[مصطفى علي]

كراماته رضي الله عنه بحرٌ خِضْم لا ساحل له : منها فهو رضي الله عنه على غاية الإستقامة التي هي أعلأ وأكبر من كل كرامة ساطعة ، فمنها : أنه لمّا توجه إلى شندي لمقابلة صنوه السيد محمد عثمان الأقرب رضي الله عنه بجهة بربر نزل على الخليفة أحمد بن الأمين العُمرابي بحلة سقادي فأتت إليه أُناسٌ مشهورين بالإنكار فسألوه عن مسائل كثيرة من جملتها سألوه عن الفتح ، فقال لهم : الفتح فتحان فتحٌ أكبر وفتحٌ أصغر ، وأقل درجات الفتح الأصغر خطاب الجمادات ، وأبدى من غوامض علومه الوهبية ما أبهر به العقول وأبهت السامعين ثم سُئِل عن الفتح الأكبر فتكلم فيه كلاماً أوصلهم فيه إلى معانيه ، فقال بعضهم لبعضٍ : لقد سمعنا كلام الأستاذ لكن لا نستطيع أن نعبر عنه بفصيح اللسان ، ومنها أنه ذات مرة وهو في مجلس خاص مع مريديه المقربين تكلم عن الإسم المفرد وحقائقه وخواصه وأحوال ذاكريه وفي غيره من الأسماء والآيات القرآنية وأمر أحد الحاضرين بعدد بأن يعمله في تلك الليلة فحصل له فتورٌ وهو حينئذ بمنزله وهي بعيدة عن دار السيد ، والوقت حينها منتصف الليل والناس نيام ، فما شعر إلا والأستاذ السيد يقول له بزجرٍ : قُمْ وأنجز العدد الآن ثم غاب عنه ، فقام وففاه وأنجزه بإحسانٍ وحسبان ، ومنها أنه أُوتيَ إليه بشخص أصابته الصرعة وهو يصرع دائماً ، ووقع أهله عليه أن يعافيه الله ببركته فهزَّه وضربه ضربةً قوية فتعافى في الحال ولم تعد له الصرعة مرة أخرى ، ومثل ذلك كثيرٌ وشوهد منه ، ومنها أن أحد مديري الخرطوم عُزِل عن منصبه و أتى إليه وشكى إليه حاله ووقع على أعتابه فبشره وقال له : توجه الآن لمنزلك فإن الطلب سيأتيك بالتولية فتوجه إلى منزله فعند وصوله طلبه الحاكم في تلك الساعة وولاّه منصبه من غير تأخير ولا إنتظار ، وأما إدراكاته وإغاثاته في الشدائد والكروب أشهر من أن تُذكر وأنبائه وأخباره عن المغيبات ونوازل البلايا فلا تعد ولا تُحصر وكثيراً ما يخبر الحاضرين بذلك فيكون الأمر كما قال من غير ذيادة أو نقصان .