> أنت قدت مبادرة مشابهة عند بداية المفاصلة ما سبب فشلها؟
< كأنه كان لزاماً أن يحدث هذا الشقاق وفي تقديري أنه كان هناك إلتزام من جهات داخل القيادة الحزبية وداخل الوطني لجهات خارجية لإبعاد الترابي ومجموعته وعندها طالبت بإقصاء أو إبعاد أو تأخير القيادات التي تقود أمر هذه المفاصلة من الوطني والشعبي رفضت قيادات الوطني هذا الحديث وطلبوا مني أن أوقف هذا المسعى وكان هذا في قاعة الشهيد الزبير واجتمعت مع «12» قيادياً منهم فتحي خليل ومجذوب الخليفة والفاتح عبدون وآخرون قالوا لي إنك تعمل ضد لجنة رأب الصدع فقلت لهم إن مبادرتي تدعم مبادرة رأب الصدع وعندما قرأت لهم ما كتبته قالوا إنك لا تعمل وفق هذه المعلومات ولكن بعض الذين ذكرتهم في اجتماع يوم «الإثنين» فقالوا لي لا بد أن يغادر د. الترابي المؤتمر الوطني ولا بد أن يغادر قيادة المؤتمر الوطني وإذا لم يغادر فإن بعض الجهات الخارجية سوف يكون لها موقف معنا.
> من سياق حديثك نفهم أن هناك دوراً خارجياً في إبعاد د. الترابي؟
< نعم وبصحيح العبارة أنا أريد أن أوكد مرة ثانية أن الإنشقاق الذي حدث في الحركة الإسلامية وفي المؤتمر الوطني كان مشروعاً خارجياً بنسبة كبيرة فليسأل عنه الموساد ولنسأل عنه المخابرات المصرية حينها وكثيراً من المخابرات الغربية ومن قناعاتي التامة أنه كان عملاً أجنبياً صرفاً كانت أدواته من الداخل.
> كيف تمت الحبكة لكل هذا؟
< من فعلوا ذلك بالتأكيد هم منّا وبهذه العملية أشعلوا هذا الخلاف وكان هناك أفراد يذهبون للدكتور الترابي ويقولون له البشير قال كذا وكذا ويذهبون للبشير ويقولون له الترابي فعل كذا وقال كذا!! وأوقروا الصدور بمستوى عالٍ ولم يتركوا مجالاً للمعالجة.
> إذا كنت تدرك كل ذلك فلماذا صمت؟
< أنا شخصياً ناقشت الرئيس وناقشت عدداً من القيادات في الوطني وكذلك الترابي وعلي عثمان ولكن معظمهم كانوا يستمعون لي والوحيدان اللذان كانا يستمعان لي هما البشير والترابي ولكن كان هناك إلتزام بشق الحركة الإسلامية وإبعاد الترابي.
> هل انقلاب الإنقاذ كان بمثابة لعنة أصابت الحركة الإسلامية؟
< لا ليس كذلك ربما كانت الحسابات غير ناضجة أو كانت قراءة غير مكتملة وأنا شخصياً شهدت كل الاجتماعات التي رتبت للتغيير في 1989م.
> هل هذه الاجتماعات كانت تنسيقية بين الإسلاميين والعسكريين؟
< لم يكن هناك شخص من قيادات الحركة الإسلامية بل قيادات الأخوان المسلمين وحينها لم يعترض أي شخص والترابي أدار هذا الملف بسرية تامة وبنجاح غير عادي أما مجموعة العسكريين هذه فلم تكن معنا في الصورة وفي اتخاذ القرار ولكنهم في الحقيقة كان الترابي يشاورهم في قضية التنفيذ وكان كل مرة يطلب أن نمهله كذا شهر فكنا في مجلس الشورى نبصم له على طلبه.
> هل كانت الإنقاذ بديلاً للحركة الإسلامية؟
< يتحدثون عن أن الترابي حل الحركة الإسلامية وهذا حديث غير صحيح ولا يقوله إلا إنسان لديه غرض، كل الترتيبات التي بدأت عليها الإنقاذ وترتيبات الحركة الإسلامية كانت بموافقتنا جميعاً وهذا لم يكن قرار الترابي وإنما قرار القيادة كلها.
