صاحب الذوق السليم من الشهود
يخشى الرب المعبود رأيه مسعود قلمه بالخير ممدود قرأ الكتاب وفهم الصواب لو عينت له مملكة مصر وسائر الثغور ما يقرب شهادة الزور قبل الوصية من خير البرية فعيشته رضية عالم بأصول الدين وصحة عقود المسلمين فهو صاحب العدل والنقاء ولا يناله تعب ولا شقاء رجل أمين حافظ على الدين خائف من رب العالمين لا يرافق الفساق ولا ياكل في الأسواق كثير التواضع والسكون له أجر غير ممنون طيب الأخلاق يحسن للرفاق ويكره الرجل المطلاق يصلح بين الرجل وزوجته ويرضي أخلاقها على نفقته ويأمرها له بالطاعة ويذكرها أن الله يسألها عن صحبة ساعة ويأمره بمعاشرتها بالمعروف ويكون لها مساعد وبها رؤوف لا يكتم الشهادة اتخذ الخير عادة فهو من أهل الشهادة والسعادة.
ضد ذلك المسلوب الذوق من الشهود ما يخشى الرب المعبود رأيه مفسود يوقع نفسه في النار لأجل الدينار يضيع مال الأيتام ويحصل الآثام يساعد المرابي وإثمه رابي يشهد قبل أن يستشهد بالشر معود يشهد بالزور في كل الأمور آذى من العقارب والخير منه هارب لا يقبل معذرة ولا يفكر في الآخرة قتل بشهادته ثلاثاً ولا يعتبر بمن ماتا عديم الدين والسلام وفرغ منه الكلام يأكل مال اليتيم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يفسد نظام المرأة مع زوجها ويقول لها: أنا أفكر لك في المصالح وأريحك من هذا المالح وأنت امرأة جليلة وهذه النفقة قليلة الرجال خير من هذا كثير ويخليه معها كالأسير.
صحيح الحساب سريع الجواب رأيه صواب يفتح للخير كل باب قلمه أخضر وشرابه سكر ومحله معطر وغلامه مدبر وعبده صبيح وخطه مليح خيره مديد تخدمه الجواري والمماليك والعبيد جواره طيبة وانشراح ومباركة وصباح وعبده الآخر سعيد يعرف صناعة الديونة ولا عنده علونة إن خدم الأمراء كان رأس المشورة وأن خدم الوزير كان له مشير وإن خدم الملوك سلك معهم أحسن سلوك إن ركب المساحة وجد الفلاح به راحة وعمر البلاد وطمن العباد وإن باشر الجهات كان في غاية السعادات حبيب الصباح خصائله ملاح يحب الوجوه الصباح يترك عشرة الوقاح ويتفقد البطالين والأرامل.
ولا يحتاج لستوفٍ ولا لعامل سيد الرفاق سبحان الملك الخلاق شمعته موكبية ورتبته علية وعيشته هنية ومجامعه سكرية.
وضد ذلك المسلوب الذوق من الكتّاب قليل الحساب كثير المواقعة لا ينفع بنافعة له ألف واقعة أقلامه مكسرة ودواته معصرة قليل القسم ينهب حوائج المراء ويسعى بها عند أقل الأمراء ويصير عنده مضحكة ومسخرة حتى ابنه ولد خرا يكتب وحش وبيته عفش وكبره وسخ ووجهه غبش وبالفشار ينتفخ ويقول قال لي السلطان قلت للسلطان إن باشر عند الوزير عمله في البير وإن باشر في أحد الجهات أحدث المصائب والآفات باب الخير عنه ممنوع وعيلته ميتين من الجوع حزين رزين وعبده وغلامه من المساكين لا يعرف صناعة الديونة كثير العلونة وطائفة الكتاب معه في عناء كثير الأذى ما يساعد أبداً.
صاحب الذوق السليم من المؤذنين
حسن الصوت أمين لا يطلق نظره إلى حريم المسلمين يعرف الأوقات يعلم الميقات يعرف أسامي النجوم والكواكب مكانه فوق السحاب راكب يعرف عروض البلاد والميل وما زاد في النهار وما نقص من الليل يعرف منازل الشمس والقمر وما للنجم من تأثير إذا ظهر يعرف في تحديد القبلة في الأسفار في الليل والنهار والبر والبحار شاطر حيسوب قهرمان يعرف الأحكام دين صين يتقن صنعة الأذان.
وضد ذلك المسلوب الذوق من المؤذنين ليس بأمين يحب الصغيرين ويمد بصره إلى حريم المسلمين لا يعرف الجيب من الميل ولا ما نقص من النهار ولا ما زاد من الليل لا الزهرة من سهيل ولا الطالع من الغارب ولا أسامي النجوم من الكواكب لا يعرف قوس الليل ولا قوس النهار وحسه يشبه صوت الحمار لا يعرف البروج وهو كثير الخروج إذا أذن بالقرب من الحاري شمتت بالمسلمين اليهود والنصارى ولا يعرف المهلل من المقنطر وهو في صناعته محير يؤذي الأذان بالآذان لا يعرف تحرير القبلة في الأسفار لا في الليل ولا في النهار كثير النوم كسلان يؤذن أي وقت كان قليل العقل خسيف يصلح أن يكون يؤذن في الريف.
صاحب الذوق السليم من المتكلمين على الكراسي
ينبه الغافل والناسي أقامه الله لمنافع الناس غسل قلوبهم من الغل والحسد والوسواس ودفع الأرجاس يؤلف بين قلوب العوام بأطيب الكلام ويأمرهم بإفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام ويعلمهم أمور الدين ويصير لهم بذلك الأمان بتمين الموعظة الحسنة للنسوة ويخلصهم بذلك من البلوة يأمرهم بطاعة بعولتهن وحفظ فروجهن من النيران ويوصيهن بإكرام الجيران فهو فقيه مكمل صوفي مجمل قرا ودرع باع نفسه للناس واشترى النفوس بمواعظه من المكوس يعمل الميعاد يذكر يوم المعاد يعرف ولا يعنف يبشر ولا ينفر رجل أمين فذلك واعظ المسلمين.
وضد ذلك المسلوب الذوق من المتكلمين على الكراسي لنفسه وأفعاله ناسي رجل وجاه ألجأه الإفلاس للكذب علىالناس فجلس علىالكرسي ونسي ما فعله بالأمس جمع النسيوات وحكى لهم حكايات وأنشد لهم أبيات ودخل بالزوكرة فيهم وواخا أجمل ما فيهم ويقول يا أخت أنت جميلة ونفقتك قليلة فلابد ما أنفعك بورقة لتزداد لك الكسوة والنفقة وقد فتح باب التبتال في غيبة الرجال وأظهر الوجد والبكاء الكاذب وذلك من أعظم المصائب وإذا دعاه أحد من الأنام لشيء من الطعام يقول أنا صائم فلا يلومني في ذلك لائم ويظهر أه صائم الدهر والله مطلع عليه في السر والجهر وربما غر بعض الناس بتلبيس الخناس يأكل الدنيا بالدين ويتواضع للمتكبرين ويزدري الفقراء والمساكين ويتلفظ بكلام شيطان في هيئة إنسان له أفعال قبيحة وتخالها مليحة من الغوامض فليس هو بواعظ.
صاحب الذوق السليم من الشعراء
لسانه فصيح وتخيله مليح وهجوه قبيح التغزل والاقتباس والحماسة والجناس والطباق والاكتفاء والتشابيه بمعرفة ينظك الموشح والزجل وكان مثل العسل والذوبيت والمواليا والتهاني والمرثيا نظمه سريع عارف بصناعة البديع من أهل الهمم وشعره حكم قال سيد هذه الأمة: (وإن من الشعر لحكمة).يسكر بشعره الأنام أعظم من المدام أفديه من نديم يذكرني العهد القديم وصاحب الصحاح اكتب منه الأفصاح يعجب أهل الألباب بالتواضع للأصحاب ولا مكابرة ولا محاورة وله الأمثال السائرة.
وضد ذلك المسلوب الذوق من الشعراء أبياته مكسرة قليل القشمرة يسرق أبيات الناس ويكابر ويدعي وقع الحافر على الحافر لا يعرف صناعة القريض والناس معه في الطويل والعريض قليل العقل خسيف ثقيل الدم كثيف يدعي اللطافة وهو مجبول على الكثافة لا يعرف فناً من الفنون والناس معه في غبون يعترض على الحذاق مجنون سيء الأخلاق قرقاع مطلاق سبحان الخلاق لا يعرف الأوزان ولا فيه نوع من أنواع الإنسان كأنه حيوان.
صاحب الذوق السليم من الندماء
أشعار ومنادمات ونوادر مضحكات وتواريخ وحكايات وأسمار مذهبات يقضي حاجتك ويلبي دعوتك ولا يخذل كلمتك يجلب إليك السرور ويساعدك في كل الأمور يأتيك بالفرح ويذهب عنك الترح يحببك إلى الأصحاب ويجمع بينك وبين الأحباب.رجل مطواع لقولك سماع يدري الجميل ويقنع منك بالقليل ويسيرك أحسن سير يعلمك الكرم ويترك عنك الندم ويعلمك السخاء السماح والخصائل الملاح ينبهك على صلى الرحم والقرائب والأصحاب والحبائب يواسيك ويسليك ويتوجع إليك ويكفيك فهو الخليل والرفيق فنعم الصديق.
وضد ذلك المسلوب الذوق من الندماء: كثير الغلبة مالح الرقبة وعشراؤه معه في غلبة مقراض الأعمار غمر من الأغمار يكابر في المحسوس وهو أبلم من التيوس ذو فهم معكوس ما يعشرك إلا لأجل الفلوس يظهر الشفقة إليك وهو في الحقيقة عليك يقطع على الحاكي حكايته ويحكي مثلها بسماجته يشبه الماء بالماء ويدعي البصيرة وهو في الحقيقة أعمى ينغص العيش بالمكابرة وبثقالة الدم والمحاورة يظهر القبيح ويخفي الجميل لا يفعل من الخير كثير ولا قليل رديء النفس طماع خسيف العقل قرقاع يصافي من يعاديك ويصاحب من يجافيك يفشي الأسرار مكار عيار كثير الفشار كمثل الحمار يحمل أسفار يعلمك البخل وقلة الخير ويسيرك أحسن سير يحسد على النعمة ويفرح للنقمة دعوته عريضة وطويته مريضة يبغضك إلى الأصحاب ويبعد بينك وبين الأحباب كثير الدلاعة كذاب رأيه غير صواب لا ينفع ولا يشفع وهو من أشعب أطمع لا يسعفك ولو كنت في الغرق ويبيعك بفلسين عتق.
يتبع