عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2012, 08:08 PM   #69
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: كتاب المستصفى من علم الاصول للامام الغزالى رضى الله عنه


مسألة ‏(‏نقض الاجتهاد‏)‏
في نقض الاجتهاد‏:‏ المجتهد إذا أداه اجتهاده إلى أن الخلع فسخ فنكح امرأة خالعها ثلاثا ثم تغير اجتهاده لزمه تسريحها ولم يجز له إمساكها على خلاف اجتهاده، ولو حكم بصحة النكاح حاكم بعد أن خالع الزوج ثلاثا ثم تغير اجتهاده لم يفرق بين الزوجين ولم ينقض اجتهاده السابق بصحة النكاح لمصلحة الحكم فإنه، لو نقض الاجتهاد لنقض النقض أيضا ولتسلسل فاضطربت الاحكام ولم يوثق بها، أما إذا نكح المقلد بفتوى مفت وأمسك زوجته بعد دور الطلاق وقد نجز الطلاق بعد الدور ثم تغير اجتهاد المفتي فهل على المقلد تسريح زوجته‏؟‏ هذا ربما يتردد فيه، والصحيح أنه يجب تسريحها، كما لو تغير اجتهاد مقلده عن القبلة في أثناء الصلاة، فإنه يتحول إلى الجهة الاخرى، كما لو تغير اجتهاده في نفسه، وإنما حكم الحاكم هو الذي لا ينقض، ولكن بشرط أن لا يخالف نصا ولا دليلا قاطعا فإن أخطأ النص نقصنا حكمه، وكذلك إذا تنبهنا لامر معقول في تحقيق مناط الحكم أو تنقيحه بحيث يعلم أنه لو تنبه له لعلم قطعا بطلان حكمه فينقض الحككم‏.‏ فإن قيل‏:‏ قد ذكرتم أن مخالف النص مصيب إذا لم يقصر، لان ذلك حكم الله تعالى عليه بحسب حاله فلم ينقض حكمه‏؟‏ قلنا نعم، هو مصيب بشرط دوام الجهل، كمن ظن أنه متطهر فحكم الله عليه وجوب الصلاة، ولو علم أنه محدث فحكم الله عليه تحريم الصلاة مع الحدث، لكن عند الجهل الصلاة واجبة عليه وجوبا حاصلا ناجزا، وهي حرام عليه بالقوة، أي هي بصدد أن تصير حراما ما لو علم محدث، فمهما علم لزمه تدارك ما مضى وكان ذلك صلاة بشرط دوام الجهل، وكذلك مهما بلغ المجتهد النص نقض حكمه الواقع فكذلك الحاكم الآخر العالم بالنص ينقض حكمه، وعند هذا ننبه على دقيقة وهي أنا ذكرنا أن اختلاف حال المكلف في الظن والعلم كاختلاف حاله في السفر والاقامة، والطهر والحيض، فيجوز أن يكون ذلك سببا لاختلاف الحكم، لكن بينهما فرق وهو‏:‏ أن من سقط عنه وجوب لسفره أو عجزه فلا يجب إزالة سفره وعجزه ليتحقق الوجوب، ومن سقط عنه لجهله وجب إزالة جهله، فإن التعليم وتبليغ حكم الشرع وتعريف أسبابه واجب، وكذلك نقول‏:‏ من صلى وعلى ثوبه نجاسة لا يعرفها تصح صلاته ولا يقضيها على قول، فمن رأى في ثوبه تلك النجاسة يلزمه تعريفه ولو تيمم ليصلي وقدر غيره على أن يزيل عجزه بحمل ماء إليه لم يلزمه، ففي هذه الدقيقة يختلف حكم العلم والجهل، وحكم سائر الاوصاف‏.‏ فإن قيل‏:‏ فلو خالف الحاكم قياسا جليا هل ينقض حكمه‏؟‏ قلنا‏:‏ قال الفقهاء ينقض فإن أرادوا به ما هو في معنى الأصل مما يقطع به فهو صحيح وإن أرادوا به قياسا مظنونا مع كونه جليا فلا وجه له، إذ لا فرق بين ظن وظن، فإذا أنتقى القاطع فالظن يختلف بالاضافة، وما يختلف بالاضافة، فلا سبيل إلى تتبعه‏.‏ فإن قيل‏:‏ فمن حكم على خلاف خبر الواحب أو بمجرد صيغة لامر أو حكم في الفساد بمجرد النهي فهل ينقض حكمه وقد قطعتم بصحة خبر الواحد، وأن صيغة الامر لا تدل على الوجوب، والنهي لا يدل بمجرده على الفساد‏؟‏ قلنا‏:‏ معما كانت المسألة ظنية فلا ينقض الحكم، لانا لا ندري أنه حكم لرده خبر الواحد، أو أنه حكم بمجرد صيغة الامر، بل لعله كان حكم لدليل آخر ظهر له، فإن علمنا أنه حكم لذلك لا لغيره وكانت المسألة مع ذلك ظنية اجتهادية فلا ينبغي أن ينقض لانه ليس لله في المسألة الظنية حكم معين، فقد حكم بما هو حكم الله تعالى على بعض المجتهدين، فإن أخطأ في الطريق فليس مخطئا في نفس الحكم، بل حكم في محل الاجتهاد، وعلى الجملة‏:‏ الحكم في مسألة فيها خبر واحد على خلاف الخبر ليس حكما برد الخبر مطلقا، وإنما المقطوع به كون الخبر حجة على الجملة، أما آحاد المسائل فلا يقطع فيها بحكم فإن قيل‏:‏ فإن حكم بخلاف اجتهاده لكن وافق مجتهدا آخر وقلده فهل ينقض حكمه‏؟‏ ولو حكم حاكم مقلد بخلاف مذهب إمامه فهل ينقض‏؟‏ قلنا‏:‏ هذا في حق المجتهد لا يعرف يقينا، بل يحتمل تغير اجتهاده، وأما المقلد فلا يصح حكمه عند الشافعي، ونحن وإن حكمنا يتنفيذ حكم المقلدين في زماننا لضرورة الوقت، فإن قضينا بأنه لا يجوز للمقلد أن يتبع أي مفت شاء بل عليه اتباع إمامه الذي هو أحق بالصواب في ظنه، فينبغي أن ينقض حكمه، ولو جوزنا ذلك، فإذا وافق مذهب ذي مذهب فقد وقع الحكم في محل الاجتهاد فلا ينقض، وهذه مسائل فقهية أعني نقض الحكم في هذه الصور، وليست من الاصول في شئ والله أعلم‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏في وجوب الاجتهاد على المجتهد وتحريم التقليد عليه‏)‏
وقد اتفقوا على أنه إذا فرغ من الاجتهاد وغلب على ظنه حكم فلا يجوز له أن يقلد مخالفه ويعمل بنظر غيره ويترك نظر نفسه، أما إذا لم يجتهد بعد ولم ينظر فإن كان عاجزا عن الاجتهاد كالعامي فله التقليد، وهذا ليس مجتهدا، لكن ربما يكون متمكنا من الاجتهاد في بعض الامور وعاجزا عن البعض إلا بتحصيل علم على سبيل الابتداء، كعلم النحو مثلا في مسألة نحوية، وعلم صفات الرجال وأحوالهم في مسألة نحوية خبرية، وقع النظر فيها في صحة الاسناد فهذا من حيث حصل بعض العلوم واستقل بها لا يشبه العامي، ومن حيث أنه لم يحصل هذا العلم فهو كالعامي، فيلحق بالعامي أو بالعالم فيه نظر والاشهر والاشبه أنه كالعامي، وإنما المجتهد هو الذي صارت العلوم عنده بالقوة القريبة، أما إذا احتاج إلى تعب كثير في التعلم بعد فهو في ذلك الفن عاجز، وكما يمكنه تحصيله فالعامي أيضا يمكنه التعلم ولا يلزمه، بل يجوز له ترك الاجتهاد، وعلى الجملة‏:‏ بين درجة المبتدئ في العلم وبين رتبة الكمال منازل واقعة بين طرفين، وللنظر فيها مجال، وإنما كلامنا الآن في المجتهد لو بحث عن مسألة ونظر في الأدلة لاستقل بها، ولا يفتقر إلى تعلم علم من غيره، فهذا هو المجتهد، فهل يجب عليه الاجتهاد أم يجوز له أن يقلد غيره، هذا مما اختلفوا فيه، فذهب قوم إلى أن الإجماع قد حصل، على أن من وراء الصحابة لا يجوز تقليدهم، وقال قوم من وراء الصحابة والتابعين، وكيف يصح دعوى الإجماع، وممن قال بتقليد العالم أحمد بن حنبل، وإسحق بن راهويه، وسفيان الثوري وقال محمد بن الحسن‏:‏ يقلد العالم الاعلم، ولا يقلد من هو دونه أو مثله، وذهب الاكثرون من أهل العراق إلى جواز تقليد العالم العالم فيما يفتي وفيما يخصه، وقال قوم‏:‏ يجوز فيما يخصه دون ما يفتي، وخصص قوم من جملة ما يخصه ما يفوت وقته لو اشتغل بالاجتهاد، واختار القاضي منع تقليد العالم للصحابة ولمن بعدهم وهو الاظهر عندنا والمسألة ظنية اجتهادية، والذي يدل عليه أن قليد من لا تثبت عصمته ولا يعلم بالحقيقة إصابته، بل يجوز خطؤه وتلبيسه حكم شرعي لا يثبت إلا بنص أو قياس على منصوص، ولا نص ولا منصوص إلا العامي، والمجتهد، إذ للمجتهد أن يأخذ بنظر نفسه وإن لم يتحقق وللعامي أن يأخذ بقوله، أما المجتهد إنما يجوز له الحكم بظنه لعجزه عن العلم، فالضرورة دعت إليه في كل مسألة ليس فيها دليل قاطع، أما العامي فإنما جوز له تقليد غيره للعجز عن تحصيل العلم والظن بنفسه، والمجتهد غير عاجز فلا يكون في معنى العاجز، فينبغي أن يطلب الحق بنفسه، فإنه يجوز الخطأ على العالم بوضع الاجتهاد في غير محله، والمبادرة قبل استتمام الاجتهاد والغفلة عن دليل قاطع وهو قادر على معرفة جميع ذلك ليتوصل في بعضها إلى اليقين وفي بعضها إلى الظن، فكيف يبني الامر على عماية كالعميان وهو بصير بنفسه، فإن قيل‏:‏ وهو ليس يقدر إلا على تحصيل ظن، وظن غيره كظنه، ولا سيما عندكم، وقد صوبتم كل مجتهد‏؟‏ قلنا‏:‏ مع هذا إذا حصل ظنه لم يجز له اتباع ظن غيره، فكان ظنه أصلا، وظن غيره بدلا يدل عليه أنه لم يجز العدول إليه مع وجود المبدل‏؟‏ فلا يجوز مع القدرة على المبدل كما في سائر الابدال والمبدلات، إلا أن يرد نص بالتخيير فترتفع البدلية، أو يرد نص بأنه بدل عند الوجود لا عند العدم، كبنت مخاض وابن لبون في خمس وعشرين من الابل، فإن وجوب بنت مخاض يمنع من قبول ابن لبون، والقدرة على شرائه لا تمنع منه‏.‏ فإن قيل‏:‏ حصرتم طريق معرفة الحق في الالحاق، ثم قطعتم طريق الالحاق، ولا نسلم أن مأخذه الالحاق، بل عمومات تشمل العامي والعالم، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون‏}‏ ‏(‏الانبياء‏:‏ 7‏)‏ وما أراد من لا تعلم شيئا أصلا، فإن ذاك مجنون أو صبي، بل من لا يعلم تلك المسألة، وكذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم‏}‏ ‏(‏النساء‏:‏ 95‏)‏ وهم العلماء قلنا أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فاسألوا أهل الذكر‏}‏ فإنه لا حجة فيه من وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن المراد به أمر العوام بسؤال العلماء، إذ ينبغي أن يتميز السائل عن المسؤول، فمن هو من أهل العلم مسؤول وليس بسائل ولا يخرج عن كونه من أهل العلم بأن لا تكون المسألة حاضرة في ذهنه إذ هو متمكن من معرفتها من غير أن يتعلم من غيره‏.‏ الثاني‏:‏ أن معناه سلوا لتعلموا، أي سلوا عن الدليل لتحصيل العلم، كما يقال‏:‏ كل لتشبع، واشرب لتروي، وأما أولو الامر فإنما أراد بهم الولاة، إذأ وجب طاعتهم كطاعة الله ورسوله، ولا يجب على المجتهد اتباع المجتهد، فإن كالمراد بأولي الامر الولاة، فالطاعة على الرعية، وإن كان هم العلماء فالطاعة على العوام ولا نفهم غير ذلك، ثم نقول يعارض هذه العمومات عمومات أقوى منها يمكن التمسك بها ابتداء في المسألة، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فاعتبروا يا أولي الابصار‏}‏ ‏(‏الحشر‏:‏ 2‏)‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لعلمه الذين يستنبطونه منهم‏}‏ ‏(‏النساء‏:‏ 38‏)‏ وقوله‏:‏ ‏{‏أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها‏}‏ ‏(‏محمد‏:‏ 42‏)‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله‏}‏ ‏(‏الشورى‏:‏ 01‏)‏ وقوله‏:‏ ‏{‏فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول‏}‏ ‏(‏النساء‏:‏ 95‏)‏ فهذا كله أمر بالتدبر والاستنباط والاعتبار، وليس خطابا مع العوام، فلم يبق مخاطب إلا العلماء، والمقلد تارك للتدبر والاعتبار والاستنباط، وكذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{‏اتبعوا احسن ما انزل اليكم من ربكم‏}‏ ‏(‏الزمر‏:‏ 55‏)‏ و ‏(‏لا تتبعوا من دونه اوليا وهذا بظاهره يوجب الرجوع إلى الكتاب فقط، لكن دل الكتاب على اتباع السنة، والسنة على الإجماع، والإجماع على القياس، وصار جميع ذلك منزلا فهو المتبع دون أقوال العباد، فهذه ظواهر قوية، والمسألة ظنية يقوي فيها التمسك بأمثالها، ويعتضد ذلك، بفعل الصحابة، فإنهم تشاوروا في ميراث الجد والعول، والمفوضة ومسائل كثيرة، وحكم كل واحد منهم بظن نفسه ولم يقلد غيره، فإن قيل‏:‏ لم ينقل عن طلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف وهم أهل الشورى نظر في الاحكام مع ظهور الخلاف، والاظهر أنهم أخذوا بقول غيرهم‏؟‏ قلنا‏:‏ كانوا لا يفتون اكتفاء بمن عداهم في الفتوى، أما عملهم في حق أنفسهم لم يكن إلا بما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم والكتاب وعرفوه فإن وقعت واقعة لم يعرفوا دليلها شاوروا غيرهم لتعرف الدليل لا للتقليد، فإن قيل‏:‏ فما تقولون في تقليد الاعلم‏؟‏ قلنا‏:‏ الواجب أن ينظر أولا، فإن غلب على ظنه ما وافق الاعلم فذاك، وإن غلب على ظنه خلافه فما ينفع كونه أعلم، وقد صار رأيه مزيفا عنده والخطأ جائز على الاعلم، وظنه أقوى في نفسه من ظن غيره وله أن يأخذ بظن نفسه وفاقا، ولم يلزمه تقليده لكونه أعلم، فينبغي أن لا يجوز تقليده، ويدل عليه إجماع الصحابة رضي الله عنهم على تسويغ الخلاف لابن عباس وابن عمر وابن الزبير وزيد بن ثابت وأبي سلمة بن عبد الرحمن وغيرهم من أحداث الصحابة لاكابر الصحابة، ولابي بكر ولعمر رضي الله عن جميعهم، فإن قيل‏:‏ فهل من فرق بين ما يخصه وبين ما يفتي به‏؟‏ قلنا‏:‏ يجوز له أن ينقل للمستفتي مذهب الشافعي وأبي حنيفة، لكن لا يفتي من يستفتيه بتقليد غيره‏:‏ إذ لو جاز ذلك لجاز الفتوى للعوام، وأما ما يخصه إذا ضاق الوقت وكان في البحث تفويت فهذا هل يلحقه بالعاجز في جواز التقليد فيه نظر فقهي ذكرناه في مسألة العدول إلى التيمم عند ضيق الوقت وتناوب جماعة على بئر ماء، فهذه مسألة محتملة والله أعلم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس