اللهم أرزقنا الاستقامة
(أقدم إليك إلخ اللهم أي يا الله (أرزقنا) وأعطنا (الاستقامة) التي هي أشرف الأمور (أخرج) الطبراني في الكبير عن عقبة بن عامر t أن رسول الله r قال: قال شيبتني هود وأخواتها قال بعض العارفين هو قوله تعالى ]فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ[ . قال بعض الأولياء رضي الله عنهم أجمعين ذرة استقامة خير من ألف كرامة . وقال سيدي العارف بالله الغني سيدي عبد الله الميرغني ذرة استقامة خير من كل كرامة وأجعل استقامتنا يا مولاي (على قدم صاحب المعجزات والكرامة) طلب أن يسلك الله به الطريق المحمدي الخاص ، الذي هو سبيل خواص الخواص من أهل الشهود والاختصاص (جزي الله عنا نبينا محمدا r ما هو أهله ثلاثا) (أخرج) في المستطرف عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله r قال: من قال جزي الله عنا نبينا محمدا r ما هو أهله فقد أتعب كاتبيه .
فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون
(أقدم إليك إلخ(فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (*) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (*) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ)
(أخرج) أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله r قال: من قال حين يصبح فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (*) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (*) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ) أدرك ما فاته في يومه ذلك ومن قالها حين يمسي أدرك ما فاته في ليله .
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ
(أقدم إليك إلخ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (*) وَسَلَامٌ عَلَي الْمُرْسَلِينَ (*) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين َثلاثا) (أخرج) الجد في جواذب القلوب أن رسول الله r قال: من قال دبر كل صلاة سبحان ربك رب العزة عما يصفون إلخ الآية فقد اكتال بالمكيال من الأجر (وأخرج) الخازن في تفسيره عن علي بن أبي طالب t أنه قال من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى يوم القيامة فليقل في آخر كلامه إذا قام من مجلسه سبحان ربك رب العزة عما يصفون إلخ السورة .
سبحان الله وبحمده عدد خلقه
(أقدم إليك إلخ سبحان الله وبحمده عدد خلقه) بقدر عدد خلقه وهو ما بعده منصوب على الظرفية . قال الحافظ جلال الدين السيوطي في حاشيته على سنن أبي داود سئلت قديما عن إعراب هذه الألفاظ ووجه النصب فيها فأجبت أنها منصوبة على الظرفية بتقدير قدر نعم ، ذكر العدد هنا مجازا للمبالغة وإلا فلا يحصر العدد (ورضا نفسه) أي ذاته المقدسة قال الراغب في مفرداته ويحذركم الله نفسه أي ذاته . قال الحافظ ابن حجر في شرح المشكاة ، ذكر النفس المراد بها الذات تأكيدا ، وكان القياس ورضاه ثم وعلى التقدير ما قدرناه يقتضي كل من الحمد والتسبيح لكماله والإخلاص فيه به أيضا ذاته أو ما يقتضيه بنفسه أو المقدار مايرضاه ولا يرضى إلا بما هو خالص لوجهه (وزنة عرشه) أي بقد زنة عرشه ، والعرش مخلوق عظيم من ياقوتة (أخرج) أبو الشيخ في العظمة عن الشعبي مرسلا ، العرش من ياقوتة حمراء ، وهو مخلوق عظيم ، وجميع الأرضيين والكرسي في باطنه . قال بعض العارفين من الأرض إلى العرش مسيرة خمسين ألف سنة , قال في شرح الأذكار النووية للعلامة ابن علان ومن الوزن والمقالة للثقل ، قال الموازنة إما أن يراد بها الصحف التي يكتب فيها التسبيح والتحميد بمقدار هذه الأمة وعددها لو فرض حصرها يجمع حتى توازن العرش ، وأما أن يراد بها الكثرة والعظمة فشبهت بأعظم مخلوق (ومداد كلماته) أي الكثرة فيكون كلامه من التسبيح والتحميد بمقدار هذه وعددها لو فرض حصرها ، وذكر المقدار والعدد فيها مجاز للمبالغة في الكثرة وإلا فهي لا تعد ولا تحصى (أخرج) مسلم في صحيحه عن جويرية أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبي r خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح بمسجده ورجع بعد أن تضحى وهي جالسة ، فقال ما زلت على الحالة التي فارقتك عليها ، قالت نعم فقال r فقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات إن وزنت بها هذا اليوم لوزنته ، وهي سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه ومداد كلماته ، . وعند الترمذي ألا أعلمك كلمات تقولينها سبحان الله وبحمده عدد خلقه ثلاثا سبحان الله رضا نفسه ثلاثا سبحان الله مداد كلماته ثلاثا .
سبحان الله ملئ الميزان
(أقدم إليك إلخ سبحان الله ملئ الميزان) أي لو قدر ثوبها جسما أو هي لو جسمت مع ألفاظه لملأت الميزان ، والميزان هو الذي يوزن به الأعمال ،وذلك أن تجسم وتوضع صحفها وبالحسنة تثقل كما قال الله تعالى ]فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (*) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ[ وتخف بالسيئة كما قال جل ثناؤه ]وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (*) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ[ (ومنتهى العلم) وهذا المقدار ليس بالعدد يحصر وفضل الله أكبر (ومبلغ الرضاء) يبلغ العبد به غاية رضا مولاه ولا يعلم ذلك إلا من أولاه (وزنة العرش ثلاثا) أي في القدر زنته وقد تقدم صفة تفصيل معنى ذلك العرش (أخرج) الجد العارف بالله الغني سيدي عبد الله الميرغني في رسالته البشائر أن رسول الله r قال: من سره أن يفسح الله له في أجله وينصره على عدوه ويوسع له في رزقه ويوقى ميتة السوء فليقل حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات سبحان الله ملء الميزان ومنتهى العلم ومبلغ الرضا وزنة العرش .
سبحان الدائم القائم
(أقدم إليك إلخ سبحان الدائم القائم) أي الباقي الذي لا يزول القائم بأمر خلقه (سبحان القائم الدائم) الباقي بعد فناء المخلوقات (سبحان الحي) الذي لا يموت أبدا (القيوم) القائم بمصالح عباده (سبحن الله وبحمده) أي أسبحه تسبحيا ملتبسا بالحمد ، والحمد هو الثاء والجميل بلإختيار للجميل جل وعلا ثناؤه (سبحان الله العظيم) أي تنزه عن كل ما لا يليق بجلاله وكبريائه (وبحمده) أي ملتبسا بحمده ، وفي الحديث الذي ختم به البخاري في صحيحه أن رسول الله r قال: كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم (سبحان الملك) تنزه عن كل ما لا يليق بجلاله وعظمته وكمال ربوبيته (القدوس) المنزه حضرته أن يدخلها أحد ، من أهل النفوس ، وحضرة القدس ، حضيرة في باطن العرش يحضرها النبي r وجميع الأنبياء والمرسلين ويدخلها أكابر أهل الله المقربين (أخرج) الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة t أن رسول الله r قال: أوحى الله تعالى إلى إبراهيم ، يا خليلي حسن خلقك ولو مع الكفار ، تدخل مداخل الأبرار ، فإن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه ، أن أظله في عرشي وأن أدخله حضيرة قدسي وأن أدنيه من جواري (سبحان رب الملائكة والروح ثلاثا) والروح قد يراد به جبريل ، وقد يراد به الروح الأكبر الذي هو كبير الملائكة (أخرج) الجد العارف بالله الغني . سيدي عبد الله الميرغني . في كتابه جواذب القلوب عن سيدي عبد الوهاب الشعراني عن سيدي علي الخواص عن سيدنا داود على نبينا وعليه الصلاة والسلام أنه قال: من قال كل يوم ثلاث مرات سبحان الدائم القائم ، سبحان القائم الدائم ، سبحان الحي القيوم ، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم وبحمده ، سبحان الملك القدوس ، سبحان رب الملائكة والروح ، فإنه يموت على الإسلام من غير شك ولا تردد ولا توقف .
أشهد أن لا إله إلا الله وحده
(أقدم إليك إلخ أشهد) أي أعلم وأتحقق وأوقن (أن لا إله إلا الله) لا موجود ولا مقصود ولا معبود بحق إلا الله ، المنفرد بالإلوهية (وحد لا شريك له) في ملكه وملكوته (إلها) تفرد بالإلوهية (واحدا) هو من أسمائه تعالى وهو المنفرد بالذات فلا يضاهيه أحد (صمدا) قال الإمام علي كرم الله وجهه الصمد الذي ليس فوقه أحد . وقال بعضهم هو الأول الذي ليس له زوال والآخر الذي ليس لملكه انتقال (لم يتخذ صاحبتا) تعالى الله عن ذلك علوا كبير (ولا ولدا) قال جل ثناؤه { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (*) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ } والكفو العديل والنظير (أخرج) البخاري عن أبي هريرة t أن رسول الله r قال: قال الله تعالى جلا وعلا كذبني عبدي ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأمل تكذيبه أياي فقوله لم يعدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون من إعادته ، وأما شتمه لي فقوله اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد (أخرج) الجد سيدي عبد الله الميرغني في كتابه جواذب القلوب قال قال: رسول الله r من قال بعد صلاة الصبح لا إله إلا الله وحد لا شريك له إله واحد أحدا صمدا لم يتخذ صاحبتا وولدا ولم يكن له كفوا أحد عشر مرات كتب الله له أربعين ألف ألف حسنة .
رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا
(أقدم إليك إلخ رضيت بالله ربا) والرضا بالله رباً يشمل الرضا بأحكامه الشرعية وما هو سائر في مكوناته العلوية والسفلية (أخرج) الطبراني في الكبير عن أبي هند الداري مرفوعا أن النبي r قال: قال الله تعالى من لم يرضى بقضائي وقدري ولم يصبر على بلائي فليلتمس ربا سواي (وأخرج) ابن علان في شرحه على الأذكار النووية أن رسول الله r قال: إن الله تعالى عز وجل قال في الحديث القدسي من لم يرضى بقضائي فليتخذ ربا سواي (وبالإسلام دينا) رضيت بدين الإسلام دينا ، تدين به وعامل الله به وأعتقد أن دين الإسلام هو اقتفاء آثار نبينا محمد r (وبسيدنا محمد نبيا ورسولا) أي رضيت بنبوته ومن لوازم الإيمان قبول مراتب الإيمان الإجمالية ، نعم ثبت في بعض الروايات نبيا وفي بعضها إفراد رسول فينبغي الجمع بينهما كما ذكرنا . قال الإمام الحافظ الحجة النووي في أذكاره وقع في رواية أبي داود وغيره وبمحمد رسولا . وفي رواية الترمذي نبيا ، ويستحب أن يجمع الإنسان بينهما فيقول نبيا ورسولا ، فلو قال أحدهما كان عاملا بالحديث . قال ابن علان في شرحه على الأذكار النووية أو يقول رسولا بواو العطف لأن المراد إثبات الوجهين له عملا بقصة الخبرين ، ولهذا درجنا في الراتب على استعماله بواو العطف (أخرج) الترمذي سننه عن ثوبان t قال قال: رسول الله r من قال حين يمسي رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد r نبيا ورسولا كان حقا على الله أن يرضيه (وأخرج) أحمد ومسلم والترمذي عن العباس بن عبد المطلب أن رسول الله r قال: ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا (وأخرج) الجد في الجواذب قال قال: رسول الله r من قال إذا أصبح رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ، فأنا الزعيم الآخذ بيده حتى أدخله الجنة .
يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
(أقدم إليك إلخ يا مقلب القلوب) القلب هو مضغة صنوبرية في الإنسان تحت الثدي الأيسر وهو رئيس الأعضاء (أخرج) البيهقي في الشعب عن أبي هريرة t أن رسول الله r قال: القلب ملك وله جنود فإذا صلح الملك صلحت الجنود ، وإذا فسد الملك فسدة الجنود ، الآذن تسمعه ، والعينان مسلحته واللسان ترجمان واليدان جناحان والرجلان بريدان والكبد رحمة والكبد ضحكه والكليتان مكن والرئة نفس (ثبت قلبي على دينك) أخرج الترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت كان رسول الله r أكثر دعائه يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ، قيل له في ذلك ، قال إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الله فمن شاء أدامه ومن شاء أزغه
اللهم ما أصبح بى من نعمة
(أقدم إليك إلخ اللهم ما أصبح) ما هنا شرطية (بى من نعمة) ظاهرة أو باطنه (أو بأحد من خلقك) باجمعهم (فمنك) يا مولاي (وحدك) منفرد بالإعطاء لي ولهم (لا شريك لك) في ذلك (فلك الحمد) على ما أوليت (ولك الشكر) على ما أعطيت ، وعند النحاة تقديم الخبر على المبتدأ يفيد الحصر فأفاد في تقديمه في الجملتين ، إني قائل لك الحمد لا لما عداك ولك الشكر لا لسواك (أخرج) أبو داود عن عبد الله بن غانم أن رسول الله r قال: من قال حين يصبح اللهم ما أصبح بى من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر فقد أدى شكر يومه ، ومن قال ذلك حين يمسي فقد أدى شكر ليلته . لكن يقول في المساء بدل أصبح أمسى .