(1)
خليفة الخلفاء
الخليفة على مالك
اسمه ونسبه :
هو الشيخ الفقيه خليفة الخلفاء الخليفة على بن الخليفة محمد عثمان بن الخليفة احمد بن الخليفة عبد الرحمن بن الخليفة مالك ود جنيد خليفة شيخ الطريقة ومعدن الحقيقة الإمام السيد محمد عثمان الميرغني الختم رضي الله عنه .
والخليفة مالك ود جنيد هذا هو في الحسبة ابن أخ الخليفة النقيب خليفة الإمام الختم رضي الله عنه المذكور في التوسل بأسماء الله الحسني .
قال عنه صاحب الإبانة النورية الخليفة احمد بن إدريس : ( ومنهم خليفة خلفائه مالك ولد جنيد البديري العباسي خلفه بعد الخليفة النقيب ، صحب الإمام بمصوع وغيرها وروي عنه كثيرا ، وكان حافظا ضابطا أديبا منكسر القلب وثابت القدم ذا خير وبركة توفي قريبا في أوائل العام الماضي أو قريبا منه اعني عام سبع بعد الألف والثلاثمائة ) .
مولده ونشأته وتعلمه :
ولد الخليفة علي مالك رحمة الله بالغريبة مركز مروى في مطلع القرن المنصرم ، ونشأ بين آبائه الكرام أهل التقابة والنقابة كما كان يقال لهم ، فبدأ حفظ القران الكريم بخلوة الغريبة العتيقة وأتمه بخلوة عمه الشيخ الفقيه محمد بن حامد بدويم وحاج ، ثم عاد إلى الغريبة فقرأ بها التوحيد والتجويد والفقه المالكي والتصوف حتى تأهل للإمامة والخطابة والتدريس وأصبح يشار له بالبنان .
تصوفه وطريقته :
اخذ الطريقة الختمية على يد أستاذه ومرشده مولانا السيد على الميرغني طيب الله ثراه الذي أحبه وعلمه وأرشده وأمده وصلى خلفه وعينه خليفة لخلفائه خلفا لوالده الخليفة محمد عثمان في سنة 1937م .
وقد كان رضي الله عنه في تصوفه شديد التمسك بالقران الكريم والسنة النبوية المطهرة ، يأخذ نفسه ومن معه بعزائم الأمور ، كريما جوادا قوالا للحق ، يحب العلم والعلماء ومشايخه السادة المراغنة وخصوصا أستاذه مولانا السيد على الميرغني رضي الله عنه محبة شديدة ولا يجامل ولا يتساهل في ذلك ، مواظبا على قيام الليل وقراءة ورده من القران الكريم وأوراد الطريقة الأخرى ، يهتم بشئون المسلمين عامة ويسعى في قضاء حوائجهم ، لا تجده ذاهبا أو آيبا إلا في أمر يحبه الله ويرضاه .
عمله ومهنته :
عمل الخليفة على مالك في بادئ أمره بالتجارة في منطقة البحر الأحمر هيا ، سنكات ، جبيت وكون منها ثروة مقدرة أعانته على أمر الدين والدنيا ، كما كان يشرف على أراضيه الزراعية وجناين النخيل التي كانت تخصه وأسرته بقرية الغريبة .
دوره الديني :
تجسد دور الخليفة على مالك الديني الأكبر في منصب خلافة الخلفاء ، حيث كان مهتما جدا بمسالة تسليك المريدين وتنظيم حضرات الطريقة وشباباتها وزواياها ومساجدها وتكاياها ، وقد كان تسند له في كثير من الأحيان مسائل مهمة في هذا الصدد علي امتداد البلاد وقد كان يؤديها على أحسن ما يكون .
كما كان له نشاطه الديني الخاص حيث انشأ خلوة لتحفيظ القران الكريم ببلدة هيا بشرق السودان عندما كان يعمل بالتجارة في تلك المنطقة ، ثم قرر تحويلها إلى مدرسة أولية ، وتم له ذلك بمساعدة صديقه الشيخ محمد سعيد القدال الذي كان مسئول التعليم بمديرية البحر الأحمر ، كما كان له دور كبير في إنشاء اغلب المرافق الحيوية بمدينة هيا .
دوره الوطني :
ارتبط دوره الوطني والسياسي بمولانا السيد على الميرغني حيث كان عضوا بمؤتمر الخريجين ثم عضوا بالحزب الوطني الاتحادي الذي تحقق على يديه استقلال هذه البلاد من الحكم الثنائي ، وعندما انشق الحزب في أواخر سنة 1956م كان من أقطاب حزب الشعب الديمقراطي إلى أن توحد مرة أخرى في الحزب الاتحادي الديمقراطي .
وقد كان الخليفة على مالك طيب الله ثراه قائدا جماهيريا من الطبقة الأولى ، مؤثرا جدا في الحياة السياسية آنذاك لاسيما في مسالة ترشيح وانتخاب نواب البرلمان ، بل كان مؤثرا أيضا في مسالة اختيار الوزراء وشاغلي المناصب الدستورية العليا ، حيث كان مولانا السيد على الميرغني والرئيس الراحل السيد إسماعيل الأزهري طيب الله ثراهما يستشيرانه في ذلك وربما يأخذان برأيه .
دوره في خدمة وطنه الصغير :
أما عن دوره في خدمة أهله ووطنه الصغير الغريبة علي وجه الخصوص ومنطقة مروي علي وجه العموم فحدث ولا حرج ، إذ كان طيب الله ثراه كثير الاهتمام بأهله صغيرهم وكبيرهم ، يواصلهم بمناسبة وغير مناسبة ، ويهتم بتعليم أبناءهم ، وإيجاد فرص العمل لهم ، ويزوجهم ، ويزور مرضاهم ويواسيهم بماله ، ولا تشيع جنائزهم إلا بعد حضوره وصلاته عليها ، كما كان كثير الاهتمام بأمر الخلاوى والطلاب دراستهم ومعاشهم ، أسهم إسهاما فاعلا في تجديد خلوة ومسجد الغريبة العتيق ، انشأ هو وآخرون المشروع الزراعي الذي كان وما زال يسقى مناطق الباسا الغريبة العالياب الحلة البيضاء كورتي في سنة 1950م فكان من أول المشروعات الأهلية الرائدة في المنطقة وغير ذلك من الانجازات الخدمية التي يضيق المجال بذكرها .
ذريته :
تزوج الخليفة على مالك زوجتين هن زينب محمد طه من الغريبة وامنة الخليفة عبد الرحمن الجزولي من منصوركتي وانجب منهن من الاولاد مولانا محمد عثمان الخليفة ومحمد هاشم ومحمد الفاضل ومحمد الحسن ومحمد بهاء الدين ومحمد احمد ومحمد الامين ومحمد الطيب ، واخواتهم الكريمات .
وفاته :
هذا وقد انطوت هذه الصفحة المباركة في يوم 16 يناير1976م ، حيث توفي الخليفة علي مالك رحمه الله رحمة واسعة وكان يوم تشييعه يوما مشهودا ، إذ صلى عليه آلاف الناس يتقدمهم مولانا السيد محمد عثمان الميرغني رضي الله عنه ودفن بجوار قبة السيد المحجوب بالخرطوم بحري ، وتأسف الناس على رحيله ووفاته .