عرض مشاركة واحدة
قديم 05-06-2011, 09:59 PM   #27
ود محجوب
المدير العام
الصورة الرمزية ود محجوب



ود محجوب is on a distinguished road

افتراضي رد: إقالة صلاح قوش من إستشارية الأمن ما وراءه وما بعده!!!!





رجال الظل في دائرة الضوء: المخابرات والسياسة بعد11 سبتمبر..بقلم: د.عبدالوهاب الأفندي






لعل أبلغ ما يجسد عمق الأزمة التي يواجهها حزب المؤتمر الوطني الحاكم (اسماً) في السودان هو أن الصراع الذي تفجر إلى العلن في الأيام القليلة الماضية (وما خفي أعظم) كان بين جناحين، يقود كل منهما رئيس سابق لجهاز الأمن والمخابرات. ولهذا دلالة رمزية غاية في الأهمية، حيث تؤكد ما أوردناه من قبل مراراً بأن أزمة النظام حالياً تتمثل في تغول أجهزة المخابرات فيه على مجال السياسة وعمل الدولة عموماً. وهذا بدوره يعكس أزمة مؤسسات متعددة المستويات. فضعف المؤسسات السياسية وغيابها جعل الأجهزة الأمنية تتمدد لتتولى الأدوار السياسية، بما في ذلك الحوار السياسي مع الأحزاب الأخرى والتحرك الدبلوماسي. بل إنها تحولت للعب أدوار عسكرية وحتى عدلية، إضافة إلى أدوار اقتصادية في الداخل والخارج.

هناك فوق ذلك مشكلة الخلل المؤسسي الأكبر المتمثل في ازدواجية وفوضى الصلاحيات الضاربة بأطنابها، وهي فوضى بدأت مع ازدواجية القيادة التي رافقت بداية نظام الإنقاذ، وما تزال مستمرة. فحقيقة الصراع بين نافع وقوش لا علاقة له بالحوار السياسي، وإنما هو استمرار لصراع على النفوذ في الأجهزة الأمنية، حيث أن نافع ما يزال، رغم إبعاده رسمياً من قيادة جهاز الأمن عام 1995، المشرف الفعلي على الأجهزة الأمنية. وكان الصراع بينه وبين قوش على خلفية إصرار الأخير على الاستقلال بإدارة جهاز الأمن والمخابرات وإضعاف نفوذ نافع هناك. وقد استمر الخلاف بعد طرد قوش من رئاسة الجهاز، لأن الأخير أصر على أن يستمر في مجال العمل الأمني، وذلك عبر تحويله منصب مستشار الرئيس للشؤون الأمنية من منصب إسمي إلى مهمة تعيده إلى المجال الأمني من النافذة بعد أن طرد من الباب.


وقد وافقت الرئاسة على هذا التوجه من أجل إيجاد تعددية في تقديم الخدمات الأمنية لا تجعلها رهينة لجهاز واحد. ومن طبيعة الأنظمة الأوتوقراطية أن تخلق أجهزة أمنية متعددة يراقب بعضها بعضاً، وإلا تغول جهاز الأمن وأصبح سلطة فوق السلطة. ولكن جهاز الأمن السوداني قاوم دائماً مثل هذه التوجهات. وقد واجه محاولة الدولة إنشاء جهاز مخابرات رديف في مطلع التسيعنات بعنف غير مسبوق، شمل اعتقالات وسط كوادر التنظيم الجديد، وقد يكون بلغ حد الوشاية بكوادر الجهاز المنافس في دول أجنبية حيث جرى اعتقال البعض وترحيل آخرين.


بنفس القدر فإن نافع وأتباعه في الأجهزة الأمنية اعتبروا إنشاء صلاح قوش لمؤسسة ذات طابع استخباراتي تحت غطاء المستشارية بمثابة إعلان حرب، فقاموا بإعلان الاستنفار ضد الجهاز الجديد، ووقفوا ضد كل مبادرة صدرت عنه، بغض النظر عن خطئها وصوابها. ولم تكن المناوشات اللفظية الأخيرة ثم التسبب في إعفاء قوش إلا الطلقات الأخيرة في هذه الحرب الضروس من أجل توحيد الأجهزة الأمنية ثم إحكام هيمنتها على بقية مؤسسات الدولة تحت قيادة نافع.

ود محجوب غير متواجد حالياً  
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل دخولك
قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا
رد مع اقتباس