|
رد: قرأت لك (64)
(1) الصدق : الصدق هو أن تطابق النسبة الكلامية الواقع , يقول الحق سبحانه و تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ)) أي يا من آمنتم بالله اتقوا الله أي اجعلوا بينكم و بين الله وقاية.. و لكن المفروض أن المؤمن يكون في معية الله فكيف يطلب الحق سبحانه و تعالى منا أن يكون بيننا و بينه وقاية ؟ نقول.. أي اجعلوا بينكم و بين صفات الجلال لله تعالى وقاية , و هنا يأتي من يتساءل بأن الله سبحانه و تعالى يقول: ((اتَّقُواْ اللّهَ)) و يقول سبحانه : (( فاتَّقُواْالنار )) فكيف ينسجم المعنى؟ نقول: إن المعنى ينسج لأن النار جند من جنود الله تعالى , فكأن الحق سبحانه و تعالى يقول: اجعلوا بينكم و بين النار التي هي من جنودي صفات الجلال وقاية , وقول الحق سبحانه و تعالى ((وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ)) أي التحموا بهم فتكونوا في معية الله, فإذا جاء من بعدكم وجدوكم من الصادقين , إذن.. ف ((مَعَ الصَّادِقِينَ)) سابقة (( لَمِنَ الصَّادِقِينَ )) و لكن من هم الصادقون؟ مادة الكلمة ( الصاد و الدال و الواو) تدل على أن هناك نسبا يجب أن تتوافق مع بعضها البعض فما معنى هذه النسب؟ إن الإنسان حين يتكلم فإنه قبل أن ينطق بالكلمة تمر على ذهنه نسبة ذهنية قبل أن تكون نسبة كلامية مثل إذا أردت أن أقول: ( محمد زارني) قبل أن تسمع لساني ينطق بهذه العبارة فإنها تمر على ذهني أولا, و المستمع لا يدري شيئا عنها, فإذا قلت لي كلاما أعلم أن النسبة الذهنية جاءت إلى عقلك فترجمها لسانك إلى نسبة كلامية فنطق بها فلما سمعها السامع عرف أولا النسبتين, و قد تكون هذه النسبة صحيحة وواقعة... حينئذ يكون الصدق , و قد تكون غير صحيحة , و يكون الكذب , إذن.. فالصدق هو أن تطابق النسبة الكلامية الواقع , و إذا لم تتطابق فذلك هو الكذب, فكل كلام يقالمحتمل الصدق أو الكذب , و الصدق هو الذي يجمع كل خصال الإيمان , و جاء في الأثر حديث عن بدوي جاء للنبي صلى الله عليه وسلم وقال له : ( في ثلاث خصال لا أقدر عليها: ( الأولى : النساء , و الثانية : الخمر , و الثالثة : الكذب , و قد جئتك في خصلة من الخصال الثلاث أتوب منها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كن صادقا و لا عليك " ....... فلما ألحت عليه خصلة الخمر قال: وإن سألني رسول الله صلى الله عليه و سلم ( أشربت الخمر؟) فماذا أقول له؟ لابد أن أقول الصدق , فامتنع عن شرب الخمر, و عندما نظر إلى امرأة و اشتهاها قال: إن سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ماذا فعلت مع النساء؟ ) فماذا أقول له؟ لابد أن أقول له الصدق فامتنع عن النساء, و هكذا منعه الصدق من المعاصي و لذلك عندما سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم : أيسرق المؤمن؟قال نعم. أيزني المؤمن؟ قال نعم, أيكذب المؤمن؟ قال لا........ و الله سبحانه و تعالى ينبه إلى أنه لابد أن يكون كلامكمطابقا لواقع فعلك.. و إياك أن تقول كلاما و فعلكغيره,و لذلك يقول الحق سبحانه و تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَتَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ, كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ))
(4) فعل الخير :
هناك معايير مختلفة لحب الخير عندما ننظر في معنى كلمة ( خير) نجد أن المقابل لها كلمة ( شر) لكن كلمة خير هي الكلمة الوحيدة في اللغة التي يكون فيها الاسم مساويا لأفعل التفضيل إذا أضيفت لها (من) لتصبح ( خير من). و الخير هو ما يأتي بالنفع , و لكن مقياس النفع يختلف باختلاف الناس فواحد ينظر إلى النفع العاجل ,وواحد ينظر إلى نفع آجل , و لنضرب على ذلك مثلا – و لله المثل الأعلى- بأخوين الأول يستيقظ مبكرا و يذهب إلى مدرسته , و يستمع إلى أساتذته, و يواظب على قراءة دروسه , و استيعابها, و الآخر يوقظونه من النوم بمنتهى الصعوبة , فإذا استيقظ قهر, و يخرج من المنزل لا إلى المدرسة , و لكن يتسكع في الشارع , و يلعب مع هذا و ذاك , إن كلاهما يحب الخير لنفسه و لكن الخلاف بينهما يكون في تقييم الخير, واحد يفضل الخير الآجل, و آخر يفضل الخير العاجل , و لو كان فيه ضياع لحياته , واحد يفضل أن يتعب عشراً أو خمس عشرة سنة ليكون إنسانا ذا مكانة في المجتمع , و آخر يفضل أن يلعب الآن ولو كان ذلك فيه دمار لمستقبله , مثال آخر فلاح يفلح الأرض , و يحسن رعايتها, و يعتبرها فضلا من الله تعالى فيرعى حق الخالق فيما وهب, و يروي الأرض و يسمدها, و يرجو الحق أن يبارك له في الرزق فيمر الوقت و ينضج الزرع فيحصده و يملأ الرجل مخازنه برزق الله الوفير, و يزكي ماله , وزرعه, و يظل طوال العام يأكل هو أبناؤه مما رزقه الله نتيجة لتعبه و كده, و آخر لا يرعى حق الله فيما وهبه من أرض و يتركها و يمهلها, و لا يرهق نفسه, و يستسلم للكسل, ويأخذ رزقه من السرقة أو التسول. إذن.. فهناك معايير مختلفة لحب الخير, فلماذا نرهق أنفسنا في وضع مقاييس للخير؟ إن الحق هو الذي أنزل الشريعة الغراء و بها كل معايير الخير, ....إن معايير الخير التي وضعا الخلق قد تختل , لكن معايير الخير التي وضعها الحق لا تختل أبداً.
الأمانة التي أعطاها اللهلخلقه : الأمانة هي حق في ذمة إنسان لإنسان آخر عليه أن يكون مستعداُ لأداء الحق ساعة الطلب، و حين يعطي إنسان إنساناً شيئا يصير الآخذ مؤتمنا فإن شاء أدى، و إن شاء لم يؤد , لكن هناك أمانات أخرى لم يعطها إنسان لإنسان أنما أعطاها رب الناس لكل الناس ، من هذه الأمانة التي هي عطاء من الله ..العلم الذي أعطاء الله للناس فهو أمانة فلا تقل إن ما تعلمه للآخرين هو دين عليهم أنما هو أمانه من الله عليك أن تؤديها لخلقه الذين لا يعلمون، كذلك الحلم أمانة، و الشجاعة أمانة، و كل صفات الخير التي فيك هي أمانة , وعليك أن تؤدي ضريبتها لخلق الله تعالى , والأمانة في المال قد تكون واضحة، أما في بقية الأشياء فعلى الإنسان أن يعرف أنه مؤتمن عليها؛ لأن صاحبها هو الله وهو خالقها فيك..لقد أمن الله الإنسان على المواهب المختلفة حتى يؤديها للغير، فينتفع المجتمع الإنساني كله , إذن ..فليس من الضروري أن تكون الأمانة هي من صاحب مساوٍ لك لتردها، و لكن الأمانة هي ما تصير مؤتمنا عليه من خالق , أم من مخلوق , إذن..بهذا المعنى الأمانة أمرها واضح , فالألوهية حق لله و حده ، فعليك أن توحده , و لا تشرك به أحداً , وهذه أمانة عندك ، والتزامك أمر النبي صلى الله عليه و سلم أمانة ، وغيرتك على دينك و مجتمعك أمانة , و فيما حباك الله به من مواهب أمانة ، فكل انسان أمين على موهبته فليؤدها إلى غيره ، و ليعط أثرها لمن لا توجد عنده هذه الموهب، لقد أعطى الله لهذا قوة في العضل، و لثان قوة في الفكر، و لثالث قوة في الحلم , ولرابع قوة في العلم , وغير ذلك من المواهب ، كل هذه أمانات وأودعها الله في خلقه ليكون أداؤها محققا للتكامل بين الخلق، فحين يؤدي كل إنسان أمانته لغيره من البشر يصبح عند كل إنسان مواهب غيره من البشر. و قمة الأمانة أن يعبد الإنسان خالقه , ولا يشرك به أحداً، و الأمانة في التكاليف التي كلفك الله بها فيجب على كل إنسان أن يؤدي ما كلفه الله تعالى به.. و ليعلم الإنسان أن هذه التكاليف أمانة للغير عنده ، فحين يكلفك الله بألا تسرق فهو سبحانه كلف الغير كله ألا يسرقوك , إذن فكل أمانة عند الغير هي أمانة عندك فإن أديت مطلوبات الأمانة عندك أدى المجتمع الذي يحيط بك الأمانة التي عنده لك , والإمانة إذا ضاعت كان ولابد من العدل، لأن الإنسان إذا ما عاش في مجتمع يؤدي كل واحد فيه ما للغيرعنده لما احتجنا إلى التقاضي، لأن التقاضي إنما ينشأ من خصومة , وخلافات، فالتقاضي سببه أن واحدا أنكر حق غيره ، فيذهب الاثنان إلى المحكمة لتحكم بينهما بالعدل , إذن..فإذا أدى كل واحد منا ما في ذمته من حق للغير لما وجد تقاضٍ، و لما وجدت خصومة؛ و لذلك لا توجد في مثل تلك الحالة ضرورة للذهاب إلى المحاكم للعدل بين الناس . ............... يتبع :
|