عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2012, 02:55 PM   #21
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: كتاب المستصفى من علم الاصول للامام الغزالى رضى الله عنه


مسألة ‏(‏حكم من توفي أثناء وقت الصلاة بعد العزم عليها‏)‏
إذا مات في أثناء وقت الصلاة فجأة بعد العزم على الامتثال لا يكون عاصيا، وقال بعض من أراد تحقيق معنى الوجوب أنه يعصي، وهو خلاف إجماع السلف، فإنا نعلم أنهم كانوا لا يؤثمون من مات فجأة بعد انقضاء مقدار أربع ركعات من وقت الزوال أو بعد انقضاء مقدار ركعتين من أول الصبح، وكانوا لا ينسبونه إلى تقصير، ولا سيما إذا اشتغل بالوضوء، أو نهض إلى المسجد فمات في الطريق، بل محال أن يعصي، وقد جوز له التأخير فمن فعل ما يجوز له كيف يمكن تعصيته، فإن قيل‏:‏ جاز له التأخير بشرط سلامة العاقبة، قلنا‏:‏ هذا محال، فإن العاقبة مستورة عنه، فإذا سألنا وقال‏:‏ العاقبة مستورة عني وعلي صوم يوم، وأنا أريد أن أؤخره إلى غد، فهل يحل لي التأخير مع الجهل بالعاقبة أم أعصي بالتأخير‏؟‏ فلا بدل له من جواب، فإن قلنا‏:‏ لا يعصي فلم أثم بالموت الذي ليس إليه، وإن قلنا‏:‏ يعصي فهو خلاف الإجماع في الواجب الموسع، وإن قلنا‏:‏ إن كان في علم الله تعالى أنك تموت قبل الغد فأنت عاص، وإن كان في علمه أن تحيا فلك التأخير، فيقول‏:‏ وما يدريني ماذا في علم الله، فما فتواكم في حق الجاهل‏؟‏ فلا بد من الجزم بالتحليل أو التحريم، فإن قيل‏:‏ فإن جاز تأخيره أبدا ولا يعصي إذا مات، فأي معنى لوجوبه‏؟‏ قلنا‏:‏ تحقق الوجوب بأنه لم يجز التأخير إلا بشرط العزم، ولا يجوز العزم على التأخير إلا إلى مدة يغلب على ظنه البقاء إليها، كتأخيره الصلاة من ساعة إلى ساعة، وتأخيره الصوم من يوم إلى يوم مع العزم على التفرغ له في كل وقت، وتأخيره الحج من سنة إلى سنة، فلو عزم المريض المشرف على الهلاك على التأخير شهرا، أو الشيخ الضعيف على التأخير سنين وغالب ظنه أنه لا يعيش إلى تلك المدة عصي بهذا التأخير، وإن لم يمت ووفق للعمل لكنه مأخوذ بموجب ظنه، كالمعزر إذا ضرب ضربا يهلك، أو قاطع سلعة وغالب ظنه الهلاك أثم وإن سلم، ولهذا قال أبو حنيفة‏:‏ لا يجوز تأخير الحج، لان البقاء إلى سنة لا يغلب على الظن، وأما تأخير الصوم والزكاة إلى شهر وشهرين فجائز، لانه لا يغلب على الظن الموت إلى تلك المدة، والشافعي رحمه الله يرى البقاى إلى السنة الثانية غالبا على الظن في حق الشاب الصحيح دون الشيخ والمريض، ثم المعزر إذا فعل ما غالب ظنه السلامة فهلك ضمن، لا لانه آثم، لكن لانه أخطأ في ظنه والمخطئ ضامن غير آثم‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏ما لا يتم الواجب إلا به‏)‏
اختلفوا في أن ما لا يتم الوجب إلا به، هل يوصف بالوجوب‏؟‏ والتحقيق في هذا أن هذا ينقسم إلى ما ليس إلى المكلف، كالقدرة على الفعل، وكاليد في الكتابة، وكالرجل في المشي، فهذا لا يوصف بالوجوب، بل عدمه يمنع الايجاب إلا على مذهب من يجوز تكليف ما لا يطاق، وكذلك تكليف حضور الامام الجمعة، وحضور تمام العدد، فإنه ليس إليه فلا يوصف بالوجوب، بل يسقط بتعذره الواجب‏.‏ وأما ما يتعلق باختيار العبد فينقسم إلى الشرط الشرعي وإلى الحسي‏.‏ فالشرعي‏:‏ كالطهارة في الصلاة يجب وصفها بالوجوب عند وجوب الصلاة، فإن إيجاب الصلاة إيجاب لما يصير به الفعل صلاة‏.‏ وأما الحسي‏:‏ فكالسعي إلى الجمعة، وكالمشي إلى الحج وإلى مواضع المناسك، فينبغي أن يوصف أيضا بالوجوب إذ أمر البعيد عن البيت بالحج أمر بالمشي إليه لا محالة، وكذلك إذا وجب غسل الوجه ولم يمكن إلا بغسل جزء من الرأس، وإذا وجب الصوم ولم يمكن إلا بالامساك جزء من الليل قبل الصبح، فيوصف ذلك بالوجوب ونقول‏:‏ ما لا يتصول إلى الواجب إلا به وهو فعل المكلف فهو واجب، وهذا أولى من أن نقول‏:‏ يجب التوصل إلى الواجب بما ليس بواجب، إذ قولنا‏:‏ يجب فعل ما ليس بواجب متناقض، وقولنا‏:‏ ما ليس بواجب صار واجبا غير متناقض فإنه واجب، لكن الأصل وجب بالايجاب قصدا إليه، والوسيلة وجبت بواسطة وجوب المقصود وقد وجب كيفما كان، وإن كان علة وجوبه غير علة وجوب المقصود، فإن قيل لو كان واجبا لكان مقدرا، فما المقدار الذي يجب غسله من الرأس وإمساكنه من الليل‏؟