01-19-2012, 05:43 PM
|
#24
|
|
رد: لقاء مع اول مدرب لشباب الختمية
كتب السيد أبو الحسن الندوي في مذكراته ليوم السبت 9/6/1951 [1]
( .... وتهيأنا لزيارة السيد ، وعرفنا اننا سنستقبل رجلاً طالما سمعت عنه وهو الرجل الذي يتمتع بنفوذ واسع وثقة كبيرة من الشعب السوداني، ويحل في قرارة نفوس اتباعه الذين يُعَدُّون بأُلوف وأُلوف , وهو الذي استطاع بنفوذه الروحي وشخصيته القوية وعقله الكبير أن يقوم في وجه الإنجليز وان يحافظ على زعامته الروحية ومكانته السياسية ، وهو زعيم حركة ( وحدة وادي النيل ) الاكبر في السودان . وقد كنت سمعت أنه صاحب اطلاع واسع , مطَّلع على الحركات السياسية والدينية ، شغوف بالمطالعة حريص على المعرفة والدراسة ، وانه رجل يقظ نشيط ، وانه نظم آلافاً من السودانيين وشغل الشباب السوداني بنظام يجمع بين الرياضة والذكر والنظافة والنشاط كان له الشغل الشاغل عن الحركات الهدَّامة والاشغال المفسدة للأخلاق ويرجع اليه فضل كبير في تهذيب اخلاق هؤلاء الشباب وانتشار الدعوة في السودان .
سمعت كل ذلك عمن زاروه واجتمعوا به في مصر والسودان ولكن الأمر الذي بعث في نفسي الاعجاب بشخصيته والإجلال لها هو انه لم يقع في شرك الأجانب وانهم لم يستطيعوا ان يشتروه ويشغلوه ولم ينخدع بهم على كثرة من انخدع لهم من المشايخ والعلماء والزعماء والعظماء .
تقدَّمنا لزيارة السَّيد وجلسنا في قاعة كبيرة فاخرة الرياش فيها كراسي جميلة عليها مساند من ريش الطاؤوس تحت مروحة كبيرة ، والقاعة تمتاز بالبساطة وحسن الذوق . وطلع علينا السيد بعد قليل فاستقبلنا شيخاً في السبعين من عمره نحيف الجسم سوداني السّحنة وتبدو على محياه مخائل الهم والتفكير وآثار الدراسة المضنية والسهر الطويل , تشُّف عيناه عن ذكاء ممتاز وتدل ناصيته العريضة على علو الهمَّة وكبر النفس وتلقانا بترحيب وبشاشة وجلسنا نتحدث .
وكان الحديث دائراً حول الهند وتاريخها ودياناتها واضطراباتها الطائفية ونتائجها ومصير المسلمين وشئونهم الدينية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية وعن الجوامع والآثار القديمة وعن المنبوذين والشيوعية وكان يعلق على أجوبتي ويبدى رأيه وكان ذلك يدلُّ على اطلاعه الواسع ودراسته المتنوعه ويظهر انه مطلع على النظم السياسية المختلفة متصل بما يجري في اوربا متتبِّع للأخبار الجديدة والاحوال الأخيرة ، فيه الاستطلاع الزائد على معرفة الحديث الأحدث عن كل بلد ، وظهر كذلك انه رجل متزن الفكر سديد النظر دقيق الملاحظة وقد رايت فيه شبها كبيرا بمولانا ابو الكلام أزاد في اتساع المعلومات والنشاط الفكري ) .
اللقاء الثاني :
وكتب عن المجلس التالي مع السيد علي بتاريخ الخميس 14/6/1951:
( ......... استمر المجلس ساعتين ونصف ساعة تناولنا فيه الكلام عن موضوعات كثيرة , تحدَّث السَّيد في موضوع الدعوة في افريقيا وأدلى بمعلوماته القيِّمة وعن العراقيل التي تنشئها الحكومات المستعمرة في سبيل هذه الدعوة وما يواجه الدعاة من الصعوبات والمشاكل في مهمتهم , وذكر الاختلاف بين المناطق المختلفة واحصاء النفوس فيها ونسبة المسلمين واختلاف طبائعها واقاليمها وعاداتها , فكان كلام خبير مدقق .
وذكر انه لم يبتكر هذا النظام للشباب السوداني الا لأجل نشر الدعوة وحفظ الشباب من الجائحات والتيارات المعارضة للدين والأخلاق وكان لهذا النظام تاثير كبير ومفعول عظيم في تهذيب الاخلاق وتنظيم الشباب والإقبال على الدين وانجذاب كثير من غير المسلمين الى هذه المنظمات ودخولهم في الاسلام بفضلها , وأيَّده في ذلك الشيخ عمر اسحاق من رجال السيد وزملائه وذكروا تجاربهم ومعلوماتهم في هذا الصدد وانه هو الحارس الوحيد في السودان من التحلل الخلقي والفوضى والاستهتار)
|
|
|