الموضوع
:
مع الاعتذار لنجلاء : 19 ديسمبر الحقيقة المجردة وخلفياتها
عرض مشاركة واحدة
12-26-2010, 01:39 AM
#
6
محمد جمرة
مُشرف المنتدى العام
رد: مع الاعتذار لنجلاء : 19 ديسمبر الحقيقة المجردة وخلفياتها
مجريات الأحداث كما أوردنا تقول بأن قرار الاستقلال قد اتخذه حزب الأغلبية في اجتماع هيئته البرلمانية منذ 30/3/1955م وعلى هذا ظهر وفد السودان في باندونق معتدا بسيادة البلاد الكاملة, وغير هذا فمن المعلوم أن كل تفاصيل إعلان الاستقلال قد تم إعدادها بعناية فائقة وبتناغم شديد حتى من يقترح ومن يثني من يتحدث ومن يحضر هذه الجلسة التاريخية من الشخصيات غير النواب. كما أن مسألة الاستقلال هي مبدأ معلن للسيد عبد الرحمن المهدي لذلك فهذا أغلى ما يطلب حتى أجهش بالبكاء حين تحقق الأمر في هذا الإثنين السعيد فليس إذا ثمة مفاجأة.
أما السيد علي فقد عمل منذ أمد بعيد على تحقيق استقلال البلاد فتضامن مع حركة ثورة اللواء الأبيض برغم تعرضه لمضايقة الحكومة ليقوم بإفشال المظاهرات يقول الدرديري محمد عثمان: (وفي عام 1924م عند نشوب الاضطرابات في السودان بسبب اللواء الأبيض سافر السيد علي الي دنقلا وبعثت اليه الحكومة بعدة برقيات لكي ينشر علي الناس ما يهدئهم ويضمن ولاءهم للحكومة ولكنه لم يرد علي تلك البرقيات . ثم أضاف المستر بني : والآن ومسالة السودان تاخذ طابعا حادا والمظاهرات تنطلق في كل مكان والشعور العام في غاية الهياج لا يحتاج الأمر إلى أكثر من كلمة ينطق بها السيد علي ولكن السيد علي حتي الآن لم يقل هذه الكلمة) وقد دللنا على أصالة مبدأ الاستقلال عنده وكيف نصح المصريين بالياس من تبعية السودان لهم وكيف أن النواب المحسوبون عليه هم من ساقوا الحزب بقوة الصوت لاختيار الاستقلال مبدءاً وعلى العكس منه كان الرئيس الأزهري وحدويا حتى النخاع ولكنه بحسب ما نرى عدل عن ذلك لذكاءه كما اسلفنا وحسه السياسي المرهف حيث أصبح الاستقلال أمرا واقعا لا يمكن مدافعته, كما أن الحال في مصر التي يراد الاتحاد معها قد تغير فالرئيس نجيب الذي تربطه بالسودان علاقة عميقة تجري في دمه - الذي للسودان فيه شركة بالميلاد- وعقله حيث درس بكليه غردون وعمل بجبل أولياء فهو على معرفة قوية بمزاج شعب السودان فلما أصبح رئيسا عمل على توحيد الأحزاب الاتحادية وأصبح الأزهري رئيسا للحزب الاتحادي الوليد ومن ثم أنجز نجيب اتفاقية الحكم الذاتي التي نصت على حق تقرير المصير لشعب السودان ولكن الرئيس عبد الناصر أقاله في نهاية سنة 1954م ووضعه تحت الإقامة الجبرية بمنزله! فبلد هذا واقع صناع الثورة فيها, من أين لها بجاذبية تجعل الرئيس الأزهري يعمل للاتحاد معها مكلفا نفسه عنت مصارعة تيار الاستقلال التام الجارف الذي سد المخارج على المخالفين حتى بلوغ الاستقلال وبعد ذلك فليكن ما يريدون؟؟؟
بالعودة إلى الوثائق الامريكية وتحديدا لتلك المرسلة في 27/11/1954م نجد: أن الازهري ربما يريد الآن، بدلا عن الاتحاد الكامل لمصر والسودان، اتحادا كونفدراليا بين مصر والسودان، يسمى "جمهورية وادي النيل". و يتبادل فيه مصرى وسوداني رئاسة الاتحاد
لكن، اذا عزل المصريون رئيسهم محمد نجيب، ما هو الضمان انهم لن يعزلوا رئيسا سودانيا؟ انتهى.
لذلك عند تمام الأمر بإنجاز السودنة والجلاء وإعلان الاستقلال وإنزال علمي دولتي الحكم الثنائي في 1/1/1956م وبدلا عن أن تستقر أوضاع الحزب الاتحادي بسبب هذه الإنجازات التأريخية, إلا أنها تفاقمت وبدأت في السوء في نفس اليوم في أولى محاولات تكوين الحكومة القومية, حيث عقد نواب الحزب اجتماعا في إحدى قاعات البرلمان برئاسة الأزهري الذي اقترح تسمية الشيخ علي عبد الرحمن وحماد توفيق وأمين السيد ليفاوضوا أحزاب المعارضة في تشكيل الحكومة ومن الملاحظ أن ثلاثتهم قد أصبح لاحقا في حزب الشعب الديمقراطي وكان مفاوضيهم من المعارضة عبد الله خليل وميرغني حمزة ومحمد نور الدين والأخيرين كلاهما لاحقا أصبح أيضا في حزب الشعب!! وكفى بهذا دليلا على علاقة هؤلاء الخمسة بمولانا السيد علي الميرغني وهم خمسة من ستة قادة يناط بهم تسمية حكومة الوحدة الوطنية ورئيسها!!! وقد اتفقوا على الحكومة برئاسة الزعيم الأزهري ولكنه قرر إبعاد الثلاثة المفاوضين من قبله من الوزارة ليستبدلهم بآخرين ولكنه لم يستطع تنفيذ ذلك تحت ضغط استقالات من المبعدين ونواب الكتلة الموالية للسيد علي فتراجع الرئيس وأمضى الحكومة بما اتفق عليه المفاوفضون ولكن في نهاية المطاف حصل انقسام الحزب الشهير بميلاد حزب الشعب الديمقراطي بعد ستة أشهر فقط في يونيو 1956م وعاجلا في بداية يوليو أسقط الحزب وزارة الأزهري ليتحالف مع حزب الأمة والأحرار الجنوبي مشكلا وزارة جديدة بقيادة عبد الله خليل. برغم كل هذا فقد أثر عن الزعيم الأزهري قولته المشهورة: ( لولا الأسد الرابض في حلة خوجلي لما نال السودان استقلاله ) وحق له أن يقول ذلك فهي شهادة حق صدع فيها بالحقيقة المجردة التي يبين ما قلنا هنا صدقه الشديد فيها, رحمة الله وبركاته على هؤلاء الكرام بما قدموا لهذه البلاد.
محمد جمرة
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى محمد جمرة
البحث عن كل مشاركات محمد جمرة