‏ قلنا‏:‏ قد وجب التوصل به إلى الواجب، وهو غير مقدر، بل يجب مسح الرأس، ويكفي أقل ما ينطلق عليه الاسم، وهو غير مقدر، فكذلك الواجب أقل ما يمكن به غسل الوجه، وهذا التقدير كاف في الوجوب، فإن قيل‏:‏ لو كان واجبا لكان يثاب على فعله ويعاقب على تركه، وتارك الوضوء لا يعاقب على ما تركه من غسل الرأس، بل من غسل الوجه وتارك الصوم لا يعاقب على ترك الامساك ليلا، قلنا‏:‏ ومن أنبأكم بذلك، ومن أين عرفتم أن ثواب البعيد عن البيت لا يزيد على ثواب القريب في الحج، وأن من زاد عمله لا يزيد ثوابه، وإن كان بطريق التوصل، وأما العقاب فهو عقاب على ترك الصوم والوضوء، وليس يتوزع على أجز اء الفعل، فلا معنى لاضافته إلى التفاصيل، فإن قيل‏:‏ لو قدر على الاقتصار على غسل الوجه لم يعاقب‏؟‏ قلنا‏:‏ هذا مسلم، لانه إنما يجب على العاجز، أما القاد ر فلا وجوب عليه‏.‏
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مسألة ‏(‏حكم اختلاط المنكوحة بالاجنبية‏)‏
قال قائلون‏:‏ إذا اختلطت منكوحة بأجنبية وجب الكف عنهما، لكن الحرام هي الاجنبية، والمنكوحة حلال، ويجب الكف عنها، وهذا متناقض، بل ليس الحرمة والحل وصفا ذاتيا لهما، بل هو متعلق بالفعل، فإذا حرم فعل الوطئ فيهما فأي معنى لقولنا‏:‏ وطئ المنكوحة حلال ووطئ الاجنبية حرام‏؟‏ بل هما حرامان‏.‏ احداهما بعلة الاجنبية، والاخرى بعلة الاختلاط بالاجنبية، فالاختلاف في العلة لا في الحكم وإنما وقع هذا في الاوهام، من حيث ضاهى الوصف بالحل والحرمة الوصف بالعجز والقدرة، والسواد والبياض، والصفات الحسية، وذلك وهم نبهنا عليه، إذ ليست الاحكام صفات للاعيان أصلا، بل نقول‏:‏ إذا اشتبهت رضيعة بنساء بلدة فنكح واحدة حلت، واحتمل أن تكون هي الرضيعة في علم الله تعالى، ولا نقول‏:‏ إنها ليست في علم الله تعالى زوجة له، إذ لا معنى للزوجة إلا من حل وطؤها بنكاح، وهذه قد حل وطؤها، فهي حلال عنده وعند الله تعالى، ولا نقول‏:‏ هي حرام عند الله تعالى وحلال عنده في ظنه، بل إذا ظن الحل فهي حلال عند الله تعالى، وسيأتي تحقيق هذا في مسألة تصويب المجتهد، أما إذا قال لزوجتيه‏:‏ إحداكما طالق، فيحتمل أن يقال‏:‏ يحل وطؤها، والطلاق غير واقع، لانه لم يعين له محلا، فصار كما إذا باع أحد عبديه، ويحتمل أن يقال، حرمتا جميعا، فإنه لا يشترط تعيين محل الطلاق، ثم عليه التعيين، وإليه ذهب أكبر الفقهاء، والمتبع في ذلك موجب ظن المجتهد، أما المصير إلى أن إحد اهما محرمة والاخرى منكوحة كما توهموه في اختلاط المنكوحة بالاجنية فلا ينقدح هاهنا، لان ذلك جهل من الآدمي، عرض بعد التعيين، وأما هنا فليس متعينا، في نفسه، بل يعلمه الله تعالى مطلقا لاحداهما لا بعينها، فإن قيل‏:‏ إذا وجب عليه التعيين فالله تعالى يعلم ما سيعينه، فتكون هي المحرمة المطلقة بعينها في علم الله تعالى، وإنما هو مشكل علينا‏؟‏ قلنا‏:‏ الله تعالى يعلم الاشياء على ما هي عليه، فلا يعلم الطلاق الذي لم يعين محله متعينا، بل يعلمه قابلا للتعيين، إذا عينه المطلق، ويعلم أنه سيعين زينب مثلا، فيتعين الطلاق بتعيينه إذا عين لا قبله، وكذلك نقول في الواجب‏:‏ المخير الله تعالى، يعلم ما سيفعله العبد من خلال الكفارة، ولا يعلمه واجبا بعينه، بل واجبا غير معين في حال، ثم يعلم صيرو رته متعينا بالتعيين، بدليل أنه لو علم أنه يموت قبل التكفير وقبل التعيين، فيعلم الوجوب والطلاق على ما هو عليه من عدم التعيين

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس