جمع الشيخ الامير محمد محمد احمد الشيخ حياة وسيرة والده العالم فى هذه السلسلة من المقالات ....
البواليد كانت عبارة عن ارض بكر خصبة صالحة للزراعة ، تكثر فيها الاشجار الكبيرة وهي تقع في الجانب الغربي من النيل الذي يتجة شرقا في تلك البقعة وتقع في الشمال الجغرافي من ضفة النيل ، نزل الشيخ حمد بن ابراهيم البولاد فيها واختارها موقعا لمسيده الذي عمل علي تاسيسه والتف حوله الطلاب من المنطقة ، وعملوا علي قطع الاشجار مما يسهل الاستفادة من الارض للزراعة ، وقيل ان حاكم دولة الفونج الشيخ عجيب المانجلك الذي تولي الحكم 1563 م وقد عرف عنه حبه للعلم فقد كان يقطع الإقطاعيات الواسعة للع...لماء حتى يشوقهم للإقامة ، مر بهم وكانو قد اشعلوا نار القران وعمروا الارض بالعلم والاصلاح فاعجب بهم وكتب لهم بامتلاك الارض شرقا وغربا ولكنهم زهدو فيها وطلبو فقط طريقا الي النيل لجلب المياه الذي اخذ اسم ( درب المسيد ) ، وظلت قرية البواليد منذ ذلك التاريخ مصدرا للعلم والمعرفة ومقصدا لطلاب العلم والقران .
الشيخ محمد محمد احمد
ولد الشيخ محمد بن محمد احمد في هذه القرية حوالي عام 1927 وكان المسيد في تلك الايام يذخر بالعلماء وطلاب القران وفي مسيدها العتيق يأتي اهل القرية لصلاة الفجر يذكرون الله ويسبحونه في عتمة الليل قبل الاذان ، ويجلسون مجموعات تمثل الطرق الصوفية لتلاوة اورادهم منهم الادارسة والتيجانية والختمية والقادرية ، وحكي طرفة عن هذا الاجتهاد والمثابرة التي تسبق الفجر بكثير وهي ان احدا من الظرفاء جاء به الطريق ضيفا وكان تربطه صلة رحم من والدته بهم ، وايقظوه قبل الفجر بكثير وكان المؤذن يخرج كل برهة وعندما يدخل يسألونه ( هل طلع ؟ ) وهم يقصدون الفجر، فما كان من الضيف الا ان اخذ ابريقا وخرج ومشي من ساعته الي قرية الجريف ونام هناك واكمل نومه ، وبعد عدة ايام التقي باحد من كانوا بالخلوة فسأله ( اخوالي كان عندهم زول رايح في الخلوة هل لقوه ؟ ) . وقال عنهم (اخوالي محرمين طول الوقت ) وذلك لانهم كانو يلتحفون الثياب كعادة اهل البادية ، كانهم يلبسون ثياب الاحرام ، نشأ وقلبه معلق بالقران وكان معجبا بعمه مختار محمد الشيخ الذي كان له صوتا جهوريا جميلا يطرب الافئدة ، وقيل انه عندما يؤذن للفجر يسمعه من هم بالضفة الشرقية للنيل ، يتلوا القران بصوت عالي وهو في طرقه لصلاة الفجر، وكان الشيخ محمد وهو صغير يسمعه فيستيقظ من نومه ويتبعه دون علمه في عتمة الليل حتي عتبة المسجد ثم يرجع ، وذات يوما بقي في باب المسجد وهو يستمع للقراءة حتي نام في عتبة المسجد ولما خرج عمه فوجيء به واخذه من يده وارجعه الي البيت ،
( 3 )