عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2012, 02:45 PM   #6
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: كتاب المستصفى من علم الاصول للامام الغزالى رضى الله عنه


مقدمة الكتاب
نذكر في هذه المقدمة مدارك العقول وانحصارها في الحد والبرهان، ونذكر شرط الحد الحقيقي، وشرط البرهان الحقيقي وأقسامهما، على منهاج أوجز مما ذكرناه في كتاب محك النظر وكتاب معيار العلم وليست هذه المقدمة من جملة علم الاصول ولا من مقدماته الخاصة به، بل هي مقدمة العلوم كلها، ومن لا يحيط بها فلا ثقة له بعلومه أصلا، فمن شاء أن لا يكتب هذه المقدمة فليبدأ بالكتاب من القطب الأول، فإن ذلك هو أول أصول الفقه وحاجة جميع العلوم النظرية إلى هذه المقدمة لحاجة أصول الفقه‏.‏

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بيان حصر مدارك العلوم النظرية في الحد والبرهان
اعلم أن إدراك الامور على ضربين‏:‏ الأول‏:‏ إدراك الذوات المفردة، كعلمك بمعنى الجسم والحركة والعالم والحادث والقديم، وسائر ما يدل عليه بالاسامي المفردة‏.‏ الثاني‏:‏ إدراك نسبة هذه المفردات بعضها إلى بعض بالنفي أو الاثبات، وهو أن تعلم أولا معنى لفظ العالم وهو أمر مفرد، ومعنى لفظ الحادث، ومعنى لفظ القديم، وهما أيضا أمران مفردان، ثم تنسب مفردا إلى مفرد بالنفي أو الاثبات، كما تنسب القدم إلى العالم بالنفي فتقول ليس العالم قديما، وتنسب الحدوث إليه بالاثبات فتقول‏:‏ العالم حادث، والضرب الاخير هو الذي يتطرق إليه التصديق والتكذيب، وأما الأول فيستحيل فيه التصديق والتكذيب، إذ لا يتطرق التصديق إلا إلى خبر، وأقل ما يتركب منه جزآن مفردان‏:‏ وصف وموصوف، فإذا نسب الوصف إلى الموصوف بنفي أو إثبات، صدق أو كذب، فأما قول القائل‏:‏ حادث، أو جسم، أو قديم، فأفراد ليس فيها صدق ولا كذب، ولا بأس أن يصطلح على التعبير عن هذين الضربين بعبارتين مختلفتين، فإن حق الامور المختلفة أن تختلف ألفاظها الدالة عليها، إذ الالفاظ مثل المعاني فحقها أن تحاذى بها المعاني، وقد سمى المنطقيون معرفة المفردات تصورا ومعرفة النسبة الخبرية بينهما تصديقا فقالوا‏:‏ العلم إما تصور وإما تصديق، وسمى بعض علمائنا الأول معرفة، والثاني‏:‏ علما، تأسيا بقول النحاة في قولهم‏:‏ المعرفة تتعدى إلى مفعول واحد، إذ تقول‏:‏ عرفت زيدا، والظن يتعدى إلى مفعولين، إذ تقول‏:‏ ظننت زيدا عالما، ولا تقول‏:‏ ظننت زيدا، ولا ظننت عالما، والعلم من باب الظن فتقول‏:‏ علمت زيدا عدلا، والعادة في هذه الاصطلاحات مختلفة، وإذا فهمت افتراق الضربين فلا مشاحة في الالقاب فنقول الآن‏:‏ إن الادراكات صارت محصورة في المعرفة والعلم، أو في التصور والتصديق، وكل علم تطرق إليه تصديق فمن ضرورته أن يتقدم عليه معرفتان، أي تصوران، فإن من لا يعرف المفرد كيف يعلم المركب، ومن لا يفهم معنى العالم ومعنى الحادث كيف يعلم أن العالم حادث‏.‏ ومعرفة المفردات قسمان‏:‏ أولي‏:‏ وهو الذي لا يطلب بالبحث، وهو الذي يرتسم معناه في النفس من غير بحث وطلب، كلفظ الوجود والشئ، وككثير من المحسوسات‏.‏ ومطلوب‏:‏ وهو الذي يدل اسمه منه على أمر جملي غير مفصل ولا مفسر‏.‏ فيطلب تفسيره، بالحد‏.‏ وكذلك العلم ينقسم إلى أول‏:‏ كالضروريات، وإلى مطلوب‏:‏ كالنظريات، والمطلوب من المعرفة لا يقتنص إلا بالحد، والمطلوب من العلم الذي يتطرق إليه التصديق والتكذيب لا يقتنص إلا بالبرهان، فالبرهان والحد هو الآلة التي بها يقتنص سائر العلوم المطلوبة، فلتكن هذه المقدمة المرسومة لبيان مدارك العقول، مشتملة على دعامتين‏:‏ دعامة في الحد، ودعامة في البرهان‏.‏

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس