موسى -عليه السلام -مشتمل على أكثر الأحكام، بخلاف عيسى‏.‏
وكذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-‏.‏
أو لأن موسى بعث بالنقمة على فرعون ومن معه، بخلاف عيسى‏.‏
كذلك وقعت النقمة على يد النبي -صلى الله عليه وسلم -بفرعون هذه الأمة وهو‏:‏ أبو جهل بن هشام ومن معه ببدر‏.‏
أو قاله تحقيقا للرسالة، لأن نزول جبريل على موسى متفق عليه بين أهل الكتاب، بخلاف عيسى فإن كثيرا من اليهود ينكرون نبوته، وأما ما تمحل له السهيلي من أن ورقة كان على اعتقاد النصارى في عدم نبوة عيسى ودعواهم أنه أحد الأقانيم فهو محال، لا يعرج عليه في حق ورقة وأشباهه ممن لم يدخل في التبديل ولم يأخذ عمن بدل‏.‏
على أنه قد ورد عند الزبير بن بكار من طريق عبد الله بن معاذ عن الزهري في هذه القصة أن ورقة قال‏:‏ ناموس عيسى‏.‏
والأصح ما تقدم، وعبد الله بن معاذ ضعيف‏.‏
نعم في دلائل النبوة لأبي نعيم بإسناد حسن إلى هشام بن عروة عن أبيه في هذه القصة، أن خديجة أولا أتت ابن عمها ورقة فأخبرته الخبر فقال‏:‏ لئن كنت صدقتني، إنه ليأتيه ناموس عيسى الذي لا يعلمه بنو إسرائيل أبناءهم‏.‏
فعلى هذا فكان ورقة يقول تارة‏:‏ ناموس عيسى وتارة ناموس موسى، فعند إخبار خديجة له بالقصة، قال لها‏:‏ ناموس عيسى، بحسب ما هو فيه من النصرانية، وعند إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- له قال له‏:‏ ناموس موسى للمناسبة التي قدمناها، وكل صحيح‏.‏
والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس