الموضوع
:
قرأت لك
عرض مشاركة واحدة
06-03-2014, 01:59 PM
#
94
العوضابي
Re: قرأت لك
عذرا الحلقة أعلاه نزلت مكررة بالخأ وفينا يلى الحلقة :
(66)
إن الحرص على الحوار الهادف والتواصل مع الذات ومع الآخر يبدد هذه المخاوف ويفسح المجال أمام العمل الجاد على تحقيق السلام ورأب الصدع بين أتباع الديانات والثقافات، كما يعزز قنوات الاتصال بين العامة والمثقفين في وجه مظاهر الانفصال والتهميش والعزلة. إن مشروع «
هيئة المئة مفكر
مسلم
»، الذي تم إطلاقه قبل بضعة أشهر، يحاول أن يحقق هذه الغاية من خلال التصدي للقضايا الملحة التي تؤثر على المسلمين في العالم عن طريق اللجوء إلى الحوار السلمي والنقاش الهادف.
كما أشير في هذا السياق إلى المشروع الذي تبنته مؤسسة البحوث والحوار بين الأديان والثقافات الخاص بنشر الكتب السّماوية الثلاثة معاً بلغاتها الأصلية التي كتبت بها، من أجل استعمالها كأساس لإصدار فهرس مقارن للقيم. أضف إلى ذلك الجهود الحثيثة التي بذلت فيما يتصل بالحوار من قبل
المنتدى الإسلامي
العالمي والمجلس البابوي للحوار بين الأديان،
وما تم إنجازه في مجال إيصال رسالة الإسلام الحقيقية السمحة إلى غير المسلمين عن طريق تعزيز الحوار وتأكيد القيم الإنسانية العالمية المشتركة.
إن تحقيق الاحترام المتبادل بين أتباع الديانات والثقافات يقتضي وجوب معاملة أفكار الآخرين واعتقاداتهم بالاحترام نفسه الذي نريد منهم أن يعاملوا به أفكارنا واعتقاداتنا. فالاحترام المتبادل يعزز أسس التعددية، ويفعّل التضامن والتكافل بين شرائح المجتمع. ولا بد أن ترتكز معرفة الآخر على دراسة تراثه وثقافته استناداً إلى المعلومات المتاحة بكل حرية.
إننا نعيش في
عصر يشهد انسياباً حراً للمعلومات، ويجب ألا نعمد إلى التعامل معها بصورة انتقائية
تؤدي إلى إساءة فهم الآخر وثقافته ودينه وتقوض المحاولات الجادة من أجل تأكيد نقاط
الالتقاء بين الديانات والثقافات
. أشير هنا إلى البيان الذي أصدره المسلمون الأوروبيون هذا العام، مناشدين الجمهور الأوروبي التوقف عند مصطلح « ارهاب الإسلام» وعدم إشاعة استعماله، وضرورة تجنب اللجوء إلى إطلاق التعميمات على كل المسلمين استناداً إلى وقائع معينة مورست من بعضهم.
تعاني شعوب العالم العربي والإسلامي من أشكال الانقسام والتناقض والمفارقة، سواء في دار الحرب أو دار السلام أو دار الصلح، في الوطن تحت وطأة الفقر والظلم والاحتلال والتهميش، وفي المهجر حيث مظاهر التمييز ومشكلة الاندماج. لذلك تبرز الحاجة إلى وضع ميثاق استقرار إقليمي، وصياغة استراتيجية للتواصل والاتصال في ما بيننا ومع الآخر.
وما جرى ويجري الآن
من أحداث مأسوية في العراق وفلسطين ولبنان والسودان والقرن الإفريقي ينذر بكوارث
وأخطار جسيمة يجب التصدي لها عن طريق دعم مسار التعاون الإقليمي في مجال تنمية
البيئة الطبيعية والإنسانية، وتفعيل الموارد الاقتصادية لما يحقق حاجات
الإنسان المادية والروحية ويحقق له سبل العيش ال
كريم. نحن، أي الحكومات والأفراد، في أمس الحاجة إلى نشر ثقافة الانضواء تحت مظلة القانون الإنساني الدولي، متمسكين، في الوقت نفسه، بهويتنا العربية الإسلامية وقيمنا الحضارية. وفي العام القادم، تحتفل الأمم المتحدة بالذكرى الستين لقيام مؤسساتها التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية. وهي فرصة من أجل إعادة تعريف الأولويات الاستراتيجية لأقاليمها بما يكفل للإنسان احترامه وكرامته، ويحافظ على البيئة ومواردها المهددة.
لا بد من تفعيل الدور الإسلامي والعربي في التعامل مع الأزمات التي تشهدها بعض دول العالم الإسلامي، أزمة دارفور على سبيل المثال. وقد دعوت مؤخراً إلى تأسيس لجنة عربية إسلامية من أجل التضامن مع اقليم دارفور وسكانه. كما دعوت غير مرة إلى تأسيس صندوق عالمي فوق قطري وعبر قطري للزكاة، تديره كفاءات الأمة أينما كانت. مثل هذا الصندوق يمكن توظيفه في الشؤون الإنسانية من دون أية غاية عقائدية. كما يمكن تأليف فرق سلام تستطيع أن تساهم في حملات الإغاثة وقت الحاجة، ووضع الاعتبارات الإنسانية وإعادة الإعمار فوق أي اعتبارات سياسية.
في إطار الحضارة الإسلامية، ازدهر في فترة من الفترات التيار العقلاني والإنساني المنفتح على العلوم الدنيوية والعقلانية: سواء في مجال الفلسفة أم الأدب. أذكر هنا الفلاسفة مثل
الفارابي وابن سينا وابن رشد
، كما أشير إلى ابن حزم الأندلسي مؤسس المذهب الظاهري الذي كان من أوائل من نقد الفكر المسيحي واليهودي في كتابه الضخم «
الفصل في الملل
والأهواء والنحل
»، إضافة إلى الأدباء الذين نشروا موضوعات الفلسفة وزادوا من دائرة تأثيرها عن طريق استعمال المنهجية الجمالية. وأكبر مثال على ذلك
أبو حيان التوحيدي
الذي وصف بأنه «فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة». فلم يكن فهم أولئك للدين
قمعياً
ولا إرهابياً ولا مذهبياً ضيقاً
. لقد كانت لديهم قيم إنسانية تحترم كرامة الإنسان وتثق به وبملكاته وقدرته على الإبداع والتفكير الخلاق وفعل الخير وتحقيق الجمال والسعادة على هذه الأرض. نحن الآن في أمس الحاجة إلى هذه الرؤيا الإنسانية. قال أحد كبار المفكرين الإنسانيين في إيطاليا بيك الميراندولي (1486): «
قرأت في كتب العرب
بأننا لا يمكن أن نجد على سطح الأرض كائناً أنبل ولا أكثر روعة من الإنسان
.»
فلنؤكد قيم الحوار: التعددية، المشاركة، تمكين المواطن، الغيريّة والخيريّة، نبذ العنف والكراهية، العمل ضمن إطار الأسرة العالمية والشرعية الدولية.
وليحمل المفكرون والمثقفون المسلمون، سواء أكانوا عرباً أم غير عرب، مسؤولية العمل
على نقل الوجه الحقيقي للإسلام، وإيصال صورتنا الحقيقية للآخر من خلال نشر ثقافة
التعايش بين الناس في إطار التنوّع والاختلاف القائم على مبدأ العدالة
. إن المفكر كما يقول الفيلسوف نيتشه، هو طبيب حضارات.
*
الحسن بن طلال: رئيس منتدى
الفكر العربي وراعيه، سفير الإيسيسكو للحوار بين الثقافات والحضارات
............... نتابع
:
(67)
العوضابي
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى العوضابي
البحث عن كل مشاركات العوضابي