عرض مشاركة واحدة
قديم 12-16-2011, 12:35 AM   #2
علي الشريف احمد
المُشرف العام
الصورة الرمزية علي الشريف احمد



علي الشريف احمد is on a distinguished road

B18 رد: التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم وآثار الصالحين


وكانت أسماء بنت أبي بكر تقول للحجاج : «أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم فدفع دمه إلى ابني -تقصد عبد الله بن الزبير- فشربه فأتاه جبريل عليه السلام فأخبره فقال : ما صنعت؟ قال : كرهت أن أصب دمك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تمسك النار ومسح على رأسه»([5])).
عن عُميرة بنت مسعود رضي الله عنها : «أنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم هي وأخواتها يبايعنه وهن خمس فوجدنه وهو يأكل قديدًا فمضغ لهن قديدة ثم ناولنى القديدة فمضغتها كل واحدة منهن قطعة فلقين الله وما وجدن لأفواهن خلوف»([6])).
هذا ما يخص التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وأما التبرك بآثار الصالحين، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تبرك بآثار أيدي المسلمين، فعن ابن عمر رضي الله عنه قال : « قيل : يا رسول الله، الوضوء من جر مجمر أحب إليك أم من المطاهر ؟ قال : «لا بل من المطاهر إن دين الله الحنيفية السمحة» ، قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم: يبعث إلى المطاهر فيؤتى بالماء فيشربه أو قال : فيشرب يرجو بركة أيدي المسلمين»([7])).
كما أن أصل أدلة هذا الباب هي نفس أحاديث التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم؛ ذلك لأن الأصل عدم اختصاص تلك البركة بالنبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت مقامها من النبي صلى الله عليه وسلم أعلى، وهذا ما فهمه كبار شراح السنة النبوية المطهرة كالنووي، وابن حجر رحمهما الله، وغيرهما.
قال الإمام النووي رحمه الله–عقب حديث الاستشفاء بجُبة رسول الله صلى الله عليه وسلم- : « وفى هذا الحديث دليل على استحباب التبرك بآثار الصالحين وثيابهم»وفى هذا الحديث دليل على استحباب التبرك بآثار الصالحين وثيابهم»([8])).
وقال عليه رحمة الله : «قوله (فخرج بلال بوضوء فمن نائل بعد ذلك وناضح تبركًا بآثاره صلى الله عليه وسلم، وقد جاء مبيناً في الحديث الآخر: فرأيت الناس يأخذون من فضل وضوئه،ففيه التبرك بآثار الصالحين واستعمال فضل طهورهم وطعامهموشرابهم ولباسهم»([9])).
وقال كذلك الإمام النووي : «وفي هذا الحديث فوائد: «منها تحنيك المولود عندولادته وهو سنة بالإجماع كما سبق. ومنها أن يُحَنّكه صالح من رجل أو امرأة. ومنها التبرك بآثار الصالحين وريقهم وكل شيء منهم»([10])).
وقال رحمه الله : «أما أحكام الباب ففيهاستحباب تحنيك المولود،وفيه التبرك بأهل الصلاح والفضل،وفيه استحباب حمل الأطفال إلى أهل الفضل للتبرك بهم، وسواء في هذاالاستحباب المولود في حال ولادته وبعدها»([11])).
وقال في باب قربه صلى الله عليه وسلم من الناس وتبركهمبه وتواضعه لهم :
«وفيه التبرك بآثار الصالحين وبيان ما كانت الصحابة عليه من التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم وتبركهم بإدخال يده الكريمة في الآنية وتبركهم بشعره الكريم وإكرامهم إياه أن يقع شيء منه إلا فييد رجل سبق إليه»([12])).
قال ابن حجر -عقب حديث صلاته صلى الله عليه وسلم لعتبان ابن مالك في بيته ليتخذ هذا الموضع مصلى له- : «وفيه التبرك بالمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم أو وطئها، ويستفاد منه أن من دعي من الصالحين ليتبرك به انه يجيب إذا أمن الفتنة»([13])).
قال الحافظ عقب حديث الرجل الذي طلب البردة من النبي صلى الله عليه وسلم ولامه أصحابه على ذلك : «وفيه جواز استحسانالإنسان ما يراه على غيره من الملابس وغيرها إما ليعرفه قدرها وأما ليعرض له بطلبهمنه حيث يسوغ له ذلك، وفيه مشروعية الإنكار عند مخالفة الأدب ظاهرا وإن لم يبلغالمنكر درجة التحريم،وفيه التبرك بآثار الصالحين»([14])).
وقال رحمه الله : «قيل : الحكمة في تأخير الإزار معه إلى أن يفرغمن الغسل ولم يناولهن إياه أولا ليكون قريب العهد من جسده الكريم، حتى لا يكون بينانتقاله من جسده إلى جسدها فاصل،وهو أصل في التبرك بآثارالصالحينوفيه جواز تكفين المرأة في ثوب الرجل، وسيأتي الكلام عليه في بابمفرد»([15])).
وقال الحافظ رحمه الله في حديث اللديغ : «وفي الحديثالتبركبالرجل الصالح وسائر أعضائه وخصوصا اليد اليمنى»([16])).
وقال في حديث آخر : «وفيه استعمال آثار الصالحينولباس ملابسهمعلى جهة التبرك والتيمنبها»([17])).
وقد بَوَبَ الحافظ ابن حبان في صحيحه بابا بعنوان : « بابذِكْرُ ما يُستحبُّ للمِرءالتَّبركُ بالصالحينَوأشباهِهم» وأورد تحته حديث : أخبرنا أحمدُ بنُ علي بن المثنى ، قال: حَدَّثناأبو كريبٍ ، قال: حدثنا أبو أسامة ، عن بُرَيْد بن عبد الله ، عن أبي بُردة عن أبيموسى قال : كنتُ عِنْدَ رسولِ اللَّهِ ، نَازِلًا بِالجِعْرانَةِ، بَيْنَ مَكَّةَوَالمَدِينَةِ، وَمَعَهُ بِلَالٌ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ، رَجُلٌ أَعْرَابيٌّ،فَقَالَ: أَلَا تُنْجِزُ لي يَا مُحَمَّدُ مَا وَعَدْتَنِي؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُاللَّه : «أَبشِرْ». فَقَالَ لَهُ الأعْرَابِيُّ: لَقَدْ أَكثَرْتَ عَلَيَّ مِنَالبُشْرَى، قال: فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ، عَلَى أبي مُوسَى وَبِلَالٍكَهَيْئَةِ الْغَضْبَانِ، فَقَالَ: «إنَّ هذا قَدْ رَدَّ الْبُشْرَى، فَاقْبَلَاأَنْتُما». فَقَالَا: قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قال: فَدَعَا رسولُ اللَّهِ ،بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ ثُمَّ قال لَهُمَا (اشْرَبَامِنْهُ، وَأَفْرِغا عَلَى وُجُوهِكُمَا أَوْ نُحُورِكُمَا). فَأَخَذَاالْقَدَحَ فَفَعَلَا مَا أَمَرَهُما بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ،فَنَادَتْنَا أُمُّ سَلَمَةَ مِن وَرَاءِ السِّتْرِ، أَنْأَفْضِلَا لأمِّكُمَا في إنَائِكُمَا، فَأَفْضَلَا لَهَا مِنْهُ طَائِفَةً»([18])).
مما يشير إلى أنهم كانوا يستدلون بأحاديث التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم على جواز التبرك بالصالحين، وقد ورد عن الإمام أحمد بن حنبل أنه تبرك بجبة يحيى بن يحيى نقل ذلك ابن مفلح، حيث قال : «قال المروذي في كتاب الورع : «سمعت أبا عبد الله يقول قد كان يحيى بن يحيى أوصى لي بجبته فجاءني بها ابنه فقال لي فقلت رجل صالح قد أطاع الله فيها أتبرك بها»([19])).
أما عن مسألة التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم وآثاره بعد انتقاله الشريف إلى ربه، فلم يفرق المسلمون بين التبرك به صلى الله عليه وسلم وبآثاره الشريف قبل انتقاله إلى ربه، وبعد انتقاله، فثبت عن كثير من الصحابة والسلف التبرك بآثاره بعد انتقاله الشريف إلى ربه سبحانه وتعالى : «حينما حضرت عمر بن العزيز الوفاة، دعا بشعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم وأظفار من أظفاره وقال: إذا مت فخذوا الشعر والأظفار ثم اجعلوه في كفني»([20])).
عن سهل في حديث المرأة التي للنبي صلى الله عليه وسلم أعوذ بالله منك وهي لا تعرفه وفيه: « .. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ حتى جلس في سقيفة بني ساعدة هو وأصحابه، ثم قال : اسقنا –لسهل- قال : فأخرجت لهم هذا القَدَح، فأسقيتهم فيه. قال أبو حازم : فأخرج لنا سهل ذلك القدح فشربنا فيه. قال : ثم استوهبه بعد ذلك عمر بن عبد العزيز فوهبه له»([21])).


علي الشريف احمد غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس