10-20-2012, 03:59 PM
|
#7
|
|
رد: كتاب الحاوى فى الفتاوى للشيخ جلال الدين السيوطى رضى الله عنه
قال ولد لإبراهيم إسماعيل وهو ابن تسعين سنة فعرف من هذين الأثرين أن بين هجرته من بابل عقب واقعة النار وبين الدعوة التي دعا بها بمكة بضعا وخمسين سنة.
تتميم:
ثم استمر التوحيد في ولد إبراهيم وإسماعيل قال الشهرستاني في الملل والنحل كان دين إبراهيم قائما والتوحيد في صدر العرب شائعا وأول من غيره واتخذ عبادة الأصنام عمرو بن لحي.
قلت وقد صح بذلك الحديث: أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار كان أول من سيب السوائب. وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أن أول من سيب السوائب وعبد الأصنام أبو خزاعة عمرو بن عامر وإني رأيته يجر أمعاءه في النار. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير في تفسيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت عمرو لن لحي بن قمعة بن خندف يجر قصبه بالنار أنه أول من غير دين إبراهيم - ولفظ ابن إسحاق أنه كان أول من غير دين إسماعيل- ونصب الأوثان وبحر البحيرة وسيب السائبة ووصل الوصيلة وحمى الحامي، وله طريق أخرى. وأخرج البزار في مسنده بسند صحيح عن أنس قال كان الناس بعد إسماعيل على الإسلام وكان الشيطان يحدث الناس بالشيء يريد أن يردهم عن الإسلام حتى أدخل عليهم في التلبية لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك قال فما زال حتى أخرجهم عن الإسلام إلى الشرك.
قال السهيلي في الروض الأنف كان عمر بن لحي حين غلبت خزاعة على البيت ونفت جرهم عن مكة قد جعلته العرب ربا لا يبتدع لهم بدعة إلا اتخذوها شرعة لأنه كان يطعم الناس ويكسو في الموسم. وقد ذكر ابن إسحاق أنه أول من أدخل الأصنام الحرم وحمل الناس على عبادتها وكانت التلبية من عهد إبراهيم لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك حتى كان عمرو بن لحي فبينما هو يلبي تمثل له الشيطان في صورة شيخ يلبي معه فقال عمرو لبيك لا شريك لك فقال الشيخ إلا شريكا هو لك فأنكر ذلك عمرو وقال
[ص 421
وما هذا فقال الشيخ قل تملكه وما مالك فإنه لا بأس بهذا فقالها عمرو ودانت بها العرب انتهى كلام السهيلي.
وقال الحافظ عماد الدين بن كثير في تاريخه كانت العرب على دين إبراهيم إلى أن ولي عمرو بن عامر الخزاعي مكة وانتزع ولاية البيت من أجداد النبي صلى الله عليه وسلم فأحدث عمرو المذكور عبادة الأصنام وشرع للعرب الضلالات من السوائب وغيرها وزاد في التلبية بعد قوله لبيك لا شريك لك قوله إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك فهو أول من قال ذلك وتبعته العرب على الشرك فشابهوا بذلك قوم نوح وسائر الأمم المتقدمة وفيهم على ذلك بقايا من دين إبراهيم. وكانت مدة ولاية خزاعة على البيت ثلثمائة سنة وكانت ولايتهم مشئومة إلى أن جاء قصي جد النبي صلى الله عليه وسلم فقاتلهم واستعان على حربهم بالعرب وانتزع ولاية البيت منهم إلا أن العرب بعد ذلك لم ترجع عما كان أحدثه لها عمرو الخزاعي من عبادة الأصنام وغير ذلك لأنهم رأوا ذلك دينا في نفسه لا ينبغي أن يغير انتهى.
فثبت أن آباء النبي صلى الله عليه وسلم من عهد إبراهيم إلى زمان عمرو كلهم مؤمنون بيقين. ونأخذ في الكلام على الباقي وعلى زيادة توضيح لهذا القدر.
الأمر الثاني: مما ينتصر به لهذا المسلك آيات وآثار وردت في ذرية إبراهيم وعقبه. الآية الأولى وهي أصرحها قوله تعالى (وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه) أخرج عبد بن حميد في تفسيره بسنده عن ابن عباس في قوله وجعلها كلمة باقية في عقبه قال لا إله إلا الله باقية في عقب إبراهيم. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله وجعلها كلمة باقية في عقبه قال لا إله إلا الله. وقال عبد بن حميد حدثنا يونس عن شيبان عن قتادة في قوله وجعلها كلمة باقية في عقبه قال شهادة أن لا اله إلا الله والتوحيد لا يزال في ذريته من يقولها من بعده. وقال عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن قتادة في قوله وجعلها كلمة باقية في عقبه قال الإخلاص والتوحيد لا يزال في ذريته من يوحد الله ويعبده أخرجه
[ص 422]
ابن المنذر ثم قال وقال ابن جريج في الآية في عقب إبراهيم فلم يزل بعد من ذرية إبراهيم من يوحد الله ويعبده أخرجه ابن المنذر ثم قال وقال ابن جريج في الآية في عقب إبراهيم فلم يزل بعد من ذرية إبراهيم من يقول لا إله إلا الله قال وقول آخر فلم يزل ناس من ذريته على الفطرة يعبدون الله حتى تقوم الساعة. وأخرج عبد بن حميد عن الزهري في الآية قال العقب ولده الذكور والإناث وأولاد الذكور.
وأخرج عن عطاء قال العقب ولده وعصبته.
الآية الثانية: قوله تعالى (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام). أخرج ابن جرير في تفسيره عن مجاهد في هذه الآية قال فاستجاب الله لإبراهيم دعوته في ولده فلم يعبد أحد من ولده صنما بعد دعوته واستجاب الله له وجعل هذا البلد آمنا ورزق أهله من الثمرات وجعله إماما وجعل من ذريته من يقيم الصلاة. وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن وهب بن منبه أن آدم لما أهبط إلى الأرض استوحش فذكر الحديث بطوله في قصة البيت الحرام وفيه من قول الله لآدم في حق إبراهيم عليهما السلام واجعله أمة واحدا قانتا بأمري داعيا إلى سبيلي اجتبيه وأهديه إلى صراط مستقيم استجيب دعوته في ولده وذريته من بعده وأشفعه فيهم واجعلهم أهل ذلك البيت وولاته وحماته الحديث، هذا الأثر موافق لقول مجاهد المذكور آنفا ولاشك أن ولاية البيت كانت معروفة بأجداد النبي صلى الله عليه وسلم خاصة دون سائر ذرية إبراهيم إلى أن انتزعها منهم عمرو الخزاعي ثم عادت إليهم فعرف أن كل ما ذكر عن ذرية إبراهيم فإن أولى الناس به سلسلة الأجداد الشريفة الذين خصوا بالاصطفاء وانتقل إليهم نور النبوة واحدا بعد واحد فهم أولى بأن يكونوا هم البعض المشار إليهم في قوله (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي) . وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة أنه سئل هل عبد أحد من ولد إسماعيل الأصنام قال لا ألم تسمع قوله (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) قيل فكيف لم يدخل ولد إسحاق وسائر ولد إبراهيم قال لأنه
[ص 423]
|
|
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل
دخولك قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا |
|