عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2012, 07:51 PM   #50
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: كتاب المستصفى من علم الاصول للامام الغزالى رضى الله عنه


الباب الثاني في تمييز ما يمكن دعوى العموم فيه عما لا يمكن
وفيه مسائل‏:‏
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏بيان العموم‏)‏
إنما يمكن دعوى العموم فيما ذكره الشارع على سبيل الابتداء، أما ما ذكره في جواب السائل فإنه ينظر، فإن أتى بلفظ مستقل لو ابتدأ به كان عاما كما سئل عن بئر بضاعة، فقال‏:‏ خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ إلا ما غير طعمه أو لونه أو ريحه وكما سئل عن ماء البحر فقال‏:‏ هو الطهور ماؤه الحل ميتته وأما إذا لم يكن مستقلا نظر، فإن لم يكن لفظ السائل عاما فلا يثبت العموم للجواب، كما لو قال السائل‏:‏ توضأت بماء البحر، فقال‏:‏ يجزيك، أو قال‏:‏ وطئت في نهار رمضان، فقال‏:‏ أعتق رقبة، فهذا لا عموم له، لانه خطاب مع شخص واحد، وإنما يثبت الحكم في حق غيره، بدليل مستأنف من قياس إذا ورد التعبد بالقياس أو تعلق بقوله عليه السلام، حكمي على الواحد حكمي على الجماعة، وذلك بشرط أن يكون حال غيره مثل حاله في كل وصف مؤثر في الحكم حتى لا يفترقا إلا في الشخص، والاحوال التي لا مدخل لها في التفرقة من الطول واللون وأمثاله، والذكورة والانوثة، كالطول واللون في بعض الاحكام كالعتق، ولذلك قلنا‏:‏ حكمه في العبد بالسراية حكم في الامة، وفي باب ولاية النكاح ليس كذلك، إذ عرف من الشرع ترك الالتفات إلى الذكورة والانوثة في العتق والرق، ولم يعرف ذلك في النكاح، ولذلك نقول روي في الصحيح أن أبا بكر رضي الله عنه أم بالناس في مرض النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج عليه السلام وهو في أثناء الصلاة فهم بأن يتخلف، فأشار عليه بالمنع ووقف بجانبه، واقتدى أبو بكر بالنبي عليه السلام واستمر الناس على الاقتداء بأبي بكر رضي الله عنه، وصلى الناس بصلاة أبي بكر، وصلى أبو بكر بصلاة النبي عليه السلام وفيه اقتداء الامام بغيره، واقتداء الناس بالمقتدى بغيره، وليس يظهر لنا أن غير رسول الله صلى الله عليه وسلم في معنى النبي عليه السلام وفإن التقدم عليه مع حضوره مستبعد فيما يرجع إلى الامام، وللنبوة فيها تأثير، وهذا فعل خاص لا عموم له، ودعوى الالحاق تحكم مع ظهور الفرق ولا عموم يتعلق به، بل قوله لعبد الرحمن بن عوف‏:‏ البس الحرير ولابي بردة بن نيار في الاضحية بجذعة من الضان تجزيك وإذنه للعرنيين بشرب أبوال الابل وقوله لعمر‏:‏ مره فليراجعها إلا عموم لشئ منه، فيفتقر تعميمه إلى دليل متسأنف من قياس أو غيره أما ما نقل من اقتداء الناس بأبي بكر مع اقتدائه بالنبي عليه السلام فيحتمل أن مقتدي الكل كان بالنبي عليه السلام، وكان أبو بكر سفيرا برفع الصوت بالتكبيرات‏.‏ أما إذا كان لفظ السائل عاما نزل منزلة عموم لفظ الشارع، كما لو سأله سائل عمن أفطر في نهار رمضان فقال‏:‏ أعتق رقبة، كان كما لو قال‏:‏ من أفطر في نهار رمضان أعتق رقبة، لانه يجيب عن السؤال، فلا يكون الجواب إلا مطابقا للسؤال أو أعم منه، فأما أخص منه فلا، أما لو قال السائل‏:‏ أفطر زيد في نهار رمضان، فقال‏:‏ عليه عتق رقبة‏:‏ أو قال‏:‏ طلق ابن عمر زوجته، فقال‏:‏ مره فليراجعها فهذا لا عموم له، فلعله عرف من حاله ما يوجب العتق والمراجعة عليه خاصة، ولا نعرف ما تلك الحال ومن الذي يساويه فيها، ولا يدري أنه أفطر عمدا أو سهوا أو بأكل أو جماع، فإن قيل‏:‏ ترك الاستفصال مع تعارض الاحوال يدل على عموم الحكم، وهذا من كلام الشافعي، قلنا‏:‏ من أين تحقق ذلك، ولعله عليه السلام عرف خصوص الحال فأجاب بناء على معرفته ولم يستفصل، فهذا تقرير عموم بالوهم المجرد‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏ورود العام على سبب خاص لا يسقط دعوى العموم‏)‏
كقوله ‏(‏صلى الله عليه وسلم‏)‏ حيث مر بشاة ميمونة‏:‏ أيما إهاب دبغ فقد طهر وقال قوم‏:‏ يسقط عمومه، وهو خطأ، نعم‏:‏ يصير احتمال التخصيص أقرب، ويقنع فيه بدليل أخف وأضعف، وقد يعرف بقرينة اختصاصه بالواقعة، كما إذا قيل‏:‏ كلم فلانا في واقعة، فقال‏:‏ والله لا أكلمه أبدا، فإنه يفهم بالقرينة أنه يريد ترك الكلام في تلك الواقعة لا على الاطلاق، والدليل على بقاء العموم أن الحجة في لفظ الشارع لا في السؤال والسبب، ولذلك يجوز أن يكون الجواب معدولا عن سنن السؤال، حتى لو قال السائل‏:‏ أيحل شرب الماء وأكل الطعام والاصطياد‏؟‏ فيقول‏:‏ الاكل واجب والشرب مندوب، والصيد حرام، فيجب اتباع هذه الاحكام وإن كان فيه خطر، ووجوب والسؤال وقع عن الاباحة فقط، وكيف ينكر هذا وأكثر أصول الشرع خرجت على أسباب، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لبئس‏}‏ ‏(‏المائدة‏:‏ 83‏)‏ نزل في سرقة المجن أو رداء صفوان، ونزلت آية الظهار في سلمة بن صخر، وآية اللعان في هلال بن أمية، وكل ذلك على العموم‏.‏ وشبه المخالفين ثلاث‏:‏ الأولى‏:‏ أنه لو لم يكن للسبب تأثير والنظر إلى اللفظ خاصة فينبغي أن يجوز إخراج السبب بحكم التخصيص عن عموم المسميات، كما لو لم يرد على سبب، قلنا‏:‏ لا خلاف في أن كلامه بيان للواقعة، لكن الكلام في أنه بيان له خاصة أوله ولغيره، واللفظ يعمه ويعم غيره، وتناوله له مقطوع به وتناوله لغيره ظاهر، فلا يجوز أن يسأل عن شئ فيجيب عن غيره، نعم‏:‏ يجوز أن يجيب عنه وعن غيره، ويجوز أيضا أن يجيب عن غيره بما ينبه على محل السؤال، كما قال لعمر‏:‏ أرأيت لو تمضمضت، وقد سأله عن القبلة وقال للخثعمية، أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته‏.‏ الشبهة الثانية‏:‏ إنه لو لم يكن للسبب مدخل لما نقله الراوي، إذ لا فائدة فيه، قلنا‏:‏ فائدته معرفة أسباب التنزيل والسير والقصص واتساع علم الشريعة، وأيضا‏:‏ امتناع إخراج السبب بحكم التخصيص بالاجتهاد، ولذلك غلط أبو حنيفة رحمه الله في إخراج الامة المستفرشة من قوله‏:‏ الولد للفراش، والخبر إنما ورد في وليدة زمعة، إذ قال عبد بن زمعة‏:‏ هو أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه، فقال عليه السلام‏:‏ الولد للفراش وللعاهر الحجر فأثبت للامة فراشا، وأبو حنيفة لم يبلغه السبب، فأخرج الامة من العموم‏.‏ الشبهة الثالثة‏:‏ إنه لولا أن المراد بيان السبب لما أخر البيان إلى وقوع الواقعة، فإن الغرض إذا كان تمهيد قاعدة عامة فلم أخرها إلى وقوع واقعة‏؟‏ قلنا‏:‏ ولم قلتم‏:‏ لا فائدة في تأخيره، والله تعالى أعلم بفائدته، ولم طلبتم لافعال الله فائدة‏؟‏ بل لله تعالى أن ينشئ التكليف في أي وقت شاء، ولا يسأل عمايفعل، ثم نقول‏:‏ لعله علم أن تأخيره إلى الواقعة لطف ومصلحة للعباد، داعية إلى الانقياد، ولا يحصل ذلك بالتقديم والتأخير، ثم نقول‏:‏ يلزم لهذه العلة اختصاص الرجم بما عز، والظهار واللعان، وقطع السرقة بالاشخاص الذين ورد فيهم، لان الله تعالى آخر البيان إلى وقوع وقائعهم، وذلك خلاف الإجماع‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏العموم للالفاظ دون المعاني‏)‏
المقتضى لا عموم له، وإنما العموم للالفاظ لا للمعاني، فتضمنها من ضرورة الالفاظ، بيانه‏:‏ أن قوله‏:‏ لا صيام لمن لم يبيت الصيام ظاهره ينفي صورة الصوم حسا، لكن وجب رده إلى الحكم، وهو نفي الاجزاء أو الكمال، وقد قيل‏:‏ إنه متردد بينهما، فهو مجمل، وقيل إنه عام لنفي الاجزاء والكمال، وهو غلط، نعم‏:‏ لو قال‏:‏ لا حكم لصوم بغير تبييت، لكن الحكم لفظا عاما في الاجزاء والكمال، أما إذا قال لا صيام، فالحكم غير منطوق به، وإنما أثبت ذلك من طريق الضرورة، وكذلك قوله عليه السلام‏:‏ رفع عن أمتي الخطأ والنسيان معناه حكم الخطأ والنسيان ولا عموم له، ولو قال‏:‏ لا حكم للخطأ لامكن حمله على نفي الاثم والغرم وغير ذلك، لا على العموم في الاجزاء والكمال، لان الاجزاء الصحة إذا انتفيا كان انتفاء الكمال ضرورة، وإنما العموم ما يشتمل على معنيين يمكن انتفاء كل واحد منهما دون الآخر‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏العام في الفعل المتعدي‏)‏
الفعل المتعدي إلى مفعول اختلفوا في أنه بالاضافة إلى مفعولاته هل يجري مجرى العموم‏؟‏ فقال أصحاب أبي حنيفة‏:‏ لا عموم له، حتى لو قال‏:‏ والله لا آكل، ونوى طعاما بعينه، أو قال‏:‏ إن أكلت فأنت طالق، ونوى طعاما بعينه، لم يقبل، وكذلك إذا نوى بالضرب آلة بعينها، واستدل أصحاب أبي حنيفة بأن هذا من قبيل المقتضى، فلا عموم له، لان الاكل يستدعي مأكولا بالضرورة، لا أن اللفظ تعرض له، فما ليس منطوقا لا عموم له، فالمكان للخروج، والطعام للاكل، والآلة للضرب، كالوقت للفعل، والحال للفاعل، ولو قال‏:‏ أنت طالق، ثم قال‏:‏ أردت به إن دخلت الدار، أو أردت به يوم الجمعة، لم يقبل، وكذلك قالوا‏:‏ لو نوى بقوله‏:‏ أنت طالق عددا، لم يجزه، وجوز أصحاب الشافعي ذلك، والانصاف أن هذا ليس من قبيل المقتضى، ولا هو من قبيل الوقت، والحال فإن اللفظ المعتدي إلى المفعول يدل على المفعول بصيغته ووضعه، فأما الحال والوقت فمن ضرورة وجود الاشياء، لكن لا تعلق بها بالالفاظ، والمقتضى هو ضرورة صدق الكلام، كقوله‏:‏ لا صيام، أو ضرورة وجود المذكور كقوله‏:‏ أعتق عني، فإنه يدل على حصول الملك قبله لا من حيث اللفظ، لكن من حيث كون الملك شرطا لتصور العتق شرعا، أما الاكل فيدل على المأكول والضرب على الآلة والخروج على المكان وتتشابه نسبته إلى الجميع فهو بالعموم أشبه، فإن قيل‏:‏ لا خلاف في أنه لو أمر بالاكل والضرب والخروج كان ممتثلا بكل طعام وبكل آلة وكل مكان ولو علق العتق حصل بالجميع، فهذا يدل على العموم، قلنا‏:‏ ليس ذلك لاجل العموم، ولكن لاجل أن ما علق عليه وجد، والآلة والمكان والمأكول غير متعرض له أصلا، حتى لو تصور هذه الافعال دون الطعام والآلة والمكان والمأكول يحصل الامتثال، وهو كالوقت والحال فإنه إن أكل وهو داخل في الدار أو خارج وراكب أو راجل حنث وكان ممتثلا لا لعموم اللفظ، لكن لحصول الملفوظ في الاحوال كلها، وإنما تظهر فائدة العموم في إرادة بعض هذه الامور، وإلاظهر عندنا جواز نية البعض، وأنه جار مجرى العموم ومفارق للمقتضى كما ذكرنا‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏العموم في الافعال‏)‏
لا يمكن دعوى العموم في الفعل، لان الفعل لا يقع إلا على وجه معين، فلا يجوز أن يحمل على كل وجه يمكن أن يقع عليه، لان سائر الوجوه متساوية بالنسبة إلى محتملاته، والعموم ما يتساوى بالنسبة إلى دلالة اللفظ عليه، بل الفعل كاللفظ المجمل المتردد بين معان متساوية في صلاح اللفظ، ومثاله ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى بعد غيبوبة الشفق، فقال قائل‏:‏ الشفق شفقان‏:‏ الحمرة والبياض، وأنا أحمله على وقوع صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدهما جميعا، وكذلك صلى رسول الله ‏(‏صلى الله عليه وسلم‏)‏ في الكعبة، فليس لقائل أن يستدل به على جواز الفرض في البيت، مصيرا إلى أن الصلاة تعم النفل والفرض، لانه إنما يعم لفظ الصلاة لا فعل الصلاة، أما الفعل فإما أن يكون فرضا فلا يكون نفلا أو يكون نفلا فلا يكون فرضا‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏هل الفعل النبي صلى الله عليه وسلم عموم‏؟‏‏)‏
فعل النبي عليه السلام كما لا عموم له بالاضافة إلى أحوال الفعل، فلا عموم له بالاضافة إلى غيره، بل يكون خاصا في حقه إلا أن يقول‏:‏ أريد بالفعل بيان حكم الشرع في حقكم، كما قال‏:‏ صلوا كما رأيتموني أصلي بل نزيد ونقول قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها النبي اتق الله‏}‏ ‏(‏الاحزاب‏:‏ 1‏)‏ وقوله‏:‏ ‏{‏لئن أشركت ليحبطن عملك‏}‏ ‏(‏الزمر‏:‏ 56‏)‏ مختص به بحكم اللفظ، وإنما يشاركه غيره بدليل لا بموجب هذا اللفظ، كقوله‏:‏ ‏{‏يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك‏}‏ ‏(‏المائدة‏:‏ 76‏)‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فاصدع بما تؤمر‏}‏ ‏(‏الحجر‏:‏ 49‏)‏‏.‏ وقال قوم‏:‏ ما ثبت في حقه فهو ثابت في حق غيره إلا ما دل الدليل على أنه خاص به، وهذا فاسد، لان الاحكام إذ قسمت إلى خاص وعام فالأصل اتباع موجب الخطاب، فما ثبت بمثل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا‏}‏ و ‏{‏يا أيها الناس‏}‏ و ‏{‏يا عبادي‏}‏ و ‏{‏يا أيها المؤمنون‏}‏ فيتناول النبي إلا ما استثنى بدليل، وما ثبت للنبي كقوله‏:‏ ‏{‏يا أيها النبي‏}‏ فيختص به إلا ما دل الدليل على الالحاق، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها النبي إذا طلقتم النساء‏}‏ ‏(‏الطلاق‏:‏ 1‏)‏ عام، لان ذكر النبي جرى في صدر الكلام تشريفا، وإلا فقوله‏:‏ طلقتم عام في صيغته، وكذلك قوله النبي صلى الله عليه وسلم لابي هريرة‏:‏ افعل، ولابن عمر راجعها، خاص، إنما يشمل الحكم غيره بدليل آخر، مثل قوله‏:‏ حكمي على الواحد حكمي على الجماعة أو ما جرى مجراه‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏هل النهي يقتضي العموم‏؟‏‏)‏
قول الصحابي‏:‏ نهى النبي عليه السلام عن كذا، كبيع الغرر، ونكاح الشغار وغيره، لا عموم له، لان الحجة في المحكي، لا في قول الحاكي ولفظه، وما رواه الصحابي من حكى النهي يحتمل أن يكون فعلا لا عموم له نهى عنه النبي عليه السلام، ويحتمل أن يكون لفظا خاصا، ويحتمل أن يكون لفظا عاما، فإذا تعارض الاحتمالات لم يكن إثبات العموم بالتوهم، فإذا قال الصحابي‏:‏ نهى عن بيع الرطب بالتمر، فيحتمل أن يكون قد رأى شخصا باع رطبا بتمر، فنهاه، فقال الراوي ما قال، ويحتمل أن يكون قد سمع الرسول عليه السلام ينهي عنه ويقول‏:‏ أنهاكم عن بيع الرطب بالتمر، ويحتمل أن يكون قد سئل عن واقعة معينة فنهى عنها، فالتمسك بعموم هذا تمسك بتوهم العموم لا بلفظ عرف عمومه بالقطع، وهذا على مذهب من يرى هذا حجة في أصل النهي، وقد قال قوم‏:‏ لا بد أن يحكي الصحابي قول الرسول ولفظه، وإلا فربما سمع ما يعتقده نهيا باجتهاده، ولا يكون نهيا، فإن قوله‏:‏ لا تفعل فيه خلاف أنه للنهي أم لا، وكذلك في ألفاظ أخر، وكذلك إذا قال‏:‏ نسخ فلا يحتج به ما لم يقل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول نسخت آية كذا، لانه ربما يرى ما ليس بنسخ نسخا، وهذا قد ذكرناه في باب الاخبار وهو أصل السنة في القطب الثاني‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏هل قول الصحابي يقتضي العموم‏)‏
قول الصحابي‏:‏ قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة للجار وبالشاهد واليمين، كقوله نهى، في أنه لا عموم له، لان حكاية، والحجة في المحكي، ولعله حكم في عين أو بخطاب خاص مع شخص، فكيف يتمسك بعمومه، فيقال مثلا‏:‏ يقضي بالشاهد واليمين في البضع، أو في الدم، لان الراوي أطلق، مع أن للراوي أن يطلق هذا إذا رآه قد قضى في مال، أو في بضع، بل لو قال الصحابي‏:‏ سمعته يقول‏:‏ قضيت بالشفعة للجار، فهذا يحتمل الحكاية عن قضاء الجار معروف، ويكون الالف واللام للتعريف، وقوله‏:‏ قضيت، حكاية فعل ماض، فأما لو قال‏:‏ قضيت بأن الشفعة للجار، فهذا أظهر في الدلالة على التعريف للحكم دون الحكاية، ولو قال الراوي‏:‏ قضى النبي عليه السلام بأن الشفعة للجار اختلفوا فيه، فمنهم من جعله عاما، ومنهم من قال‏:‏ يجوز أن يكون قد قضى في واقعة بأن الشفعة للجار، فدعوى العموم فيه حكم بالتوهم‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏لا عموم لواقعة الحال‏)‏
لا يمكن دعوى العموم في واقعة لشخص معين قضى فيها النبي عليه السلام بحكم وذكر علة حكمه أيضا إذا أمكن اختصاص العلة بصاحب الواقعة، مثاله‏:‏ حكمه في أعرابي محرم وقصت به ناقته‏:‏ لا تخمروا رأسه ولا تقربوه طيبا، فإنه يحشر يوم القيامة ملبيا فإنه يحتمل أن يقال‏:‏ إما لانه وقصت به ناقته محرما لا بمجرد إحرامه، أو لانه علم من نيته أنه كان مخلصا في عبادته، وأنه مات مسلما وغيره لا يعلم موته على الاسلام، فضلا عن الاخلاص، وكذلك قال عليه السلام في قتلي أحد‏:‏ زملوهم بكلومهم ودمائهم فإنهم يحشرون وأوداجهم تشخب دما يجوز أن يكون لقتلى أحد خاصة لعلو درجتهم، أو لعلمه أنهم أخلصوا الله فهم شهداء حقا، ولو صرح بأن ذلك خاصيتهم قبل ذلك فاللفظ خاص والتعميم وهم، والشافعي رحمه الله تعالى عمم هذا الحكم نظرا إلى العلة، وأن ذلك كان بسبب الجهاد والاحرام، وأن العلة حشرهم على هذه الصفات، وعلة حشرهم الجهاد أو الاحرام، وقد وقعت الشركة في العلة، وهذا أسبق إلى الفهم، لكن خلافه وهو الذي اختاره القاضي ممكن، والاحتمال متعارض، والحكم بأحد الاحتمالين، لانه أسبق إلى الفهم فيه نظر، فإن الحكم بالعموم إنما أخذ من العادة، ومن وضع اللسان ولم يثبت ههنا في مثل هذه الصورة لا وضع ولا عادة فلا يكون في معنى العموم‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس