حجة وداعه وقرآته المولد بالمدينة المنورة
بنهاية عام 1981ه كان الشريف قد أدّى فريضة حجة وداعه الاخيرة وعلى الرغم من ظروفه السياسية والصحية؛ زار المدينة المنورة وأقام بها مدة شهر- أطول هذه المرة مما اعتاد عليه - وتلى فصولا من كتاب "حسن الختام في مولد سيد الأنام ".. تأليف والده الشريف يوسف الهندي (رحمهم الله) في جمع من أحباب بيتهم ومريدي طريقهم الدينية الصوفية تبركا واحتفالا يومذاك بذكرى مولد جده المصطفى (صلى الله عليه وسلم).. يمكن الاستماع إليه هنا وهو يتلوه
إقرأ برنامجه الاقتصادي للإنقاذ الوطني.
سفره لمؤتمر اثينا ووفاته هناك 9 يناير 1982م
كان الحزب الاتحادي الديموقراطي يعقد مؤتمرا تاريخيا في إحدى جزر اليونان ، وهو أكبر ملتقى للاتحاديين ضم شملهم قيادة وشبابا وطلابا ، منذ أن انفض سامر الديموقراطية في صبيحة 25 مايو 1969م المشؤوم ؛ وكان من المقرر أن يخاطب "الشهيد البطل" هذا المؤتمر في جلسته الختامية ، وعند عودته.. في طريقه للمؤتمر من مدينة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، أصيب "بالذبحة القلبية" في مدينة جدة ، ولزم غرفة "العناية الطبية الفائقة" في مستشفى جدة الوطني، وتستَّر المرافقون - بتوجيه منه - على هذا الحدث حتى عوفي وأصّر – فيما علمنا - على مقابلة الاميرفهد بن عبد العزيز (كان يومها وليا للعهد), وهو على موعد معه بالرياض؛ كما كان على موعد آخر أيضا (مع الملك حسين في عمان) أوفى بلقائه فيها قبل الذهاب إلى اليونان التي كان مطارها مغلقا بسبب إضراب العمّال به، فنزل بمكان آخر وأستغلّ مركبا للوصول لأثينا فنزل بفندق "الملك مينوس" وطلب من مرافقه العثور على مكان خاله –وأستاذه ومربيه- المتواجد بأثينا وقتها "أحمد خير المحامي".
وخرج المرافق ملبيا طلب "الشيخ" .. ومن بعد خروجه مباشرة ، أغلق الشهيد باب الحجرة ، وانتقل من المقعد الذي كان يجلس عليه .. للسرير، ليقضي نحبه هادئا مطمئناً ، مرتاحاً في رقدته الأخيرة ، وكأنه يغطُّ في نوم عميق ، وليس عليه مظهر من مظاهر الموت !! وتلك كانت حسن الخاتمة. وبكته جموع غفيرة لا حصر لها ولا عد سودانيين ويونانيين طلابا وغيرهم إفتقدوه وإحسانه إليهم,
الصلاة على جثمانه الطاهر في ثلاث قارات ودفنه بالسودان
نعي الحزب الاتحادي الديموقراطي وفاة الشريف حسين الهندي، وتمّ تشييع جثمان الشهيد الطاهر تكريما له في ثلاث قارات.. بدءا باليونان نفسها (في أوربا)؛ مرورا بطرابلس عاصمة الفاتح من سبتمبر في ليبيا (بأفريقيا) والتي تمنت على المرافقين بعد الصلاة عليه أن لو يدفن مع المجاهد العظيم عمر المختار رحمه الله..
وبعدها طلبت في إصرار بغداد عاصمة الرافدين بالعراق (في آسيا)، متمنية على المرافقين أيضا أن لو يدفن بعد الصلاة عليه في كربلاء مع جده سميه سيد الشهداء الإمام الحسين إبن الإمام علي (رضوان الله) عليهم؛ بينما عرضت المملكة العربية السعودية (حفظها الله) الصلاة عليه في المسجد النبوي الشريف، ودفنه بالبقيع مع آل الييت الهاشمي الأكبر، قرب جده الأعظم ( ) .. إذا ما تعنت الحاكم الطاغية ذاك الشامت الخالي من كل خلق سوداني الكريم في مثل هذه المواقف الإنسانية العصيبة خاصة عند الموت (فلم ينعه)، ناسيا ربه وسبيل الأولين والآخرين المنتظره إبدا - ويلا له - مهما طال عمره وساء عمله فلا حول ولا قوة إلا بالله ..
لقد تم كل الذي ذكرنا قبل ان ووري الثرى الجثمان الطاهر للشريف حسين الهندي في ضريح والده العارف بالله الشريف يوسف في حيهم بضاحية بري اللاماب بمدينة الخرطوم؛ رحمهما الله رحمة واسعة.
قال الشاعر ابراهيم عمر الامين عليه الرحمة في رثاء الشريف حسين الهندي:
واصعد الى الخلد روحاً طاهراً عبقاً كفاك في الأرض بذلاً كنته فيها
وان طوى الجسد الفاني المنون ففي ذكراك صفحة مجد ليس يطويها
مذكراته بعنوان.. "لوطني وللتاريخ"
ذكرنا اعلاه في التنويه والإشادة بعطاء البروفسير د. يوسف الشويري (جزاه الله خيرا) حين اعد مسودات هذه المذكرات التاريخية القيمة وفاء لصاحبه وصاحبها حسين الهندي – رحمه الله – ربما كان يأمل طبعها ونشرها آنذك او قريبا منه ولكن حالت ظروف شخصية ومادية عدة.. دون ذلك. الأمر الذي قعد بما هو مطلوب عن التنفيذ ردحا طويلا ولعل في كل تأخيرة خيرة كما يقولون! إذ اليوم التفكير جار في سلسلة فصول هذه المذكرات في موقعنا هذا على نطاق النشر العالمي الأكبر (الإنترنت).. وربما لحكمة الخيرة في نشرها دوليا كمنت في تأخيره زمنا طويلا .. اولعلها هكذا أرادها الله تعالى.
فكره السياسي ومبادئه في أقواله.
هؤلاء قالوا عنه
هناك عدد من الشعراء السياسيين الفحول، من رثوا الشريف الحسين رثاءً حارا، ينم عما في صدورهم من حب وطني عميق له؛ نذكر منهم الشاعر القومي الأمين حامد شاعر السقاي؛ والشاعر الشعبي المهذب الحافظ للمسافة بينه والمغفور له استاذنا البروفسر د. عبد الله الطيب.. ذلك أن إسمه الثنائي كإسمه بالضبط؛ ومن ثم كتب شاعرنا وراء أسمه عبد الله الطيب (غير الدكتور).. فيا له من تهذيب!
كما كتب عنه كبار الكتاب السودانيين والعرب.
"إن الرجال والأنفس والأرواح كلها ذاهبة، وتبقى الأرض،
ويبقى الوطن، ويبقى الشعب، ويبقى التاريخ"
-- الشهيد المناضل الشريف حسين الهندي