عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2012, 07:48 PM   #45
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: كتاب المستصفى من علم الاصول للامام الغزالى رضى الله عنه


مسألة ‏(‏فساد التأويل بقرائن‏)‏
التأويل وإن كان محتملا فقد تجتمع قرائن تدل على فساده، وأحاد تلك القرائن لا تدفعه، لكن يخرج بمجموعها عن أن يكون منقدحا غالبا، مثاله‏:‏ قوله عليه السلام لغيلان حين أسلم على عشر نسوة أمسك أربعا وفارق سائرهن وقوله عليه السلام لفيروز الديلمي حين أسلم على أختين‏:‏ أمسك إحداهما وفارق الاخرى فإن ظاهر هذا يدل على دوام النكاح، فقال أبو حنيفة‏:‏ أراد به ابتداء النكاح، أي أمسك أربعا فأنكحهن وفارق سائرهن، أي انقطع عنهن ولا تنكحهن، ولا شك أن ظاهر لفظ الامساك الاستصحاب والاستدامة، وما ذكره أيضا محتمل، ويعتضد أحتماله بالقياس، إلا أن جملة من القرائن عضدت الظاهر وجعلته أقوى في النفس من التأويل، أولها أنا نعلم أن الحاضرين من الصحابة لم يسبق إلى إفهامهم من هذه الكلمة إلا الاستدامة في النكاح، وهو السابق إلى أفهامنا، فإنا لو سمعناه في زماننا لكان هو السابق إلى أفهامنا‏.‏ الثاني‏:‏ أنه قابل لفظ الامساك بلفظ المفارقة وفوضه إلى اختياره، فليكن الامساك والمفارقة إليه، وعندهم الفراق واقع والنكاح لا يصح إلا برضا المرأة‏.‏ الثالث‏:‏ أنه لو أراد ابتداء النكاح لذكر شرائطه، فإنه كان لا يؤخر البيان عن وقت الحاجة، وما أحوج جديد العهد بالاسلام إلى أن يعرف شروط النكاح‏.‏ الرابع‏:‏ أنه لا يتوقع في اطراد العادة انسلاكهن في ربقة الرضا على حسب مراده، بل ربما كان يمتنع جميعهن، فكيف أطلق الامر مع هذا الامكان‏.‏ الخامس‏:‏ أن قوله‏:‏ أمسك أمر وظاهره الايجاب، فكيف أوجب عليه ما لم يجب، ولعله أراد أن لا ينكح أصلا‏.‏ السادس‏:‏ أنه ربما أراد أن لا ينكحهن بعد أن قضى منهن وطرا، فكيف حصره فيهن بل، كان ينبغي أن يقول‏:‏ إنكح أربعا ممن شئت من نساء العالم من الاجنبيات، فإنهن عندكم كسائر نساء العالم، فهذا وأمثاله من القرائن ينبغي أن يلتفت إليها في تقرير التأويل ورده، وآحادها لا يبطل الاحتمال، لكن المجموع يشكك في صحة القياس المخالف للظاهر، ويصير اتباع الظاهر بسببها أقوى في النفس من اتباع القياس، والانصاف أن ذلك يختلف بتنوع أحوال المجتهدين، وإلا فلسنا نقطع ببطلان تأويل أبي حنيفة مع هذه القرائن، وإنما المقصود تذليل الطريق للمجتهدين‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏التأويل في حديث غيلان الثقفي‏)‏
من تأويلاتهم في هذه المسألة أن الواقعة ربما وقعت في ابتداء الاسلام قبل الحصر في عدد النساء، فكان على وفق الشرع، وإنما الباطل من أنكحة الكفار ما يخالف الشرع، كما لو جمع في صفقة واحدة بين عشر بعد نزول الحصر، فنقول‏:‏ إذا سلم هذا أمكن القياس عليه، لان قياسهم يقتضي اندفاع جميع هذه الانكحة، كما لو نكح أجنبيتين ثم حدث بينهما أخوة برضاع اندفاع النكاح ولم يتخير، ومع هذا فنقول هذا بناء تأويل على احتمال من غير نقل، ولم يثبت عندنا