> هل كان استمرار العسكريين في الإنقاذ محدوداً بسقف زمني محدد؟
< كان يجب أن يتغير وجه النظام العسكري في فترة متفق عليها وعندما أصر الترابي ونحن في الشورى قال لنا لقد تمكنا ومكنا أنفسنا ويجب علينا من الآن فصاعد أن نمارس الديمقراطية اللبرالية الحقيقية. وكانت هناك أصوات كثيرة ترفض هذا التوجه وكان هذا في اجتماعات شورى للحركة الإسلامية والوطني ولكن الواضح أن المقاومة بدأت منذ تلك الفترة لأن البعض لا يريد أبداً أن ننزل للديمقراطية الحقيقة وحدث ما حدث.
> إذن هل يمكن القول إن تجربة المزج بين أدبيات الحركة الإسلامية والسلطة قد فشلت؟
< بالتأكيد من الأشياء التي يجب أن نتفق عليها أننا فشلنا في امتحان السلطة وكثير من الإسلاميين غادرت صدورهم المعاني الطيبة وطهر اليد وعفة اللسان فكان اختباراً سقطت فيه كثير من القيادات التنفيذية.
> يقال إن الإسلاميين تركوا البرامج التربوية المساجد وانشغلوا بالسوق «والبزنس»؟
< هذا ليس صحيحاً ولا يوجدوا في السوق، الآن هم الآن خارج السوق وخارج المسجد وخارج كل المواقع معظمهم الآن في أطراف كل القضايا التي تتحدث عنها لا توجد الآن في الرأس مالية حركة إسلامية، ويمكن أن نقول إن كثيراً من القيادات الآن حدث لهم ثراء وامتلكوا العمارات وأصبحت تدير الشركات التي اتخذ الرئيس قرار بحلها.
> بعض الناس يقولون إن الفساد قام به دخلاء ولكن بشهادة الترابي هناك فساد بين الإسلاميين؟
< صحيح بكل أسف دار حديث بيني والترابي وقال حديث أشبه بذلك فقلت له إن الاتهامات الآن توجه للقيادات التي كانت تنوب عنك في كثير من المواقع والفساد لا يوجه للدخلاء والواقع أن الذين تحوم حولهم شبهات الفساد والثراء واستغلال المواقع هم قيادات الحركة الإسلامية في الصف الأول والثاني والثالث..
> كيف تقيِّم طريقة إدارة الإسلاميين للسلطة؟
< واحدة من أخطاء الحركة الإسلامية وأخطاء الإنقاذ منذ أن بدأت وحتى الآن أنها اعتمدت على الجانب الأمني والمخابرات في إدارة أمر الدولة وإذا نظر الناس الآن للقيادة المنفذة في الحزب وفي الدولة سوف نرى أن القطاعات النافذة أكثر من «90%» تنتمي للمؤسسة المخابراتية الأمنية العسكرية.
> برأيك هل الفساد بهذا الحجم الكبير؟
< في رأيي أنه ليس بهذا الحجم ولكن بإمكان الرئيس أن يحسم هذه القضايا ولكن في جسم الحركة الإسلامية أي فساد يبدو ظاهراً للناس، ونحن نتحدث عن الطهر وعفة اليد واللسان وفي تقديري أن الحركة جسد يكسوه البياض لذلك أي مستوى من السواد والغبش يظهر عليه..
أعلم أن الرئيس الآن له لجنة تعمل في الخفاء ولكن نريد منه أن يخرج بها للعلن وليبدأ كما بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم وكل المعلومات التي تتعلق بالفساد أو أكل المال العام واستغلال السلطة موجودة لدى المؤسسات الأمنية ويستطيع الرئيس أن يتناولها في لحظات..
وأتمنى أن يقود الرئيس هذا العمل بنفسه لأنه هو العشم الوحيد ولم أعد أثق في قدرة «الوطني» ولا قدرة الجهاز التنفيذي.
> انتبهوا!!:
< الكثير المثير في الحلقة القادمة.. «تابعونا»
صحيفة الانتباهه 1-5-2011 م