عرض مشاركة واحدة
قديم 02-27-2010, 05:55 PM   #4
العوضابي

الصورة الرمزية العوضابي



العوضابي is on a distinguished road

Unhappy التصوف الإسلامي .




ثالثاً : التصوف:

اختلف العلماء في اشتقاق كلمة " صوفي "ومن أين جاءت ؟ فقيل أنها مشتقة من الصفاء وقيل مشتقة من الصف الأول للصلاة ( حيث كان بعض الصحاية يتسابقون عليه لما ورد في فضله من ثواب عظيم ) وهناك قول آخر أنها منسوبة لأهل الصفّة " وهم ثلاثمائة نفر من فقراء المهاجرين لم يكن لأكثرهم مأوى فكانوا يقيمون في " سقفة " مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم للعبادة وحفظ القرآن والتفقة في الدين والجهاد في سبيل الله ، منهم الصحابي الجليل عبد الرحمن بن صخر ( أبوهريرة ) وقد أطلق عليهم الصحابة : ( أهل الصفة ) .
أما الإمام القشيري فقد كان يرى غير ذلك ، فبعد استعراضه لهذه المسميات والاشتقاقات فقد خلص إلى القول : " … وليس يشهد لهذا الاسم من العربية قياس ولا اشتقاق ، والأظهر فيه أنه " كاللّغب " ، وواصل حديثه مخبراً عن هذه الطائفة : " ثم إن هذه الطائفة اشهر من أن تحتاج في تعيينها إلى قياس لفظ أو إلى اشتقاق " أ . ه
علم التصوف : * يقول الإمام الشعراني
اعلم يا أخي رحمك الله ان علم التصوف عبارة عن علم انقدح في قلوب الأولياء حين استنارت بالعمل بالكتاب والسنة ، فكل من عمل بهما انقدح له من ذلك علوم وآداب وأسرار وحقائق تعجز الألسنة عنها ، فالتصوف هو زبد عمل العبد بأحكام الشريعة ، إذا أخلا عمله من العلل وحظوظ النفس ، وقد اجمع القوم على أنه لا يصلح للتصدر في طريق الله تعالى إلا من تبحر في علوم الشريعة ، وعلم منطوقها ومفهومها وخاصها وعامها " أ . ه
* ويقول الإمام الجنيد :
" إن طريقتنا هذه مشيدة بالكتاب والسنة ، فلا بد فيها من اتباع الشرع مع الجدّ والاجتهاد في العبادة والعمل بالكتاب والسنة " ومن أقواله : " الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من من اقتفى اثر الرسول صلى الله عليه وسلم " ويقول أيضاً : " ما أخذنا التصوف عن القيل والقال ولكن عن الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات والمستحسنات بمحاربة شهوات النفس الأمارة " وقيل أنه سمع رجلاً يقول " أهل المعرفة يصلون إلى ترك الحركات من باب البر والتقرب إلى الله تعالى " فرد عليه قائلاً فيما معناه : " إن هؤلاء الذين يزعمون أن ترك الأعمال التي كلف الله بها عباده ، وجعل غيرها من أنواع البر والتقرب لله تقوم مقامها هؤلاء ما هم إلاّ قوم تكلموا بإسقاط الفرائض وسائر الأعمال وهو عندي من عظائم الأمور ، والذي يسرق ويزني أحسن حالاً من هؤلاء ، لأن الذي يسرق ويزني يعرف عصيانه ويرجو توبته بخلاف هذا الذي يعتقد انه في ارفع المقامات " .
( ولد أبو القاسم الجنيدي ونشأ ببغداد ومات بها سنة 277ه وهو القائل أيضاً : " التصوف هو صفاء المعاملة مع الله "
* يقول ابن خلدون
" هذا العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الأمة ، وطريق هؤلاء القوم هو طريق الحق والهداية ، وهو طريق سلكه رواد هذه الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ويقوم أصله على العكوف على العبادة والاعراض عن زخرف الدنيا وزينتها ، والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه ، وكان ذلك عاماً في الصحابة والسلف ، فلما فشا الإقبال على الدنيا في القرون التالية ، وجنح الناس إلى مخالتطها واندفعوا إلى الترف ، والاسراف في ملاذ الحياة ، وهنا برز رجال اشتهروا بالزهد والورع والصلاح ، فجاءت هذه التسمية ، فأصبح علماً قائماً بذاته له قواعد وأصول وأسس خاصة في السلوك إلى الله تعالى .
*ومن أقوال الأمام أبي حامد الغزالي في كتابه " المنقذ من الضلال "
يقول فيه : " ….. وعلمت أن طريقهم إنما تتم بعلم وعمل وكان حاصل علمهم قطع عقبات النفس والتنزه عن أخلاقها المذمومة حتى يتوصل الانسان بذلك إلى تخلية القلب عن غير ذكر الله تعالى وتحليته بذكره ، وكان العلم أيسَرْ من العمل ، ثم ظهر لي أن أخص خواصهم ما لا يمكن الوصول إليه بالتعلم ، بل بالذوق والحال وتبدل الصفات ، فعلمت يقيناً أنهم أرباب أحوال لا أصحاب أقوال ، ولقد انكشف لي أثناء الخلوات أمور لا يمكن إحصاؤها واستقصاؤها والقدر الذي أذكره لينتفع به ، أني علمت يقيناً أن الصوفية : هم السالكون لطرق الله خاصة ، وأن سيرتهم أحسن السير ، وطريقهم أصوب الطرق ، وأخلاقهم أزكى الأخلاق ، وأن جميع حركاتهم وسكناتهم وظاهرهم وباطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة ، وليس وراء نور النبوة على وجة الأرض نور يستضاء به ، وأول شروظ الصوفية : تطهير القلب بالكلية عما سوى الله تعالى "
ومفتاحها : استغراق القلب بالكلية بذكر الله عز وجل ، وآخرها الفناء بالكلية في الله "
هذه شهادة الإمام الغزالي في التصوف والمتصوفة وهي شهادة عالم درس وتبحر في علوم الشريعة حتى عدّ من مجددي " القرن الخامس الهجري ثم سلك طريق القوم بعد روية واقتناع ويقين .
* الشيخ عز الدين ابن عبد السلام
كان هذا الشيخ ينكر طريقة القوم ويقول : " هل لنا طريق غير الكتاب والسنة ولكن بعد أن اجتمع بهم وذاق مذاقهم وعرف حقيقتهم صار يمدحهم كل المدح ومن أقواله : " … من أعظم الدليل على أن طائفة الصوفية قعدوا على أعظم اساس الدين ، ما يقع على أيديهم من الكرامات ، الخوارق ، ولا يقع شئ من ذلك قط للفقية إلا إن سلك مسالكهم كما هو مشاهد .

وفيما يلي عرض موجز لأشهر من سلكوا هذا الطريق منذ القرن الهجري الأول :
1. القرن الهجري الأول : حذيفة اليماني
هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أول من فلسف العبادة وجعل منها طريقة خاصة ، بل أول من رفع العلم " وسار على الجادة ، قيل له : " نراك تتكلم كلاماً لم نسمعه من أحد من أصحاب رسول اللله صلى الله عليه وسلم فمن أين أخذته ؟؟ قال : خصني به رسول الله صلى صلى الله عليه وسلم ، كان الناس يسألون عن الخير وكنت أسأل عن الشر ، وعلمت أن الخير لا يسبقني " وحوله قامت مدرسة صغيرة لبعض الصحابة هي أقرب إلى الفطرة والبساطة .
2. القرن الثاني الهجري : (1) أولهم الرائد الزاهد الجليل الإمام الحسن البصري رضي الله عنه وهو تلميذ حذيفة الأول والاستاذ الذي تخرج على يديه أئمة المتصوفين مثل : مالك بن دبنا وثابت البناني وأيوب السختياني وسواهم (2) أبوحمزة الصوفي ( العراق ) (3) ابراهيم بن أدهم ( خراسان ) (4) رابعة العدوية ( البصرة ) وسفيان الثوري ( الكوفة ) وغيرهم .
3. القرن الثالث الهجري : (1) المحاسبي (2) ذو النون المصري (3) الجنيد (4) السري السقطي (5) بشرى الحاقي (6) شقيق البلخي (7) أبي يزيد البسطامي (8) أبي سهل التستري وغيرهم
4. القرن الرابع الهجري : (1) الشبلي (2) الخواص (3) الطوسي وغيرهم .
5. القرن الخامس الهجري : (1) القشيرى (2) الغزالي وغيرهم .
6. القرن السادس لهجري : (1) ابن عربي (2) ابن الفارض(3) جلال الدين الرومي وغيرهم .

مقامات السلوك عندهم :-
1: التوبة :
" فهي أول منزل من منازل السالكين وأول مقام من مقامات الطالبين والتوبة أصلها الندم لأنه ركنها الأهم ، وشروطها ثلاثة أشياء [أ] الندم على ما عمل العبد من المخالفات [ب] الإقلاع عن الذنب في الحال [ج] العزم على ألاً يعود إلى مثل ما اقترف من المعاصي مع رد المظالم لأصحابها أو التكفير عنها ، ولابد للتأهب لأسباب التوبة : فأول ذلك : هجران إخوان السوء ، فهم الذين يحملونه على الردة ويشوشون عليه صحة هذا العزم ، ثم يكبح نفسه عن متابعة الشهوات وتعاطي المحظورات ويبرم العزيمة على ألاّ يعود إلى مثلها في المستقبل .
0 جاء في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم قال : " العبد ليعمل بعمل أهل الجنة ، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها "
0 التائب حبيب الله : يقول ابن القيم الجوزي في كتابه ( مدارج السالكين )
" التوبة هي حقيقة دين الاسلام والدين كله داخل في مسمى التوبة ، وبهذا استحق التائب أن يكون حبيب الله ، فإن الله يجب التوابين ويحب المتطهرين ، فإذاً : التوبة هي الرجوع مما يكره الله ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه الله ظاهراً وباطناً ويدخل في مسماها : الاسلام ، والايمان ، والاحسان ، لذا كانت غاية كل مؤمن ، وبداية الأمر وخاتمته ، فهي الغاية التي من أجلها الخلق والأمر ، والتوحيد جزء منها ، بل هو جزءها الأعظم الذي عليه بناؤها "
0 الأنهر الثلاثة : يقول أيضاً "لأهل الذنوب ثلاث أنهار عظام يتطهرون بها في الدنيا فإن لم تف طهرواً في نهر الجحيم يوم القيامة ، وهي : 1) نهر التوبة النصوح 2) نهر الحسنات المستقرقة للاوزار المحيطة بها 3) نهر المصائب العظيمة المكفرة ، فإذا أراد الله بعبده خيراً أدخله أحد هذه الأنهار الثلاثة فورد القيامة طيباً طاهراً فلم يحتج إلى التطهير الرابع .
2: الورع :
" قال صلى : " كن ورعاً تكن أعبد الناس " .
3: الزهد
" الزهد هو أن يخلي السالك قلبه مما خلت منه يداه ، وان تفقد الدنيا في عينه كل قيمة ، بحيث يميل ميلاً وطيداً عنها ، لينصرف بكليته إلى الله تعالى ، جاء في محكم التنزيل قوله تعالى : : ] إن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين [ وفي الحديث : " لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة لما سقى كافراً منها شربة ماء " .
4: الفقر :
" الفقر عندهم هو فقد الأشياء من القلب وامتلاء مكانها بالحب لله عز وجل ، وهذا عندهم هو الفقر المحمود المفتخر به ، غير المستعاذ منه ، والذي قرن بالكفر لقوله صلى الله عليه وسلم " اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر " الفقراء هم صفوة الله عز وجل من عباده ، ومواضع أسراره بين خلقه ، يصون الخلق ببركاتهم ، ويبسط عليهم الرزق ، والفقراء الصبر جلساء الله تعالى يوم القيامة .
5: الصبر
" الصبر هو الخروج عن حظوظ النفس بالمجاهدة والثبات على فطامها عن مألوفاتها ومحبوباتها والاستقامة على الطريقة المثلى ، قال الله تعالى : : ] وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون [ .
6: التوكل
" بينما دعا الاسلام إلى : " التوكل " فإنه ذم " التواكل " في الحديث المروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " جاء رجل على ناقة فقال : يار سول الله أأدعها وأتوكل ؟؟ فقال صلى عليه وسلم : " إعقلها وتوكل " فهذه دلالة على على أننا مأمورون بالسعي والأخذ بالأسباب مع تحقق العبد أن التقدير من قبل الله تعالى وهو الفاعل المختار الذي بيده مفاتيح كل شئ ، فإن تعسر شئ فبتقديره وإن تيسر شئ فبتيسيره ، أما التواكل فليس من شيمة المؤمن "
7: الرضاء
الرضاء هو الخروج عن رضاء نفسه بالدخول في رضاء الله مع تسليم وتفويض الأمر كله له بلا منازعة ولا اعتراض ، وأن يتقبل كل ما يأتي من الله بإطمئنان كما قال بعضهم : " وكلت إلى محبوبي أمري كله إن شاء أحياني وإن شاء أماتني " .
حقوق الطريقة الصادقة :
يقول ختم هل العرفان سيدنا السيد / محمد عثمان الميرغني في الرسالة الرابعة من كتاب : ( الرسائل الميرغنية ) : وذلك تحت عنوان : " حقوق الطريقة الصادقة
" …… إني لما دخلت إلى أرض التاكة ، ورأيت بها أقواماً عن سبيل القوم أفاكة ، لم يميزوا بين شيوخ البركة والارشاد ، ولم يعلموا مراتب الأخوة وحكم الإجازة في إصلاح الأسياد ولم يخافوا أهوال يوم القيامة الشداد ، ولم يقيموا الوزن بالقسط على أنفسهم وغيرهم من العباد ، .. لذا جعلت هذه الرسالة لبيان ما البس عليهم وسميتها : " الزهور الفائقة في حقوق الطريقة الصادقة " وجعلت فيها ثلاثة قواعد هي :
· القاعدة الأولى : في مراتب الشيوخ وكيفية اذنهم وإجازتهم .
· القاعدة الثانية : في حقوق الإخوان وما يتعاملون به بينهم .
· القاعدة الثالثة : في الطريقة وأدابها .
1 ) مراتب الشيوخ :
‌أ- شيوخ الإرشاد :)) هم السادة أهل الارشاد والإمداد والمتحققين بالمشيخة الذين عليهم الاعتماد في الدنيا والآخرة وهم الرجال الذين بهم يحصل عند الله الاسعاد ، والقائل فيهم العظيم الجواد : ] ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة [فمن أوصاف شيخ الارشاد حفظ الشريعة وتنظيم أهل الطريقة وهو الذي إن أمر فبالله ، وإن أمد فمن الله ، وإن أخبر فعن الله ، وإن دعا فإلى الله … يعلم أحوال المريدين فيربيهم بأنواع أحوالهم لأنه مأذون من الله ورسوله .
‌ب- شيوخ التبرك : " واصلها إذن العارفين ، وذلك أن يأذن العارف لبعض مريديه بالنيابة عنه في نصح الإخوان ، فحكمها أنها تصلح لكل سالك ، وهي على قسمين :
1 قسم مأذون له ومأمور بتلقين الذكر ، وحث الإخوان وتعمير الخلوات وهؤلاء شيوخ تبرك وليسوا بأهل : " شياخة " وإنما هم إخوان ناصحون لإخوانهم ولا ينبغي الترجمة لهم بالشيخوخة ، وإنما يقال لهم : " خليفة " فلان أو نائبه أو نقيبه أو الخليفة أو النائب أو النقيب ، فإن رأى الإخوان ينسبوه إلى الولاية والارشاد ، فمن واجبه أن ينفي ذلك عن نفسه بل يقوم بزجرهم وسط الملأ وتشنيعهم والتبّري من افعالهم وأن يعرفهم أنه أخ لهم محجوب مثلهم فإن لم يفعل ذلك ، وركن إلى أقوالهم ، فهذا يدخله في زمرة " المدَّعين "..... لما لم يصلوا إليه ويتحققوا به وهو طريق يستوجب " المقت " والطرد والعياذ بالله فعلى الخليفة أن يقيم الوزن بالقسط على نفسه أولاً وعلى غيره من العباد ثانياً وأن يلزم حدَّه ولا يتعداه
2 قسم مجاز منهم لنفسه ، غير مأذون له في إعطاء غيره ، فلا يصح لهؤلاء التصدر على أي فرد من أفراد المؤمنين أو يدعي أو يُعرّف نفسه الناس بغير ما عنده ، فإن فعل فإنها : " مدعاة للمقت والطرد والابعاد والعياذة بالله . "
‌ج- شيوخ القرآن والعلم : فهولاء ينبغى لهم أن ينصحوا اتباعهم ويأمروهم بالتقوى وتحقيق المقروء واتقانه والعمل به من قرآن وكتب فقة ( علم الظاهر ) أما كتب القوم فأمرها إلى أهلها .
2 ) حقوق الإخوان :
" حقوق الإخوان فيما بينهم هي أن يعظموا كبيرهم ويرحموا صغيرهم ويتناصحوا ، ويتحابوا ، ويتواصلوا ويتساءلون عن أحوالهم في أمر دينهم وصحتهم ، ولا تفوت أيام قليلة إلا وقد وصل كل واحد منهم إلى أخيه ، إما في بيته أو مسجد ، ويتفقدون كل غائب منهم ، فإن كان مريضاً وبلغ مرضه ثلاث أيام عادوه صغيراً كان أو كبيراً ، ولا يجتمعون في موضع ويفترقون عن غير ذكر ، قربة إلى الله ورسوله ، فإن بعدوا عن بعضهم أكثروا المكاتبات بينهم وتواصوا بالصبر "
ويبشرنا سيدنا ومولانا الختم رضي الله عنه إذ يقول :
" …. فإذا وقعت بينكم معشر الإخوان المحبة بمثل هذا فإنكم من زمرة قوم قال الله فيهم ]أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون[وإن لم تكونوا كذلك ، فأنتم من زمرة قومقال الله فيهم]أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون [
3 ) آداب الطريق : يقول سيدي ومولاي الختم رضي الله عنه :
" …. اعلموا معاشر الإخوان أن الطريقة هي أشرف الأمور ، إذ هي المحتوية على أسرار وعليها الأنوار تدور ، ولكن حقيقتها صعبة لمن يتكاسل ، ويتغافل ، وثمارها قريبة لمن سهر وشدّ المئزر ، والطرق إلى الله تعالى بحسب أنفاس الخلائق ، ومن قام على القدم المحمدي فقد سلك إكسير الطرائق ، فمن حقوقها أن تحثوا عليها الإخوان ، وأن تجعلوا اشتغالكم بها مقدماً على ما سواها باطمئنان ، وأن تعمروا أوقاتكم بالذكر ، والمراقبة للعلي البرّ ، ومن حقوقها أن تأتوا بوظائفها بالنشاط ، فإني أرى فيكم انحطاط ، …..وانبهكم يا معشر السالكين أن طريقتنا هي أعظم الطرق واقربها إلى الله ، وهي من أسهل الطرق وفيها كمال الانتباه " أ . ه
· أن الطرق وإن تعددت فكلها داعية إلى سنن المصطفى وكلها تستمد من حضرته وآداب السلوك كثيرة وفيما يلي نورد نذر منها :
· ينبغي على كل مريد أن يداوم على ذكر الله سراً وجهراً ولا بد له من مجلس لنفسه يذكر ما تلقنه من شيخه بهمة ونشاط ، ويوبخ نفسه ويحاسبها على التقصير .
· عليه الإطلاع على تصانيف وكتب ورسائل مشيخته ، ويلتزم بما سطّر فيها من آداب وسلوك وقيم .
· ينبغي على المريد ألا يأكل إلا الحلال لعلمه أن أكل الحلال هو منشأ كل خير ، وأكل الحرام لا ينشأ عنه إلا المعاصي واسوداد القلب ، وكذلك البعد عن أكل الشبهات ، لأن أكلها ينشأ عنها أفعال مشوبة بالريا والكبر .
· من أولى المكارم حسن الظن بالمسلمين فإن الله تعالى لا يسألك في الآخرة لماذا أحسنت ظنك بعبادي ، وإنما هو سائلك عن سوء الظن بهم ، وعليك بالتواضع وزوال الكبر والروعنات النفسية واستعن على تحصيل مقام حسن الظن بصحبة الأخيار ، وترك صحبة الأشرار .
· إعلم أنه ليس لإبليس حيلة يوقع بها السالك أكبر من ظنه بنفسه الخير والصلاح
فيصرعه من حيث لا يشعر لأمانه من حذره منه ، فاعلم أن عشق النفس لا يجنى منه إلا أحط الخصائل مثل: الكبر ، الحسد ، الذل والإهانة .
· أن يشهد السالك نفسه أنه دون كل أحد من المسلمين وأن ما على وجه الأرض ليس
بأكثر عصياناً منه ولا اقل ادباً منه ، إن مجرد الشعور بالفوقية على أحد من عوامي المسلمين يدخله في درجة من درجات الكبر ، وقد انعقد اجماع العارفين على أن من عنده شئ من " الكبر " لا يصح له دخول حضرة الله تعالى أبداً ولو عبد عبادة الثقلين .
· يقول أحد العارفين : " من أراد أن الوجود كله يمده بالخير فليجعل نفسه : تحت الخلق
" كلهم في الدرجة ، فإن المدد الذي مع الخلق كالماء لا يجري إلا في المواضع المنخفضة دون العالية " .
· اعلم أنه لا يسلم من سوء الظن بالناس إلا من طهر الله باطنه من سائر المخالفات بحيث
يصير لا تخطر الفاحشة على باله ، فإنه حينئذ لا ينظر في الناس كلهم إلا الخير قياساً على نفسه .
· عليه أن لا يذكر أحداً بعيب يراه ، وأن يقبل عذر أخيه إذا اعتذر إليه ولو كان كاذباً
لحديث الترمذي : " من أتاه أخوه متنصلاً من ذنب فليقبل اعتذاره محقاً كان أو مبطلاً ، فإن لم يفعل لم يرد على الحوض " . وروي ايضاً عن ستر العورة قوله صلى الله عليه وسلم : " من ستر عورة أخيه ستر الله عورته ، ومن كشف عورة أخيه كشف الله عورته " كان الإمام الحسن البصري رضي الله عنه يقول : " والله لقد أدركنا أقواماً لا عيوب لهم ، فتجسسوا على عيوب الناس فأحدث الله لهم عيوباً " .
· اعلم أن الطرق كلها داعية إلى سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فلا يجوز الانكار على طريقة أحد
غير طريقتك ، كما ينبغي على السالك ألا يحتقر مسلماً ولو بلغ في الفسق ما بلغ ، بل الواجب أن يأمره بالمعروف وبنهاه عن المنكر بقول ليّن ، ففي الحديث " كفوا عن أهل لا اله إلا الله ولا تكفروهم بذنب فمن كفّر أهل لا إله إلا الله فهو إلى الكفر اقرب " ويقول الإمام علي كرم الله وجهه : " أعلم الناس بالله تعالى اشدهم حباً وتعظيماً لأهل لا إله إلا الله ، ومن كلام الامام الشافعي رحمه الله تعالى : " ليس بعد الشرك ذنب أعظم من السخرية بالناس ومن عظّم لله عظمه الله تعالى بين الناس وصاحب العكس بالعكس " .
4 ) البر والاحسان
أن يحسن لمن يسئ إليه وفي الحديث : " مازاد الله عبداً بعفو إلاّ عزاً " وأن يستغفر لهم فقد ورد : " من استغفر للمؤمنين والمؤمنات فله بكل مؤمن ومؤمنة حسنة " وجاء أيضاً : دعوة الرجل لأخيه بظهر الغيب تعدل سبعين دعوة مستجابة ويؤكل الله تعالى بها ملكاً يقول آمين آمين ولك مثل ذلك " ودعاء الملك لا يرد .
5 ) احترام الخليفة :
على الإخوان احترام الخليفة وتعظيمه وامتثال أمره ، ولو كان اصغر منهم سناً ، وينبغي عليه أن يكون حسن الخلق ، مديم الذكر ، كثير الوداد ، جميل الصفح عن إخوانه ، وأن يخلص النية من شوائب الأغراض النفسانية ، ولا يستنكف عن الخدمة للصغير فضلاً عن الكبير ، وقد قيل : " من تعزز عن خدمة الإخوان ابتلاه الله بالذل والامتهان " فالحذر الحذر من التقصير ، فاجعل سعيك لله ، وتحبب لإخوانك وحببهم لبعضهم ، واحذر من الكبر والحسد وحب الرئاسة ، والحقد ، والغيبة ، والنميمة فإنها المهالك وتسد المسالك .




جمعه وأعده / عوض سيد أحمد محمد عوض ، من المصادر التالية :

1. كتاب " حقيقة التصوف الاسلامي وكرامات الأولياء " تاليف الاستاذ / محمد علي حمد السيدابي .
2. كتاب " نفس الرحمن فيما لاحباب الله من علو الشأن " تأليف العارف بالله السيد / اسماعيل بن مهدي بن حميدالغرباني الحسني .
3- كتاب " مفاهيم يجب أن تصحح " تأليف الشيخ محمد علوي المالكي المكي الحسني
4. كتاب " مدارج السالكين في شرح إياك نعبد وإياك نستعين " تاليف ابن القيم الجوزية ( ج ا ) .

العوضابي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس