سورة لقمان أقول: ظهر لي في اتصالها بما قبلها مع المؤاخاة في الافتتاح ب {الم} أن قوله تعالى هنا: {هُدى ورحمة للمُحسنين الذين يقيمونَ الصلاة ويؤتون الزكاةَ وهُم بالآخرةِ هُم يوقنون} متعلق بقوله في آخر سورة الروم: {وقالَ الذينَ أُوتوا العلمَ والإِيمان لقد لبثتُم في كتاب اللَهِ} وأيضاً ففي كلتا السورتين جملة من الأديان وبدء الخلق وذكر في الروم: {في روضة يحبرون} وقد فسر بالسماع وفي لقمان: {ومِنَ الناسِ مَن يَشتري لهوَ الحديث} وقد فسر بالغناء وآلات الملاهي
سورة السجدة
أقول وجه اتصالها بما قبلها أنها شرحت مفاتح الغيب الخمسة التي ذكرت في خاتمة لقمان فقوله هنا: {ثُمَ يعرج إِليهِ في يومٍ كانَ مقداره أَلف سنة مما تعدون} شرح لقوله هناك: {إِنَّ اللَهَ عِندهُ عِلمَ الساعة} ولذلك عقب هنا بقوله: {عالمِ الغيبَ والشِهادة} وقوله: {أَولَم يروا أَنّا نسوق الماء إِلى الأَرض الجرز} شرح لقوله: {ويُنزلُ الغيث} وقوله: {الذي أَحسنَ كل شيء خلقه} شرح لقوله: {ويعلَم ما في الأَرحام} وقوله: {يدبر الأَمر من السماء إِلى الأرض} و {ولو شئنا لآتينا كل نفسٍ هُداها} شرح لقوله: {وما تَدري نفسٌ ماذا تكسِبُ غداً} وقوله: {أَئذا ضللنا في الأرض} إلى قوله: {قُل يتوفاكُم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم مرجعكُم} شرح لقوله: {وما تَدري نفسٌ بأَي أَرض تموت} فللهِ الحمد على ما ألهم أقول: وجه اتصالها بما قبلها: تشابه مطلع هذه ومقطع تلك فإن تلك ختمت بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن الكافرين وانتظار عذابهم ومطلع هذه الأمر بتقوى الله وعدم طاعة الكافرين والمنافقين فصارت كالتتمة لما ختمت به تلك حتى كأنهما سورة واحدة