عرض مشاركة واحدة
قديم 02-27-2010, 05:56 PM   #5
العوضابي

الصورة الرمزية العوضابي



العوضابي is on a distinguished road

Unhappy متفرقات رقيقة .




رابعاً : متفرقات :
· ما يجب في حق الولي ووجوب تعظيمه :
1. من يستحق اسم الولاية :
" يقول العارف بالله الشيخ الغرباني : " الولي بسكون اللام هو : " القرب " فولى الله تعالى : " القريب منه " بامتثال طاعته واجتناب نواهيه لأنه بذلك ينال محبته لاتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله " وهناك معناً آخر وهو الولاء بمعنى " النصْرة " أي من تولى الله رعايته وتوفيقه وتسديده ، وكلا المعنيين يحصلان للولي : فولي الله هو الذي يتقرب إلى الله بما افترض عليه ، ثم لم يزل يتقرب إليه بالنوافل حتى يحبه .. فإذا أحبه كان سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله الذي يمشي بها " ، كما ورد في صحيح البخاري ، وفي رواية : " كنت له سمعاً وبصراً ولساناً وقلباً وعقلاً ويداً ومؤيداً ، فيكون مشتغل القلب بالله مستغرق القلب في معرفة نور جلال الله ، لا يفتر عن ذكر الله ، ولا يرى بقلبه غير الله " .
· وجوب تعظيم الانبياء والأولياء :
" إن تعظيم الانبياء والأولياء جاء من يوم خلق الله تعالى آدم عليه السلام وأمر الملائكة بالسجود له إكراماً وتعظيماً لما آتاه من علمه ، وإعلاماً لهم بإصطفائيته من بين سائر مخلوقاته وإرشاداً لخلقه بتعظيم أصفيائه ، فالملائكة عليهم السلام عندما امتثلوا لأمر الله بالسجود له وتعظيمه فقد عظموا من عظمه الله ، أما ابليس فقد قاس الدين برأيه ، فقال : " أنا خير منه " وأنف عن تكرمته عليه واستنكف من السجود له ، فكان أول من " تكبر " على الصالحين ، ولم يعظم من عظمه الله ، فلذلك استحق الطرد من رحمته لتكبره على هذا العبد الصالح وهو عين التكبر على الله ، إذن فالملائكة هم أول من عظّم الصالحين من الجنس الانساني ، أما ابليس فكان أول من أعلن " التكبر " عليهم ونعلم أنه كان من الموحدين الذين يؤمون بالله وحده لا شريك له إيماناً لا يخالطه شك ولا شبهة ، فلم ينفعه علمه وتوحيده وإيمانه فكان جزاءه الطرد من رحمة الله وهذا جزاء كل من تكبر على انبياء الله وعلى أوليائه ، واستنقصهم وانكر أهل الحق ولم يتأدب مع الله لهم ، لأنهم صفوة الله ومحل نظره من عباده " .
واعلم أن الكبر هو : " بطر الحق وغمط الناس " كما ورد في الحديث الشريف أي " انكار الحق واستحقار الناس " فاعلم أن الله سبحانه وتعالى قد بين لنا على لسان رسله الفرق بين أهل وداده وبين سائر الناس بقوله تعالى : ] فقالوا إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده[ فالذين اصطفاهم الله تعالى من بريته واصطنعم لنفسه واختصهم برحمته يستحقون التعظيم والتبجيل ، وهذا من باب الحب في الله والتعظيم له .
" ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب " فتعظيم الشعائر مطلوب فكيف بأهل الشعائر فهم العلماء والأولياء ، فأولياء الله هم أهل العزة والولاية قال تعالى : ] ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون [ ويقول تعالى ] إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا [ لأجل هذه الخصوصية وهذه الإصطفائية لهم من الله ، فإن التعظيم واجب لهم في الحياة وبعد الممات لأن : ] لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله [ فوجاهتهم عند الله لم تزل أبداً ولم يعزلوا عن ذلك المنصب الرفيع بالموت ، فهم الوجهاء في الدنيا والآخرة ومن المقربين .
ما يجب في حق الولي : يجب في حق الولي : الصدق لقوله صلى الله عليه وسلم : " المؤمن إذا قال صدق وإذا قيل له صدّق " ويجب في حقه الأمانة ، فالخائن والكاذب لا يكون ولياً لله لقوله صلى الله عليه وسلم : " يطبع المؤمن على الخلال إلا الخيانة والكذب " وقد جاء في محكم التنزيل قوله تعالى : ] إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون [ ويجوز في حقهم جميع الأمراض البشرية من الأمراض المتنوعة حتى تلك الممتنعة عن الانبياء لأنهم من أشد الناس بلاءً بعد الانبياء ، فتقع عليهم الأذية من الناس ، والسخرية ، ومن ضرب ، وسبّ ، ، وكافة أنواع الإهانات وليست هذه البلايا نقصاً في حقهم ، إنما هي زيادة في شرفهم عند الله تعالى ، لذلك إذا اراد الله بعبدٍ سوءاً سلطه على ولي من أوليائه بالسب والإهانة ، فيهلكه الله ويلحق به الضرر في دينه ، وهي أشد العقوبة والعياذ بالله ، أو في دنياه وهي أخف العقوبة .
المعجزة والكرامة : يقول الشيخ الغرباني :
" إن المعجزة والكرامة التي تقع على أيدي الانبياء والاولياء من خرق العادة في حياتهم وبعد مماتهم إنما هي من فعل الله تعالى يخلقها إكراماً لهم ، وينسبها إليهم وليست من خلقهم ، فهم لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً ، ولا يأخذون إلا ما أعطاهم الله ، ولا يتقون إلا ما وقاهم الله وما يجري على أيدهم من المعجزات ، والكرامات في حياتهم فإنما هو لإقامة دين الله تعالى ، ولإظهار حجته ، وبيناته ، وبيان صدق عبده في النبوة ، وفي الولاية ، أما ما يظهر من ذلك بعد موتهم فإنما هو للدلالة على علو منزلتهم عند الله وخصوصيتهم لديه وأنهم ممن لهم البشرى في الحياة الدنيا والآخرة ، وليمتاز ولى الله من عدو الله : " الساحر والكاهن " . والأدلة على ذلك كثيرة ، والقاعدة المعتمدة من أهل السنة أنهم لا ينسبون شيئاً من ذلك الاّ الى الله تعالى ، وأنه سبحانه وتعالى يخلق المعجزة والكرامة للنبي والولي وينسبها إليهم فضلاً منه وكرماً وتشريفاً وتعظيماً ، ليميز الخبيث من الطيب ، والقريب من البعيد وقد قرأنا في الأثر قصة الصحابي ( جابر بن عبد الله ) الذي استخرج جثة ابيه ( أحد شهداء أحد ) من قبره فوجدها كيوم وضعها قبل ستة أشهر ، غير هنيهة عند أذنه وهناك احاديث عن سماع صلاة الصحابة وتلاوة القرآن في قبورهم ، وفيهم من أوصوا بوصايا بعد موتهم ، وتم تنفيذها كما طلبوا .
زيارة القبور : "القاعدة المتفق عليها من أهل السنة أنه لا ينبغي لمسلم جاهلاً كان أو متعلماً أن يعتقد أن نبياً أو ولياً حيا أو ميتاً ، ينفع أو يضر بنفسه ، إنما ينبغي الاعتقاد أن النفع والضرر الحاصل هو من عند الله سبحانه وتعالى ، يجريه على يد من يشاء من عباده نبياً كان أو ولياً ، حياً أو ميتاً ، فقد خص هؤلاء لأنهم أحبابه ، لم تلههم الدنيا ولم يشغلهم عن طاعته مال ولا بنون ، فشفاعتهم مقبولة ، ووجاهتهم عند الله مسلم بها ومعلومة ، إذن فهم وسيلتنا إليه ، كما أنهم وسيلته إلينا ، بهم اهتدينا وعنه بلغونا ، ومنهم وصل الدين إلينا ، فالرسل وسائطه تعالى إلى عباده والعلماء ورثتهم وخلفاؤهم إلى يوم القيامة ، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأننا ننتصر بإبدال الانبياء ونسقى الغيث بهم ويدفع عنا البلاء بهم ، فهم وسيلتنا في أمور ديننا ودنيانا ، بهم يصرف الله السوء عن الأمة ، من هنا جاءت تسميتهم : " بأهل التصريف " فإن كل ما ينسب إليهم من فعل هو من عند الله ، فالفاعل الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى فإيماننا به وملائكته ورسله وأوليائه وانهم صفوته من خلقه والمقربون لديه يجعلنا نتشفع بهم إليه ونحبهم لحبه ونعظمهم لأجله ونتبرك بهم وبآثارهم اقتداءً بما أرشدنا الله إليه في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فاعلم أن هذه الزيارة مندوبة إجمالاً لقوله صلى الله عليه وسلم " كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فذوروها " فقد التزم اكابر الأحياء الأدب مع أكابر من الأموات فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه زار الأنبياء في قبورهم ليلة أسرى به بإرشاد من سيدي جبريل عليه السلام ، وثبت أيضاً زيارته لأموات المؤمنين وتحيتهم بتحية الاسلام والدعاء لهم ، وثبت أيضاً زيارة سيدتنا فاطمة رضي الله عنها لقبر عمها حمزة كل جمعة ، وأيضاً زيارة الامام الشافعي لقبر الامام أبو حنيفة وكان كلما زاره يدعو عند قبره ويتوسل به إلى الله تعالى في قضاء حوائجه ، بل إذا تصافت صلاة الصبح في حضرته يمتنع عن القنوت فيها تأدباً له لأنه لا يرى مندوبيته " .
الختام :
في الختام ننهي هذا الجزء الأخير بإلقاء نظرة سريعة على كتاب العالم العلامة خادم الحرمين الشريفين الشيخ / محمد علوي المالكي المكي الحسني وهو كتاب " مفاهيم يجب أن تصحح " لنستعرض بإيجاز شديد بعض هذه المفاهيم ونرى كيف صححها وقوّم اعوجاجها ، نبدأ أولاً :
1 )) التعظيم بين العبادة والأدب : يقول المؤلف
" يخطئ كثير من الناس في فهم حقيقة التعظيم وحقيقة العبادة ، فيخلطون بينهما خلطاً بيناً ، ويعتبرون أن أي نوع من أنواع التعظيم هو عبادة المعظم : فالقيام وتقبيل اليد ، وتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم " بسيدنا " ومولانا ، والوقوف أمامه في الزيارة بأدب ووقار وخشوع ، كل ذلك في نظرهم غلو يؤدي إلى العبادة لغير الله تعالى ، وهذا في الحقيقة جهل ، وتعنت لا يرضاه الله ولا رسوله ، وتأباه روح الشريعة الاسلامية .
والحاصل أن هناك أمرين عظيمين لا بد من ملاحظتهما :
1 وجوب تعظيم النبي صلى الله عليه وسلمورفع رتبته على سائر الخلق .
2 إفراد الربوبية لله تبارك وتعالى .
أما من بالغ في تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم بأنواع التعظيم ولم يصفه بشئ من صفات الباري عز وجل فقد أصاب الحق ، وحافظ على جانب الربوبية والرسالة جميعاً ، وذلك هو القول الذي لا إفراط فيه ولا تفريط ، وإذا وجد في كلام المؤمنين اسناد شئ لغير الله تعالى يجب حمله على : " المجاز العقلي " ولا سبيل إلى تكفيرهم ، إذ المجاز العقلي مستعمل في الكتاب والسنة .

2 )) الواسطة :
" يخطئ كثير من الناس في فهم حقيقة الواسطة ، فيطلقون الحكم هكذا جزافاً بأن الواسطة " شرك " وان من اتخذ واسطة بأي كيفية كانت فقد " اشرك بالله " .
فاعلم أن الواسطة لا بد منها وهي ليست شركاً وليس كل من اتخذ بينه وبين الله واسطة يعتبر مشركاً وإلا لكان البشر كلهم مشركين بالله ، لأن أمورهم جميعها تنبني على الواسطة : فالنبي صلى الله عليه وسلمتلقى القرآن بواسطة جبريل ، فجبريل واسطة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو صلى الله عليه وسلم الواسطة العظمى للصحابة رضي الله عنهم ، فقد كانوا يفزعون إليه في الشدائد فيشكون إليه حالهم ، ويتوسلون به إلى الله ، ويطلبون منه الدعاء ، فما كان يقول لهم : " اشركتم و " كفرتم فانه لا يجوز الشكوى إليّ ولا الطلب مني عليكم أن تذهبوا وتدعوا بأنفسكم فإن الله أقرب إليكم مني " لا " لا بل يقف صلى الله عليه وسلم ويسأل ويدعو لهم ويطلب من الله قضاء حوائجهم ، مع أنهم يعلمون كل العلم أن المعطي حقيقة هو الله ، وأن المانع والباسط والرازق هو الله وأنه r يعطي بإذن الله وفضله وهو الذي يقول : " إنما أنا قاسم والله معطي " وبذلك يظهر أنه يجوز وصف أي بشر عادي أنه : فرّج الكربة وقضى الحاجة أي كان واسطة فيها ، فكيف بالسيد الكريم والنبي العظيم اشرف الكونين وسيد الثقلين وأفضل خلق الله على الاطلاق ؟؟
وقد جاء في الصحاح أن الله تعالى يدفع العذاب عن أهل الأرض بالمستغفرين وعمار المساجد وأن الله سبحانه وتعالى يرزق بهم أهل الأرض وينصرهم ويصرف عنهم البلاء والفقر .
الأحاديث :
· " لولا عباد الله ركّع ، وصبية رضّع ، وبهائم رتّع ، لصب عليكم العذاب صباً ثم رضي رضاً " .
· " هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم " .
· " إن لله عز وجل خلقاً خلقهم لحوائج الناس ، يفزع إليهم الناس في حوائجهم اولئك الآمنون من عذاب الله تعالى " .
· " إن الله ليصلح بصلاح الرجل المسلم ولده وولد ولده وأهل دويرته ودويرات حوله ، ولا يزالون في حفظ الله عز وجل ما دام فيهم " .
· " إن الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة من أهل بيت من جيرانه بلاء " ( ثم قرأ الراوي ابن عمر قوله ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ) صدق الله العظيم .
· " الابدال في أمتي ثلاثون بهم ترزقون وبهم تمطرون وبهم تنصرون " .
· " لن تخلو الأرض من أربعين رجلاً مثل خليل الرحمن ، فبهم تسقون وبهم تنصرون ، ما مات منهم أحد إلا ابدل الله مكانه آخر " .
3 )) مفهوم التوسل : يقول :
" اعلم أن من توسل بشخص ما فهو لأنه يحبه ، إذ يعتقد صلاحه وولايته وفضله ، تحسيناً للظن به أو لأنه يعتقد أن هذا الشخص محب لله سبحانه وتعالى يجاهد في سبيله ، أو لأنه يعتقد أن الله سبحانه وتعالى يحبه كما قال تعالى : " يجبهم ويحبونه " أو لاعتقاد هذه الأمور كلها في الشخص المتوسل به ، وهو في هذه الحالة كأنه يقول :
" يار ب إني أحب فلاناً ، واعتقد أنه يحبك ، وهو مخلص لك ، ويجاهد في سبيلك واعتقد أنك تحبه ، وانت راض عنه ، فأتوسل اليك بمحبتي له وباعتقادي فيه أن تفعل كذا وكذا .."
( ولكن المتوسلين يتسامحون في التصريح مكتفين بعلم من لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء " يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور " )
إذن فمن قال " اللهم إني أتوسل إليك بنبيك " هو ومن قال : " اللهم إني أتوسل إليك بمحبتي لنبيك .... إلخ سواء . وهكذا يقال في حق غيره من الأولياء .
التوسل به صلى قبل وجوده : روي ابن تيمية حديثين مستشهداً بهما وهما :
الحديث الأول : روى أبو الفرج ابن الجوزي بسنده إلى ميسرة قال قلت يا رسول الله متىكنت نبياً ؟ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما اقترف آدم الخطيئة قال :
يارب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله : يا آدم كيف عرفت محمداًولم أخلقه ؟ قال : يارب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوام العرش مكتوباً لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك ، فقال الله : صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ، أدعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك " .
أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه
الحديث الثاني : لما خلق الله الأرض واستوى إلى السماء ، فسواهن سبع سماوات وخلق العرش وكتب على ساق العرش : محمد رسول الله خاتم الانبياء وخلق الجنة التي
اسكنها آدم وحواء، فكتب اسمي على الأبواب , والاوراق ، والقباب ، والخيام وآدم بين الروح والجسد فلما أحياه الله تعالى نظر إلى العرش فرأى اسمي ، فأخبره الله أنه سيد ولدك فلما غرّهما الشيطان ، تابا واستشفعا باسمي إليه .
( كتاب الفتاوى ج 2 ص 151 )
التوسل به بعد مماته :
عن عبد الله بن عمر قال : " استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب فخطب الناس فقال : " يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى في العباس ما يرى الولد للوالد ، فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله : ادع يا عباس ، فكان من دعائه رضي الله عنه :
" اللهم انه لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة ، وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك ، وهذه أيدينا اليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة ، فاسقنا الغيث ، وأحفظ اللهم نبيك في عمه فأرخت مثل الجبال حتى اخصبت الأرض وعاش الناس ، واقبل الناس على العباس يتمسحون به ، ويقولون له : هنيئاً لك يا ساقي الحرمين ، ... " وانشد عباس بن عتبة ابن أخيه ابياتاً منها :
بعمي سقى الله الحجاز وأهله عشية استسقى بشيبته عمر
تعليق المؤلف :
1 " ... ومن فهم من كلام أمير المؤمنين أنه إنما توسل بالعباس ولم يتوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم لأن العباس حي والنبي ميت ، فقد فات فهمه وغلب عليه وهمه ونادى على نفسه بحالة ظاهرة أو عصبية لرأيه قاهرة ، فان عمر لم يتوسل بالعباس إلا لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تلمح ذلك من قوله : " وانا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا " وهو بذلك قد توسل برسول الله صلى الله عليه وسلمعلى ابلغ الوجوه " .
2 روي الأمام الحافظ بن كثير عند تفسيره للآية " ولوأنهم إذ ظلموا أنفسهم " الآية ، الحكاية المشهورة عن العتبى قال كنت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء أعرابي فقال : " السلام عليك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت الله يقول : ] ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً[ وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي ، ثم أنشد يقول :
يا خير من دفن بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم انصرف الأعرابي ، فغلبتني عيني فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال : " الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له " .
3 فقد ورد ثبوت حياة الآرواح وبقاءها بعد مفارقة الاجسام بالكتاب والسنة الأمثلة :
· مناداة النبي صلى الله عليه وسلم لكفار قريش يوم بدر : " يا عمرو بن هشام يا عتبة بن ربيعة ، يا فلان ابن فلان ... أنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً ، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً "
· فقيل له ما ذلك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم "
· تسليمه صلى الله عليه وسلم على أهل القبور ومناداته لهم بقوله :" السلام عليكم يا أهل الديار " .
· القرآن : ] ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون [
· علم من الاحاديث الثابتة أن اأعمالنا تعرض على النبي صلى الله عليه وسلم ، فن وجد خيراً حمد الله وإن وجد غير ذلك استغفر لنا " .
· ان المستعان به والمطلوب منه الاغاثة حقيقة هو الله تعالى ، ولكن السائل يسأل متوسلاً إلى الله بالنبي في أنه يقضي حاجته ، فالفاعل هو الله ولكن أراد أن يسأله ببعض المقربين اليه ، والأكرمين عليه فكأنه يقول : " انا من محبيه ( أو محسوبيه ) فارحمني لأجله " وسيرحم الله كثيراً ، من الناس لأجل النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الانبياء والأولياء والعلماء .
· حكى القرآن المجيد قول نبي الله سيدنا سليمان لأهل مجلسه من الجن والانس : ] يا ايها الملأ ايكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين [ فالأتيان بالعرش على هذه الطريقة هو مما لا يقدر عليه الا الله وليس داخلاً تحت مقدور الانس ولا الجن عادة ، وقد طلبه سليمان من أهل مجلسه ، فكانت الاجابة بكلمة " أنا آتيك به " افكفر سيدنا سليمان بذلك الطلب وأشرك ولي الله بهذا الجواب ؟؟؟
· حاشاهما من ذلك ، إنما اسناد الفعل في الحالتين على طريقة المجاز العقلي وهو سائغ في لسان الشرع فمثلاً إذا قلت : أغثني يا الله " تريد الاسناد الحقيقي باعتبار الخلق والايجاد ، وإذا قلت " أغثني يا رسول الله " أو يا ولي الله " تريد الاسناد المجازي باعتبار الكسب والتوسط والتسبب بالشفاعة فانظر معي إلى لفظ حديث الاستغاثة الوارد في صحيح البخاري : " … بينما هم كذلك إذ استغاثوا بآدم ثم موسى ثم بمحمد فقوله صلى الله عليه وسلم إذ استغاثوا بآدم " فإن الاسناد إليه مجازي إذ المستغاث به حقيقة هو الله تعالى وهو أمر وارد ومعلوم في اللغة .
4 )) مفهوم التبرك :
التبرك : هو توسل الى الله سبحانه وتعالى بذلك المتبرك به سواء أكان أثراً أو مكاناً أو
شخصاً .
ويجوز التبرك من جهة :
بالنسبة للأعيان : لإعتقاد فضلها وقربها من الله سبحانه وتعالى مع اعتقاد عجزها عن جلب خيراً أو دفع شر إلا بإذن الله .
بالنسبة للأثار : لأنها منسوبة إلى تلك الاعيان ، فهي مشرفة بشرفها ومكرمة ومعظمة ومحبوبة لأجلها .
بالنسبة للأمكنة : فلا فضل لها لذاتها من حيث هي أمكنة ، ولكن إنما لما يحل فيها ويقع من خير وبر : كالصلاة والصيام وجميع أنواع العبادات مما يقوم به عباد الله الصالحين إذ تتنزل فيها الرحمات وتحضرها الملائكة وتغشاها السكينة ، وهذه هي البركة التي تطلب من الله في الأماكن المقصودة لذلك .

· حديث التبرك :
عن جعفر ابن عبد الله بن الحكم أن خالداً بن الوليد فقد قلنسوة له يوم اليرموك ، فقال " اطلبوها فلم يجدوها فقال : اطلبوها فوجدوها ، فإذا هي : قلنسوة خَلِقة " أي ليست جديدة فقال خالد : اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق راسه فابتدر الناس جوانب شعره فسبقتهم إلى ناصيته فجعلتها في هذه القلنسوة ، فلم اشهد قتالاً وهي معي إلا رزقت النصر" .
عن عثمان عن أنس أن أم سليم كانت تبسط للنبي صلى الله عليه وسلم نطعاً فيقيل عندها على ذلك النطع ، قال : فإذا نام النبي صلى الله عليه وسلم، أخذت من عرقه وشعره فجمعته في قارورة ثم جمعته في سك وهو نائم ، فقال فلما حضر أنس بن مالك الوفاة أوصى إلى أن يجعل في حنوطه من السك قال : فجعل في حنوطه " .
وأخرج البخاري عن ابن جدعان قال ثابت لأنس رضي الله عنه : ما امسست النبي صلى الله عليه وسلم بيدك ؟ قال : نعم فقبلها "
وأخرج أيضاً عن صهيب قال : " رأيت علياً رضى الله عنه يقبل يد العباس رضي الله عنه ورجليه " .
" وفي حديث اسماء بنت سيدنا ابي بكر الصديق أنهم كانوا يحتفظون بجبة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كانت عند سيدتنا عائشة قالت : فنحن نغسلها للمرضى نستشفي بها " .
روي ابن تيمية عن الأمام أحمد رضي الله عنه أنه رخص في التمسح بالمنبر والرمانة ، وذكر أن ابن عمر وسعيد ابن المسيب ويحيى بن سعيد من فقهاء المدينة كانوا يفعلون ذلك
" عن نافع أن عبد الله بن عمر أخبرنا أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر أرض ثمود فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجين ، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا ويعلفوا الابل العجين وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة .
القرآن : ] قال لهم نبيهم ان آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة [
ملحوظة : يقول المؤلف :
" خلاصة القصة أنهم كانوا يستنصرون ويتوسلون إلى الله تعالى بهذا التابوت ومحتوياته من آثار تركها آل موسى وهي : عصا موسى وشئ من ثيابه وثياب هارون ونعلاه وألواح من التوراة وطست كما ذكره المفسرون والمؤرخون كإبن كثير والقرطبي والسيوطي والطبري .
وهذا يدل على معاني كثيرة منها : التوسل بآثار الصالحين والمحافظة عليها ومنها التبرك بها .

هذا ما وفقني الله لنقله من ما تيسر لي من كتب القوم ونسأله تعالى أن يهدينا فيمن هدى ، ويعافينا فيمن عافى ، ويتولانا فيمن تولى ، فإنه لا يذل من والاه ، ولا يعز من عاداه اللهم اننا نتوسل إليك بحبيبك وصفيك من خلقك محمد سيد الخلق قاطبة أن تغفر ذنوبنا ، وتستر عيوبنا ، دنيا وأخرى ، وأن تدخلنا ووالدينا وزوجاتنا وأولادنا وإخواننا واخواتنا وأصحابنا وأحبابنا في رحمتك يا ارحم الراحمين آمين يارب العالمين .



جمعه وأعده / عوض سيد أحمد محمد عوض ، من المصادر التالية :

1. كتاب " حقيقة التصوف الاسلامي وكرامات الأولياء " تاليف الاستاذ / محمد علي حمد السيدابي .
2. كتاب " نفس الرحمن فيما لاحباب الله من علو الشأن " تأليف العارف بالله السيد / اسماعيل بن مهدي بن حميدالغرباني الحسني .
3- كتاب " مفاهيم يجب أن تصحح " تأليف الشيخ محمد علوي المالكي المكي الحسني
4. كتاب " مدارج السالكين في شرح إياك نعبد وإياك نستعين " تاليف ابن القيم الجوزية ( ج ا ) .

العوضابي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس