ثم جاء تلميذه د . الحسين النور يوسف ليكتب في مقدمة كتابه ( أدب المديح النبوي ) :
هذا القول ان اول اشعار تجري على هذا النمط كانت للسيد محمد عثمان الميرغني الكبير رضي الله عنه ولقد جاء في كتاب كاتب الشونة :
وفي سنة 1232ه / 1816م وصل البلاد وزار سنار السيد محمد عثمان الميرغني تلميذ السيد احمد ابن ادريس رضي الله عنهما
يبين هذا النص ان السيد زار السودان قبيل بداية العهد التركي الذي بدا بفتح سنار سنة 1821ه نظم السيد قصائد في المديح النبوي مزج فيها اللغة العربية الفصحى باللهجة المحلية وكان ذلك من حسن سياسته حتى يجمع بذلك قلوب اهل البلاد المحليين على هذا الدين ومراعاة منه لمستوى الثقافة السودانية والمواطن السوداني فاستطاع بذلك جذب الناس الى طريقته المسماة بالنور البراق في مدح النبي المصداق وكان قد رتبه على حروف المعجم وجعل كل قصيدة تتكون من خمسة مقاطع وكل مقطع ينبني على خمس شطرات الاربع الاولى منها تتفق في قافيتها اما الخامسة فتحمل قافية الحرف المعين من حروف المعجم وهكذا في كل مقطع تكون الخامسة تحمل الحرف المعين وبقية الشطرات تتفق في قافية تاتي كيفما اتفق
فمثلا يقول في حرف الباء مادحاً النبي صلى الله عليه وسلم :
ايا مركز الحسن العظيم المحبب
ايا قده كالغصن ميلا وارطب
عيون المها ترمي بسهم لحاجب
كقوس له التدوير يا نعم مذهب
محبة محبوب العلي المهيب
فهذه ابيات في مدح خلقه صلى الله عليه وسلم وانه هو مركز الحسن ثم يقول في المقطع الثاني
كنور الربا وجاء نور ورشفة
من الضرب الممزوج باللطف حكمة
شفاء دواء للمحبين طيب
ويلاحظ ان هذا الشعر بعض الفاظه عربية فصيحة ، رشاقة - الربا – عنق – ضرب ، فهو العسل – ولكن النحو والاشتقاق ككلام اهل السودان في لهجتهم المحلية .
ولكن هذا النظم لاشك يروق اهل البلاد فيسهل عليهم فهمه وادراكه وقد ادى غرضه .
فهذه صورة لهذا الشعر الذي مزج فيه الفصيح والدارج من الكلام وهو يمثل في نظري قاعدة لنشاة شعر المديح الفصيح الذي استقام عوده بأخر .