...............تابع ما قبله :
حصن السالك لهذا الطريق :
* أهمّ هذه الحصون :
(1) معرفة ما لا بدّ منه للمؤمن من العقيدة الحقة , وتلقى هيئات الأعمال البدنية حتى يطمئنّ قلبه بأنّه عملها كما كان يعملها رسول الله صلى الله عليه وسلم , ... والعلم بالسنّة الواجبة على كل عضو من أعضاءه , ... مبتدئا بالقلب الذى منه يكون تصريف الأعمال , وصحة الاخلاص .
(2) ان يراغب خواطره وهممه مراغبة من يعتقد أنّ أمامه طريقين : أحدهما موصل , ....... والآخر غير موصل : " البصيرة تقتضى أن يزن عدّة أمور هى : ( الهمّة – الخاطر – الارادة ) ....... بموازين أهل العزايم وهى : (ا) هل هى حق أم باطل ؟ (ب) فاذاكانت حق لمن هى , ولم هى ؟ (ج) فان ظهر له أنّها لله ابتقاء فضله ورضاه ينظر : كيف كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا العمل ؟؟؟ ............ وبعد التحقق يشرع فى انجاز الخاطر أو الهمّة أو الارادة , ويشكر الله على نعمة التوفيق والعناية , ....... ومنّتى : " العلم والعمل به " .
(3) ان يحاسب نفسه بعد كل يوم وليلة محاسبة من يعلم أنّ الربح سعادة له , وأنّ الخسران هلاكا له .
(4) ان يجعل له فى كل يوم جديد درسا يتذاكر فيه العلم ان كان عالم , ويزيد فيه العلم ان كان محتاجا اليه , ....... فهذه من الحصون المتعينة على السالك المخلص وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال : " اذا أتى يوما لا أزداد فيه علما يقربنى الى الله تعالى , فلا بورك لى فى طلوع شمس ذلك اليوم . " .
(5) ان يتحصّن من الوقوع فى الشبهات , ومن التوسّع فى المباحات .
(7) ان يتحصّن فى كل وقت من شياطين الجن والانس, ويتباعد عن كل ما يوقع فى تهمة أو شبهة .
(8) ان يهم بأن يمثل لخياله صورة : " الموت , فالبرزخ , فالحشر , فالميزان , فالصراط , فالوقوف بين يدى الملك القهار . "
* الخصوصية : بعض الناس ينكر ( الخصوصية ) لأنّ الذى منحها كان صغيرا في أعينهم أو كان فقيرا أو كان من أهل المعاصى والكبائر أو كان جاهلا , .......ويجهل هذا المسكين انّ هذا الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء , قال تعالى : (( وان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء . )) ......... فتنبه أيّها الأخ الصالح وأعرف الرجال بقدر المواهب والخصوصية ولا تنظر الى ما كانوا عليه قبل الخصوصية , واعتبر بما تشهد فى أحوال الدنيا , ..... فانّك ترى الرجل من عامة الناس , فيصبح ببين يوم وليلة ملكا أو وزيرا أو أميرا , ... فتبادر اليه الناس بالتعظيم والتبجيل , ناسية ما كان عليه , ....... فهل من يجعل الفقير من العامة ملكا , يعجز أن يجعل آخر وليّا من أوليائه أو يخصّه بفضله ؟؟؟ .
* بعض أهل الطريق اذا رأو أخا من اخوانهم يعمل عملا يخالف الشرع , يتساهلون فى نصيحته وربّما جادلوا عنه من نصحه وأنكروا عليه ذلك , .......... فتنبّه يا أخى ان هذا من أعمال التعاون على الباطل , والالتفات عن الحق ,..... وربما أوقعهم الجدل فى استحسان القبيح والرضاء بالمكروه , فيكونون ممن قال الله فيهم : (( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو . )) .
* الاخوان حقيقة هم من كانوا لمرشدهم عونا على عمل الخير وعضدا على فعل القربات , ..... فاذا أخطأ أمسكوه ونبهوه لوجه الخطأ , فاذا كان على بيّنة من أمره , أبان لهم وجه الصواب فيما ظنّوه خطأ , وأثنى عليهم وشجعهم على ذلك , وان كان خطأه بسبب عجلة أو أي أمر آخر , ....... قبل منهم ورجع الى الحق .
* حرمة المسلمين ووجوب حق بعضهم على بعض :
هذه بعض الأحاديث التى كثرت الأخبار بها عن النبى صلى الله عليه وسلم وهى : (1) ان يسلم عليه اذا لقيه (2) ان يجيبه اذا دعاه (3) ان يشمته اذا عطس (4) ان يعوده اذا مرض (5) ان يشهد جنازته اذا مات (6) ان يبرّ بقسمه اذا أقسم (7) ان ينصح له اذا استنصحه (8) وان يحفظه بظاهر الغيب اذا غاب عنه (9) ان يحب له ما يحب لنفسه (10) ان يكره له ما يكره لنفسه .
* وكان ابن عباس رضى الله عنه يؤكد هذا المعنى ويفرضه فرض الحلال والحرام ويفسر قوله وتعالى : (( رحماء بينهم . )) ..... يعنى متوادين فيما بينهم يدعو صالحهم لطالحهم , فاذا نظر الصالح للطالح قال : " اللهم أهده وتب عليه وأغفر لنا وله "....... وان نظر الطالح الى الصالح قال : " اللهم بارك له فيما قسمت له من الخير وثبته عليه وأنفعنا به ".......... جاء فى الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من اعطي حظّه من الرفق , اعطى حظّه من الدنيا والآخرة , ومن منع حظّه من الرفق منع حظّه من الدنيا والآخرة . "
* آداب العلماء :
(1) التواضع لله تعالى فى كل حال , فان التواضع يدلّ على حقيقة الخشية من الله تعالى , وقد حصرها الله تعالى فى العلماء : (( انّما يخشى الله من عباده العلماء . )) (2) الحلم والأناة , وهما خصلتان يحبّهما الله تعالى , ... فاذا تجرّد العالم منهما هلك لأنّه يتصف بالحماقة والعجلة أو يبتلى بالاعجاب برأيه أو التعصب له , ......... وقد تبلغ به الحماقة والعجلة الى لعن المسلم وسبّه وقذفه والحكم عليه بالردّة والفسوق أو الحكم عليه بالزندقة , ....... كلّ ذلك لاعجابه برأيه , ويكون ممن قال الله فيهم : (( أفرأيت من اتّخذ الهه هواه فأضلّه الله على علم . )) ............ فنعوذ بالله من علم هو عين الجهل . (3) ان يعلم الناس على قدر عقولهم ويداريهم , كما قال صلى الله عليه وسلم : " خاطبوا الناس على قدر عقولهم . " ....... وعنه أيضا قال : " أمرنا بمدارات الناس . " ...... وقال أيضا : " من العلم كهيئة المكنون لا يعرفه الاّ العلماء بالله فاذا ذكروه أنكره أهل الغرّ بالله. " ....... فمن أباح لطائف علما ليسوا بأهل له , فقد أخطأ آداب العلماء . (4) السكينة والرحمة : السكينة دليل على التمكين وبرهان على الرسوخ فى العلم , ... خلافا للانزعاج والرعونة وعدم التروى , فانّهما دلائل عدم البيان والحقيقة , ......... أما الرحمة فهى من أخصّ وأجمل صفات العلماء , لأنّ العالم وارث عن سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم المنعوت بقوله : " حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم . "..... ولقوله سبحانه وتعالى : (( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك . ))....... وقوله وتعالى : (( وانّك لعلى خلق عظيم . )).......... فالعلم من أعظم النعم , ... فاذا نزعت الرحمة من قلب العالم صار علمه من النقم كما هو ابليس فقد كان من كبار العلماء ولم يمنح الرحمة فأهلكه الله . (5) من أجلّ علامات العلماء الربانيين العمل بالعلم فى السرّ والجهر خشية من الله تعالى والأخذ بالعزايم ولو كان فيه ما تكرهه نفوسهم أو تتألم منه أبدانهم أو أبدان من يحبونهم , ... ارضاءا لله تعالى , ولأنّه مسئول عن حقين : " حق على نفسه لله " ......" وحق أوجبه الله عليه لخلقه "..........فهو قدوة للمؤمنين , ....... ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال :/ " زلّة العالم زلة العالم . " ....... وفى رواية أخرى : " اتّقوا زلة العالم وانتظروا فيئته . " (6) التحفظ فى ابداء الرأى والتثبت قبل الادلاء به . (7) الاجتهاد فى سدّ الزرايع والفتنة , فقد كان البلاء من أهل الفتن أشدّ على المسلمين من بلاء الأعداء , ..... فانّهم شغلوا المسلمين بالوقيعة وملئوا قلوبهم ضغائن , وجعلوا الصغار يحقّرون السلف الصالح , والكبار يحقرون كبار أهل عصرهم .
............... نتابع باذن الله :