07-19-2013, 12:18 AM
|
#3
|
|
رد: المحكم والمتشابه فى القرآن الكريم
أنواع التشابه في القرآن :-
التشابه الواقع في القرآن نوعان :
أحدهما : حقيقي وهو ما لا يمكن أن يعلمه البشر كحقائق صفات الله عز وجل ، فإننا وإن كنا نعلم معاني هذه الصفات ، لكننا لا ندرك حقائقها ، وكيفيتها لقوله تعالى : (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)طه: الآية 110وقوله تعالى :(لاتُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الأنعام:103ولهذا لما سئل الإمام مالك رحمه الله تعالى عن قوله تعالى :(الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) طه:5كيف استوى قال : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وهذا النوع لا يسأل عن استكشافه لتعذر الوصول إليه .
النوع الثاني: نسبي وهو ما يكون مشتبها على بعض الناس دون بعض ، فيكون معلوما للراسخين في العلم دون غيرهم ، وهذا النوع يسأل عن استكشافه وبيانه ؛ لإمكان الوصول إليه ، إذ لا يوجد في القرآن شئ لا يتبين معناه لأحد من الناس ، قال الله تعالى :(هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران:138) وقال : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ)(النحل: الآية 89) وقال : (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)(القيامة:18) وقال : (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) (القيامة:19) وقال :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) النساء:174.
وأمثلة هذا النوع كثيرة منها قوله تعالى :(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)الشورى: الآية 11حيث اشتبه على أهل التعطيل ، ففهموا منه انتفاء الصفات عن الله تعالى، وادعوا أن ثبوتها يستلزم المماثلة ، وأعرضوا عن الآيات الكثيرة الدالة على ثبوت الصفات له ، وأن إثبات أصل المعنى لا يستلزم المماثلة .
ومنها قوله تعالى(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) النساء:93حيث اشبته على الوعيدية ، ففهموا منه أن قاتل المؤمن عمدا مخلد في النار ، وطردوا ذلك في جميع أصحاب الكبائر ،وأعرضوا عن الآيات الدالة على أن كل ذنب دون الشرك فهو تحت مشيئة الله تعالى .
ومنها قوله تعالى: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَافِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) الحج:70حيث اشتبه على الجبرية ، ففهموا منه أن العبد مجبور على عمله ، وادعوا أنه ليس له إرادة ولا قدرة عليه ، وأعرضوا عن الآيات الدالة على أن للعبد إرادة وقدرة ، وأن فعل العبد نوعان : اختياري ، وغيراختياري .
والراسخون في العلم أصحاب العقول ، يعرفون كيف يخرجون هذه الآيات المتشابهة إلى معنى يتلاءم مع الآيات الأخرى ،فيبقى القرآن كله محكما لا اشتباه فيه .
الحكمة في تنوع القرآن إلى محكم ومتشابه :-
لو كان القرآن كله محكما لفاتت الحكمة من الاختبار به تصديقا وعملا لظهور معناه ، وعدم المجال لتحريفه ، والتمسك بالمتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، ولو كان كله متشابها لفات كونه بيانا ، وهدى للناس ، ولما أمكن العمل به ، وبناء العقيدة السليمة عليه ، ولكن الله تعالى بحكمته جعل منه آيات محكمات ، يرجع إليهن عند التشابه ، وآخر متشابهات امتحانا للعباد ، ليتبين صادق الإيمان ممن في قلبه زيغ ، فإن صادق الإيمان يعلم أن القرآن كله من عند الله تعالى ، وما كان من عند الله فهو حق ، ولا يمكن أن يكون فيه باطل ، أو تناقض لقوله تعالى: (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) فصلت:42
وقوله تعالى (لَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(النساء: الآية 82 ، وأما من في قلبه زيغ ، فيتخذ من المتشابه سبيلا إلى تحريف المحكم واتباع الهوى في التشكيك في الأخبار والاستكبار عن الأحكام ، ولهذا تجد كثيرا من المنحرفين في العقائد والأعمال ، يحتجون على انحرافهم بهذه الآيات المتشابهة .
أسالُ الله َ العليَّ القديرَ أن يجعَلَهُ زاداً إلى حُسْنِ المسيرِ إليه ، وعَتاداً إلى يُمْنِ القدومِ عليه ، إنه بكلِّ جميلٍ كفيل ، سبحانَهُ هُوَ حَسْبُنا نِعْمَ المَوْلى ونِعْمَ الوكيل
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
|
|
عزيزنا الزائر لن تتمكن من مشاهدة التوقيع إلاَّ بتسجيل
دخولك قم بتسجيل الدخول أو قم بالتسجيل من هنا |
|