عرض مشاركة واحدة
قديم 05-23-2010, 07:49 PM   #12
تاج السرفوزى

الصورة الرمزية تاج السرفوزى



تاج السرفوزى is on a distinguished road

إرسال رسالة عبر Yahoo إلى تاج السرفوزى إرسال رسالة عبر Skype إلى تاج السرفوزى
افتراضي رد: الزراعة السودانية بين البقاء و الفناء


ويمكن النظر للتطور الذي طرأ علي تكوين الزراعة الآلية المطرية الرأسمالية في ثلاثة فترات رئيسية اعتمادا علي الشكل الذي اتخذه ذلك التطور ومعدل نموه، ونوع وأشكال الدعم الذي تلقته الفئات الاجتماعية المنتفعة من استثمار مشاريع الزراعة المطرية الآلية في الدولة ورأس المال الأجنبي.

تميزت الفترة الأولى والتي امتدت من عام 1942 وحتى عام 1961م بقيام الدولة بجلب المعدات الزراعية ، وبإجراء المسوح واستصلاح ونظافة الأراضي والتجارب الأولية، ووضع الإطار التشريعي الذي قضي بتكون لجان من مشائخ الإدارة الأهلية لتخصيص المشاريع ذات الألف فدان للأفراد بموجب عقد إيجار للأرض، مما أدى إلى نشوء فئة من بين تجار العيوش وزعماء العشائر، وحدث في الجمع بين النشاط التجاري وانتاج الذرة – الاستغلال الربوى علي وجه الخصوص – من خلال الحصول علي الامتيازات الجديدة ، فرصة سانحة لنمو الثروة وتجميعها.

ولقد شهدت تلك الفترة ، خاصة ما بين أواسط الخمسينات وحتى نهايتها ، نموا متعاظما وقوة مالية متزايدة للمنتفعين بالمشاريع الزراعية المطرية الآلية من كبار التجار ورجالات الإدارة الأهلية وتمكن رأس المال التجاري من اختراق مجال إنتاج الذرة وفق أسس رأسمالية دون أن تواجهه صعوبات في شكل المكية الفردية للأرض تثقل كاهله بدفع ربح مطلق لها، نظير الحصول علي حق الانتفاع بها، وبفضل المساعدة الحزبية السافرة التي قدمتها له حكومات ما بعد الاستقلال ، والتسهيلات الائتمانية التي وفرتها له البنوك التجارية في شكل سلفيات التخزين ، والخدمات التي يسرتها له شركات الاستيراد الأجنبية في صورة معدات زراعية وفق شروط مجزية .

ورغم أن قانون توزيع مشاريع الزراعة المطرية الآلية قد نص علي إلا يتعدى حق الانتفاع بالأرض للمستثمر المصدر اكثر من مشروع واحد كحد أقصى إلا أن الاتفاقية الزراعية لم تحول دون تصرف الحاصلين علي تصاد يق الاستثمار إذا ما رغبوا في نقل حق الانتفاع بالأرض لافرد آخرين من خلال التنازل أو التوكيل 000الخ ونتج عن ذلك تركز غالبية المشاريع في أيدي قلة من الأثرياء واصحاب القدرة المادية علي الاستثمار ، والمحتكرين لأساطيل من الجرارات والمعدات الزراعية الأخرى 0000 وكثرت مظاهر تحامل كبار المنتفعين بالأرض علي أحكام قانون الإيجار، فأباحوا لانفسهم حق تحويل الانتفاع بالمشاريع لمستثمرين أو لمنتفعين آخرين، باعتماد مختلف الأساليب اعتمادا علي نوعية كل من المنتفع بالتصديق، والمستثمر، والعلاقة فيما بينهما، وقدرة المنتفع علي المساهمة في تمويل المشروع 000الخ وتبعا لتلك العوامل، فقد يقوم المستثمر بدفع أجرة ثابتة لصاحب التصديق يحددها سوق الأرض، ويصبح بذلك المنتفع الحقيقي بالتصديق أو قد تأخذ العلاقة شكل الشراكة بين المستثمر والمنتفع أو تقديم بعض الخدمات الزراعية الآلية نظير اجر محدد، أو رشوة صاحب التصديق بتحويل فائض إنتاج المحصول لمنفعته لضمان ابتزازه والحصول منه علي الامتيازات التي يؤهله موقعه لتقديمها، رغم أن مثل هذه العلاقة الأخيرة لم يتم التعبير عنها بوضوح، ولم تتخذ شكلها المتكامل والمتسع إلا خلال المرحلة الحالية والأخيرة من تطور الزراعة المطرية الآلية .

ولم تقف عملية الانتفاع بالأراضي المطرية في تلك الفترة عند حد الأراضي التي خطط فتحها وتعميرها، بل امتدت لتشمل الأراضي خارج التخطيط، والتي كان التصرف فيها خاضعا لسلطات المجالس الريفية، بل أن الإدارة الأهلية بما لها من سلطة ونفوذ علي أجهزة الحكم المحلي لم تكن لتتقييد بنصوص تشريعات تعني بالجوانب الفنية الخاصة بإعداد ومسح وتحديد الأرض وفقا لاسس زراعية سليمة تحد من رغبتها في تجميع الثروة، فأقدمت علي توزيع المشاريع علي الراغبين مستخدمة في ذلك شتي الأساليب دونما اعتبار لما قد ينجم عن ذلك من خلل في شقي الإنتاج النباتي والحيواني، وما يترتب عليه من تجاهل لحركة لقبائل الرعوية، ومن استغلال مخل لموارد البلاد الطبيعية. ونتج عن ذلك تزايد الأراضي المستثمرة خارج التخطيط بالمقارنة مع لمشاريع المصدقة داخل التخطيط، مما زاد من إمكانية الحصول علي ريع الأرض نيابة عن الدولة ومن دون علمها بطرق غير مشروعة وبالتالي تجميع الثروة لدى القلة المقتدرة من المنتفعين بالمشاريع .

ويلاحظ أن المجموعات الاجتماعية لتي انتفعت اكثر من غيرها من استثمار الارض والعمل الأجير في مجال الزراعة المطرية الآلية في مرحلتها الأولى تشكلت في الأسس من كبار التجار المتحكمين بتجارة الحبوب الغذائية، والعديد من زعماء العشائر ورجالات الإدارة الاهلية وقلة من قيادات الأحزاب التقليدية، ولم يكن هناك وجود واضح للفئات الاجتماعية العاملة بجهاز الدولة البيروقراطي.

تاج السرفوزى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس