مُشرف المنتدى العام
|
رد: رجال ونساء أنزل الله فيهم قرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى :
(( وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "))
صدق الله العظيم
كعب بن مالك
كعب بن مالك بن عمرو الأنصارى الخزرجى
يكنى أبا عبد الله وقيل أبو عبد الرحمن , كان شاعراَ فى الجاهلية . والده مالك بن كعب بن القين , له فى حروب الأوس والخزرج التى كانت بينهما قبل الأسلام مواقف وذكر , وعمه قيس ابن أبى كعب ممن شهد بدراَ وهو أيضاَ شاعر , وأمه ليلى بنت زيد بن ثعلبة من بنى سلمة .
شهد كعب بيعة العقبة الثانية وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى جميع غزواته ماعدا غزوة بدر وتبوك . ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة آخى بينه وبين طلحة بن عبيد الله , قال الشعر فى الجاهلية وعُرف به ولما اسلم كان يدافع عن المسلمين بلسانه وسيفه , قال محمد بن سيرين كان شعراء المسلمين : حسان بن ثلبت وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك , فكان كعب يخوفهم بالحرب وعبد الله بن رواحة يعيرهم بالكُفر وكان حسان يقبل على الأنساب .
وقال بن سيرين أيضاَ : فبلغنى أن (( دوساَ )) اٍنما أسلمت فرقاَ من قول كعب بن مالك :
قضينا من تهامة كل وتر x وخيبر ثم أجمعنا السيوفا
نسائلها ولو نطقت لقالت x قواطعهن (( دَوساَ )) أو ثقيفا
فقالت دوس انطلقوا فخذوا لأنفسكم لا ينزل بكم ما نزل بثقيف
ويقال ايضا اٍن اشجع بيت وصف به رجلٌ قومه قول كعب بن مالك :
نصل السيوف اٍذا قصرن بخطونا x يوما ونلحقها اٍذا لم تلحق
وينزل قوله تعالى (( والشعراء يتبعهم الغاوون )) فيهتم كعب بن مالك ويتجه الى الرسول صلى الله عليه وسلم وفى نيته أن يمتنع عن قول الشعر ويقول : يا رسول الله اٍننى أبغى أن اقلع عن قول الشعر ويقول له الرسول اٍن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه .
ويروى عن ابن هشام قوله : (( لما قال كعب بن مالك ))
جاءت سخينة كى تغالب ربها x فليغلبن مغالب الغلاب
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( لقد شكرك الله تعالى يا كعب على قولك هذا ))
وعن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : والذى نفسى بيده لكأنما تنضحونهم بالنبل بما تقولون من الشعر .
ولما أنهزم المشركون يوم الأحزاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( اٍن المشركين لن يغزوكم بعد اليوم , ولكنكم تغزونهم وتسمعون منهم أذى , ويهجونكم , فمن يحمى أعراض المسلمين ؟؟
فقام عبد الله بن رواحة فقال : (( أنا )) , فقال أنك لحسُن الشعر , ثم قام كعب : فقال : (( أنا )) فقال النبى واٍنك لحسُن الشعر
فقال بن سيرين : وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بباب كعب بن مالك فخرج فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنشد , فأنشده, ثم قال ايه فأنشد , فأنشده ثلاث مرات , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا أشد عليهم من وقع النبل .
وفى غزوة أحد لبس كعب لامة النبى وكانت صفراء ولبس النبى لامته فجرح كعب أحد عشر جرحا , وعندما وقعت الهزيمة بالمسلمين وأخذ شعراء المشركين يفتخرون بذلك قال :
وفينا رسول الله نتبع أمره x اٍذا قال فينا القول لا نتظلع
تدلى عليه الروح من عند ربه x ينزّل من جو السماء ويُرفع
نشاوره فيما نريد وقصرنا x اٍذا ما أشتهى أنا نطيع ونسمع
وقال رسول الله اما بدوا لنا x ذورا عنكم هول المنيات واطمعوا
كونوا كمن يشرى الحياة تقربا x اٍلى ملك يحيا لديه ويرجع
ولكن خذوا اسيافكم وتوكلوا x على الله اٍن الأمر لله أجمع ..
وفى حصار المسلمين لحصن خيبر , خرج مرحب اليهودى من حصنهم وقد جمع سلاحه يرتجز ويقول :
قد علمت خيبر أنى مرحب x شاكى السلاح بطل مجرّب
أطعن أحيانا وحينا أضرب x اٍذا الليوث أقبلت تُحرّب
اٍن حماى للحمى لا يقرب x يحجم عن صولتى المجرب
وهو يقول من يبارز ؟؟ فخرج اليه كعب بن مالك وهو يقول :
قد علمت خيبر أنى كعب x مفرج الغمى جرىء صُلب
اٍذا شبت الحرب تلتها الحر ب x معى حسام كالعقيق عضب
تطؤكم حتى يذل الصعب x نعطى الجزاء أو يفى النهب
وتوفى كعب فى زمن معاوية رضى الله عنه سنة خمسين وقيل سنة ثلاث وخمسين وهو ابن سبع وسبعين , وكان قد عمى وذهب بصره فى آخر عمره رحمه الله تعالى رحمة واسعة ..
أسباب نزول الآيات :
خرّج الأمام البخارى ومسلم حديثهم فقال الأمام مسلم :
عن كعب بن مالك رضى الله عنه قال : لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة غزاها قط اٍلا فى غزوة تبوك , غير أنى تخلفت فى غزوة بدر (( ولم يعاتب أحد تخلف عنها , أى غزوة بدر )) (( اٍنما خرج الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد .
ولقد شهدت مع رسول الله ليلة العقبة الثانية حين تواثقنا على الأسلام وما أحب أن لى بها مشهد بدر , واٍن كانت بدر أذكر فى الناس منها .
وكان من خبرى حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك أنى لم أكن قط أقوى ولا أيسر منى حين تخلفت عنه فى تلك الغزوة , والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما فى تلك الغزوة , ولم يكن رسول الله يريد غزوة اٍلا ورّى بغيرها , حتى كانت تلك الغزوة فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حرٍ شديد واستقبل سفراَ بعيداَ ومفازا , واستقبل عدواَ كثيراَ , فجلا للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم , فأخبرهم بوجهه الذى يريد .
فتجهز اليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وطفقت أعدو لكى أتجهز معهم فأرجع ولم أقض شيئا وأقول فى نفسى : أنا قادر على ذلك اٍن أردت , فلم يزل ذلك يتمادى بى حتى أسرعوا وتفارض الغزو , فهممت أن أرتحل فأدركهم فياليتنى فعلت ..
ثم لم يقدّر ذلك لى فطفقت اٍذا خرجت فى الناس بعد الرسول صلى الله عليه وسلم يحزننى أنى لا أرى لى أسوة اٍلا رجلا مغموصا عليه فى النفاق أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء , ولم يذكرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك فقال وهو جالس
فى القوم بتبوك : (( ما فعل كعب بن مالك ؟؟ )) فقال رجل من بنى سلمة : يا رسول الله حبسه برداه والنظر فى عطفيه , فقال معاذ بن جبل : بئس ما قلت والله يا رسول الله ما علمنا عليه اٍلا خيرا فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال كعب بن مالك : فلما بلغنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلا من تبوك حضرنى بثى فطفقت أتذكر الكذب وأقول بم أخرج من سخطه غدا ؟؟
فلما قيل لى أن الرسول قد اظل قادما زاح عنى الباطل وصممت على صدق القول
فلما وصل النبى حضر اليه المتخلفون فطفقوا يعتذرون اليه ويحلفون له وكانوا بضع وثمانون رجلا فقبل منهم الرسول علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم الى الله عز وجل
فحضرت أنا فلما سلمت تبسم تبسم المغضب ثم قال : تعال فجئت أمشى حتى جلست بين يديه فقال لى ما خلفك ؟؟ ألم تكن قد أبتعت ظهرك ؟؟قال : قلت يارسول الله اٍنى والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أنى ساخرج من سخطه بعذر , ولقد أعطيت جدلا ولكنى والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عنى ليوشكن الله أن يسخطك على , ولئن حدثتك حديث صدق تجد على فيه اٍنى لأارجو فيه عقبى الله , والله ماكان لى عذر , والله ماكنت قط أقوى ولا أيسر منى حين تخلفت عنك
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما هذا فقد صدق , فقم حتى يقضى الله فى أمرك , فقمت فثار رجال من بنى سلمة فاتبعونى فقالوا لى : والله ما علمناك أذنبت ذنبا فبل هذا , لقد عجزت فى ألا تكون أعتذرت اٍلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أعتذر به المخلفون , فقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال : فو الله مازالوا يانبوننى حتى أردت أن أرجع اٍلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكذب نفسى , قال : ثم قلت لهم هل لقى هذا معى من أحد ؟؟ قالوا نعم , لقيه معك رجلان قالا مثل ما قلت , فقيل لهما مثل ما قيل لك , قلت من هما ؟؟ قالوا مُرارة بن ربيعة العامرى وهلال بن أمية الواقفى , قال : فذكروا لى رجلين صالحين شهدا بدرا فيهما اسوة , قال : فمضيت حين ذكروهما لى ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا الثلاثة من بين من تخلف عنه , فأجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت لى فى نفسى الأرض فماهى بالأرض التى أعرف فلبثنا على ذلك خمسين ليلة .
فأما صاحباى فأستكانا وقعدا فى بيوتهما يبكيان , وأما أنا فقد كنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج فأشهد الصلاة واطوف فى الأسواق ولا يكلمنى أحد وآتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه فى مجلسه بعد الصلاة فأقول فى نفسى : هل حرّك شفتيه برد السلام أم لا ؟؟ ثم اصلى قريبا منه واسارقه النظر فاٍذا أقبلت على صلاتى نظر اٍلىّ واسذا اٍلتفت نحوه أعرض عنى , حتى اٍذا طال ذلك علىّ من جفوة الناس مشيت حتى تسوّرت جدار حائط أبى قتادة وهو ابن عمى وأحب الناس اٍلىّ فسلمت عليه فو الله ماردّ علىّ السلام فقلت له : يا أبا قتادة انشدك بالله هل تعلمن أنى أحب الله ورسوله ؟؟ قال : فسكت , فعدت فناشدته فسكت , فعدت فناشدته فقال : الله ورسوله أعلم , ففاضت عيناى وتوليت حتى تسوّرت الجدار .
قال : ثم صليت الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا , فبينا أنا جالس على الحال التى ذكر الله منا قد ضاقت علىّ نفسى وضاقت علىّ الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ يقول بأعلى صوته : يا كعب بن مالك أبشر (( قال الواقدى هو صوت أبو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه )) فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء فرج .
قال فآذن رسول اله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر فذهب الناس يبشروننا , فذهب قبل صاحبى مبشرون فانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلقانى الناس فوجا فوجا يهنئونى بالتوبة ويقولون لتهنئك توبة الله عليك حتى اٍذا دخلت المسجد فاٍذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فى المسجد وحوله الناس فقام طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحنى وهنأنى , والله ماقام رجل من المهاجرين غيره , فكان كعب لا ينساها لطلحة . قال : فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يبرق وجهه من السرور يقول : (( أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمك ))
قال : فقلت أمن عند الله يا رسول الله أم من عندك ؟؟ قال : (( لا بل من الله )) ..
قال كعب والله ما أنعم الله علىّ من نعمة قط بعد اٍذ هدانى للاٍسلام أعظم فى نفسى من صدقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
وأخذ كعب : يرتل فى خشوع ودموعه تغمر خديه قوله تعالى :
(( وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى اٍذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله اٍلا اٍليه ثم تاب الله عليهم ليتوبوا اٍن الله هو التوّآب الرحيم ))
|