عرض مشاركة واحدة
قديم 10-20-2012, 04:05 PM   #10
حسن الخليفه احمد

الصورة الرمزية حسن الخليفه احمد



حسن الخليفه احمد is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Skype إلى حسن الخليفه احمد
افتراضي رد: كتاب الحاوى فى الفتاوى للشيخ جلال الدين السيوطى رضى الله عنه


وقد تقدم عن ابن عباس أنه لم يكن بين نوح وآدم والد كافر ولهذا قال (رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا) وقال إبراهيم (رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) ولم يعتذر عن استغفار إبراهيم في القرآن إلا لأبيه خاصة دون أمه فدل على أنها كانت مؤمنة. وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه عن ابن عباس قال كانت الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة نوح. وهود. وصالح. ولوط. وشعيب. وإبراهيم. وإسماعيل. وإسحاق. ويعقوب. ومحمد عليهم السلام. وبنو إسرائيل كلهم كانوا مؤمنين لم يكن فيهم كافر إلى أن بعث عيسى فكفر به من كفر فأمهات الأنبياء الذين من بني إسرائيل كلهم


[ص 431]

مؤمنات. وأيضا فغالب أنبياء نبي إسرائيل كانوا أولاد أنبياء أو أولاد أولادهم فإن النبوة كانت تكون في سبط منهم يتناسلون كما هو معروف في أخبارهم.
وأما العشرة المذكورون من غير بني إسرائيل فقد ثبت إيمان أم نوح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وبقي أم هود وصالح ولوط وشعيب يحتاج إلى نقل أو دليل والظاهر إن شاء الله تعالى إيمانهن
فكذلك أم النبي صلى الله عليه وسلم وكان السر في ذلك ما يرينه من النور كما ورد في الحديث. أخرج أحمد والبزار والطبراني والحاكم والبيهقي عن العرباض بن سارية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني عبد الله لخاتم النبيين وأن آدم لمنجدل في طينته وسأخبركم عن ذلك دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى ورؤيا أمي التي رأت وكذلك أمهات النبيين يرين وأن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته نورا أضاءت له قصور الشام. و
لا شك أن الذي رأته أم النبي صلى الله عليه وسلم في حال حملها به وولادتها له من الآيات أكثر وأعظم مما رآه سائر أمهات الأنبياء كما سقنا الأخبار بذلك في كتاب المعجزات. وقد ذكر بعضهم أنه لم ترضعه مرضعة إلا أسلمت قال ومرضعاته أربع أمه وحليمة السعدية وثويبة وأم ايمن انتهى. فإن قلت فما تصنع بالأحاديث الدالة على كفرها وأنها في النار وهي حديث أنه صلى الله عليه وسلم قال ليت شعري ما فعل أبواي فنزلت (ولا تسال عن أصحاب الجحيم) وحديث أنه استغفر لأمه فضرب جبريل في صدره وقال لا تستغفر لمن مات مشركا، وحديث أنه نزل فيها (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) وحديث أنه قال لابني مليكة أمكما في النار فشق عليهما فدعاهما فقال إن أمي مع أمكما.
قلت الجواب أن غالب ما يروى من ذلك ضعيف ولم يصح في أم النبي صلى الله عليه وسلم سوى حديث أنه استأذن في الاستغفار لها فلم يؤذن له ولم يصح أيضا في أبيه إلا حديث مسلم خاصة. وسيأتي الجواب عنهما. وأما الأحاديث التي ذكرت فحديث ليت شعري ما فعل أبواي فنزلت الآية لم يخرج في شيء من الكتب المعتمدة. وإنما ذكر في بعض التفاسير بسند منقطع لا يحتج به ولا يعول عليه ولو جئنا نحتج بالأحاديث الواهية لعارضناك بحديث واه أخرجه ابن الجوزي


[ص 432]

من حديث علي مرفوعا هبط جبريل علي فقال إن الله يقرئك السلام ويقول إني حرمت النار على صلب أنزلك وبطن حملك وحجر كفلك ويكون من باب معارضة الواهي بالواهي إلا أنا لا نرى ذلك ولا نحتج به، ثم إن هذا السبب مردود بوجوه أخرى من جهة الأصول والبلاغة وأسرار البيان وذلك أن الآيات من قبل هذه الآية ومن بعدها كلها في اليهود من قوله تعالى (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون) إلى قوله (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات) ولهذا ختمت القصة بمثل ما صدرت به وهو قوله تعالى (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم) الآيتين فتبين أن المراد بأصحاب الجحيم كفار أهل الكتاب.
وقد ورد ذلك مصرحا به في الأثر:
أخرج عبد بن حميدو الفريابي وابن جرير وابن المنذر في تفاسيرهم عن مجاهد قال من أول البقرة أربع آيات في نعت المؤمنين وآيتان في نعت الكافرين وثلاث عشرة آية في نعت المنافقين ومن أربعين آية إلى عشرين ومائة في بني إسرائيل إسناده صحيح. ومما يؤكد ذلك أن السورة مدنية وأكثر ما خوطب فيها اليهود. ويرشح ذلك من حيث المناسبة أن الجحيم اسم لما عظم من النار كما هو مقتضى اللغة والآثار.

أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله تعالى أصحاب الجحيم قال الجحيم ما عظم من النار. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله تعالى (لها سبعة أبواب) قال أولها جهنم ثم لظى ثم الحطمة ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم ثم الهاوية قال والجحيم فيها أبو جهل إسناده صحيح أيضا فاللائق بهذه المنزلة من عظم كفره واشتد وزره وعاند عند الدعوة وبدل وحرف وجحد بعد علم لا من هو بمظنة التخفيف وإذا كان قد صح في أبي طالب أنه أهون أهل النار عذابا لقرابته منه صلى الله عليه وسلم وبره به مع اداركه الدعوة وامتناعه من الإجابة وطول عمره فما ظنك بأبويه اللذين هما أشد منه قربا وآكد حبا وابسط عذرا وأقصر عمرا فمعاذ الله أن يظن بهما انهما في طبقة الجحيم وأن يشدد عليهما العذاب العظيم هذا لا يفهمه من له أدنى ذوق سليم. وأما حديث أن جبريل ضرب في صدره وقال


[ص 433]

لا تستغفر لمن مات مشركا فإن البزار أخرجه بسند فيه من لا يعرف.
وأما نزول الآية في ذلك فضعيف أيضا والثابت في الصحيحين أنها نزلت في أبي طالب وقوله صلى الله عليه وسلم له لاستغفرن لك مالم أنه عنك.
وأما حديث أمي مع أمكما فأخرجه الحاكم في مستدركه وقال صحيح. وشأن المستدرك في تساهله في التصحيح معروف وقد تقرر في علوم الحديث أنه لا يقبل تفرده بالتصحيح. ثم إن الذهبي في مختصر المستدرك لما أورد هذا الحديث ونقل قول الحاكم صحيح قال عقبه قلت لا والله فعثمان بن عمير ضعفه الدار قطني فبين الذهبي ضعف الحديث وحلف عليه يمينا شرعيا وإذا لم يكن في المسالة إلا أحاديث ضعيفة كان للنظر في غيرها مجال.

"الأمر الرابع": مما ينتصر به لهذا المسلك أنه قد ثبت عن جماعة كانوا في زمن الجاهلية أنهم تحنفوا وتدينوا بدين إبراهيم عليه السلام وتركوا الشرك فما المانع أن يكون أبوا النبي صلى الله عليه وسلم سلكوا سبيلهم في ذلك. قال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي في التلقيح تسمية من رفض عبادة الأصنام في الجاهلية: أبو بكر الصديق، زيد بن عمرو بن نفيل، عبيد الله بن جحش، عثمان بن الحويرث ورقة بن نوفل، رياب بن البراء، اسعد أبو كريب الحميري، قس بن ساعدة الأيادي، أبو قس بن صرمة انتهى. وقد وردت الأحاديث بتحنف زيد بن عمرو وورقة وقس، وقد روى ابن إسحاق وأصله في الصحيح تعليقا عن أسماء بنت أبي بكر قالت لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مستندا ظهره إلى الكعبة يقول يا معشر قريش ما أصبح منكم أحد على دين إبراهيم غيري ثم يقول اللهم إني لو أعلم أحب الوجوه إليك عبدتك به ولكني لا أعلم. قلت وهذا يؤيد ما تقدم في المسلك الأول أنه لم يبق إذ ذاك من يبلغ الدعوة ويعرف حقيقتها على وجهها. وأخرج أبو نعيم في دلائل النبوة عن عمرو بن عبسة السلمي رغبت عن آلهة قومي في الجاهلية ورأيت أنها الباطل يعبدون الحجارة.

وأخرج البيهقي وأبو نعيم كلاهما في الدلائل من طريق الشعبي عن شيخ من جهينة أن عمير بن حبيب الجهني ترك الشرك في

[ص 434]

الجاهلية وصلى لله وعاش حتى أدرك الإسلام. وقال إمام الأشاعرة الشيخ أبو الحسن الأشعري وأبو بكر ما زال بعين الرضا منه فاختلف الناس في مراده بهذا الكلام فقال بعضهم أن الأشعري يقول أن أبا بكر الصديق كان مؤمنا قبل البعثة وقال آخرون بل أراد أنه لم يزل بحالة غير مغضوب فيها عليه لعلم الله تعالى بأنه سيؤمن ويصير من خلاصة الأبرار.
قال الشيخ تقي الدين السبكي لو كان هذا مراده لاستوى الصديق وسائر الصحابة في ذلك. وهذه العبارة التي قالها الأشعري في حق الصديق لم تحفظ عنه في حق غيره فالصواب أن يقال أن الصديق لم يثبت عنه حالة كفر بالله فلعل حاله قبل البعث كحال زيد بن عمرو بن نفيل وأقرانه فلهذا خصص الصديق بالذكر عن غيره من الصحابة انتهى كلام السبكي. قلت وكذلك نقول في حق أبوي النبي صلى الله عليه وسلم أنهما لم يثبت عنهما حالة كفر بالله فلعل حالهما كحال زيد بن عمرو بن نفيل وأبي بكر الصديق وأضرابهما مع أن الصديق وزيد بن عمرو إنما حصل لهما التحنف في الجاهلية ببركة النبي صلى الله عليه وسلم فإنهما كانا صديقين له قبل البعثة وكانا يوادانه كثيرا فأبوانه أولى بعود بركته عليهما وحفظهما مما كان عليه أهل الجاهلية. فإن قلت بقيت عقدة واحدة وهي ما رواه مسلم عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي قال في النار فلما قفى دعاه فقال إن أبي وأباك في النار، وحديث مسلم وأبي داود عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم استأذن في الاستغفار لأمه فلم يؤذن له فاحلل هذه العقدة. قلت على الرأس والعين: الجواب أن هذه اللفظة وهي قوله أن أبي وأباك في النار لم يتفق على ذكرها الرواة وإنما ذكرها حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس وهي الطريق التي رواه مسلم منها وقد خالفه معمر عن ثابت فلم يذكر أن أبي وأباك في النار ولكن قال له إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار.
وهذا اللفظ لا دلالة فيه على والده صلى الله عليه وسلم بأمر البتة وهو أثبت من حيث الرواية فإن معمر اثبت من حماد فإن حمادا تكلم في حفظه ووقع في أحاديثه مناكير ذكروا أن ربيبه دسها في كتبه وكان حماد لا يحفظ فحدث بها فوهم فيها ومن ثم لم يخرج له
[ص 435]

البخاري شيئا ولا خرج له مسلم في الأصول إلا من روايته عن ثابت قال الحاكم في المدخل ما خرج مسلم لحماد في الأصول إلا من حديثه عن ثابت وقد خرج له في الشواهد عن طائفة؟ وأما معمر فلم يتكلم في حفظه ولا استنكر شيء من حديثه واتفق على التخريج له الشيخان فكان لفظه أثبت، ثم وجدنا الحديث ورد من حديث سعد بن أبي وقاص بمثل لفظ رواية معمر عن ثابت عن أنس فأخرج البزار والطبراني والبيهقي من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أين أبي قال في النار قال فأين أبوك قال حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار.
وهذا إسناد على شرط الشيخين فتعين الاعتماد على هذا اللفظ وتقديمه على غيره. وقد زاد الطبراني والبيهقي في آخره قال فاسلم الأعرابي بعد فقال لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبا ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار. وقد أخرج ابن ماجه من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سالم عن أبيه قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أبي كان يصل الرحم وكان فأين هو قال في النار قال فكأنه وجد من ذلك فقال يا رسول الله فأين أبوك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث مررت بقبر مشرك فبشره بالنار قال فأسلم الأعرابي بعد قال لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبا ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار. فهذه الزيادة أوضحت بلا شك أن هذا اللفظ العام هو الذي صدر منه صلى الله عليه وسلم ورآه الأعرابي بعد إسلامه أمرا مقتضيا للامتثال فلم يسعه إلا امتثاله ولو كان الجواب باللفظ الأول لم يكن فيه أمر بشيء البتة فعلم أن هذا اللفظ الأول من تصرف الراوي رواه بالمعنى على حسب فهمه.

حسن الخليفه احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس