حقيقة المحبة
(ليس المحب الذى يرجو من محبوبه عوضاً، ولا يطلب منه غرضاً ، فإِن المحب من يبذل لك ليس المحب من تبذل له).
يعنى ليس المحب الحقيقى هو الذى يرجو من محبوبه عوضاً على أعماله كدخول الجنة أو النجاة من النار أو يطلب منه غرضاً من الأغراض الدنيوية أوالأخروية فإِن المحب الحقيقى من يبذل لك أى يعطيك كما قال القائل:
أن المحب إِذا أحب حبيبه *****تلقاه يبذل فيه ما لا يبذل
(ولابن الفارض).
مالى سوى روحى وباذل نفسه *****فى حب من يهواه ليس بمسرف
فلئن رضيت بها فقد أسعفتنى *****ياخيبة المسعى إِذا لم تسعف
(وقال أبوعبدالله القرشى).
حقيقة المحبة أن تهب كلك لمن أحببته حتى لايبقى لك منك شئ
(وما ألطف قول بعضهم).
لئن بقيت فى العين منى قطرته *****فإِنى إِذا فى العاشقين ذليل
وقوله ليس المحب أى الحقيقى من تبذل له لأن المحبة الحقيقية أخذ خصال المحبوب لحبه قلب المحب فلا يكون عنده التفات لغير محبوبه فمن عبده تعالى لجنته فليس محباً له بل للجنة كما قال بعضهم:
وما أنا بالباغى عن الحب رشوة ***** ضعيف هوى يرجو عليه ثواباً
(من كتاب حِكَم ابن عَطا الله السكندرى رضى الله عنه)