عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2012, 07:46 PM   #43
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: كتاب المستصفى من علم الاصول للامام الغزالى رضى الله عنه


مسألة ‏(‏دوران الاسم بين المعنى اللغوي والشرعي‏)‏
إذا دار الاسم بين معناه اللغوي ومعناه الشرعي كالصوم والصلاة، قال القاضي‏:‏ هو مجمل، لان الرسول عليه السلام يناطق العرب بلغتهم، كما يناطقهم بعرف شرعه، ولعل هذا منه تفريع على مذهب من يثبت الاسامي الشرعية، وإلا فهو منكر للاسامي الشرعية، وهذا فيه نظر، لان غالب عادة الشارع استعمال هذه الاسامي على عرف الشرع لبيان الاحكام الشرعية، وإن كان أيضا كثيرا ما يطلق على الوضع اللغوي، كقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ دعي الصلاة أيام أقرائك ومن باع حرا أو من باع خمرا‏.‏ فحكمه كذا، وإن كانت الصلاة في حالة الحيض وبيع الخمر والحر لا يتصور إلا بموجب الوضع، فأما الشرعي فلا، ومثال هذه المسألة قوله صلى الله عليه وسلم حيث لم يقدم إليه غداء إني إذا أصوم فإنه إن حمل على الصوم الشرعي، دل على جواز النية نهارا، وإن حمل على الامساك لم يدل، وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ لا تصوموا يوم النحر إن حمل على الامساك الشرعي دل على انعقاده، إذ لولا إمكانه لما قيل له لا تفعل، إذ لا يقال للاعمى لا تبصر، وإن حمل على الصوم الحسي لم ينشأ منه دليل على الانعقاد، وقد قال الشافعي‏:‏ لو حلف أن لا يبيع الخمر لا يحنث ببيعه، لان البيع الشرعي لا يتصور فيه، وقال المزني‏:‏ يحنث، لان القرينة تدل على أنه أراد البيع اللغوي، والمختار عندنا أن ما ورد في الاثبات والامر فهو للمعنى الشرعي، وما ورد في النهي كقوله‏:‏ دعي الصلاة فهو مجمل‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏تعارض الحقيقة والمجاز أيهما يقدم‏؟‏‏)‏
إذا دار اللفظ بين الحقيقة والمجاز فاللفظ للحقيقة إلى أن يدل الدليل أنه أراد المجاز، ولا يكون مجملا، كقوله‏:‏ رأيت اليوم حمارا، واستقبلني في الطريق أسد، فلا يحمل على البليد والشجاع إلا بقرينة زائدة، فإن لم تظهر فاللفظ للبهيمة والسبع، ولو جعلنا كل لفظ أمكن أن يتجوز به مجملا تعذرت الاستفادة من أكثر الالفاظ، فإن المجاز إنما يصار إليه لعارض، وهذا في مجاز لم يغلب بالعرف بحيث صار الوضع كالمتروك مثل الغائط والعذرة، فإنه لو قال‏:‏ رأيت اليوم عذرة أو غائطا لم يفهم منه المطمئن من الارض وفناء الدار، لانه صار كالمتروك بعرف الاستعمال والمعنى العرفي كالمعنى الوضعي في تردد اللفظ بينهما، وليس المجاز كالحقيقي، لكن المجاز إذا صار عرفيا كان الحكم للعرف‏.‏ خاتمة جامعة إعلم أن الاجمال تارة يكون في لفظ مفرد وتارة يكون في لفظ مركب وتارة في نظم الكلام والتصريف وحروف النسق ومواضع الوقف والابتداء‏.‏ أما اللفظ المفرد فقد يصلح لمعان مختلفة، كالعين للشمس والذهب والعضو الباصر والميزان، وقد يصلح لمتضادين، كالقرء للطهر والحيض، والناهل للعطشان والريان، وقد يصلح لمتشابهين بوجه ما كالنور للعقل، ونور الشمس، وقد يصلح لمتماثلين، كالجسم للسماء والارض، والرجل لزيد وعمرو، وقد يكون موضوعا لهما من غير تقديم وتأخير، وقد يكون مستعارا لاحدهما من الآخر، كقولك‏:‏ الارض أم البشر، فإن الام وضع اسما للوالدة أولا، وكذلك اسم المنافق والكافر والفاسق والصوم والصلاة، فإنه نقل في الشرع إلى معان، ولم يترك المعنى الوضعي أيضا‏.‏ أما الاشتراك مع التركيب فكقوله تعالى‏:‏ * أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح‏}‏ ‏(‏البقرة‏:‏ 237‏)‏ فإن جميع هذه الالفاظ مرددة بين الزوج والولي، وأما الذي بحسب التصريف فكالمختار للفاعل والمفعول، وأما الذي بحسب نسق الكلام فكقولك‏:‏ كل ما علمه الحكيم فهو كما علمه، فإن قولك‏:‏ فهو كما علمه متردد بين أن يرجع إلى كل ما وبين أن يرجع إلى الحكم حتى يقول‏:‏ والحكيم يعلم الحجر، فهو إذا كالحجر، وقد يكون بحسب الوقف والابتداء، فإن الوقف على السموات في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وهو الله في السموات وفى الارضى يعلم سركم وجهركم‏}‏ ‏(‏الانعام‏:‏ 3‏)‏ له معنى يخالف الوقف على الارض والابتداء بقوله‏:‏ ‏{‏يعلم سركم وجهركم‏}‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم‏}‏ ‏(‏آل عمران‏:‏ 7‏)‏ من غير وقف يخالف الوقف على قوله‏:‏ ‏{‏إلا الله‏}‏ ‏(‏ال عمران‏:‏ 7‏)‏ وذلك لتردد الواو بين العطف والابتداء، ولذلك قد يصدق قولك‏:‏ الخمسة زوج وفرد‏.‏ أي هو اثنان وثلاثة، ويصدق قولك‏:‏ الانسان حيوان وجسم، لانه حيوان وجسم أيضا، ولا يصدق قولك، الانسان حيوان وجسم، ولا قولك الخمسة زوج وفرد، لان الانسان ليس بحيوان وجسم وليست الخمسة زوجا وفرد أيضا، وذلك لان الواو يحتمل جمع الاجزاء وجمع الصفات، وكذلك تقول زيد طبيب بصير يصدق، وإن كان جاهلا ضعيف المعرفة بالطب ولكن بصير بالخياطة فيتردد البصير بين أن يراد به البصير في الطب، أو يراد وصف زائد في نفسه، فهذه أمثلة مواضع الاحمال، وقد تم القول في المجمل، وفي مقابلته المبين فلنتكلم في البيان وحكمه وحده‏.‏ القول في البيان والمبين إعلم أنه جرت عادة الاصوليين برسم كتاب في البيان، وليس النظر فيه مما يستوجب أن يسمى كتابا، فالخطب فيه يسير، والامر فيه قريب، ورأيت أولى المواضع به أن يذكر عقيب المجمل، فإنه المفتقر إلى البيان، والنظر فيه حد البيان وجواز تأخيره والتدريج في إظهاره، وفي طريق ثبوته، فهذه أربعة أمور نرسم في كل واحد منها مسألة‏:‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة في حد البيان
إعلم أن البيان عبارة عن أمر يتعلق بالتعريف والاعلام، وإنما يحصل الاعلام بدليل، والدليل محصل للعلم، فها هنا ثلاثة أمور‏:‏ إعلام، ودليل به الاعلام وعلم يحصل من الدليل‏.‏ فمن الناس من جعله عبارة عن التعريف فقال في حده‏:‏ أنه إخراج الشئ من حيز الاشكال إلى حيز التجلي ومنهم من جعله عبارة عما به تحصل المعرفة فيما يحتاج إلى المعرفة، أعني الامور، التي ليست ضرورية، وهو الدليل، فقال في حده‏:‏ أنه الدليل الموصل بصحيح النظر فيه إلى العلم بما هو دليل عليه، وهو اختيار القاضي، ومنهم من جعله عبارة عن نفس العلم، وهو تبين الشئ، فكأن البيان عنده والتبيين واحد، ولا حجر في إطلاق إسم البيان على كل واحد من هذه الاقسام الثلاثة، إلا أن الاقرب إلى اللغة وإلى المتداول بين أهل العلم ما ذكره القاضي إذ يقال لمن دل غيره على الشئ بينه له، وهذا بيان منك، لكنه لم يتبين، وقال تعالى‏:‏ * هذا بيان للناس‏}‏ ‏(‏آل عمران‏:‏ 831‏)‏ وأراد به القرآن، وعلى هذا فبيان الشئ قد يكون بعبارات وضعت بالاصطلاح، فهي بيان في حق من تقدمت معرفته بوجه المواضعة، وقد يكون بالفعل والاشارة والرمز، إذا لكل دليل ومبين، ولكن صار في عرف المتكلمين مخصوصا بالدلالة بالقول، فيقال له‏:‏ بيان حسن، أي كلام حسن رشيق الدلالة على المقاصد‏.‏ وإعلم أنه ليس من شرط البيان أن يحصل التبيين به لكل أحد بل أن يكون بحيث إذا سمع وتؤمل وعرفت المواضعة صح أن يعلم به، ويجوز أن يختلف الناس في تبين ذلك وتعرفه، وليس من شرطه أن يكون بيانا لمشكل، لان النصوص المعربة عن الامور ابتداء بيان وإن لم يتقدم فيها إشكال، وبهذا يبطل قول من حده بأنه إخراج الشئ من حيز الاشكال إلى حيز التجلي، فذلك ضرب من البيان وهو بيان المجمل فقط‏.‏ وإعلم أن كل مفيد من كلام الشارع وفعله وسكوته واستبشاره، حيث يكون دليلا وتنبيهه، بفحوى الكلام على علة الحكم، كل ذلك بيان، لان جميع ذلك دليل، وإن كان بعضها يفيد غلبة الظن فهو من حيث إنه يفيد العلم بوجوب العمل قطعا دليل وبيان، وهو كالنص، نعم، كل ما لا يفيد علما ولا ظنا ظاهرا فهو مجمل، وليس ببيان، بل هو محتاج إلى البيان، والعموم يفيد ظن الاستغراق عند القائلين به، لكنه يحتاج إلى البيان ليصير الظن علما، فيتحقق الاستغراق، أو يتبين خلافه فيتحقق الخصوص، وكذلك الفعل يحتاج إلى بيان تقدمه أنه أريد به بيان الشرع لان الفعل لا صيغة له‏.

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس