.- قولُهُ تَعَالَى:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الْآيَةَ [93]:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُطَّوِّعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحِيرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ يَوْمَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ فِي بَيْتِ أَبِي طَلْحَةَ، وَمَا شَرَابُهُمْ إِلَّا الْفَضِيخُ وَالْبُسْرُ وَالتَّمْرُ، وَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِي: أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حرّمت، قال: فحرت فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَأَرِقْهَا، قَالَ: فَأَرَقْتُهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قُتِلَ فُلَانٌ وَقُتِلَ فُلَانٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الْآيَةَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. عَنْ أَبِي نُعْمَانَ، كِلَاهُمَا عَنْ حَمَّادٍ.
- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُزَكِّي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: مَاتَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُمْ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ فَلَمَّا حُرِّمَتْ قَالَ أُنَاسٌ: كَيْفَ لِأَصْحَابِنَا مَاتُوا وَهُمْ يَشْرَبُونَهَا؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الْآيَةَ.

.- قَوْلُهُ تَعَالَى:{قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ} الْآيَةَ [100]:
أَخْبَرَنَا الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّاذْيَاخِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ البيّع قال: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْمُؤَدِّبُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الضُّرَيْسِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-«إِنَّ اللَّهَ- عَزَّ وَجَلَّ- حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ وَشُرْبَ الْخَمْرِ وَالطَّعْنَ فِي الْأَنْسَابِ، أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ لُعِنَ شَارِبُهَا وَعَاصِرُهَا وَسَاقِيهَا وَبَائِعُهَا وَآكِلُ ثَمَنِهَا»، فَقَامَ إِلَيْهِ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ رَجُلًا كَانَتْ هَذِهِ تِجَارَتِي، فَاعْتَقَبْتُ مِنْ بَيْعِ الْخَمْرِ مَالًا فَهَلْ يَنْفَعُنِي ذَلِكَ الْمَالُ إِنْ عَمِلْتُ فِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-«إِنْ أَنْفَقْتَهُ فِي حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ أَوْ صَدَقَةٍ لَمْ يَعْدِلْ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ إِلَّا الطِّيِّبَ»، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى تَصْدِيقًا لِقَوْلِهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-{قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} فَالْخَبِيثُ: الْحَرَامُ.

.- قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} الْآيَةَ [101]:
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو الْمُزَكِّي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جُوَيْرِيَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتِهْزَاءً، فَيَقُولُ الرَّجُلُ: مَنْ أَبِي؟ وَيَقُولُ الرَّجُلُ تَضِلُّ نَاقَتُهُ: أَيْنَ نَاقَتِي؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ هذه الآية:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْآيَاتِ كُلِّهَا.
- أَخْبَرَنَا أبو سعيد النَّصْرُوِييّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطِيعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ وَرْدَانَ الْأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالُوا: أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ:«لَا، وَلَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ»، فَأَنْزَلَ الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}

.- قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} الْآيَةَ [105]:
قَالَ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَهْلِ هَجَرَ وَعَلَيْهِمْ مُنْذِرُ بْنُ سَاوَى يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَبَوْا فَلْيُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ، فَلَمَّا أَتَاهُ الْكِتَابُ عَرَضَهُ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْعَرَبِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ وَالْمَجُوسِ، فَأَقَرُّوا بِالْجِزْيَةِ وَكَرِهُوا الْإِسْلَامَ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-«أَمَّا الْعَرَبُ فَلَا تَقْبَلْ مِنْهُمْ إِلَّا الْإِسْلَامَ أَوِ السَّيْفَ، وَأَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسُ فَاقْبَلْ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ»، فَلَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِمْ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْلَمَتِ الْعَرَبُ، وَأَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسُ فَأَعْطَوُا الجزية، فقال منافقوا الْعَرَبِ: عَجَبًا مِنْ مُحَمَّدٍ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ بَعَثَهُ لِيُقَاتِلَ النَّاسَ كَافَّةً حَتَّى يُسْلِمُوا وَلَا يَقْبَلُ الْجِزْيَةَ إِلَّا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَلَا نَرَاهُ إِلَّا قَبِلَ مِنْ مُشْرِكِي أَهْلِ هَجَرَ مَا رَدَّ عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} يَعْنِي مَنْ ضَلَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.

.- قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} الْآيَةَ [106]:
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْغَازِي قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ وَعَدِيُّ بْنُ بَدَّاءٍ يَخْتَلِفَانِ إِلَى مَكَّةَ، فَصَحِبَهُمَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي سَهْمٍ، فَمَاتَ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَوْصَى إِلَيْهِمَا بِتَرِكَتِهِ، فَلَمَّا قَدِمَا دَفَعَاهَا إِلَى أَهْلِهِ وَكَتَمَا جَامًا كَانَ مَعَهُ مِنْ فِضَّةٍ كَانَ مُخَوَّصًا بِالذَّهَبِ فَقَالَا: لَمْ نَرَهُ فَأُتِيَ بِهِمَا إِلَى النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَحْلَفَهُمَا بِاللَّهِ مَا كَتَمَا وَلَا اطَّلَعَا وَخَلَّى سَبِيلَهُمَا؛ ثُمَّ إِنَّ الْجَامَ وُجِدَ عِنْدَ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالُوا: ابْتَعْنَاهُ مِنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَعَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ، فَقَامَ أَوْلِيَاءُ السَّهْمِيِّ فَأَخَذُوا الْجَامَ وَحَلَفَ رَجُلَانِ مِنْهُمْ بِاللَّهِ إِنَّ هَذَا الْجَامَ جَامُ صَاحِبِنَا، وَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا، فَنَزَلَتْ هاتان الآيتان:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} إِلَى آخِرِهَا.

.سُورَةُ الْأَنْعَامِ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

.- قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ} الْآيَةَ [7]:
قَالَ الْكَلْبِيُّ إِنَّ مُشْرِكِي مَكَّةَ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ لَا نُؤْمِنُ لَكَ حَتَّى تَأْتِيَنَا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَعَهُ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَشْهَدُونَ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَأَنَّكَ رَسُولُهُ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.

.- قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} الْآيَةَ [13]:
قَالَ الْكَلْبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ كُفَّارَ مَكَّةَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ إِنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا يَحْمِلُكَ عَلَى مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ، فَنَحْنُ نَجْعَلُ لَكَ نَصِيبًا فِي أَمْوَالِنَا حَتَّى تَكُونَ أَغْنَانَا رَجُلًا وَتَرْجِعُ عَمَّا أَنْتَ عَلَيْهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.

.- قَوْلُهُ تَعَالَى:{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} الْآيَةَ [19]:
قَالَ الْكَلْبِيُّ: إِنَّ رُؤَسَاءَ مَكَّةَ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ مَا نَرَى أَحَدًا يُصَدِّقُكَ بِمَا تَقُولُ مِنْ أَمْرِ الرِّسَالَةِ، وَلَقَدْ سَأَلْنَا عَنْكَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فَزَعَمُوا أَنْ لَيْسَ لَكَ عِنْدَهُمْ ذِكْرٌ وَلَا صِفَةٌ، فَأَرِنَا مَنْ يَشْهَدُ لَكَ أَنَّكَ رَسُولٌ كَمَا تَزْعُمُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.

.- قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} الْآيَةَ [25]:
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَالْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ، وَعُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ وَأُبَيًّا ابْنَيْ خَلَفٍ، اسْتَمَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا لِلنَّضْرِ: يَا أَبَا قُتَيْلَةَ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ؟ قَالَ: والذي جعلها بيته مَا أَدْرِي مَا يَقُولُ، إِلَّا أَنِّي أَرَى يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ وَمَا يَقُولُ إِلَّا أَسَاطِيرَ الْأَوَّلِينَ مِثْلَ مَا كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنِ الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ، وَكَانَ النَّضْرُ كَثِيرَ الْحَدِيثِ عَنِ الْقُرُونِ الْأُولَى، وَكَانَ يُحَدِّثُ قُرَيْشًا فَيَسْتَمْلِحُونَ حَدِيثَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.

.- قولُهُ تَعَالَى:{وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} [26]:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا علي بن حمشاد قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْدَهْ الْأَصْفَهَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَنْهَى الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَتَبَاعَدُ عَمَّا جَاءَ بِهِ.
- وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمَرَةَ. قَالَ مُقَاتِلٌ: وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عِنْدَ أَبِي طَالِبٍ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ إِلَى أَبِي طَالِبٍ يُرِيدُونَ سُوءًا بِالنَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ:
وَاللَّهِ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بِجَمْعِهِمْ ** حَتَّى أُوَسَّدَ فِي التُّرَابِ دَفِينَا
فَاصْدَعْ بِأَمْرِكَ مَا عَلَيْكَ غَضَاضَةٌ ** وَأَبْشِرْ وَقَرَّ بِذَاكَ مِنْكَ عُيُونَا
وَعَرَضْتَ دِينًا لَا مَحَالَةَ أَنَّهُ ** مِنْ خَيْرِ أَدْيَانِ الْبَرِيَّةِ دِينَا
لَوْلَا الْمَلَامَةُ أَوْ حِذَارِي سَبَّةً ** لَوَجَدْتَنِي سَمْحًا بِذَاكَ مَتِينَا
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ} الْآيَةَ.