رفع حجر في ابتداء الاسلام، ويشهد له أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة زيادة على أربعة، وهم الناكحون، ولو كان جائزا لفارقوا عند نزول الحصر ولاوشك أن ينقل ذلك، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأن تجمعوا بين الاختين إلا ما قد سلف‏}‏ ‏(‏النساء‏:‏ 23‏)‏ أراد به زمان الجاهلية، هذا ما ورد في التفسير، فإن قيل‏:‏ فلو صح رفع حجر في الابتداء، هل كان هذا الاحتمال مقبولا‏؟‏ قلنا‏:‏ قال بعض أصحابنا الاصوليين‏:‏ لا يقبل، لان الحديث استقل حجة، فلا يدفع بمجرد الاحتمال، ما لم ينقل وقوع نكاح غيلان قبل نزول الحجر، وهذا ضعيف، لان الحديث لا يستقل حجة ما لم ينقل تأخر نكاحه عن نزول الحصر لانه إن تقدم فليس بحجة وإن تأخر فهو حجة، فليس أحد الاحتمالين أولى من الآخر، ولا تقوم الحجة باحتمال يعارضه غيره‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏هل يرفع التأويل النص‏؟‏‏)‏
قال بعض الاصوليين كل تأويل يرفع النص أو شيئا منه فهو باطل، ومثاله تأويل أبي حنيفة في مسألة الابدال حيث قال عليه الصلاة والسلام في أربعين شاة شاة فقال أبو حنيفة، الشاة غير واجبة، وإنما الواجب مقدار قيمتها من أي مال كان، قال‏:‏ فهذا باطل لان اللفظ نص في وجوب شاة، وهذا رفع وجوب الشاة، فيكون رفعا للنص، فإن قوله‏:‏ ‏(‏وآتوا الزكاة‏}‏ ‏(‏النساء‏:‏ 77‏)‏ للايجاب، وقوله عليه السلام‏:‏ في أربعين شاة شاة بيان للواجب وإسقاط وجوب الشاة رفع للنص، وهذا غير مرضي عندنا، فإن وجوب الشاة إنما يسقط بتجويز الترك مطلقا، فأما إذا لم يجز تركها إلا ببدل يقوم مقامها فلا تخرج الشاة عن كونها واجبة، فإن من أدى خصلة من خصال الكفارة المخير فيها فقد أدى واجبها، وإن كان الوجوب يتأدى بخصلة أخرى، فهذا توسيع للوجوب واللفظ نعى في أصل الوجوب لا في تعيينه وتصنيفه ولعله ظاهر في التعيين محتمل للتوسيع والتخيير، وهو كقوله‏:‏ وليستنج بثلاثة أحجار فإن إقامة المدر مقامه لا يبطل وجوب الاستنجاء، لكن الحجر يجوز أن يتعين ويجوز أن يتخير بينه وبين ما في معناه، نعم إنما ينكر الشافعي هذا التأويل لا من حيث أنه نص لا يحتمل لكن من وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن دليل الخصم أن المقصود سد الخلة، ومسلم أن سد الخلة مقصود، لكن غير مسلم أنه كل المقصود، فلعله قصد مع ذلك التعبد بإشراك الفقير في جنس مال الغني فالجمع بين الظاهر وبين التعبد ومقصود سد الخلة أغلب على الظن في العبادات، لان العبادات مبناها على الاحتياط، من تجريد النظر إلى مجرد سد الخلة‏.‏ الثاني‏:‏ أن التعليل بسد الخلة مستنبط من قوله‏:‏ في أربعين شاة شاة وهو استنباط يعود على أصل النص بالابطال، أو على الظاهر بالرفع، وظاهره وجوب الشاة على التعيين، فإبراز معنى لا يوافق الحكم السابق إلى الفهم من اللفظ لا معنى له، لان العلة ما يوافق الحكم، والحكم لا معنى له إلا ما يدل عليه ظاهر اللفظ، وظاهر اللفظ يدل على تعيين الشاة، وهذا التعليل يدفع هذا الظاهر، وهذا أيضا عندنا في محل الاجتهاد، فإن معنى سد الخلة ما يسبق إلى الفهم من إيجاب الزكاة للفقراء وتعيين الشاة يحتمل أن يكون للتعبد، كما ذكر الشافعي رحمه الله، ويحتمل أن لا يكون متعينا، لكن الباعث على تعيينه شيئان‏:‏ أحدهما‏:‏ أن الايسر على الملاك، والاسهل في العبادات كما عين ذكر الحجر في الاستنجاء، لانه أكثر في تلك البلاد وأسهل، وكما يقول المفتي وجبت عليه كفارة اليمين‏:‏ تصدق بعشرة أمداد من البر، لانه يرى ذلك أسهل عليه من العتق، ويعلم من عادته أنه لو خير بينهما لاختار الاطعام على الاعتاق ليسره، فيكون ذلك باعثا على تخصيصه بالذكر‏.‏ والثاني‏:‏ أن الشاة معيار لمقدار الواجب فلا بد من ذكرها، إذ القيمة تعرف بها، وهي تعرف بنفسها، فهي أصل على التحقيق، ولو فسر النبي عليه الصلاة والسلام كلامه بذلك لم يكن متناقضا، ولكان حكما بأن البدل يجري في الزكاة فهذا كله في محل الاجتهاد، وإنما تشمئز عنه طباع من لم يأنس بتوسع العرب في الكلام، وظن اللفظ نصا في كل ما يسبق إلى الفهم منه، فليس يبطل الشافعي رحمه الله هذا الانتفاء الاحتمال، لكن لقصور الدليل الذي يعضده، ولامكان كون التعبد مقصودا مع سد الخلة، ولانه ذكر الشاة في خمس من الابل وليس من جنسه حتى يكون للتسهيل، ثم في الجبران ردد بين شاة وعشرة دراهم، ولم يردهم إلى قيمة الشاة، وفي خمس من الابل لم يردد فهذه قرائن تدل على التعبد والباب باب التعبد والاحتياط فيه أولى‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏تأويل آية مصارف الزكاة‏)‏
يقرب مما ذكرنا تأويل الآية في مسألة أصناف الزكاة، فقال قوم، قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنما الصدقات للفقراء والمساكين‏}‏ ‏(‏التوبة‏:‏ 06‏)‏ الآية، نص في التشريك، فالصرف إلى واحد إبطال له، وليس كذلك عندنا، بل هو عطف على قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون‏}‏ ولو أنهم رضوا‏}‏ ‏(‏التوبة‏:‏ 58، 59‏)‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏إنما الصدقات للفقراء والمساكين‏}‏ ‏(‏التوبة‏:‏ 60‏)‏ يعني أن طمعهم في الزكاة مع خلوهم عن شرط الاستحقاق باطل، ثم عدد شروط الاستحقاق ليبين مصرف الزكاة، ومن يجوز صرف الزكاة إليه، فهذا محتمل، فإن منعه فللقصور في دليل التأويل، لا لانتفاء الاحتمال، فهذا وأمثاله ينبغي أن يسمى نصا بالوضع الأول أو الثالث أما بالوضع الثاني فلا‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏هل المعتبر العدد أم الجنس‏؟‏‏)‏
قال قوم‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإطعام ستين مسكينا‏}‏ ‏(‏المجادلة‏:‏ 4‏)‏ نص في وجوب رعاية العدد ومنع الصرف إلى مسكين واحد في ستين يوما، وقطعوا ببطلان تأويله، وهو عندنا من جنس ما تقدم فإنه إن أبطل لقصور الاحتمال، وكون الآية نصا بالوضع الثاني فهو غير مرضي، فإنه يجوز أن يكون ذكر المساكين لبيان مقدار الواجب ومعناه فإطعام طعام ستين مسكينا، وليس هذا ممتنعا في توسع لسان العرب، نعم دليله تجريد النظر إلى سد الخلة، والشافعي يقول‏:‏ لا يبعد أن يقصد الشرع، ذلك لاحياء ستين مهجة تبركا بدعائهم وتحصنا عن حلول العذاب بهم، ولا يخلو جمع من المسلمين عن ولي من الأولياء يغتنم دعاؤه، ولا دليل على بطلان هذا المقصود فتصير الآية نصا بالوضع الأول والثالث، لا بالوضع الثاني هذه أمثلة التأويل، ولنذكر أمثلة التخصيص، فإن العموم إن جعلنا ظاهرا في الاستغراق لم يكن في التخصيص إلا إزالة ظاهر، فلاجل ذلك عجلنا ذكر هذا القدر، وإلا فبيانه في القسم الرابع المرسوم لبيان العموم أليق‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏أقسام العموم‏)‏
إعلم أن العموم عند من يرى التمسك به ينقسم إلى قوي يبعد عن قبول التخصيص إلا بدليل قاطع أو كالقاطع، وهو الذي يحوج إلى تقدير قرينة، حتى تنقدح إرادة الخصوص به، وإلى ضعيف ربما يشك في ظهوره، ويقتنع في تخصيصه، بدليل ضعيف وإلى متوسط، مثال القوي منه قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل الحديث، وقد حمله الخصم على الامة، فنبا عن قبوله قوله، فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن مهر الامة للسيد، فعدلوا إلى الحمل على المكاتبة، وهذا تعسف ظاهر، لان العموم قوي، والمكاتبة نادرة بالاضافة إلى النساء، وليس من كلام العرب إرادة النادر الشاذ باللفظ الذي ظهر منه قصد العموم إلا بقرينة تقترن باللفظ، وقياس النكاح على المال وقياس الاناث على الذكور ليس قرينة مقترنة باللفظ حتى يصلح لتنزيله على صورة نادرة، ودليل ظهور قصد التعمم بهذا اللفظ أمور‏:‏ الأول‏:‏ أنه صدر الكلام بأي، وهي من كلمات الشرط، ولم يتوقف في عموم أدوات الشرط جماعة ممن توقف في صيغ العموم الثاني‏:‏ أنه أكده بما فقال‏:‏ أيما وهي من المؤكدات المستقلة بإفادة العموم أيضا‏.‏ الثالث‏:‏ أنه قال فنكاحها باطل رتب الحكم على الشرط في معرض الجزاء، وذلك أيضا يؤكد قصد العموم، ونحن نعلم أن العربي الفصيح لو اقتراح عليه بأن يأتي بصيغة عامة دالة على قصد العموم مع الفصاحة والجزالة لم تسمح قريحته بأبلغ من هذه الصيغة، ونحن نعلم قطعا أن الصحابة رضي الله عنهم لم يفهموا من هذه الصيغة المكاتبة، وأنا لو سمعنا واحدا منا يقول لغيره‏:‏ أيما امرأة رأيتها اليوم فأعطها درهما، لا يفهم منه المكاتبة، ولو قال‏:‏ أردت المكاتبة نسب إلى الالغاز والهزء، ولو قال‏:‏ أيما أهاب دبغ فقد طهر، ثم قال‏:‏ أردت به الكلب أو الثعلب على الخصوص، لنسب إلى اللكنة والجهل باللغة، ثم لو أخرج الكلب أو الثعلب أو المكاتبة وقال‏:‏ ما خطر ذلك ببالي لم يستنكر، فما لا يخطر بالبال أو بالاخطار وجاز أن يشذ عن ذكر اللافظ وذهنه حتى جاز إخراجه عن اللفظ، كيف يجوز قصر اللفظ عليه‏؟‏ بل نقول‏:‏ من ذهب إلى إنكار صيغ العموم وجعلها مجملة فلا ينكر منع التخصيص إذا دلت القرائن عليه، فالمريض إذا قال لغلامه‏:‏ لا تدخل علي الناس، فأدخل عليه جماعة من الثقلاء وزعم أني أخرجت هذا من عموم لفظ الناس فإنه ليس نصا في الاستغراق استوجب التعزيز، فلنتخذ هذه المسألة مثالا لمنع التخصيص بالنوادر‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس